أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد الأحمد - ايزابيل رواية أنطونيو تابوكي المذهلة















المزيد.....

ايزابيل رواية أنطونيو تابوكي المذهلة


محمد الأحمد

الحوار المتمدن-العدد: 7362 - 2022 / 9 / 5 - 11:44
المحور: الادب والفن
    


ليست هذه الرواية المثيرة، القصيرة، والغريبة نوعا ما، الا الرواية الأولى للكاتب الايطالي “أنطونيو تابوكي” (23 سبتمبر 1943 - 25 مارس 2012) الكاتب والأكاديمي المثير للجدل. الرواية لم تنشر في حياته، الا بعد وفاته. وهو الذي عرف بميله الشديد الى اعادة كتابة تفاصيل تأريخية جرى التحقق من مصادرها بنفسه، وتثبتت في اعماله السردية. اذ جاءت لتختصر تاريخا متكاملا عن بلد عظيم اسمه “البرتغال”.. رواية تحمل تفاصيل كثيفة عن شخصية شابة تعرف اليها الكاتب اسمها “إيزابيل”، في سن السابعة عشرة، اعجبته كثيراً، تحمل جمالا اسطوريّا كما وصفها وقابلها اول مرة في المعهد الذي درسا فيه سويًّا، وفرقت بينهما الظروف حيث لم تكتمل قصة الحب التي كانت من طرف واحد..
وفي تلك العودة يحكي تاريخ البلد، وكفاحه ضد الاستغلال... يعود الكاتب اليها بعد أكثر من عشرين عاما، ليكتشف بانه لم يكن يعرفها جيداً، وانها كانت أحد ابطال تلك الثورة المبرزين. تعطي للقارئ الكثير من المعلومات، كأي رواية جيدة مشوقة تقدم من خلالها تفاصيل مهمة جعلتها من بين الروايات الخالدة التي تفتخر الإنسانية بها، لما فيها من محتوى وسياقات كتابية مقنعة. وأبرز تقانات فصولها مبنية بطريقة تقيم توازنا معلوما بين فصل وآخر، ونجد ان “إيزابيل” تعرف في كل فصل بأسم مختلف حسب الأمكنة التي تَخَفَّتْ فيها، بذكاء.. كي يحيلها الى شمولية نصف المجتمع، وسمي كل فصل من الفصول “ماندالا” او دائرة.. عددها تسع دوائر، (يقصد بها رمزا روحيا يخصّ الديانة البوذية والهندوسية يمثل الكون وطريقة الوصول الى الحقيقة، لإمتلاك حيّز معرفي مقدس، ومكان مناسب للتأمل، وتكون على شكل ايقونة هندسية لها أربع مداخل في داخلها دائرة، ونقطة مركزية – كما أوضح في هامش جعله في المقدمة). . المتخيلُ الحكائي في الرواية يفتح امام القراء، الكثير من الاسئلة الحيوية التي تحتاج الى ابتكار يوازي واقعية الافكار المُسَطرة ضمناً، ليثبت بالخيال المفترض قناعات جديدة سوف تستقر بذهن المتلقي عن طبيعة هكذا شخصيات سياسية “أسطرتها” الاشاعات والمرويات المتناقلة عنها، خارقة بين الخوارق. صفاتٌ منحها لها المحبون حتى اصبح تتبعها مضلّلا عبر الحكاية عن بطلة الرواية “ايزابيل” الغائبة - الحاضرة كبطلة احدى ملاحم التحرر في البرتغال، وتبدو انها ليست عصيّة عن الكشف، وعلى الرغم من انها تخفّت وراء عدّة أقنعة حسب الشخصيات في الأمكنة التي عاشت فيها، لا يشبه بدوره الدور الذي عرف به من قبل.. كأسطورة نضال، وجعلها البعض الآخر اسطورة خيانة.
ولم يكن يعرف عنها الراوي سوى انها تلك الجميلة التي شغفته بجمالها حبًّا دون ان يصارحها، ولما عاد اليها ليجدها قد ماتت، ومن كل من يحكي له عنها يسرد له عن شخص عصي على الفهم عندما يجد انها – تلك البطلة- لا تشبه الابطال في متخيل انعكاسه متخيل حكائي آخر ترسمه المعاني التي تعرف عليها وكأنها ليست تلك عبر مقابلات اجراها مع ابرز من عايشها في انقطاعه عنها وجاءت لترسم رؤية بإيحاءات مضمرة.
“ايزابيل” رواية فيها تتعدد الإيقاعات المتقدة بالشكوك تأتي أجوبة مضمرة، توحي بها تلك الحوارات مع هذا الكم من الشخصيات التي عاصرتها كإشعاع متموج، وتحول الاشعاع الى مادة بحيث ينظر للمادة والإشعاع على انهما متناظرتان حتى يصبح للمادة الخصائص نفسها المميزة للإشعاعات من مزايا تموجيّه وإيقاعيّه. حسب “غاستون باشلار”. وعلى الرغم من قصر الرواية حيث تقع في 135ص من القطع المتوسط.. الا ان هناك داوئر آخر عن مربيتها - مثالا: (انها كانت تعاني من تفاقم امراض نفسية بسبب قصة عشق امها لكاهن ذهب عنها سجينا)، و(دفعها ذلك الى الانتحار والى تناول قطع من الزجاج وماتت في السجن). وفي دائرة اخرى خصّ بها حارسها الشخصي وضح لنا الكيفية التي هربت بها من السجن، وبانها لم تمت في السجن كما كانت الاشاعة تقول عنها. فلا وجود للمادة إلا في الإيقاع وبالإيقاع.، فهذا حدس جديد قائم بقوة على مبادئ الفيزياء الموجية المعاصرة.. ففي كل فصل دائرة موجية تسرد لنا ما في تلك الدفاتر التي جمعها المؤلف عن بطلته “ايزابيل”؛ سماها دوائر- الدائرة الأولى- مدخل (فاكلاو/ الراوي) الى المطعم، وفي القسم الثاني منها دون تمهيد يسرد لنا بواسطة شخص آخر سوف نتعرف عليه بانها صديقتها - نقرأ - ذكريات صديقتها (مونيكا) في مقتبل عمريهما بدقة تذكارات ومشاهدات مشتركة عن كيفية النشأة. (أي ان العلامات لا تمتلك معنى لأنها تطابق شيئا واقعيا او جوهريا ولكن لأنها تنشأ ضمن شبكة من الثنائيات المتقابلة والمتضادة والمختلفة التي تشكل في النهاية اللغة- دريدا).. حيث السرد المنتظم يحتوي على واقع معاش لا يقل بشاعة عن الصورة نفسها.. مثال آخر: في دائرة مقابلتها لشخصيات مهمة في حياتها خص بها دائرة صديقتها التي صاحبتها معظم حياتها وتبين انها لا تعرف عن سبب موتها، سوى انها عشقت شاباً وحملت منه وماتت في المستشفى.. تأثثت الحكاية على المفارقة الصادمة التي وجهتها حيث حيوية الكتابة جعلته يعترض لأحراج لأنه لم يكن يعرف عن حبيبته شيء يستحق الذكر. باتت تلك الدوائر تتوسع موضحة صورة “ايزابيل”– التي حولتها بطولتها في الحياة الواقعية الى اسطورة. كأنها ملحمة عاصفة يلفها السحر والأشباح، فالتاريخ هو مسيرة العقل من اجل وعي ذاته (لا يعني هذا ان الملحمة لم تتحدث عن افعال وشخصيات واقعية بل يعني ان هذا الواقع كان يعمل ضمن قصور عقلي في فهم العالم افرزته مرحلة التطور- حسب فهم لوكاتش من (تاريخ الرواية). ولعل الاسطر الكاشفة عن العمق الروائي الذي جعل منها رواية غريبة حقا، وكاشفة (حسناً استمعي الي جيداً وسأروي لك أنا الحقيقة الصافية، فأفتحي أذنيك. أنتِ كنت في الشبكة المعادية للفاشية، ونظمت كل شيء. كانت ايزابيل مكشوفة جداً، وكان لابد من تغييبها عن الانظار، وقد قمتِ أنتِ بتأمين إخفائها، فاشاعت بأنها انتحرت لأسباب عاطفية- ص91).. إنه نصّ يرصدُ الواقع ويتدّخل في تفاصيله.. فينفي المظاهر وينكر الوقائع ويتحول الى فعل اعتراضي لأسئلة تحاول ان تفرض كيانها التعبيري، والشكلي، لتتحول من أسئلة أدب؛ تطرحها حكاية تثير أسئلة وجود، تؤدي الى إعادة نظر في تاريخ لم يسرد الحقيقة، تكمن في النص التاريخي الجديد الذي كتبه “أنطونيو تابوكي”.. حقيقة يفرضها الواقع كونها ملحمة العقل الذي يرسم سردية العالم بصيغٍ جديدةٍ فاعلة ومؤثرة..



#محمد_الأحمد (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عن رواية أيام الطالبية – ل عادل سعد
- البصري محمد خضير
- غياب التقانة الروائية في مسرات سود
- عن رواية قيامة الحشاشين
- عن امواج عبد الله ابراهيم
- مفاهيمي الخاصة في التجنيس الأدبي
- التأريخ وعاطفة المنبر
- التواضع والكاتب
- ملاحقة التأريخ
- اللغة الحس
- في ذكرى الموسيقار العظيم محمد عبد الوهاب
- تضع كفها على قلبي حمامات بيض تنزل، فلا اموت
- الفصل /3/ ليلى والحاج
- عن الرواية عامة
- نصوص التواصل الأجتماعي
- اسرار القراءة في رواية دمه
- عن -أمير الحلاج- ايضاً
- قامة عبد الستار نصر
- كلب -فرانز كافكا- الذي يكره النباح ولكنه داع الى الثورة
- كأسك ليس بملآن


المزيد.....




- عن -الأمالي-.. قراءة في المسار والخط!
- فلورنس بيو تُلح على السماح لها بقفزة جريئة في فيلم -Thunderb ...
- مصر.. تأييد لإلزام مطرب المهرجانات حسن شاكوش بدفع نفقة لطليق ...
- مصممة زي محمد رمضان المثير للجدل في مهرجان -كوتشيلا- ترد على ...
- مخرج فيلم عالمي شارك فيه ترامب منذ أكثر من 30 عاما يخشى ترح ...
- كرّم أحمد حلمي.. إعلان جوائز الدورة الرابعة من مهرجان -هوليو ...
- ابن حزم الأندلسي.. العالم والفقيه والشاعر الذي أُحرقت كتبه
- الكويت ولبنان يمنعان عرض فيلم لـ-ديزني- تشارك فيه ممثلة إسرا ...
- بوتين يتحدث باللغة الألمانية مع ألماني انتقل إلى روسيا بموجب ...
- مئات الكتّاب الإسرائيليين يهاجمون نتنياهو ويطلبون وقف الحرب ...


المزيد.....

- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد الأحمد - ايزابيل رواية أنطونيو تابوكي المذهلة