أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مسار عبد المحسن راضي - ثورة -تشرين- ليست فرنسية















المزيد.....

ثورة -تشرين- ليست فرنسية


مسار عبد المحسن راضي
(Massar Abdelmohsen Rady)


الحوار المتمدن-العدد: 7389 - 2022 / 10 / 2 - 20:58
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أمس؛ سيذوبُ شمعُ العام الثالث من "ثورة تشرين" في العراق، لتستلَّ شمعةً رابِعة، من كنيسة أُمِّنا مريم العذراء، في العاصمة بغداد. هناك حيثُ لا تنقطِعُ النذور و الشموع، مما يضطرُ العذراء، في كثيرٍ من الأحيان، إلى أن تُروِّح عن نفسِها، عند الكاظم، لتواسي كظم غيظِها بكاظمٍ ثانٍ، من أصوات آلام النذور، و هسهسةِ الشموع المظلومة. تذهبُ بعدها عند أبو حنيفة النعمان؛ فمن اشجعُ منه أمام السُلطان. حريصةٌ هي مريمُ دائماً، على سماعِ شبابيُك الاثنين لحفيفِ خُطاها. تُقدِّمُ الذهاب إلى أبو عثمان مرّةً (1)، وإلى أبو صفاء في الأُخرى (2)!؟
هذهِ الثورة كما توصفُ بذلك، في الأدبيات الإعلامية العراقيَّة، كانت قد انطلقت في الأولِّ من أكتوبر 2019. تارِكةً أكل الفطائر الطائفيَّة، الخارِجة من أفران المُناسبات الدينيَّة، مُتجهةً صوب سريرِ أمراء الطوائفِ و العرقيَّات.. المنطقة الخضراء، حيثُ يقبعُ نِظامُ الأفرانِ و الفطائر.
مقلاة تيفال "المُفيدة"
الحديثُ عن "ثورة تشرين"، يحتاجُ منّا المرور بـ "المنطقة الخضراء"، باستخدامِ مقاديرٍ، من اللُّغةِ المطبخيَّة. هذهِ الخضراء، عملت بعد 2003، كمقلاةِ تيفال رمزيَّة، لا تتركُ أثراً لاحتراقِ العراق، في الزيت الاحتلالي لليانكي. إذاً، السيد عمار الحكيم، كان مُحِقَّاً جِدّاً، في الدِفاع عن المِقلاة المُشبعةِ بالزيت، في ملتقى الرافدين الأخير: " "المنطقة الخضراء رمزُ الدولة و يجبُ حمايتُها، و الحدُّ من دخولِ المتظاهرين إليها".
الخضراء، هي الزُبدة "المُفيدة" للنِظام، المصنوعة من الجغرافيا لا من الحليب. لابيفيير، وصف أهميَّة "المناطق المُفيدة، بشكلٍ موحي، نختارُ منه: " تؤوي المراجع صاحبة القرار تقليدياً، و خطوط المواصلات الرئيسية. اُختيرت لأجل تمركز القواعد العسكرية الرئيسية والثانوية كمواقعٍ، تسمحُ لهذهِ القواعد، بأن تُشرِفَ على هذهِ الأماكن المفيدة، و أن تنتقل بينها، في ظلِّ ظروفٍ أمنيةٍ مُثلى" (ريشار لابيفيير، التحول الكبير بغداد - بيروت، ص278).
"تشرين" عادت في 2022، لتؤكِّد إنّها حيَّة و بالأعداد المطلوبة! المُفارقة التي كان يبحثُ عنها النِظام، إنّها لن تجِد الأعداد الكافيَّة، و التي غالِباً ما تجذِبُ تعاطف المجتمع الدولي؛ ففي الأنظمة ذات التمثيل البرلماني، تعملُ الديموقراطية مثل قُبعة ساحرٍ، يجب أن تُخفي أعداداً كبيرة من المتظاهرين، و لهذا تصوَّرُ: " عملية الدمقرطة على أساسٍ نخبويّ وتمثيلي" (برتران بادي، الدولة المستوردة، ص319).
حاول النِّظامُ أيضاً، أن يستولي على "الثورة"، من خلالِ السماح لشخوصٍ، أدَّعوا تمثيلها بشكلٍ مُزيَّف، بالوصولِ إلى قُبَّةِ البرلمان. النتيجة كانت ما حدث اليوم، حيثُ طرد المُتظاهِرون، النائب علاء الركابي. هذا السلوك يثبِتُ أمرين، إنَّ "التشرينيين" مازالوا يعيشون مرحلة العُذريَّة الثوريَّة، و الثاني أنهم تيَّارٌ ثقافي لا طبقي، كما حاول بعضُ الباحثين العراقيين الخواجات تأكيده: " إنَّ التيار الثقافي الذي يتزايد تفوقه بل وانفراده في ممارسة الاحتجاج، يستحوذُ من جانبه على المطلب الديموقراطي، باعتباره نتيجة تتناسب مع قدرته على التعبئة" (المصدر السابق، ص313). "التيَّار الصدري"، حاول أيضاً، استنساخ "تشرين" بـ "ثورة عاشوراء". النتيجةُ كانت رسوباً على الرصيف ونجاة الخضراء!
تعريفٌ وظيفي لـ "تشرين"
"تشرين" جلسةُ عِلاجٍ جماعي، اتخذت من الهِويَّةِ الوطنية الجامعة، صُفَّارة إنذار: أمامك نِظامٌ خطير. هذهِ الجلسة هي خارِقة للعادة، والسبب تاريخ العراق القريب، زمنُ حِصارهِ اقتصادياً: " إنَّ العراق بأكمله- من فرط ما ألمَّ بهِ- في حاجةٍ إلى علاج سيكولوجي جماعي وتحليل نفسي على المدى الطويل. فكم من مُعاناة متراكمة وصدمات متلاحقة ومتلازمة" (إليس بسيريني، الحرب الممتدة التي لا تعرف لها اسماً، ص45).
ستيفان زفايغ، كتب عن ماري انطوانيت، ولا أُغامِرُ كثيراً إذا قُلت، إنَّهُ تحدَّث عن الثورة الفرنسية من بطنِ "طوانيت" – اسمُ الدلع الخاص بها بحسب زفايغ - كاشِفاً بأنَّ الثورة لم تكُن التُّفاحة؛ التي قضمها نابوليون، سنة 1789م. هذهِ الثورة احتاجت سنيناً، حَرَصَ فيها الفرنسيون، على فرضِ إقامةٍ جبريَّة، على الملك لويس السادس عشر و "طوانيت".. قبل أن يبدأ كرنفال المقاصل التي دحرجت الرؤوس!
هذهِ المُقارنة الطريفة، تصلحُ لـ "تشرين"، من زاويةٍ وحيدة: الثورات لديها سرعتُها الزمنيَّة الخاصَّة. ليس شرطاً أن تتحوَّل من كاسيوس كلاي، إلى شقيقه محمد علي كلاي (اسم الملاكم الشهير بعد إعلان إسلامه) فوراً!
"تشرين" زادت أيضاً، نسبة الحَوَلْ في وعي المثقف العراقي. جعلتهُ ينضمُ إلى فريقين لا ثالث لهما: مع "تشرين" الفكرة، و ليس معنيَّاً بأصولِها الواقعيَّة. الفريق الآخر جعلها تحت المجهر البحثي، و رأى فيها ما يُريد كي توصِلهُ لِما يُريد! و السبب ليس عراقيَّاً، وإنّما قُدرةُ التواصل لدى المثقَّف، مع الجمهور في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: "ضعيفة للغاية، ويكون ثمن هذا الانفصام المزعج الاستبعاد الدائم، والنفي المستمر الذي لا يستطيع المثقف احتماله، إلَّا باللجوء إلى حُجج التطورية، والشكوى من تأخر الشعب وعدم ثقافته: والواقع أنه استنباط فادح يدعو صاحبه إلى الارتباط أكثر بعملية تغريب إجبارية" (برتران بادي، الدولة المستوردة، ص231-232).
نجح النِظام قبل أيّام، بأن يجعل من السيد محسن المندلاوي، الذي لم يعُد للعراق إلَّا بعد 2003، النائب الأول لرئيس البرلمان العراقي. السيد المندلاوي كان مُقيماً في إيران (3)، و هناك تفاصيل غير موثَّقة، ذهبت إلى إنّهُ حاصِلٌ على الجنسية الإيرانيَّة. هكذا فإنَّ إيران، قد أصبح لديها حصَّة معنويَّة في البرلمان العراقي.
اللطيف إنَّ النائب حسين عرب (4)، اعتبر ذلك نصراً لـ "النوَّاب المستقلين"، و الذين استطاعوا كسر نِظام المحاصصة. لم نفهم من السيد عرب، الخطو السريع للسيد المندلاوي، لمقابلة كُل من السيد نوري المالكي (5)، و هو مستقلٌ من طراز خاص! بعد يومٍ يتيم من انتخابه، كذلك تغريدته الرائعة، بحق السيد قيس الخزعلي (5)، المؤمن بولاية السيد خامنئي على عراقيَّتِه!
نحنُ إذاً أمام نِظام، لا يعترِفُ بالشعب، و يعرِفُ تماماً إن العراقي، ليس قادرٍ على الاحتمالِ طويلاً: "يبدو أن أكثر الناس لا يستطيعوا أن يحتمِلوا طويلاً ضغط المجهود الطويل، لكي يعيشوا وفق مُثل عالية جدّاً" (كرين برنتون، دراسة تحليلية للثورات، ص224).
النِظام يُريد من الشعب، أن يرى "تشرين"، بعيونٍ سيَّئة، و بأنها سببٌ، لإرسالِ المزيد من "التشارنة" إلى الجنة، بسرعة الرصاص و القنابل الدُّخانيَّة.
(1)- https://bit.ly/3fCYnJe
(2)- https://bit.ly/3UTuiVU
(3)- https://bit.ly/3RzFi7L
(4)- https://bit.ly/3y9p3aZ
(5)- https://bit.ly/3Ry4HyK
(6)- https://bit.ly/3rlQv1p



#مسار_عبد_المحسن_راضي (هاشتاغ)       Massar_Abdelmohsen_Rady#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إبراهيم رئيسي: قاسم سليماني من متحف 79
- الحرب الإعلامية الخفية في سوريا
- بهاراتيا جاناتا للعالم: لكم غاندي ولنا غودسي
- البيانات الضخمة: داعش رقمي لتأسيس دولة الخلافة الأمنية على ج ...
- قُبلة -درونزية-، جنتلمان بالستي، وأحلام صينية
- الصدر: -جيهيمرات- إيران ولسان الأمل الأخرس في العراق
- مرجعية النجف العليا تدعو لبناء سور الشيعة العظيم
- نيوزيلندا: دولار القومية البيضاء يطارد يورو اللاجئين الأوروب ...
- المالكي يبني جامع ((Daily Beast)) في الجادرية
- الأنبياء الفضائيون الفرسان الأبديون لحروب الجيل الرابع
- العراق 2019..قِطة فوق -كاشان- تكعيبية
- مرافعة متأخرة/ -نيجاتيف- محاكمة الخليفة هشام في الكوفة
- اقتراع المائتان متر تعريف فرنسي لقرار عادل عبد المهدي
- الدعوة ورحلة الأيام الطويلة من الفاتيكان الشيعية الى فينيسيا ...
- نجم علاوي بين خسوف البعث وطالع الجوزاء الأمريكي
- الصدر.. - متجر Play- الانتخابات القادمة
- رسالة بين الحسناء والوحش
- -القُمامة البيضاء تُغرق البيت الأبيض- قراءة في كتاب -النار و ...
- تأميم قانون 188 بالأرانب الطائفية
- جئناكم عرباً مُحررين لا فرساً فاتحين !!


المزيد.....




- أي أخلاق للذكاء الاصطناعي؟ حوار مع العالم السوري إياد رهوان ...
- ملايين السويديين يتابعون برنامجًا تلفزيونيًا عن الهجرة السنو ...
- متطوعون في روسيا يساعدون الضفادع على عبور الطريق للوصول إلى ...
- واشنطن: صفقة المعادن مع كييف غير مرتبطة بجهود وقف القتال في ...
- wsj: محادثات روما قد تضع إطارا عاما وجدولا زمنيا لاتفاق أمري ...
- قتلى وجرحى.. مأساة في حلبة مصارعة الديوك! (فيديو)
- سيئول: 38 منشقا كوريا شماليا وصلوا إلى كوريا الجنوبية
- خبير أمريكي: الاتحاد الأوروبي سينهار وسيأخذ معه الناتو
- -أيدت فلسطين-.. قاض أمريكي يحدد جلسة للنظر بقضية طالبة تركية ...
- تونس: أحكام بالسجن بين 13 و66 عاما على زعماء من المعارضة في ...


المزيد.....

- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مسار عبد المحسن راضي - ثورة -تشرين- ليست فرنسية