أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حسين علي - وجوه .. وأقنعة














المزيد.....

وجوه .. وأقنعة


حسين علي
كاتب

(Hussein Ali Hassan)


الحوار المتمدن-العدد: 7378 - 2022 / 9 / 21 - 01:43
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


في إحدى الحفلات جلست امرأة بجوار الكاتب الشهير «برنارد شو»، فهمس في أذنها:
- هل تقبلين قضاء ليلة معي مقابل مليون جنيه؟
ابتسمت وقالت:
- طبعًا بكل سرور.
عاد وسألها:
- هل من الممكن أن نُخفِّض المبلغ إلى عشرة جنيهات؟
غضبت المرأة وصرخت في وجهه:
- من تظنني أكون؟1
قال:
- سيدتي نحن نعرف من تكونين .. نحن فقط اختلفنا على الأجر.
كم منا طرح هذا السؤال على نفسه:
- من أنا؟ .. ومن أكون؟
كثيرون يخشون سقوط الأقنعة البرَّاقة التي تغطي وجوههم، ويتخفون وراءها ..
الازدواجية العربية داء عضال احتار الأطباء في معالجته، نبطن شيئًا ونظهر شيئًا آخر .. نظهر ورعًا وتقوى، ونخفي عهرًا وفجورًا .. إنني لا أصدر أحكامًا عامة ومطلقة، من المؤكد أن هناك استثناءات يتصف أصحابها بالصدق والنزاهة .. غير أن خطورة الحديث عن وجود استثناءات تكمن في أن مثل هذا الحديث يُفْسِّد الغرض من كتابة هذا المقال، إذ سوف يسارع كل من يقرأ هذا المقال بإدراج نفسه ضمن هذه الفئة المستثناة، وبالتالي لن يكلف نفسه عناء البحث عن حقيقة ذاته: هل هو حقًا صادق وأمين وشريف؟ أم أنه ينسب هذه الفضائل إلى نفسه ادعاءً؛ معتقدًا إنه من أهل التقوى والورع في الظاهر والباطن؟
يحلو للمرء دومًا توجيه سهام النقد إلى غيره من البشر، مستثنيًا ذاته من الملامة، ينتبه إلى عيوب الآخرين غافلاً عن أخطائه وخطاياه، وذلك ما أشارت إليه إحدى آيات الكتاب المقدس (العهد الجديد: إنجيل لوقا الإصحاح السادس 42، وإنجيل متى الإصحاح السابع 6)؛ جاء في تلك الآية: «لِمَاذَا تَنْظُرُ الْقَذَى الَّذِي فِي عَيْنِ أَخِيكَ، وَأَمَّا الْخَشَبَةُ الَّتِي فِي عَيْنِكَ فَلاَ تَفْطَنُ لَهَا؟». والقذى: هو الوسخ الذي يوجد في ركن العين، والذي يميل لونه إلى الاصفرار أو الاخضرار، والمقصود به الأشياء الضئيلة التي لا تكاد تدرك، يراها الإنسان ويفتح عينيه عليها ما دامت في عين أخيه. ويغفل عن الخشبة المغروزة في عينه!! ترسم الآية صورة تنطوي على قدر كبير من المبالغة؛ لكنها مبالغة تستهدف إيضاح كيف أن المرء لا يفطن إلى عيوبه، وإن فطن إليها فإنه يحرص على تجاهلها، ويُشيح بوجهه عنها؛ كأنها غير موجودة. لا يشغل باله بالبحث عن عيوبه وفحصها ومحاولة إصلاحها، في حين يدقق في سلوك الغير، ويتحرى عن أخطاء الآخرين وخطاياهم بغية إدراك عيوبهم مهما صغر قدرها!!
لا يكف المواطن العربي، ليل نهار، عن توجيه سهام النقد لكافة الأوضاع السائدة في بلاده، وخلال هذا النقد يستثني نفسه من اللوم، يُلْقِي مسئولية كل قصور على كاهل غيره، حتى بدا المشهد في نهاية الأمر وكأن قوى خفية هى التي ارتكبت كل الأخطاء والخطايا، وتسببت في حالة التردي التي نحن عليها.
إذا تحدثنا عن انحطاط القيم الأخلاقية، فإن الواحد منا يأسف على تفشي النفاق والكذب وعدم الوفاء بالعهد وغيرها من رذائل. إذا نظرت إلى حماس هذا الشخص أو ذاك وهو يدافع عن القيم والمثل، ويحزن لغيابها؛ حتى تنتابك الحيرة، وتجد نفسك مضطرًا لطرح السؤال الآتي:
إذا كان كل واحد منا يتحدث بوصفه مصلحًا، فمن يا ترى المسئول الحقيقي عن هذه الحالة من التردي التي تعيشها مجتمعاتنا؟
إن الإنسان الفرد لا يرى نفسه بوضوح. فأنا الآن لا أرى نفسي وأنا منهمك الآن في كتابة هذه المقالة، وأنت الآن لا ترى نفسك وأنت تقرأ هذه المقالة .. لن تتمكن من رؤية نفسك إلا إذا كنت جالسًا أمام مرآة .. غيرك يراك، وأنت ترى غيرك .. ننتبه إلى الغير وما يرتكبه من أفعال، ونغفل عن رؤية أنفسنا .. غياب الوعي الذاتي وتغييبه مسئول عن كثير من المظاهر السلبية السائدة في مجتمعاتنا، ترى بوضوح غيرك متلبسًا في حالة نفاق فج ومدح سقيم لرئيسه في العمل، ولا تنتبه إلى ما ترتكبه أنت من تملق مخزٍ لرئيسك في العمل ..
إن حالة التردي التي تعاني منها مجتمعاتنا العربية تتمثل في السلبية وعدم الجسارة على توجيه أصبع الاتهام لكل من يرتكب خطأ أو جرمًا في حق الناس والمجتمع. الواحد منا يؤثر السلامة مادامت مصلحته أو على الأقل الحد الأدنى منها قد تحقق، فلا داعي للمجازفة والمخاطرة بأمنه واستقراره. عليه أن يبلع لسانه في حلقه ويلوذ بالصمت في مواجهة حالات الظلم .. وما أكثرها!!
هل سألت نفسك: من أنا .. ومن أكون؟
نحن نعرف من تكون .. نحن فقط نختلف حول المصلحة التي تريد تحقيقها!!



#حسين_علي (هاشتاغ)       Hussein_Ali_Hassan#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الصورة الذهنية والواقع الفعلي
- الدين المعاملة
- فلسفة التغافل
- زكى نجيب محمود وتجديد الفكر العربى
- قد تكون مظلومًا.. لكن هل حقًا تشعر بذلك؟
- الحق.. والحقيقة
- الحرية تاج على رؤوس الأحرار
- مجتمعات تذبح الإناث
- أوهام بشرية
- قِطَع الإسفنج
- نهج التهويل والتهوين في الإعلام الغربي
- هل الإنسان كائن حر؟
- «بلاش فلسفة . . !!»
- الاعتياد.. والاعتقاد
- سحر الكلمات


المزيد.....




- رئيسة الاتحاد الأوروبي تحذر ترامب من فرض رسوم جمركية على أور ...
- وسط توترات سياسية... الدانمارك تشتري مئات الصواريخ الفرنسية ...
- لافروف: سلمنا واشنطن قائمة بخروق كييف
- الجيش الإسرائيلي يواصل انتهاك اتفاق الهدنة مع لبنان
- ترامب يبحث مع السيسي -الحلول الممكنة- في غزة ويشيد بـ-التقدم ...
- بعد قرارها بحق لوبان... القاضية الفرنسية تحت حراسة مشددة إثر ...
- زلزال ميانمار المدمر: تضاؤل الآمال في العثور على مزيد من الن ...
- ماذا وراء التهدئة الدبلوماسية بين باريس والجزائر؟
- -حماس- تدين مقتل أحد عناصر الشرطة في دير البلح وتشدد على أهم ...
- زيلينسكي يؤكد استلام أوكرانيا 6 أنظمة دفاع جوي من ليتوانيا


المزيد.....

- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حسين علي - وجوه .. وأقنعة