أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ثامر عباس - مفهوم العنف الاجتماعي : دلالاته وأشكال تجليه (الحلقة الثالثة) ما هي القوة ؟!















المزيد.....

مفهوم العنف الاجتماعي : دلالاته وأشكال تجليه (الحلقة الثالثة) ما هي القوة ؟!


ثامر عباس

الحوار المتمدن-العدد: 7379 - 2022 / 9 / 22 - 17:47
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


مفهوم العنف الاجتماعي : دلالاته وأشكال تجليه
(الحلقة الثالثة) ما هي القوة ؟
لطالما ارتبط الحديث عن الدولة والسلطة المجسدة الممثلة لها بالإشارة إلى مفهوم (القوة) ، مثلما كان – في معظم الأحيان - إن التطرق لهذا الأخير يستحضر تلقائيا"فكرة الدولة / السلطة ، وما تنطوي عليه من قدرات مادية وسلطات مؤسسية واكراهات نفسية وخيارات زجرية . فالقوة – كما أشار منظر العلم السياسي الايطالي (ماكيافللي) – (( هي دعامة أي نجاح سياسي ))(1) . بحيث يتداعى إلى ذهن المرء تصور إن الدولة بلا قوة هي مؤسسة بلا معنى وكيان بلا ضرورة ، كما إن القوة بغير وجود دولة فاعلة تضبط تفلت مكوناتها ، وتلجم تهور جماعاتها ، وتحكم السيطرة على اقليمها ، ستستحيل إلى عنف مسعور وفوضى شاملة يكون المجتمع دريئة طعناتها وضحية عواقبها ومستنقع إفرازاتها . ولهذا نجد إن الأستاذ (أدونيس العكرة) قد ميّز ما بين القوة المنضبطة والعنف المنفلت على النحو التالي (( إن القوة لا تعني العنف ، لأن القوة شيء مادي ينمو طبيعيا"في الجسم أو في الجهاز العضوي ... أما العنف ، فهو حالة شذوذ في استعمال القوة تخرج عن المألوف والطبيعي والعادي وعن النظام والقانون ... فالقوة وسيلة للعنف ولكن العكس ليس صحيحا".. فالقوة تقع في المجال الفيزيولوجي أما العنف فيقع في الميدان السلوكي أو السيكولوجي بمعنى ما ))(2) .
وفي السياق ذاته ، فقد سعى الباحث العراقي (علاء هاشم مناف) للنأي بنفسه عن الوقوع في مطب المماثلة بين مفهوم (القوة) ومفهوم (العنف) كما لم يميّز البعض ذلك في معظم الأحيان ، ولذلك نجده يؤكد على إن (( القوة Force تعني القدرة ، والشدة ، والطاقة ، وضدها العنف ، تطلق كلمة القوة على القوة الجسمية ، والقوة الفكرية ، والقوة الغريزية ، وهي تعبير مجازي عن الضرورة التي لا تستطيع الإرادة مقاومتها إلاّ بفرز قوة مضاعفة ، أي قوة إرادة تقابلها بالقدرة مثل القول ؛ استولى على ذلك الشيء بالقوة أو حصل على ذلك الشيء بالقوة ، أو الخضوع بالقوة ، والقوة وفق هذه المعاني تقابل منطق الحق ، لكنها ليست الحق بذاته إنما هي وسيلة لإحقاق الحق ))(3) .

وعلى هذا الأساس نفهم لماذا كانت السلطات السياسية – وخاصة تلك الموصومة بالاستبداد - حريصة أشد الحرص على إضفاء صفة (الشرعية) الوطنية و(المشروعية) الدستورية على مقومات (القوة) التي بحوزتها ، مقابل تحاشيها - قدر الإمكان – استخدام عبارة (العنف) ذات الدلالات السيميائية المستكره والمستهجنة من قبل المجتمع . للحدّ الذي لا تتوانى معه من الإيحاء بأن (القوة) المشروعة هي حليف طبيعي (للدولة) الوطنية ، وذلك لإزالة الانطباعات السلبية التي يمكن أن تستحيل بنظر المراقب إلى مجرد سلوك طغياني أهوج يتسم (بالقسوة) ويصطبغ (بالعنف) . ولهذا فقد اعتبر فيلسوف العقد الاجتماعي (جان جاك روسو) إن (( القوة ليست قانونا"، إن القانون أخلاقي والقوة طبيعية ، ولا تملك القوة إلاّ أن تخلق علاقات استعباد ، أما القانون فهو الكفيل بخلق علاقات قائمة على المساواة بين البشر ))(4) .
ولأن سلطة الدولة اعتبرت ضمن تراث الأدب الاشتراكي – الثوري بمثابة المؤسسة البرجوازية الأكثر توحشا"، من خلال اعتمادها على (القوة) العارية لقمع الطبقات البروليتارية المطالبة بحقوقها السياسية والاجتماعية والاقتصادية ، فقد عمد أحد أقطاب ذلك التراث الفرنسي (جورج سوريل) إلى التمييز ما بين معاني ودلالات (القوة) و(العنف) ، عازيا"الأولى إلى الطبقة البرجوازية وهي في طور التحكم بالسلطة ، وناسبا"الثاني إلى الطبقة العمالية وهي في طور الدفاع عن حقوقها والمنافحة عن مكتسباتها . وعليه فقد أوجب في كتابه (تأملات حول العنف) ضرورة التمييز بين كل من القوة والعنف على أساس (( أن القوة برجوازية ، أما العنف فهو ثوري ، ويقصد بذلك إن البرجوازية تستند إلى مبدأ السلطة والحقوق المكتسبة وواجب الطاعة المفروضة على الجماهير . ولهذا فالبرجوازي ليس عنيفا"؛ انه يقنع بالقوة القائمة ، علما"أن الشعب هو ضحية هذه القوة نفسها ، فهو بذلك ضعيف ، ويحلم شأنه شأن كافة الضعفاء بتحطيم هذه القوة ، الأمر الذي يفضي به إلى العنف الخالص ، أي العنف الصريح الذي يحطم القوة ويظهر الحق ))(5) .

الهوامش
1. وليم ماكورد وآخرين ؛ مترابطات العدوان العائلية لدى الأطفال الذكور الأسوياء ، مصدر سابق ، ص54 . هذا وقد جاء في معجم مصطلحات التحليل النفسي ، إن العدوانية هي (( تلك النزعة أو مجمل النزعات التي تتجسد في تصرفات حقيقية أو هوامية ، وترمي إلى إلحاق الأذى بالآخر ، تدميره ، وإكراهه وإذلاله .. الخ . وقد يتخذ العدوان كيفيات أخرى غير الفعل الحركي العنيف والمدمر ؛ إذ ليس هناك من تصرف ، سواء كان سلبيا"(كرفض العون مثلا") أو ايجابيا"، رمزيا"(كالسخرية مثلا") أو ممارس فعليا"، لا يمكنه أن ينشط بمثابة سلوك عدواني )) . مصدر سابق ، ص528 .
2. توماس بلاس (محرر) العنف والإنسان : أربع دراسات حول العنف والعدوان ، ترجمة الدكتور عبد الهادي عبد الرحمن ، ( بيروت ، دار الطليعة ، 1990 ) ، ص18 وص19 . من جانبه فقد فرّق الفيلسوف الأمريكي (ر . ب وولف) في دراسته (حول العنف) بين مفهومي (القوة) و(العنف) معتبرا"إن (( هذا الأخير استعمالا"غير مشروع للقوة في سبيل الوصول إلى غايات ما ... ولكن لا يدخل الاستخدام المسموح به للقوة ضمن مفهوم العنف )) . راجع ف . دينيسوف ؛ نظريات العنف في الصراع الإيديولوجي ، مصدر سابق ، ص123 .
3. علاء هاشم مناف ؛ نظرية القوة : النظرية الابيستمولوجية للقوة ، ( بيروت ، التنوير للطباعة والنشر ، 2011 ) ، ص9 . ومن اللافت إن العالمة السياسية الألمانية (حنة أرندت) اعتبرت إن (( السلطة والقدرة والقوة والتسلط والعنف : كلها ليست سوى كلمات تشير إلى الوسائل التي يحكم بها الإنسان الإنسان ؛ لقد اعتبرت مترادفات لأن لها نفس الوظيفة )) . للمزيد راجع كتابها ؛ في العنف ، ترجمة إبراهيم العريس ، الفكر الغربي المعاصر ، ( بيروت ، دار الساقي ، 1992) ، ص38 .
4. الدكتور إبراهيم الحيدري ؛ سوسيولوجيا العنف والإرهاب ، مصدر سابق ، ص294 . لقد عبر العالم السياسي الأمريكي (صموئيل هنتنعتون) عن هذه الفكرة بالقول (( القوة هي القدرة لدى شخص أو مجموعة على تغيير سلوك آخر أو مجموعة )) . راجع مؤلفه ؛ صدام الحضارات وإعادة بناء النظام العالمي ، ترجمة الدكتور مالك عبيد أو شهيوة والدكتور محمود محمد خلف ، ( ليبيا ، الدار الجماهيرية ، 1999) ، ص171 .
5. عبد الوهاب الكيالي ؛ موسوعة السياسة ، الجزء الرابع ، نقلا"عن محمد بهاوي ؛ العنف والعدالة ، نصوص فلسفية مختارة ومترجمة ، مصدر سابق ، ص20 . ولتأكيد وجهة النظر هذه فقد كتب (سوريل) يقول (( نستخدم المفهومين القوة والعنف أحيانا"عندما نتكلم عن أفعال السلطة ، وأحيانا" عندما نتكلم عن أفعال الثورة . ومن الواضح إن الحالتين كلتيهما تنشأ عنهما مفاعيل مختلفة . اعتقد أنه يكون من الأفضل أن نتبنى لغة لا ينشأ عنها مطلق غموض ، فنستخدم كلمة عنف لنصف أفعال الثورة وحسب . وبناء عليه علينا أن نقول إن هدف القوة هو أن تفرض نظاما"اجتماعيا"معينا"حيث تحكم الأقلية )) . راجع الدكتور ملحم قربان ؛ قضايا الفكر السياسي - (القوة) ، ( بيروت ، المؤسسة الجامعية للدراسات / مجد ، 1983 ) ، ص131 .



#ثامر_عباس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مفهوم العنف الاجتماعي : دلالاته وأشكال تجليه (الحلقة الثانية ...
- مفهوم العنف الاجتماعي : دلالاته وأشكال تجليه (الحلقة الأولى) ...
- مفهوم العنف الاجتماعي : دلالاته وأشكال تجليه
- ظاهرة العنف وأزمة الثقافات الفرعية
- مطارحات غرامشية (2) الدور العضوي للمثقف التقليدي
- مطارحات غرامشية (1) الدور التقليدي للمثقف العضوي
- استعصاء الاصلاح في العقل العراقي : مقاربة في المعوقات والتوق ...
- معايير الاحتراف السياسي : بين الدوغمائية والبرغماتية
- جيوبولتيكا الدولة العراقية : جدلية السلطة والسيادة
- النخبة والأزمة : ظاهرة نكوص الوعي في الوسط الأكاديمي
- (القسم الثالث) شرعنة الخطاب الطائفي وتكريس القطيعة الوطنية
- تغليب الانتماء الطائفي وتغييب الولاء الوطني ( القسم الثاني)
- اعاقة التحول الديمقراطي : من المجتمع المدني الى الطائفية الس ...
- تساؤلات حول مسار المجتمع العراقي : خيارات الفوضى أم رهانات ا ...
- الهلع من المعارضة : التقاليد الديمقراطية في السياسة العراقية
- الذهنية الراديكالية : الادراك العربي بمفهوم السياسة
- نعي الوطن في وعي المواطن
- تأملات (تزفيتان تودوروف) : النقد العقلاني لهوس القوة
- تشريح الذاكرة : أحداث التاريخ وأضغاث المؤرخين
- دولة القانون وقانون الدولة : الدستور والديمقراطية (العراق ان ...


المزيد.....




- مقتل يحيى السنوار.. ما عليك معرفته من التعرّف عليه عبر سجل ا ...
- قبرص: حريق في بافوس يتسبب في تدمير جزء من مبنى تاريخي يعود إ ...
- الحزن يعم بوينس آيرس: عشاق باين من فرقة -ون دايركشن- يودعون ...
- أبرز 4 أهداف في -الضوء الأحمر- ضمن قائمة الضربة الانتقامية ا ...
- الولايات المتحدة تفرض عقوبات جديدة ضد شبكة -لتمويل- الحوثيين ...
- برلماني أوروبي: الدعم لنظام كييف قد ينخفض إذا فاز ترامب
- بعد اغتيال السنوار.. الجيش الإسرائيلي يحدد هدفه التالي
- نتفليكس تتوقع مضاعفة أرباحها بعد إضافة 5 ملايين مشترك جديد
- حقيقة فيديو حريق في ثاني أكبر مصفاة نفط إسرائيلية
- قارنت ردة فعله بصدام حسين.. إيران تعلق على مقتل يحيى السنوار ...


المزيد.....

- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج
- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ثامر عباس - مفهوم العنف الاجتماعي : دلالاته وأشكال تجليه (الحلقة الثالثة) ما هي القوة ؟!