|
تراجع عن قرار : قصة قصيرة
صبيحة شبر
الحوار المتمدن-العدد: 1690 - 2006 / 10 / 1 - 10:45
المحور:
الادب والفن
الحفلة انتهت ،،تزوج ابنها الثالث ، وترك المنزل مع زوجته ، أسوة بأخويه الكبيرين ،ولم يعد احد يشاركهما ، العيش بهذا المنزل التعيس ،لقد حلمت مرارا ان تضع حدا للمعاناة المستمرة بلا طائل ، وقررت كثيرا ان تتخلص من هذا العبء الثقيل ، الذي جعلها ترزح تحت جليد يته ، زمنا طويلا ، سلبها اثنا ءها ، شعورها بالحياة والحرية ، تقرر ان تفعل شبئا ينهي معاناتها الرهيبة ، لكنها وفي آخر لحظة ، وفي كل مرة ، تصمم على تأجيل ما أزمعت القيام به ، ، كيف يمكنها ان تتخلص من العبء المرهق ، وهؤلاء اولادهما ، المشتركون ، يحبونهما معا ، ويريدونهما ان يكونا ، مع بعضهم البعض ، طيلة الحياة ، لقد سئمت وضعها البائس هذا ، ولم يعد بمقدورها ان تشكو لمخلوق أمرها العسير ، فلا احد في هذا الكون ، يمكنه ان يفهمها ، حتى لو افترضت انه يستطيع إنسان ما ان يدرك ما تعانيه ، من إقصاء وتهميش ، ونكران وجود ، فماذا بامكانه ان يفعل لها ، وهي قد عاشت عقودا طويلة ، على هذه الحال ، من يستطيع ان يعرف أنها ميتة ، رغم تنفسها ، وأنها أرملة ، وزوجها يعيش معها بعيدا عنها ، يتكلم ، ويحيا ، يضحك ، يدخن بشراهة ، كيف تستطيع ان تشرح للآخرين ، ما مات في داخلها ، أشياء كثيرة احترقت ، ولت ، ولم تستطع ان تحافظ عليها ، كيف يمكنها المحافظة ، على نبتة ، تحتاج دائما الى الغذاء والارتواء ، والهواء ، والشمس ، حنى الكلام لم تعد قادرة عليه ، هو لم يصغ إليها أبدا ، تقترح شيئا ، فيعمل ضد اقتراحها ، يحرص على نكرانها ، وإقصائها ، من حياته ، كما أبعدها عن قلبه يقرأ كثيرا ، يريد ان يظهر أمام الناس انه مثقف ، كأن الثقافة قراءة وتحول الى دودة كتب ، ودفن النفس بعيدة عن الحياة واشراقاتها ، لم يبال يوما بمشاعرها ، وأحاسيسها ، لم يدعها الى نزهة ، واذا ما طلبت منه شيئا ضحك منها ، يلغيها باستمرار ، يجعلها واثقة انها شيء غير ذات نفع يقرا بنهم ، يشعل شمعة في الليل لتضيء له أثناء القراءة ، يستولي عليه النعاس ، ويأخذه بين أحضانه ، تأتي هي على رؤوس أصابعها ، تبعد الكتاب من بين يديه ، وتطفيء الشمعة الموقدة ، وتغطيه خشية من البرد ، ثم تذهب الى سريرها في الغرفة الأخرى ، وتأخذ قسطها من النوم ، كل ليلة يتكرر العمل ، منذ عقود طويلة ، ولم يفكر يوما ان يوجه لها كلمة شكر ،أعياها الحال ، صممت كثيرا على وضع حد لمتاعبها ، وآلامها ، تقرر ان تقدم على التنفيذ ، ثم تؤجل قرارها ، إلى الوقت المناسب ، اليوم ، بعد ان فارقهم الولد الثالث ، ان لها ، التحلي ببعض الشجاعة ، وتنفيذ ما حدثت نفسها به منذ عقود ، سيبدو الأمر طبيعيا ، والجريمة بدون فاعل ،من يمكن ان يشك بها ؟؟ من تذهب ظنونه إليها ، وهل هي مستفيدة من موته ؟ ماذا أفادت من حياته ؟ لتستفد من موته ؟ حياته وموته سيان ...... قرأ كتابا كما في كل مرة ، ونسي الكتاب قرب الشمعة المشتعلة ، فاحترق الكتاب ، ووصلت النار الى النائم في السرير ، جرائد مكدسة قرب شمعة مشعولة ، يتحرك النائم ، فيندلع الحريق ،، أعقاب سكائر ، أوراق متناثرة ، سرير يمتليء بالكتب ، وسكير يقرا بنهم ، من الطبيعي جدا ان يشب الحريق ، ويفترس كل شيء في طريقه السريع سوف يوجهون لها سؤالا : لماذا لم تأتي الى غرفته كما في كل ليلة ، وتطفيء الشمعة ، قبل الذهاب الى غرفتها ، سيكون جوابها منطقيا ، وقريبا الى التصديق ، إنها تعبت بعد تهيئة الحفلة ،، لزواج ابنها الثالث ، ولم تتذكر هذا الأمر ، الذي تقوم به كل ليلة ، ولكن لماذا تذكر هذه المسألة ؟؟ سوف تزعم أمام المحققين ، انه اعتاد على إطفاء الشمعة قبل ان يأوي إلى فراشه ، كل ليلة ومن يدري ؟؟وأولادها أيضا لا يدرون ، إنهم لا يعلمون أنهما متفارقان ، منذ أمد طويل ... الوضع فوق طاقتها لا تستطيع الاستمرار ، وجود الأولاد يمثل دافعا قويا للحياة بقربه ، أما الآن وقد غادر الأولاد ، ثلاثتهم ،كيف يمكنها ان تعيش مع إنسان غريب عنها ، لاشيء يجمعهما ، ويوحد مشاعر هما المتباينة ، ولت العواطف المشتركة ، حدثته مرارا انه في حل من ارتباطهما ، وحقيقة الأمر انهما منفصلان ، وكان يتعلل بوجود الأولاد الأولاد رحلوا ، وهي لايمكن ان تستمر على موتها ، لا تبادل أحدا حبا ، ولا تحظى بالاهتمام لم تجهز طعاما للعشاء ، تعشى جميع المدعوين ، في حفلة الزواج ، ستذهب الى غرفتها ، لتنام ، وتأخذ حقها من الراحة ، قبل ان يخرج من غرفته التي كان ، لا يفارقها ، الا نادرا أوقات المساء يفاجئها حضوره ، لعله يشعر بوحدة قاسية بعد ان ذهب الأولاد كما تشعر هي - الا ترغبين بمشاهدة الفيلم ؟ انه جميل - تندهش للدعوة ، لم يقترح عليها شيئا منذ الأزل ، حتى ظنت أنها لم تعد موجودة لديه - كفاك تعبا هذا اليوم ، تعالي نشاهد الفيلم سوية صوته نقل لها حنانا ، لم تلمسه منذ دهر ، ستؤجل ما أزمعت القيام به ، حتى رؤية الفيلم معا ، موقف واحد لا يجعلها تتردد ، فهي لايمكن ان تنسى المواقف المتكررة ، والمغلفة بالتجاهل والصدود - ساطفيء الضوء ، وأشعل الشمعة ، ما رأيك ؟؟ لنحي الرومانسية التي وحدتنا ... - ما بال هذا الرجل ؟؟ هل فراق الأولاد يجعله حنونا ، رأت في عينيه ومضة حب لم تجدها ، وكانت تبحث عنها دائما ، في الأيام الماضيات ،ومضة جعلتها تود لو تستطيع احتضانه كما كانت في تلك الأيام ، ستؤجل قرارها ، وتنتظر ، عله يعود
#صبيحة_شبر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ساعة من فراغ
-
عتاب : قصة قصيرة
-
رد فعل : قصة قصيرة
-
نتائج الحادي عشر من ايلول
-
شخصية المعلم بين التقدير والاتهام
-
قراءة في قصيدة : غريب على الخليج
-
المرأة والجلاد
-
الجمال ؟ ما هو ؟
-
النشر الالكتروني والسرقات
-
من يوميات امرأة محاصرة
-
مواقف
-
عد يا حبيبي
-
الكلمة فعل
-
صراع : قصة قصيرة
-
رسالة الى حبيب بعيد
-
لم تشكو ؟؟؟
-
التوافق بين الزوجين
-
تشابه واختلاف : قصة قصيرة
-
تمنيات
-
حركات المراة للتحرر
المزيد.....
-
السعودية.. رحيل -قبطان الطرب الخليجي- وسط حزن في الوسط الفني
...
-
مصر.. كشف تطورات الحالة الصحية للفنان ضياء الميرغني بعد خضوع
...
-
-طفولة بلا مطر-: المولود الأدبي الأول للأكاديمي المغربي إدري
...
-
القبض على مغني الراب التونسي سمارا بتهمة ترويج المخدرات
-
فيديو تحرش -بترجمة فورية-.. سائحة صينية توثق تعرضها للتحرش ف
...
-
خلفيات سياسية وراء اعتراضات السيخ على فيلم -الطوارئ-
-
*محمد الشرقي يشهد حفل توزيع جوائز النسخة السادسة من مسابقة ا
...
-
-كأنك يا أبو زيد ما غزيت-.. فنانون سجلوا حضورهم في دمشق وغاد
...
-
أطفالهم لا يتحدثون العربية.. سوريون عائدون من تركيا يواجهون
...
-
بين القنابل والكتب.. آثار الحرب على الطلاب اللبنانيين
المزيد.....
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
المزيد.....
|