أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كمال التاغوتي - مقام العشق














المزيد.....

مقام العشق


كمال التاغوتي

الحوار المتمدن-العدد: 7372 - 2022 / 9 / 15 - 20:52
المحور: الادب والفن
    


(هذه سطور من رقْعَةٍ يزعُم بعضهم أنها من كتابِ الأغانِي لأبِي الفرج الأصفهانِي، عُثِرَ علَيْها فِي دَيْرٍ بِضاحيَةٍ منْ ضواحِي بغدادَ. ويرْوِي فيها كاتبها خبرَ لِقاءٍ مُختَلَسٍ بيْنَ قيْس ولُبنى فِي أثناء الحجِّ. يقُولُ: حدّثَ المَدائِنِي عن عيسَى بن دأب أنه قال: "اجْتَمَعَ لَيْلَةً قيْس ولبنَى فِي شِعْبٍ منْ شِعابِ مكَّةَ والقوْمُ فِي طوافِهِمْ. وترَكتْ لبنى جارِيتَها خارِجَ الخيْمَةِ رَصَدًا. وكان قيس قد مهّد لها وِطاءً فيها. فظلاَّ ساعةً يتشاكَيَانِ ويتعاتَبانِ، إلى أن أخذَ الوجْدُ منهُما مأخَذَهُ، فَنَضَتْ لبنى عنها القَمِيصَ فُصُعِقَ قيس حتى كاد يُغمى عليْهِ، فَكَسَتْهُ بِقُبُلاتِها ثُمَّ ضمّتْهُ إلى صدْرِها. وطَفِقَتْ تُحدّثُهُ وتُداعِبُهُ حتّى اشْتعلَ. يقولُ: حدثت الجارِيةُ قالتْ: "إنّي وربِّ البيْتِ أسمعُ أنِينًا فِيهِ غُنَّةٌ سَرَى فِي دمِي حتّى أنْعظْتُ. ولمّا حانت ساعة الفراق أطلاّ من الخيمة واللألاء في وجهيهما. فتعانقا ثم انصرفنا وتركْناهُ يَمُوجُ كلِسانٍ منْ رمْلٍ." )

قُلْتَ لِي مرَّةً:

ليْسَ لِي قِبْلَةٌ عَلَى هذِهِ الأرْضِ

لِتَكُونِي لِي مَوْسِمًا للاغْتِسَالِ،

ودَفَعْتَ لِي نَبْضَكَ عَارِيًا مِنَ الأقَاوِيلِ

وَدَفَعْتَ لِي قَلْبَكَ صَافِيًا مِنَ الهَذَيَانِ

ودَفَعْتَ لِي لَحْمَكَ خَالِيًا مِنْ وَجَعِ النَّايِ،

قُلْتَ لِي:

مَلِّحِي هذَا الجَسَدَ

مِثْلَ جِلْدِ ماعِزٍ

وانْشُرِيهِ تَحْتَ تَنُّورِ نَهْدَيْكِ

علَى مَدَى عَاصِفَةٍ

أوْ فَرَاشَتَيْنِ

ثُمَّ شُدِّيهِ بِجَدِيلَةٍ إلى جِذْعِ غَزَالٍ

مُجَوَّفٍ ثُمَّ صُبِّي علَيْهِ سُخْطَكِ

(قَرْعُ طَبْلٍ. زَلْزَلَةٌ فِي الماءِ. تَرْجُفُ أشْجَارٌ وأحْجَارٌ وأسْمَاكٌ وغَارُ)


أرْقُصُ فَوْقَ الرِّمَالِ

عَرُوضُ الخيْمَةِ يترنَّحُ

والجَسَدُ-الطَّبْلُ يَكْسِرُ الأبَدَ

دَفْقَةً تِلْوَ دَفْقَةٍ!

يَشْرَبُ فَخْذَايَ صَهِيلَ النَّخِيلِ

والطَّبْلُ-الجَسَدُ يَعْصِرُ الكَبِدَ

سَلاَسِلَ خَمْرِيَّةً تتَسَلَّلُ

بيْنَ فَخْذَيَّ، تَنْهَضُ الفَلاَةُ

تنْفُضُ عنْ وَحْشِهَا غُبَارَ الغِيَابِ؛


قُلْتُ لكَ:

إنِّي أهْوِي فِي حَلْقِ ذِئْبٍ؟

قُلْتَ لِي:

ابْلَعِيهِ قبْلَ أنْ يَمَضغَكِ!

ويَثُورُ الزَّغَبُ العابِدُ

وتَمُورُ أشْلاَءُ نِيرَانِ العِشْقِ

فِي سُرَّتِي،

الجَسَدُ الطَّبْلُ يَقْرَعُ حَبَّةَ التِّينِ

يَفْتَحُهَا – تَفْتَحُهُ

يَنْفُذُ فِيهَا تنْفُذُ فِيهِ

يُيَــمِّــمُ وَقْعُهُ مَهْجَعَ الغِيلاَنِ؛

قُلْتُ بَيْنَ اليَقْظَةِ والغَرَقِ:

إنِّي تُمَزِّقُنِي النُّجُومُ

وأفاعٍ تَهُزُّ صَدْرِي!

قُلْتَ لاَ أدْرِي كَيْفَ:

اجْمَعِي شَتَاتَ أحْزَانِكِ

وامْتَدِّي جِسْرًا مِنَ اللوْزِ

لِلْقَمَرِ السَّاهِي

للبَرْقِ

للإلَهِ الوَاهِي

ولْنَعْبُرْكِ مَعًا

مِثْلَ صَلاَةٍ!

وانْهَمَرْتَ غُرُوبًا أبْيَضَ

مِنْ حَلَمَتِي.


قُلْتَ لِي:

رَايَتَكِ. أيْنَ رَايَتُكِ؟

تَسْألُ وأنتَ تَدْرِي

أنَّ دَفْنَكَ مَوْتَكَ رَايَتِي

تَسْأَلُ وأنْتَ تَدْرِي

أنَّكَ أنْتَ المَرْفُوعُ الوَحِيدُ

فَوْقَ أسِنَّةِ أهْدَابِي

والمِشْنَقَةُ عِطْرِي،


قُلْتَ لِي: أشْتَهِيكِ

كمَا يَشْتَهِي سُلْطَــانٌ جَائِرٌ

رَعِيَّتَهُ: سُجَّادًا مِنَ الدَّمْعِ

والأَنِينِ،

أشْتَهِــيكِ أَقَالِيمَ مُقَسَّمَةً

بَيْنَ مُلُوكِ الطَّوائِفِ والمَخَاوِفِ،

جُزُرًا تَدْعَكُهَــا ألْسِنَةُ الرُّوَاةِ

يُقَطِّرُونَهَا أحْلاَمًا فِي شُرْيَانِ اللّيْلِ،

قُلْتُ مُغْضَبَةً:

مَتَى يَصِيرُ الاشْتِهَــاءُ مِثْلَ المَوْتِ

فِعْلاً لازِمًا

فَنَخْرُجَ مِنْ هَذِهِ الأقْفَاصِ؟


أمْتَلِئُ كالسُّنْبُلَةِ

أرْحَلُ فِي نَبَاتِكَ الوَحْشِيِّ

أبْحَثُ فِيهِ عَنْ نَبْعِ الكَبْرِيتِ:

مِنْ أيْنَ تَأتِي بِهَذَا اللَّهِيبِ؟

قُلْتَ لِي:

لَسْتِ لِي وَطَنًا

لَسْتُ لَكِ جِدَارًا

نَحْنُ سَحَابَتَانِ

كَفَلَتْنَا الرِّيَاحُ

قَسِّمِي إذَنْ البَرْقَ المُكَدَّسَ

فِي شَفَتَيْكِ

بَيْنَ بَابِلَ وَسَدُومَ

وذَرِينِي وحُطَامِيَ المُقَدَّسَ

أتَفَتَّتُ فِي وَجْنَتيْكِ.

طُوبَى لِلطُّيُورِ الغَرِيقَةِ

فِي غَيَاهِبِ نَجْوَاكِ!؛


أَتَحَطَّمُ فَوقَ صَدْرِكَ الصَّخْرِيِّ

مِثْلَ حُلْمٍ يَائِسٍ،

أَسِيلُ بَيْنَ أرْوِقَتِهِ الرَّطْبَةِ

كَثَعَابِينِ المِيَاهِ الهاجِدَةِ

أتَهَجَّى حَشَائِشَهُ المَدَارِيَّةَ

أرْشُفُ رَحِيقَ الزَّعْتَرِ والعُودِ

وأغُوصُ فِي كأْسِ الخَشْخاشِ

وأنْتَ تَنْزِفُ تَحْتَ شَفَتَيَّ

قُلْتَ: نَحْنُ؟

قُلْتُ: نحْنُ.

وانْتَحَلْنَــا صِفَةَ النَّرْجِسِ

فأنْكَرَنَـــا وَجْهَانَا،

هَــا نحْنُ كالعَجِينِ الطَّرِيِّ

ذَبْذَبَاتٌ كوْنِيَّةٌ

تَمْتَدُّ تَمْتَدُّ تَمْتَدُّ

تَمْتَدُّ

تَمْتَدُّ

تَمْتَدُّ

تَمْتَدُّ تَمْتَدُّ تَمْتَدُّ

مِثْلَ حَرِيقٍ

لِنَكُونَ ذِرْوَةَ الألْوانِ

فِي مَدْرَجِ الكَمَانِ؛

نَغَمًا يَتَرَدَّدُ يَتَمَدّدُ

أُحِبُّكَ

وصَدًى يَتَحَدّدُ يَتَجَدَّدُ

أُحِبُّكِ

والأمْواجُ طُبُولٌ زِنْجِيَّةٌ.



#كمال_التاغوتي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وجْهُ الشّنْفَرَى
- أورفيوس
- الجريمة
- امرؤُ القيسِ
- عناوين الحياة
- المَنِيَّةُ
- مزمور أشعياء (2)
- رسم نجمٍ
- وصفوا لي الصّبر
- نافذتي
- الحَظُّ
- مزمور أشعيا
- نشيد
- كاليغولا
- ميادة الحناوي
- أوَّلِيَّات
- أحزان سنّمار
- الجرح القديم
- نشيد لخضراء الدّمن
- يا شَعْبُ إنّها غَمامةُ صيْفٍ


المزيد.....




- عن -الأمالي-.. قراءة في المسار والخط!
- فلورنس بيو تُلح على السماح لها بقفزة جريئة في فيلم -Thunderb ...
- مصر.. تأييد لإلزام مطرب المهرجانات حسن شاكوش بدفع نفقة لطليق ...
- مصممة زي محمد رمضان المثير للجدل في مهرجان -كوتشيلا- ترد على ...
- مخرج فيلم عالمي شارك فيه ترامب منذ أكثر من 30 عاما يخشى ترح ...
- كرّم أحمد حلمي.. إعلان جوائز الدورة الرابعة من مهرجان -هوليو ...
- ابن حزم الأندلسي.. العالم والفقيه والشاعر الذي أُحرقت كتبه
- الكويت ولبنان يمنعان عرض فيلم لـ-ديزني- تشارك فيه ممثلة إسرا ...
- بوتين يتحدث باللغة الألمانية مع ألماني انتقل إلى روسيا بموجب ...
- مئات الكتّاب الإسرائيليين يهاجمون نتنياهو ويطلبون وقف الحرب ...


المزيد.....

- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كمال التاغوتي - مقام العشق