أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سلوى لإدريسي - مقابر متنقلة














المزيد.....

مقابر متنقلة


سلوى لإدريسي

الحوار المتمدن-العدد: 7372 - 2022 / 9 / 15 - 20:51
المحور: الادب والفن
    


كنا ننتظر سماع آخر الأخبار ، ملتصقين بالمذياع ،(أمي ،أبي، أنا،قطتنا سوسو)
ضرب أبي المذياع بيديه ،كأنه يضرب المذيع كي ينطق،مرت تلك الدقائق كأنها عمر كامل ؛بدأت أمي تجهش بالبكاء وتعانق أبي ،كأنها طفلة في الرابعة ، لم أستوعب ما كان يحدث ،إلا عندما بدأت أمي بجمع الحقائب ، أو ربما لم أدرك عواقب ذاك الخبر رغم أني استوعبته جيدا ،...بحث عن قطتي سوسو ، في أرجاء المنزل محاولة الإستئناس بوجودها ، كانت تختبئ تحت طاولة الطعام ، إنها عادتها عند سماعها صوت الطائرات الحربية ، كان يوما هادئا إلى حد ما ، فلم نسمع دوي انفجار، أو صفارة إنذار ..
بدأت ملامح ذاك الخبر ترتسم في الأفق ، أمامنا أربع وعشرون ساعة لإخلاء البلدة ، ووقف إطلاق النار ، سمعت أبي يقول لأمي وهي منهمكة بجمع ذكرياتنا من منزلنا الحبيب : "منذ متى وهؤلاء الأوغاد يلتزمون بالهدنة"
لم أسمع إجابة أمي ،رأيتها فقط تمسح دموعها بقطعة قماش ،كانت تضعها على رأسها عندما يطرق أحدهم الباب...
بعد مرور نصف المدة المحددة أصبحنا جاهزين ، حقيبتان وصندوق "سوسو" لاغير ، تركنا أغلب أشيائنا ،علها تستفيق يوما وتدافع عن هذا المنزل الصامد...
الشمس ترسم قرصا ينقصه التوهج ، وتغرق في بطن الأرض محاولة الإختباء من أشباح الظلام، ،تجمع جميع سكان البلدة ، أو ما بقي منهم ...(بعض اليتامى،نساء حائرات، معطوبون )، حملنا أمتعتنا ، وغادرنا البلدة كطيور مهاجرة ،تبحث عن قطرة ماء ،ونحن نبحث عن قطرة أمل...
مشينا كيلومترات طويلة على أقدامنا ،لنصل إلى المكان الذي سنجد فيه الحافلة التي ستقلنا، ...طلب منا أحد سكان البلدة أن نستريح قليلا لنأكل بعض الطعام، جلس الجميع على الأرض ، وبدأنا نتقاسم قوتنا ، رائحة الطعام كانت غريبة بعض الشيء ، أمسكت حصتي من الطعام أعطيت القطة بعضا منه ،لكنها لم تأكله ،كانت محشورة في زاوية الصندوق كأنها تشعر بخطر قريب ...
ماهي إلا لحظات حتى ظهرت قيامتنا في الأفق ، طائرات سوداء ومروحيات ، تسلط أضواءها فوق رؤوسنا ، كأننا سجناء هاربون من العدالة ، تفرق الجميع ، كل يفر في اتجاه ، كبيت نمل دهسته أقدام عابرة ...
احتمينا بالصخور، بالشجر ، بالتراب ، كان البعض ينادي ،يارب السماء ، يا رب السماء...
غادروا وتركونا نتقلب في ضوضاء خوفنا ،هل نكمل المسير؟ أم ننتظرهم هنا ، لأننا نعلم جيدا أنهم لا يوفون بالعهود. ...
لا أدري لماذا لم يقتلونا ؟ أم أنهم تركونا لنعيش الألم أضعاف مضاعفة ،ألم فراق الوطن ، وألم الحياة بلا مصير ...
وصلنا أخيرا إلى الحدود ،حيث توجد مخيمات النازحين ، إستقبلتنا الصحافة ،لتلتقط لنا صور العار ،التي ستبث في جميع القنوات ، ...لقد رأيت صورتي مع أبي في إحدى القنوات ،كانت المذيعة تقول :(كم هي جميلة عيون الفقراء)...



#سلوى_لإدريسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العمياء
- أدب الرسائل
- امرأة من مطر
- رجل ينقصه الطمع


المزيد.....




- بثمن خيالي.. نجمة مصرية تبيع جلباب -حزمني يا- في مزاد علني ( ...
- مصر.. وفاة المخرج والسيناريست القدير عصام الشماع
- الإِلهُ الأخلاقيّ وقداسة الحياة.. دراسة مقارنة بين القرآن ال ...
- بنظامي 3- 5 سنوات .. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 الد ...
- مبعوث روسي: مجلس السيادة هو الممثل الشرعي للشعب السوداني
- إيران تحظر بث أشهر مسلسل رمضاني مصري
- -قناع بلون السماء-.. سؤال الهويّات والوجود في رواية الأسير ا ...
- وفاة الفنانة السورية القديرة خديجة العبد ونجلها الفنان قيس ا ...
- مطالبات متزايدة بانقاذ مغني الراب الإيراني توماج صالحي من ال ...
- -قناع بلون السماء- للأسير الفلسطيني باسم خندقجي تفوز بالجائز ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سلوى لإدريسي - مقابر متنقلة