أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - رياض سعد - الشجاعة الاخلاقية














المزيد.....


الشجاعة الاخلاقية


رياض سعد

الحوار المتمدن-العدد: 7395 - 2022 / 10 / 8 - 09:38
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


تطرق الكاتب الامريكي مارك توين الى موضوع من الاهمية بمكان الا وهو الشجاعة الاخلاقية ؛ اذ تساءل قائلا : ((لماذا الشجاعة البدنية أكثر شيوعاً من الشجاعة الأخلاقية ؟! )) .

ليست الشجاعة في ان تحمل سيفا او بندقية او ( توثية ) تحارب فيها الاخرين كما في العصور الغابرة ؛ او تتصارع مع الناس كصراع الضباع على الجيفة او تتقاتل مع المواطنين كما الحيوانات المفترسة فيما بينها , فهذه الصفة الذميمة قد اكل الدهر عليها وشرب ؛ اذ تعيش الان اغلب شعوب العالم المتحضر تحت راية الانسانية والقانون و قيم العلم والتسامح والتنمية والمعرفة ؛ ولا احد منهم يتبجح ب : (( ... ويلك ياللي تعادينا يا ويلك يا ويل شف النار تلاقينا بظلام الليل حنا للسيف ... )) او يردد ما قاله الشاعر القطامي التغلبي :

وَمَـن تـكُنِ الحضارةُ أَعجَبَتهُ ... فـأيَّ أنـاسِ بـاديـةِ تَـرَانـا

وَمَن رَبَطَ الجِحاشَ فإنَّ فينا ... قـنـاَ سُلباً وأفراساً حِسانا

وكُـنَّ اذا أَغَـرنَ عـلى جَـنابٍ ... وأَعـوَزهُـنَّ كـوزٌ حـيـث كـانا

أغرنَ من الضَّبابِ على حَلالِ ... وضـبـةَ إنَّهـُ مَـن حـانَ حـانا

عـلى بَكرٍ أخينا ... إذا ما لم نَجِد إِلا أخانا
هجرت الشعوب المتحضرة هذه المقولات ونظائرها من قبيل : السيف البتار الذي يشطر الشخص الى شطرين – والسيف الذي يفلق الهام – او ذل من لا سيف له – و العز تحت ظلال السيوف - ... الخ .

هذه السيوف كانت تفتك بأبناء المجتمع الواحد وهذه ( التواثي ) موجهة ضد رؤوس ابناء الوطن ؛ حتى انهكته واهلكته مما صيرته لقمة سائغة للاحتلالات الاجنبية والتدخلات الخارجية ؛ فالعز الان يكمن في المختبرات العلمية والصناعات الوطنية والتنمية البشرية لا في ظلال السيوف والعصي ؛ ولا يفهم من كلامنا اننا ندعو الى تجريد الجيش الوطني من سلاحه الذي يحمي به الوطن والمواطن من الاعداء الخارجيين ؛ فهذا موضوع وذاك موضوع اخر مختلف جدا ؛ اذ اننا ندعو الى حصر السلاح بيد الدولة وعدم عسكرة المجتمع وتجريد المواطنين من كافة انواع الاسلحة وتجريم استخدام العنف فيما بينهم بنصوص قانونية عادلة تضمن السلم والامن الاهلي والمجتمعي وتنشر الامان والسلام في ربوع الوطن .

وقد نسب للنبي محمد : ((ليس الشديد بالصُّرَعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب)) فليس القوي ذاك الشخص العصبي المنفعل الذي يلكم هذا وذاك ويعتدي على المواطنين بالضرب او يستعرض عضلاته امام الاخرين ؛ انما القوي والشجاع : المواطن المثقف والعامل المجد والموظف النزيه والجندي الغيور والشخص الكفوء ... فهؤلاء هم الشجعان الذين يرفعون اسم العراق عاليا .

فعندما تتظاهر ضد هذه الحكومة او تلك وتقوم بحرق الاطارات والدوائر وسيارات الدولة ومقرات الاحزاب وتغلق المدارس وتتعدى على رجال الجيش والشرطة بالحجارة والشتم والضرب وقنابل المولوتوف احيانا , او الاستعراض بالأسلحة ... الخ ؛ هذا لا يعني انك شجاعا بل مخربا همجيا او ارعنا متهورا لا تعي مخططات الاعداء ولا تفكر بمستقبل الاجيال بصورة علمية ومنطقية ؛ انظر الى تظاهرات الشعوب المتحضرة والشخصيات المثقفة وتعلم منها , ولا تكن اضحوكة للآخرين حتى في تظاهراتك ؛ فهذه التصرفات ليست من الشجاعة بشيء بقدر ما تعكس القيم الرجعية البالية والسلوكيات السلبية الهابطة والعقد النفسية .

والا بماذا تفسر هذه الظواهر الاجتماعية : رمي الاطلاقات النارية وبمختلف الاسلحة في مختلف المناسبات ؛ في الخطبة وفي العرس , وفي الموت وتشييع الجنائز , وعندما يفوز المنتخب الوطني ... الخ ؟!

انها عقد الرجولة والفحولة والذكورة والشجاعة في المجتمعات المريضة والتجمعات المتخلفة .

اما ان الاوان ان يرتاح العراقيون وينعم المواطنون بالسلم والهدوء والامان ؛ وان يعي العراقي ان الرجولة تكمن في حماية الوطن وابناءه من الاعداء , وان يعرف المواطن ان الشجاعة تعني قول الحق حتى لو عارضك الجميع , وان يفهم الانسان ان الفحولة لا تعني كثرة العراك او ممارسة النكاح او شد العضلات بقدر ما تعني اعمار الارض وتطوير البلاد وصون الاعراض من الاعتداءات والتحرش والسلوكيات الجنسية السلبية .

نعم ان الشجاعة تعني الثبات على المبادئ والقيم , واحترام الانسان , ورعاية الاطفال والنساء والضعفاء , والاهتمام بالوطن ومساعدة المواطن ؛ وعليه لا يعتبر اذى الناس والاضرار بالآخرين والاستخفاف بالمواطنين والاستهتار ... من الشجاعة بل انه من الحقد والكره والضعف والخسة والنذالة والدونية .



#رياض_سعد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رسالة الفن الوطني الاصيل
- بوادر الفن الوطني الاصيل / فيلم احياء تحت التراب / انموذجا
- كل شيء من اجل العنف
- ملاحقة مجرمي الفئة الهجينة
- معوقات العمل التطوعي
- مظاهر استراتيجية -الفئة الهجينة - في تدمير الاغلبية العراقية ...
- ظاهرة الخوف والرعب في مجتمعنا
- ايام الزمن الاغبر / الحلقة الثانية / ( استرداد الحق من السرا ...
- التدخل الخارجي في الشأن الداخلي العراقي
- العدالة الغائبة والعقاب المؤجل
- ظاهرة تمجيد المجرمين و الولاء للظالمين
- ذكرى هلاك المشنوق المجرم صدام
- المستهدف الوحيد من الإعلام المنكوس
- الرحمة المفقودة والعقوبة الموجودة
- ايام الزمن الاغبر /الحلقة الاولى / الفقير وخيارات الفقر المت ...
- الحركة الدينية المنكوسة في العراق الحلقة الاولى
- الاعلام المسعور للدخلاء ضد ابناء الجنوب العراقيين الاصلاء / ...
- جرائم صدامية مروعة / الحلقة الثامنة / الحبس الانفرادي
- طيبة الاغلبية العراقية وخبث الفئة الهجينة
- جرائم صدامية مروعة / الحلقة السابعة / ( الكنارة )


المزيد.....




- بعد تحرره من السجون الإسرائيلية زكريا الزبيدي يوجه رسالة إلى ...
- أحمد الشرع رئيساً انتقاليا لسوريا...ما التغييرات الجذرية الت ...
- المغرب: أمواج عاتية تضرب السواحل الأطلسية وتتسبب في خسائر ما ...
- الشرع يتعهد بتشكيل حكومة انتقالية شاملة تعبر عن تنوع سوريا
- ترامب: الاتصالات مع قادة روسيا والصين تسير بشكل جيد
- رئيس بنما: لن نتفاوض مع واشنطن حول ملكية القناة
- ظاهرة طبيعية مريبة.. نهر يغلي في قلب الأمازون -يسلق ضحاياه أ ...
- لافروف: الغرب لم يحترم أبدا مبدأ المساواة السيادية بين الدول ...
- الشرع للسوريين: نصبت رئيسا بعد مشاورات قانونية مكثفة
- مشاهد لاغتيال نائب قائد هيئة أركان -القسام- مروان عيسى


المزيد.....

- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - رياض سعد - الشجاعة الاخلاقية