أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ثامر عباس - مفهوم العنف الاجتماعي : دلالاته وأشكال تجليه (الحلقة الثالثة عشرة) ما هو الاجتثاث ؟!














المزيد.....

مفهوم العنف الاجتماعي : دلالاته وأشكال تجليه (الحلقة الثالثة عشرة) ما هو الاجتثاث ؟!


ثامر عباس

الحوار المتمدن-العدد: 7393 - 2022 / 10 / 6 - 11:50
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


(الحلقة الثالثة عشرة) ما هو الاجتثاث ؟!


يعتبر مفهوم (الاجتثاث) هو الآخر من المفاهيم الدخيلة والمستجلبة من حقل العلوم الزراعية ، حيث اجتثاث الزؤان (الأعشاب الضارة) من التربة الزراعية للحفاظ على سلامة نمو النباتات المزروعة وتحسين غلتها وزيادة محصولها . إلى حقل العلوم الاجتماعية والإنسانية ، حيث يعني اجتثاث الإنسان المضطهد (أفراد وجماعات) من قبل السلطة الحاكمة ، وذلك لإبعاده عن المشاركة السياسية ، وإقصاءه عن نيل حصته من الثروات الاقتصادية ، وحرمانه من التمتع بحقوقه الثقافية ، والحيلولة دون ممارسته الحرية الفكرية . وعلى هذا الأساس فقد لاحظ الباحث العراقي باقر ياسين ، وهو يحيل إلى مختار الصحاح للرازي ، إن مفهوم (الاجتثاث) لغويا"(( يعني الاقتلاع ، وجثّ الشيء قلعه واجتثّه اقتلعه . أما بالمعنى السياسي والاجتماعي فإننا نرى أن كلمة الاجتثاث تعني العزل والإبعاد والتصفية والتهميش وربما الإبادة ، لذلك فان معنى كلمة الاجتثاث بهذه الدلالات السياسية إنما توحي بالقسوة والصرامة والانتقام والتسلط ))(1) .
وعلى الرغم من أن مفهوم (الاجتثاث) قائم في صلب سياسات وممارسات كل سلطة سياسية تتسم بالقمع للمعارضين والردع للمناوئين ، إلاّ أن ذكره والإشارة إليه بصيغته المجردة والصريحة قلما يرد ضمن خطابات وسرديات تلك السلطة ، خشية تعرضها للإدانة من لدن مؤسسات المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان ، نظرا"لما يعكسه ذلك المفهوم من معان مشبعة بالعنف ودلالات فائضة بالقسوة . باستثناء حالة الحكومة العراقية العتيدة التي شرّعت - خلافا"للعادة ، ومن منطلق قطع الطريق إمام خصومها السياسيين - قانون ما يسمى (باجتثاث البعث) والذي تعرضت بسببه للكثير من الانتقادات والضغوطات من الداخل والخارج على حدّ سواء ، نظرا"للمعاني القاسية والدلالات الوحشية التي يحملها من جهة ، والممارسات اللاانسانية والسلوكيات اللاأخلاقية التي ويفضي إليها من جهة أخرى .
والجدير بالذكر إن عملية (الاجتثاث) غالبا"ما تستهدف – بالدرجة الأساس - الوجود (المادي / الجسدي) للضحية / الضحايا ، دون أن تضع في اعتبارها وجودهم (الذهني / النفسي) إلاّ عرضا"ومن باب تحصيل الحاصل . أي بمعنى أن السلطة الحاكمة أو الجماعة المسيطرة حين تعمد للأخذ بهذا الإجراء المتطرف ، فلأنها تدرك أن ليس هناك مجال للتفاهم أو التحاور مع هذا الآخر / الخصم ، من باب استحالة تغيير أصوله الاقوامية - الآثنية (كما فعل المستعمرين الغربيين ضد الأقوام الملونة الهندية والإفريقية) ، أو تبديل انتماءاته الدينية – الطائفية (كما حصل مع الكاثوليك ضد البروتستانت وبالعكس ، أو كما يحصل مع السنة ضد الشيعة وبالعكس) . باستثناء حصول بعض الحالات (الفردية) التي يعمد من خلالها المعني (طوعيا") إلى تغيير (دينه) أو تبديل (مذهبه) على خلفية قناعات ذاتية محضة .
وهنا نسارع للقول بان هذه الاختلافات بين الأقوام والاثنيات ، وتلك التباينات بين الأديان والطوائف ، ليست من نمط الاستقطابات الحدية والميول المطلقة التي لا تقبل المساومة ولا تجيز المهادنة بين هذه الأطراف المتكارهة والجماعات المتباغضة ، وإنما هي تمتاز بسمات (بالنسبية) التاريخية والحضارية والثقافية من جانب ، و(الظرفية) السياسية والاجتماعية والاقتصادية من جانب ثان . أي بمعنى إن حالات (الاجتثاث) التي مارسها – ولا يزال يمارسها – الغرب الاستعماري ضد الشعوب المستعمرة ، قد ترتد - تحت ظرف من الظروف – نحو الداخل وباتجاه الأنا الجمعي ، كما حصل بالنسبة لموقف (النازية) و(الفاشية) الغربيتين إبان الحرب العالمية الثانية ضد الشعوب الأوروبية ذاتها ، تحت مزاعم وادعاءات نقاء (العرق) الآري . والأمر ذاته ينطبق على الكيانات والجماعات التي تتبنى النهج (الطائفي) في التعامل مع الآخر (الجواني) و(البراني) ، حيث يمكن أن تمارس هذه الكيانات والجماعات عمليات (الاجتثاث) ، ليس فقط ضد آخرها (البراني) من الطوائف والمذاهب الأخرى فحسب ، وإنما يمكن أن تلجأ إلى هذه الممارسة ضد آخرها (الجواني) من الطائفة ذاتها أو المذهب ذاته ، كما حصل في العديد من تجارب بلدان العالم الثالث وخصوصا"بلدان العالم العربي في الوقت الحاضر .


الهوامش
1. باقر ياسين ؛ الاجتثاث في التاريخ العراقي : احتكار السلطة والإلغاء والعزل السياسي ، ( دمشق ، د . ن ، 2015 ) ، ص11 . ويضيف الكاتب ضمن نفس المصدر قوله (( إن مفهوم الاجتثاث يعتمد بالدرجة الأولى على شعار فرض الإرادة أو العقيدة بالقوة القاهرة ، وبسط الهيمنة والسيطرة والتسلط لصالح فئة واحدة في المجتمع )) . ص12 .



#ثامر_عباس (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مفهوم العنف الاجتماعي : دلالاته وأشكال تجليه (الحلقة الثانية ...
- مفهوم العنف الاجتماعي : دلالاته وأشكال تجليه (الحلقة الحادية ...
- مفهوم العنف الاجتماعي : دلالاته وأشكال تجليه (الحلقة العاشرة ...
- مفهوم العنف الاجتماعي : دلالاته وأشكال تجليه (الحلقة التاسعة ...
- مفهوم العنف الاجتماعي : دلالاته وأشكال تجليه (الحلقة الثامنة ...
- مفهوم العنف الاجتماعي : دلالاته وأشكال تجليه (الحلقة السابعة ...
- مفهوم العنف الاجتماعي : دلالاته وأشكال تجليه (الحلقة السادسة ...
- مفهوم العنف الاجتماعي : دلالاته وأشكال تجليه (الحلقة الخامسة ...
- مفهوم العنف الاجتماعي : دلالاته وأشكال تجليه (الحلقة الرابعة ...
- مفهوم العنف الاجتماعي : دلالاته وأشكال تجليه (الحلقة الثالثة ...
- مفهوم العنف الاجتماعي : دلالاته وأشكال تجليه (الحلقة الثانية ...
- مفهوم العنف الاجتماعي : دلالاته وأشكال تجليه (الحلقة الأولى) ...
- مفهوم العنف الاجتماعي : دلالاته وأشكال تجليه
- ظاهرة العنف وأزمة الثقافات الفرعية
- مطارحات غرامشية (2) الدور العضوي للمثقف التقليدي
- مطارحات غرامشية (1) الدور التقليدي للمثقف العضوي
- استعصاء الاصلاح في العقل العراقي : مقاربة في المعوقات والتوق ...
- معايير الاحتراف السياسي : بين الدوغمائية والبرغماتية
- جيوبولتيكا الدولة العراقية : جدلية السلطة والسيادة
- النخبة والأزمة : ظاهرة نكوص الوعي في الوسط الأكاديمي


المزيد.....




- تحذير أمريكي للصين بعد مناورات عسكرية حول تايوان
- مرشح ترامب لرئاسة أركان الجيش الأمريكي: على واشنطن الاستمرار ...
- مقتل بلوغر عراقية شهيرة في العاصمة بغداد
- ترامب يزور السعودية في مايو المقبل
- مصر: السيسي بحث مع ترامب استعادة الهدوء في الشرق الأوسط
- الداخلية الكويتية تكشف ملابسات جريمة بشعة وقعت صباح يوم العي ...
- البيت الأبيض: نفذنا حتى الآن أكثر من 200 ضربة ناجحة على أهدا ...
- -حزب الله- ينعى القيادي في صفوفه حسن بدير ويدعو جمهوره لتشيي ...
- نصائح حول كيفية استعادة الدافع
- العلماء الروس يرصدون توهجات قوية على الشمس


المزيد.....

- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ثامر عباس - مفهوم العنف الاجتماعي : دلالاته وأشكال تجليه (الحلقة الثالثة عشرة) ما هو الاجتثاث ؟!