أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علي فضيل العربي - تثقيف السياسة















المزيد.....

تثقيف السياسة


علي فضيل العربي

الحوار المتمدن-العدد: 7375 - 2022 / 9 / 18 - 22:56
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كثيرا ما نسمع أحاديث تتناول العلاقة القائمة بين الثقافة و السياسة ، أو بين المثقف و السياسي . فمن المتحدّثين من يقدّم رجل السياسة على المثقف ، و منهم من يقدّم المثقف على السياسيّ بحكم المنصب الذي يشغله .
و من خلال تلك الأحاديث الأكاديميّة و العامة ، نستخلص التباين الحاصل و السائد ، حول أحقيّة أحدهما في الريادة ، و قيادة المجتمع .
لا أقصد بالثقافة السياسية ، تلك الشعارات الدعائية ، و المؤتمرات السياسية ، التي تُعقد هنا و هناك ، بمناسبة معيّنة أو بغير مناسبة . إنّما أقصد إعادة بناء ثقافة سياسيّة تليق بالحياة البشريّة ، و تحظ حقوق الإنسان الفطريّة ؛ من حياة هادئة و حريّة مسؤولة و عيش كريم و أمن و سلام .
هناك نمط من الخطاب السياسي سائد في العالم المعاصر ، و هو سليل فلسفة القرون العشرة الماضيّة ، القائمة على الطبقيّة الاجتماعية و التمييز العرقي ، و الصراع الديني ، و تقسيم العالم إلى كيانات إيديولوجيّة متصارعة .
و هو نمط سياسيّ قائم ، أساسا ، على النظرية البراغماتية ، النفعيّة ، تتجاذبه موازين القوة و الضعف ، تقوده معايير المصالح الاقتصادية ، و تتخلّله مواقف التأييد المطلق أو المعارضة بين المجتمعات المتباينة الأعراق و الملل و الهويّات . أو بين فئات متصارعة داخل المجتمع الواحد ، سواء في دول الغرب أو في دول الشرق .
لا بد من إعادة صياغة الخطاب السياسي من جذوره ، و أخلقة الدساتير و المواقف السياسيّة و العلاقات الدبلوماسية و الثقافيّة .
و ذلك بخلق ثقافة سياسيّة وسطيّة ، تعيد للإنسان روحه الإنسانيّة المفعمة بالأجواء الروحانيّة ، التي تقدّس المباديء الساميّة . فقد طغت ، على الإنسان المعاصر ، الفلسفة الماديّة إلى الحدّ الذي جعله يفقد توازنه النفسي و العقلي . و يسعى ، بكل قواه الذهنيّة و العضليّة ، إلى تحقيق الحاجات الماديّة على حساب المتطلّبات الروحانيّة .
إنّ الحروب التي أضرمها الأسلاف في القرون المنصرمة ، و نظيرتها التي أوقدها الأخلاف في هذا العصر النووي ، لم تجن منها البشريّة ، و لن تجني منها ، سوى المآسي و الخراب و الدمار . و للأسف ، فما انفكّ الإنسان يعيد الأخطاء الفادحة نفسها ، ليحصد النتائج الوخيمة ذاتها ، و رغم ذلك لم يتعلّم منها شيئا ، و لم يتعظ من مخرجاتها .
إنّ تثقيف السياسة المعاصرة ، ثقافة سلميّة ، منزوعة العنف اللفظي و المعنوي و الكراهيّة على أساس الهويّة ، تحتاج إلى أن يقود الرجل المثقف ذو الثقافة الرحيمة ، الخاليّة من التطرّف الديني و الفلسفي الرجل السياسيّ المتشبّع بقيّم التسامح و التعايش السلمي ، و أن يكون هذا الأخير على أهبة الاستعداد – دائما - لبناء مجتمع إنسانيّ خال من الأفكار المتطرّفة و السلوكات المنحازة إلى جماعة بشريّة على حساب أخرى جماعات أخرى ، و أن يكون بعيدا عن السادية و الأنانيّة و حب الزعامة و التسلّط ، و أن تسود الفكرة الخيّرة ، المستدامة ، على النزوة السلبيّة ، العابرة ، و تسمو المباديء الأخلاقيّة على الأطماع .
عقول سياسيّينا في حاجة ماسة إلى تثقيف جديد و متجدّد ، و إلى تنقيتها من الأفكار التي تفضي إلى التسلّط و البغضاء .
إنّ إعادة تثقيف السياسة المعاصرة ، سيجنب البشريّة ، ما حدث من إبادة للهنود الحمر في القارة الأمريكية – في شمالها و جنوبها – على ( الكاوبوي ) الأمريكي القادم من أروربا . سيبعد البشريّة عمّا حدث لساكنة هيروشيما و ناكازاكي ، و عمّا ارتكبته النازيّة و الفاشيّة من جرائم فظيعة ، و ما اقترفته أيادي المحتلين الأوربيين في إفريقيا و أسيا و أستراليا .
إنّ المتتبّع – بتمعنّ - لأغلب الخطابات السياسيّة على المنابر الأمميّة و المنصّات الجهوية و القوميّة ، يكتشف مدى عمق الإشكاليّة المتأزمة ، الناتجة عن معاناة مرتادي الفعل السياسي من القصور الثقافي ، و التشوّه النفسي ، و المراهقة العقليّة .
لقد قيل : إن الناس على دين ملوكهم . و قيل ايضا : كما تكونوا يُولّى عليكم . و هذا يعني وجود علاقة جدليّة بين رجل السياسة و رجل الشارع . فالمجتمع الذي يقوده حاكمه الجاهل بالجزرة و العصا ، لن يبرح موضع التخلّف ، و لن يقوى على النماء و الارتقاء قيد شبر .
و لهذا السبب ، و غيره ، ظهرت فكرة الديمقراطيّة التشاركيّة لوضع حدّ للديكتاتوريّة الفردانيّة ، و للمساهمة في إعادة بناء التضامن الاجتماعي بشكل موضوعيّ حاسم . . جاء على لسان الباحث السوسيولوجي البريطاني أنطوني جيدنر قوله : " ليست –الديمقراطية التشاركية - امتدادا للديمقراطية التمثيلية أو الديمقراطية الليبرالية ولا حتى مكملة لها ولكنها من خلال التطبيق تخلق صيغا للتبادل الاجتماعي.. "
و هي ديمقراطية تختلف عن الديمقراطية التمثيلية المعتادة ، و التي عرّفها الباحث البريطاني أنطوني جيدنر بقوله : " صيغة لنظام حكم يتسم بانتخابات منتظمة وبالاقتراع العام وبحرية الفكر والحق العام في الترشّح للمناصب العامة وتشكيل روابط سياسية " ”.
و قد جُعل الانتخاب أحد اهم أدواتها الشعبيّة . لكنّ انتشار الجهل و الأميّة بين العامة ، أفرغ آلية الانتخاب من مضمونها ، و أجهض ثمارها المرجوة .
إنّ العمليّة الانتخابيّة – لكي تنجح و تفيد - في حاجة إلى تثقيف سياسي راشد . لأنّها تعتمد على سلوك الاختيار الإدراك الحر و الواعي ، لا على وضع ورقة في الصندوق فقط . لا بد للناخب – كي يكون سلوكه الانتخابي سليم الشكل و المحتوى – أن يتمتّع بقسط من التعليم و الثقافة و الفهم و الاختيار و التمييز ما بين الأفكار الصالحة و الطالحة ، ، كي تحقّق الفلسفة الانتخابيّة غايتها ، و يُسهم في ترسيخ الديمقراطيّة التشاركيّة الصحيحة .
و بعد ...
ليت شعوب كوكبنا الأرضي تتعايش في سلام و وئام و تعاون و رحمة ، بعيدة عن الحروب اللفظيّة و الماديّة ، و يعود إلى كوكبنا جماله و سحره و طهارته ..



#علي_فضيل_العربي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل سيندلع الشتاء الأوربي ؟
- الفلسفة و الحرب و السلم
- قوارب بلا تأشيرة
- على هامش الصيف
- ماذا بعد الحرب الروسية الأوكرانيّة ؟
- وجهة العالم المعاصر . إلى أين ؟
- لماذا الحرب أيّها العقلاء ؟


المزيد.....




- زيارة مفاجئة فجرا للرئيس التونسي إلى المزونة والهدوء يعود إل ...
- البنتاغون يعلن تخفيض وجوده العسكري بسوريا إلى ألف جندي
- قاضية تمنع إدارة ترامب من إجراء تغييرات على جوازات سفر -الأم ...
- إعلام: المسودة الأمريكية لصفقة أوكرانيا لا تتضمن ضمانات أمني ...
- خبير عسكري: الجيش الروسي يقطع شريان حياة المقاتلين الأوكراني ...
- الرئيس الكونغولي السابق كابيلا يعود من منفاه إلى غوما الواقع ...
- -تبت إلى الله-.. تفاصيل التحقيق مع مدرس استدرج طالبة إلى منز ...
- رئيس أركان البنتاغون يغادر منصبه قريبا بعد فضيحة تسريب معلوم ...
- ماكرون يدعو الباحثين من جميع أنحاء العالم إلى اختيار فرنسا و ...
- مجلس الشورى الإيراني: يجب أن يعود الاتفاق مع الولايات المتحد ...


المزيد.....

- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علي فضيل العربي - تثقيف السياسة