أيهم نور الصباح حسن
باحث و كاتب
(Ayham Noursabah Hasan)
الحوار المتمدن-العدد: 7388 - 2022 / 10 / 1 - 08:32
المحور:
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
تحية طيبة
لماذا نتكلم في السياسة ؟ و لماذا يجب أن يكون لدى جميع أفراد المجتمع وعي سياسي ؟
الجواب بكل بساطة , لأنه لا يوجد شيء كالسياسة له كل هذا التأثير الشامل على حياة الأفراد و مستقبلهم و مستقبل الأجيال التي لم تأت بعد أيضاً , فالسياسة هي مفتاح الرخاء و الفقر , السلام و الحرب , البناء و الخراب .
و لا تغرك هذه اللامبالاة التي أوصلتنا إليها النخب الوضيعة و التافهة لأنظمتنا السياسية في شرخنا الأوسخ هذا , فأنت و هي و أنا - في النهاية - و مهما أظهرنا من عدم اكتراث أو من قلة اهتمام للميل إلى أحد الأشكال التنظيمية لتنسيق المجتمع البشري , فإننا لا نعدو عن أن نكون أحد ثلاث , فإما راضين بظروفنا و أحوالنا , أو ناقمين عليها , أو ساعين إلى تغييرها أو تحسينها .
إن من أثمن ضرائب اللامبالاة , أن يترك الواعي و الحر قيادته للجاهل و العبد .
لذا و قبل المضي للتحليل و الحديث عن أسباب آلامنا , لنتفق أولاً على خُلاصة منطقية في بناء النظم السياسية تقول : إن قيام الأنظمة الاستبدادية و الأنظمة الشمولية و استمرارها يعتمد بشكل أساسي على جهل العامة و انعدام وعيها السياسي أو تغييبه بطريقة ما .
ثانياً : و كنوع من المساهمة في نشر الوعي السياسي لدى أفراد شعبنا السوري خاصة و شعوب الشرق الأوسط عامة , فلنتكلم قليلاً , و ببساطة شديدة قدر الإمكان , عن الأنظمة الهجينة الشمولية الاستبدادية اللصوصية :
تتصف جميع الأنظمة السياسية في الشرق الأوسط بالشمولية , بالرغم من تباين أنواع هذه النظم بين نظم ملكية و نظم جمهورية و بين نظم ديكتاتورية بحتة و نظم تدعي أنها تحاول الدخول في إطار النظم الديمقراطية .
فما هي الشمولية و ما الفرق بينها و بين الاستبداد أو السلطوية , و ما هي صفاتها , و ما أسباب نشوئها ؟
ماهية الشمولية ( أو ما يعرف بالتوتاليتارية ) :
يعني مفهوم الشمولية تركيز السلطة بيد فئة معينة من المجتمع ذات اتجاه و رؤية و أيديولوجية واحدة , بغض النظر عما إذا كانت هذه الفئة هي عائلة أم حزب أم قبيلة أم طائفة دينية أم مؤسسة دينية أو مدنية أو عسكرية , بحيث يؤدي تركيز السلطة هذا إلى نشوء نظام سياسي يسعى إلى تعبئة جميع المواطنين لدعم الأيدولوجية الرسمية للدولة , و السيطرة على كل مفاصل السلطة و الدولة , و على كل مناحي الحياة العامة و الخاصة , الاجتماعية و الاقتصادية و السياسية , و تسخيرها لخدمة و مصلحة النظام السياسي في الدولة , مُكرِّساً التماهي بين أيديولوجيته و الدولة و الوطن , مانعاً بالقوة و العنف أية أفكار أو أيديولوجيات مخالفة أو معارضة لأيديولوجيته .
ظهر مصطلح الشمولية بدايةً في إيطاليا إبَّان الحكم الفاشي لها , حيث استخدمه الفاشيون بنيَّة إيجابية للتعبير عن اختلاف نظام حكمهم عن الأنظمة الديكتاتورية التقليدية , نظامهم الذي يرون أنه التمثيل و التوجيه الشامل للأمة و الأهداف القومية , بمعنى النظام الذي يُسيِّس كل ما هو روحي و بشري , أو كما يقول موسوليني " كل شيء داخل الدولة , لا شيء خارج الدولة , لا شيء ضد الدولة " , فيما بعد تم استخدام مصطلح الشمولية بشكل سلبي للإشارة إلى الأنظمة المعارضة للديمقراطية و العالم الديمقراطي .
الفرق بين الاستبداد و الشمولية :
يطلق لفظ النظام الاستبدادي على النظام السياسي الذي تكون فيه السلطة محصورة بيد شخص واحد يدعى الديكتاتور يحكم بسياسة العصا و الجزرة ( الترهيب و الترغيب ) , و لكن دون أيديولوجية خاصة تهدف للسيطرة على كل مناحي الحياة في المجتمع , و بالتالي فالنظام الاستبدادي يترك مجالاً للحياة الخاصة و يسمح ببعض التعددية في المجتمع , فما يهم الديكتاتور هو بقاء السلطة في يده فقط , بينما في النظام الشمولي تكون هذه السلطة بيد فئة معينة يتزعمها ديكتاتور يصنع من نفسه زعيماً مقدساً من خلال التلاعب بوعي الجماهير , تسعى هذه الفئة عبر أيديولوجيتها الخاصة إلى صهر جميع جوانب الحياة و أشكالها في بوتقة سلطتها الأحادية .
إن أي نظام شمولي هو بالضرورة ديكتاتوري استبدادي , بينما ليس شرطاً أن يكون النظام الديكتاتوري نظام شمولي .
ينظر الحكام المستبدون لأنفسهم كأشخاص يرغبون بالسلطة بشدة و غايتهم الحفاظ عليها بأي وسيلة , بينما يعتبر الشموليون أنفسهم أبطالاً أسطوريين تضطرهم غايتهم العظيمة المتمثلة بتغيير نواميس التكوين و الطبيعة البشرية إلى اضطهاد الشعوب و الاستبداد بها .
صفات النظام الشمولي :
1- وجود فئة معينة ( حزب , طائفة , قبيلة , عائلة , مؤسسة دينية أو مدنية أو عسكرية ) تقود الدولة و المجتمع , و تسيطر على كل مفاصل السلطة و مؤسسات الدولة .
2- وجود أيديولوجية معينة تشمل جميع مناحي حياة المجتمع , تؤمن بها هذه الفئة و تحاول تطبيقها , بل و حتى تصديرها لغيرها من الدول , باعتبارها الطريقة العبقرية المُثلى للحكم .
3- وجود جهاز أمني قمعي مهمته القضاء على أي فكر مخالف أو معارضة سياسية بالعنف و الإرهاب , و زرع الرعب في نفوس المواطنين .
4- الإدارة المركزية للاقتصاد و احتكار جميع النشاطات الاقتصادية بيد الدولة لتحقيق الأهداف الأيديولوجية .
5- احتكار وسائل الإعلام و محاولة الاحتكار الكامل لوسائل التواصل الاجتماعي أو منعها إن تعذر ذلك .
مراحل النظام الشمولي :
1- مرحلة التكون أو التشكل : في هذه المرحلة تكتمل و تستقر أيديولوجية النظام الشمولي و يكون فيها في أوج قوته .
تستثمر الفئة الحاكمة في شخصية القائد أو الزعيم الذي يُلخص و يختصر كل أيديولوجية الفئة الحاكمة و تطلعاتها في شخصيته , و غالباً ما يكون يمتلك كاريزما مرتفعة تجذب الجماهير و توحدها خلفه , فيتم إضفاء صفة القداسة على هذا القائد و يصبح معصوماً عن الخطأ .
ثم تبدأ الإشكاليات الاجتماعية و الاقتصادية بالظهور بسبب قصور و ضعف الأيديولوجية المطبقة و عجزها عن الرؤية سوى بعين واحدة , فيحاول النظام الشمولي حل هذه الإشكاليات وفقاً للطرق التي تمليها عليه أيديولوجيته , أي أنه يحاول حل الإشكاليات بناءً على نفس الأيديولوجية التي أوجدتها , مما يؤدي به بالتأكيد إلى الفشل , و الانتقال إلى المرحلة الثانية .
2- مرحلة الإصلاح الذاتي : في هذه المرحلة نكون أمام جيل قيادي جديد , أو رعيل ثاني تربى في كنف الأول و سار على نهجه , لكنه يحاول استيراد الحلول لتلك الإشكاليات من خارج الأيديولوجية الخاصة به , فيصطدم بواقع عدم القدرة على تنفيذ هذه الحلول دون الإضرار بالأسس الأيديولوجية للنظام الشمولي , و هنا تبدأ المرحلة الأخيرة لهذا النظام .
3- مرحلة الانهيار : هنا أيضاً نكون أمام قيادة جديدة تخلف السابقة , لكن يكون همها الأساسي هو الحفاظ على السلطة و السيطرة على الدولة , و لا تهتم أو تتقيد بأي أيديولوجية سابقة للفئة الحاكمة , و في سعيها للحفاظ على السلطة قد تحاول هذه القيادة أن تتبنى أيديولوجية جديدة مختلفة و مغايرة عن تلك القديمة , و قد تنجح فنكون أمام نشوء نظام شمولي جديد بأيديولوجية جديدة , أو تفشل فتكون نهاية النظام الشمولي و ظهور نظام سياسي جديد .
كان في ودِّي أن أكتب أن الأنظمة السياسية في شرقنا الأوسط و بعد " ثورات " الربيع العربي قد مرت بهذه المراحل , فمنهم من قضى نحبه و منهم من ينتظر , لكن و للأسف معظم الأنظمة في الشرق الأوسط لاتزال تدور في فلك المرحلة الأولى و الثانية , و عندما تدخل في الثالثة , تحدث المعجزة و تشاء الأقدار ( القوى العالمية ) ألا ينتهي النظام الشمولي و يفشل و يسقط , بل تجري إعادة إنتاج نظام شمولي جديد بأيديولوجية جديدة , يُعيد تثبيت الحمار بعجلة الطاحون العتيدة , و لكن هذه المرة بعمود جديد أكثر زركشة و بهاءً و دهاءً من القديم , يُرضي أغلبية الشعب الكظيم , فتحمله و تبتهج راضية سعيدة بهذا الإنجاز العظيم , و تنكص إلى مسارها الدائري اللاغائي العقيم , و لنا في قصة الحمار و البردعة من كتاب كليلة و دمنة لابن المقفع خيرُ تدعيم و تعليم .
و نظراً لما في هذه القصة من حكمة تخدم القصد , فسوف أرويها لكم باختصار شديد :
يُحكى أن حماراً سيء الطباع , كثير الأذى ، كلما دخل السوق , شهق و نهق , و رفس هذا و عض ذاك ، و أتلف بسطات الباعة ، و كسر معروضات البائعين ، و أكل خضراوات البقالين , فيبدأ أهل السوق بالصياح و الصراخ , ثم يجتمعون عليه و ينهالون على بردعته بالضرب المبرح - و البردعة هي ما يوضع على ظهر الحمار للركوب عليه , كالسرج للفرس - و يفرغون جام غضبهم عليها ، و لما رأى أهل السوق أن الحمار لا يغير و لا يبدل طبعه السيء , فقد توصلوا بعد طول تفكر و تدبر إلى أن لا حل لهم مع الحمار إلا في تغيير بردعته .
و هكذا .. فقد اعتاد هؤلاء الناس أنه كلما أساء لهم حمار , تعالت أصوات شكواهم , ثم اجتمعوا و ضربوا بردعته , ثم غيروها , فصاروا مثلاً للجاهل الذي يجتهد في الكفاح دون أن يعرف من هو غريمه و سبب بلواه , لأنه لو عرف لاستراح و استغنى , فقيل : كمن يتركون الحمار و يؤدبون البردعة .
تُحِب الأنظمة الشرق أوسطية ( أو يُحَبُّ لها ) أن تبقى متأرجحة بين النظام الاستبدادي و النظام الشمولي , و أثناء تأرجحها هذا , تُنتِج في بعض المراحل أنظمة كليبتوقراطية , تُنهِك الشعوب و تُفقِرها , و تدمر اقتصاد البلاد و تبتلع ثرواته و تستنزف موارده .
و الكليبتوقراطية , يا سادة يا كرام , هي حُكم اللصوص ( كلمة إغريقية : كليبتو : لص , قراط : حُكم ) , أي هو النظام السياسي الذي تتراكم الثروة فيه في أيدي الفئة الحاكمة نتيجة الفساد و الإفساد المُمنهج بسرية , بحيث يبدو و كأنه نتيجة طبيعية للظروف التي تمر بها البلاد , البلاد التي يجب أن يقنَع مواطنوها بأنها دائماً ما تكون إما بحالة استعداد و تهيؤ للحرب القادمة , أو بحالة استهداف دائم من قبل القوى المعادية التي لا تنفك تحيك لها المؤامرات .
هناك أيضاً شكل خاص من أشكال الكليبتوقراطية أو حكم اللصوص يسمى " اقتصاد النهب " , يعتمد اقتصاد الدولة فيه بشكل رئيسي إما على السلب و النهب من الأراضي الخارجية التي تم غزوها , أو على استمرار استجرار المال من المواطنين بحجج شتى , و إنك لتُدهَش و تتعجب من الخبث و المكر الذي تستحدث فيه فئة اللصوص هذه , أصولاً و أسباباً و موجبات جديدة لدفع الضرائب و سحب الأموال من المواطن , لدرجة أنك قد تظن أن الحكومة قد أخطأت بينه و بين مواطن في إسرائيل .
و من المؤكد يا عزيزي القارئ أنك قد أسقطت ما سبق على نظامك السياسي , وتعجبت من وجود كل هذه الأشكال من النظم السياسية فيه , و ربما تكون قد تهت و ضعت و ما عدت تعرف إلى أي النظم بالضبط ينتمي هذا النظام الذي تعيش في ظله ؟ و هنا , سأقول لك أن تهدأ و تتروى قليلاً قبل أن تطلق حكمك , فأنظمتنا أنظمة هجينة مُهجنة تشبه البغال و النغال المُعينين لقيادتها , فلا عجب إذاً , أليس كذلك ؟
نكمل .. و بعد أن يصل الشعب لمرحلة الغليان فينفجر , يُعاد تشكيل النظام السياسي من جديد على أيدي نخبة تدعي أنها تعمل على إنهاء حالة السرقة و النهب لمقدرات البلاد و رفع سوية حياة المواطنين , لتُشكل بعد فترة ( قد تطول أو تقصر ) نظام شمولي جديد يعيد استعباد الناس و تغييبهم عن حقيقة واقعهم , فسبحان من يُغير أحوالنا من دون أن يُغيرنا أو يتغير , و سبحان من بيده ملكوت أنظمتنا , و سبحان من يُشرذمنا و يجعلنا نبدو - و فقط عندما يريد - و كأننا حميرٌ مستنفرة قد فرَّت من قسورة .
فكل شيء يتغير و يتبدل إلا وجه الله و الأنظمة الشمولية العربية , مع أنني بصراحة لست متأكداً من الأولى .
لماذا تنشأ الأنظمة الشمولية ؟ أو ما هي الأسباب التي تؤدي إلى نشوئها ؟
1- تفكك المجتمع و شعوره بأنه مُهمش و مَقصي .
2- تعطش المجتمع للتنظيم و العمل السياسي ( القابلية لتشرب الأيديولوجية ) .
3- اليأس و الحاجة للأمل و الوعود بالغد المشرق .
4- خيانة المثقفين و تحالفهم مع الغوغاء و العامة بمداعبتهم لأوهامها الاستبدادية المتمثلة إما بتقديس موروثها أو بصفاء و أفضلية عرقها العنصري أو أي ميزة أخرى أو أفكار تنحصر بهذا المجتمع دون غيره , مما يؤدي إلى بداية تشكيل الأيديولوجية الخاصة . و قد حدث هذا في سورية إبّان " الثورة " , و لو قُدِّرَ للثورة أن تنتصر لأنتجت نظاماً شمولياً يفوق شمولية النظام الذي حاربته .
بعض الأفكار حول الأنظمة الهجينة ( الشمولية الاستبدادية اللصوصية ) :
يسعى النظام إلى ضرب منظومة القيم النبيلة في المجتمع و استبدالها بمنظومة تفكير و سلوك انتهازية وصولية حقيرة , تُهيمن على سابقتها و تطغى عليها , فتصبح سلماً للصعود المناصبي و الطبقي و الاجتماعي .
ينبذ النظام الفرد المتمسك بالقيم , فيصفه المجتمع بالغباء و السطحية , و يُقرب متسلق المنظومة الانتهازية , فيوصف بأنه شاطر و " حربوق " .
يحاول النظام إعلاء شأن عمل الفرد في القضايا التي تخدم أيديولوجية النظام , أما في ما يخالفه و يعارضه فهو يجتهد لتبخيس قيمة الفرد و عمله , و يوهم المجتمع بأن جميع نشاطاته المعارضة هي مجرد محاولات عبثية لن تُحدث أي تغيير يذكر , مما يدفع الغالبية إلى اللامبالاة و التخلي عن حقهم في ممارسة دورهم الوجودي و السياسي .
كي تكون مواطناً صالحاً في النظام الشمولي فليست الطاعة وحدها هي التي تحقق لك الصلاح , بل يجب أن تشارك في كل الموبقات و الشرور التي يرتكبها دون أدنى مساءلة ضميرية وجدانية , و على العكس يجب أن تفاخر بقذارتك و دونيتك و بهيميتك , لأن أي محاولة للتمسك بالقيم أو للنقد أو حتى للاستغراب , ستُفهم على أنها مقاومة للنظام .
ينزع النظام الشمولي إنسانية مواطنيه و يحولهم إلى وحوش تمارس الإجرام ( بحق نفسها و مجتمعها ) بسعادة و سرور .
مطالبة النظام بتوعية الشعب و التوقف عن تجهيله , كمطالبة الذئب بتعليم النِعاج كيفية الفرار منه .
يسعى النظام لتوفير الأمن كي يبقى محافظاً على صورة الدولة القوية في نظر مواطنيه , و يحتكر الجريمة المنظمة لنفسه فقط .
تُقدم الأديان الشمولية ( الأديان السماوية الثلاث مهد الأنظمة الشمولية البدائية كونها تُغذي فكرة : الجماعة أهم من الفرد ) للنظام الشمولي خدمتان :
الأولى : سهولة الانصياع للنظام الشمولي الجديد كون الفرد فيها معتاد على الطاعة و الخنوع , و مُتقبل لفكرة النظرة الواحدة الكلية التي تفسر كل شيء و تقوده نحو النهاية السعيدة .
و الثانية : إنتاج معارضة سياسية لديها نفس العقلية و التفكير الشمولي و لكن بأيديولوجية مختلفة .
لا حل و لا طريق ولا خيار أمام المواطنين في هذه الأنظمة سوى الولاء و الإذعان أو الاعتقال و التنكيل و التعذيب و القتل .
عندما ترى أو تسمع أن هناك منطقة ما في الشرق الأوسط تشهد اضطرابات , فاعلم أن هناك نزاع مصالح بين القوى الكبرى فيها , أما استقرار المنطقة , و هو الاستقرار الذي تصدع رؤوسنا تلك القوى بالدعوة إليه , فهو يعني الوصول إلى رضى هذه القوى و اقتناعها بحصتها من و في تلك المنطقة .
تقوم الأنظمة الشمولية و تعتمد على عوامل داخلية و عوامل خارجية , لذلك نرى الدول ( الأعداء قبل الأصدقاء ) لا توفر جهداً في تقديم تلك العوامل التي تطيل في عمر هذه الأنظمة .
أما بالنسبة لموقف الساحر صاحب القبعة الذي يلعب من وراء الكواليس من قضية الثورات و المعارضة لأنظمة الشرق الأوسط , فكلا فريقي النظام و المعارضة يخدمان مصالحه بشكل جيد , و لكنه يفضل من يستطيع التنازل و الدفع أكثر , و من لديه الدهاء و المكر الأكبر على تعتيم الستائر التي يختفي خلفها الساحر , فترى الاثنان ينبطحان و يتذللان له بطريقة يأباها حتى الكلب , أما الوطن و الشعب فلهم الله و عليهم السلام .
و هذا الكلام ليس تقديماً للأخذ بنظرية المؤامرة , أو دعوة لليأس , بقدر ما هو دعوة لليقظة و التنبه إلى معرفة الغريم الحقيقي , و دعم لإدراك الصورة الكلية التي تمكننا من خوض الملعب السياسي مع الخصم الحقيقي و ليس مع وكلائه , كي لا نبقى نلطم البردعة , فربما حينها نستطيع أن نرفع رؤوسنا قليلاً .
في النهاية , أرجو ألا أُفهم على أني أريد مقارعة القوى العظمى - لا سمح الله و معاذ الله و أستغفر الله - فقد قالت العرب : رحم الله امرَأً عرف قدر نفسه فوقف عنده , و إذا أردت أن تُطاع فاطلب المستطاع , و أنا كمواطن في هذا الشرخ الأوسخ لا أطلب سوى أن نزيل هذه الستائر و الغمائم ( الغِمامة : ما يوضع على عيني الثور فيحجب عنه الرؤيا إلا باتجاه واحد كي لا يُصيبه الدوار ) من على عيوننا , و لنلعب السياسة مع أسيادنا " عالمكشوف " , فهل في طلبي هذا ما يوجب الحد و القصاص ؟
#أيهم_نور_الصباح_حسن (هاشتاغ)
Ayham_Noursabah_Hasan#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟