|
الكلبان السائبان لبلوب و صدبوب
حسين علوان حسين
أديب و أستاذ جامعي
(Hussain Alwan Hussain)
الحوار المتمدن-العدد: 7393 - 2022 / 10 / 6 - 02:08
المحور:
الادب والفن
كان يا ما كان في قديم الدهر و سالف العصر و الزمان ، الكلبان الهرمان السائبان لبلوب وصدبوب اللذان قَرِفا من موائد الزبالة التي اعتادا علي الاعتياش عليها دهوراً ، فاشتكى لبلوب لصدبوب : - لقد قرفت من أكل الزبالة كل يوم ! - وأنا أكثر منك ، بل و أكاد أتقيأ . لماذا لا يتبنانا بليونير شهير من بليونيرات مدينة نيويورك العامرة هذه ؟ - أنت تعلم أن بليونيرية هذه البلاد لا يطيقون تبنّي الكلاب الهرمة السائبة ، حتى ولو كانت كلاباً يتيمة وحليقة الذقن والشارب مثلنا ! - نعم ، للأسف الشديد . إنهم يؤثرون علينا الكلبات الشبقات اللبقات . - ولا تنسى القطط المزقططة المقطقطة المزلططة . - طيب ، باعتبارنا من مواطني بلد الرفاه الاجتماعي الامبريالي الغربي صاحب الامتياز العالمي الأوحد الذي يجعله يستحوذ عبر طباعة الورق الأخضر على كل الثروات تحت الأرض وفوقها مجانا و حلالاً تلالا ً؛ لذا ، يليق بمقامنا الرفيع السامي هذا أن نتناول وجباتنا اليومية في أحد الفنادق الراقية بمانهاتن والتي تفوح من مطابخها بأشهى روائح الكافيار و اللوبستر و لحوم السمك ، مثل فندق لوما أو نوبل دين أو شيرمان ، مثلاً . - بالتأكيد ، او على الأقل في فندق هدسن أو والاس أو آرتيزين ، أو حتى فندق وِتبي القريب ذاك. - اسمع ، الحل يكمن في الورق الأخضر ، في الدولار ، إنه أعظم الأرباب التي تستحق العبادة طراً عن كل جدارة و استحقاق . إنه رب لذيذ اللون و الرائحة و الطعم و ليس عديمها كلها . - ومن أين لنا به ؟ - المصرف الفدرالي يطبع جبالاَ منه كل يوم . - عو ، عو ، عو ! - عو ، عوووو ! لقد سال لعابي . - ما أحسن أن نمتلك ولو جبلاً واحداً منها فقط لا غير ، هل هذا كثير علينا ونحن من معشر يؤمن بالدين الامبريالي الغربي الحنيف وبالرب الدولاري الخفيف الشفيف ؟ - كلا ، أبداً . يجب أن يعطونا حصتنا الشرعية من الناتج الاجمالي للمطبوعات السنوية الفدرالية . - فنفطر كل يوم بقيمر السدة و عسل بعشيقة و كماجة الموصل . - عجيب ! لماذا لم تقل لي من قبل أنك مثلي من العراق ؟ - اعذرني ، داد ، فقد أنستني جيفة الزبالة هنا بلدي وشعبي الذي دمَّره حكام هذا البلد الأكشر عندما سلطوا علية العصابجي صدام أولاً ، ثم خلعوه عندما لسع أحد خصيانهم من حكام المنطقة ، فأعدموه ، وسلموا كراسيه للعقارب و الجرذان والسعدان المستوردة . - صه ، يا رقيع ، يا ابن الزبالة ، كيف تعض اليد التي نقلتك من جحيم العراق إلى النعيم الامبريالي الغربي هنا ، ها ؟ - أعذرني يا لبلوب الورد ، فأنت عضيدي ، ونحن كلاب بلد واحد . أنها زلة لسان ، ليست إلا . عفوك يا لطيف ، يا رؤوف ، يا منّان ! - أراك عوّاد لديدنك القديم في الخيانة ، المعلومات التي أبلغتني بها الكلبة الشمطاء منيرة الحقيرة تفيد بأن هذه ليست هي المرة الأولى التي تخون فيها من أغرقك بأفضاله العظيمة ، يا نجس . ألف رحمة على من قال أن الكلاب أمثالك انما هي كائنات خوّانة ، نجسة و منجِّسة في آن واحد . - عتبي عليك أيها الأكاديمي المبجل و أنا أراك تصدِّق كلام الكلبة منيرة الحقيرة التي تنبطح لكل كلاب نيويورك السائبة في يوم واحد ، و ليس لها صاحب صديق واحد لكونها من أنذل المخلوقات و أحقرها . - أنها أشرف منك ، لأنها مؤمنة بإخلاص بدين اللبرالية الامبريالية الغربية الذي تجرأت على الكفر به قبل لحظات فقط . - ارجوك يا استاذنا الأكاديمي الفاضل : لقد طلبت الصفح منك و أنا نادم أشد الندم على ما بدر مني من قلة أدب و استهتار بحق الامبريالية الأنجلوسكسونية أم حقوق الانسان و التقدم و التمدن والدمِّقراطية . وها أنا أعترف لك بعظمة لساني أنا الكلب صدبوب : كلب ادبسز و جايف ؛ و لكن ما ذنبي إن كنت قد جُبلت هكذا ؟ - ها قد لاحت من بعيد الكلبة الشمطاء منيرة الحقيرة ، ومعها قوَّادها المتابع . يا لهما من ثنائي بديع متجه نحونا . - اراها ترفل ببدلة شفافة راقية ، مع طقم شفقة و حقيبة و حذاء من تصميم أرماني، فيما يرتدي قوَّادها بدلة مصنوعة من قماش الخيَم المتهرئ في كل مكان والدنيا زمهرير . من أين لهما كل هذه الفخفخة و النفخخة والعنطزة و الفنطزة ؟ - سأقرُّ عليك عندها ، و أخبرها بما قلت لي ضدها قبل قليل، وأنت تعلم أن حذاء الكعب العالي ليس للارتداء فحسب . - لا ، أرجوك ، فأنت تعلم أن عظمي رهيف و أن جلدي رقيق . - سأجعلها ترمي جلدك للدبّاغين اللبراليين مثلما فعلوا بأهل هيروشيما و ناغازاكي . - رحماك يا صاحب السعادة أبو الدمِّقراطية و اللبرالية وحقوق الانسان و التنوير و التقدم . - و ستجعل حديدك وَزْنة لبرالية بكل حق وحقيق ! - أتوسل أليك بحرمة الدين الانجلوسكسوني الحنيف إلا عفوت عني ، على الأقل لخاطر اللبرالية الأكاديمية وربنا الأعظم الدولار . أنا بعرضك ! - ليس لي عرض ! - مساء الخير أيها الكلبان السائبات لبلوب و صدبوب ! إلى متى تبقيان كلبين صائعين ضائعين و مشردين تعيشان على التهام جيف الزبالة أبد الدهر ؟ - مساء الأنوار أيتها الكونتيسة أم الكياسة و السياسة و الحماسة ، و صاحبة السعادة المبجلة . قولي لي بربك الدولار العظيم : ماذا نفعل وما من أحد يوظفنا لديه رغم استعدادنا الكلي للعمل حتى في أحقر الوظائف ؟ - عظيم ، فلماذا لا تفعلان مثلي وتشتغلان عند هذا القوّاد المتابع ، فتتريشان ؟ - أنا يا سيدتي الامبريالية الغربية المبجلة من يدك اليمنى هذه ، والى يدك اليسرى تلك . - عظيم يا لبلوب ! وأنت يا صدبوب ، ما رأيك في أن تصبح قوّاداً إمبريالياً غربياً معتبراً على سن ورمح ، و أنت تعلم بأن القوادة في الدين الامبريالي الغربي المتحضر هي أشرف و أنفس مهنة تتنافس عليها أكبر العقول و أجمل العيون ؟ - سيكون ذلك شرفاً عظيماً لي ، و سأبقى ممتنا لك طول العمر . يشهد الله أنني كنت دائما أقول بأنك كلبة راقية الأخلاق و رفيعة المقام ؛ تؤمنين باللبرالية و الحرية و الدمِّقراطية و بحقوق الانسان و التقدم ، كما أنك مؤمنة عفيفة ومتبتلة بالدين الامبريالي الغربي الحنيف . - عظيم ! ما قولك يا قوّادي المتابع الجليل ؟ هل ستوظفهما عندك خدمة للإمبريالية الغربية و اللبرالية الانجلوسكسونية و الدمِّقراطية و حقوق الانسان و التنوير و التطوير والتقدم ؟ - لدي وظيفتان شاغرتان عظيمتا الأجر في الدنيا قبل الآخرة ، وهما بعنوان سمسار مخدَّرات امبريالي غربي عبر وسائل التواصل الاجتماعي ! - السمسرة بأي نوع من المخدَّرات ؟ - مخدَّرات كلامية باسم اللبرالية الانجلوسكسونية والدمِّقراطية وحقوق الانسان و التنوير و التقدم و التطور ، وذلك ضد القومجية و الدينجية و الطبقجية َالذين يتهموننا ظلماً وعدواناً بإبادة مليارات البشر لكوننا أوحش البرابرة عبر كل العصور . - قبلنا . متى الدفع ؟ لا نقبل ولا نؤمن بغير الدولار ربّاً . - حالاًً ، عداً ونقداً ، مع وجبة عشاء فاخرة في فندق شيرمان !
#حسين_علوان_حسين (هاشتاغ)
Hussain_Alwan_Hussain#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مات مفتي الناتو : القرضاي
-
خنزيرة لندن تستقيل
-
العدوان الارهابي الأخير على أهالي غزة : حلقة جديدة في مسلسل
...
-
في وداع سيد الشعراء العرب مُظفّر النوَّاب ، قصيدة : -صُرّةُ
...
-
بايدن و ابن سلمان : السمسار الخرف يستنجد بمومساته العتيقة
-
مراجعات لمقال الدكتور لبيب سلطان : - معاداة الغرب منهج للرجع
...
-
مراجعات لمقال الدكتور لبيب سلطان : - معاداة الغرب منهج للرجع
...
-
مراجعات لمقال الدكتور لبيب سلطان : - معاداة الغرب منهج للرجع
...
-
مراجعات لمقال لبيب سلطان : - معاداة الغرب منهج للرجعية والظل
...
-
مراجعات لمقال الدكتور لبيب سلطان : - معاداة الغرب منهج للرجع
...
-
في وداع سيد الشعراء العرب مُظفّر النوَّاب ، قصيدة : -صُرّةُ
...
-
يجب تكريس ضريح الشهيدة شيرين أبو عاقلة مزاراً مقدساً للعرب و
...
-
شهداء الشيوعية : عبد علي جبر ونجليه حسن وحسين (5-5)
-
شهداء الشيوعية : عبد علي جبر ونجليه حسن وحسين (4-5)
-
شهداء الشيوعية : عبد علي جبر ونجليه حسن وحسين (3-5)
-
شهداء الشيوعية : عبد علي جبر ونجليه حسن وحسين (2-5)
-
شهداء الشيوعية : عبد علي جبر ونجليه حسن وحسين (1-5)
-
قبقاب طفلة ترشيحا المفقودة
-
مذخر أدوية الكاوبوي : آثار حكم اللصوص تمتد من العراق إلى ديل
...
-
النازية الجديدة في أوكرانيا
المزيد.....
-
أم كلثوم.. هل كانت من أقوى الأصوات في تاريخ الغناء؟
-
بعد نصف قرن على رحيلها.. سحر أم كلثوم لايزال حيا!
-
-دوغ مان- يهيمن على شباك التذاكر وفيلم ميل غيبسون يتراجع
-
وسط مزاعم بالعنصرية وانتقادها للثقافة الإسلامية.. كارلا صوفي
...
-
الملك تشارلز يخرج عن التقاليد بفيلم وثائقي جديد ينقل رسالته
...
-
شائعات عن طرد كاني ويست وبيانكا سينسوري من حفل غرامي!
-
آداب المجالس.. كيف استقبل الخلفاء العباسيون ضيوفهم؟
-
هل أجبرها على التعري كما ولدتها أمها أمام الكاميرات؟.. أوامر
...
-
شباب كوبا يحتشدون في هافانا للاحتفال بثقافة الغرب المتوحش
-
لندن تحتفي برأس السنة القمرية بعروض راقصة وموسيقية حاشدة
المزيد.....
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
المزيد.....
|