أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أحمد فاروق عباس - لماذا المصرى كثير الشكوى ؟














المزيد.....


لماذا المصرى كثير الشكوى ؟


أحمد فاروق عباس

الحوار المتمدن-العدد: 7358 - 2022 / 9 / 1 - 04:32
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


المصري واحد من أكثر شعوب العالم شكوى ، من كل شئ تقريباً ، وهو داء تفشى في كل الطبقات ، الغنية منها قبل الفقيرة ، بل ربما - وهو عكس كل منطق معقول - الشكوى فى الطبقات الغنية والمثقفة أكبر منها وأكثر إلحاحاً من الطبقات الفقيرة أو الأقل تعليماً !!

وهى صفة ليست جديدة تماما ، ولكنها أصبحت أكثر وضوحاً فى العقود والسنوات الماضية ، وهناك بردية شهيرة ترجع إلي ثلاثة آلاف سنة ، يشتكى فيها المصري القديم من سوء الأحوال ، وكيف كان الماضى أكثر بهاء ، وفيه الخير كله بعكس الحاضر حيث تغيرت أحوال الناس وطباعهم إلي الأسوأ ( من ٣٠٠٠ سنة ) !!

الأمر قديم إذن ..
فالمصري منذ أقدم العصور يقدس الماضى ويشكو من الحاضر ويتطير من المستقبل !
ولكن ما هو السبب يا تُري ؟
- هل الخوف من الحسد هو مبرر الشكوى ؟ وخوف المصريين وغيرهم من الشعوب القديمة من العين وأثرها مشهور ومعروف ..
- هل كان عسف الحكام وجورهم هو السبب ؟
ربما ، ولكن شعوب كثيرة غيرنا نالها ما نالنا من ظلم الحكام وجورهم على طول العصور ، وبعضها تعرض لحروب مدمرة وهجرات من مواطنها لم تحدث عندنا لحسن الحظ ، ومع ذلك احتفظت بحسها التفاؤلى بالحاضر وتطلعها القوى للمستقبل ..

- هل هى طبيعة المجتمعات الزراعية كمجتمعنا ؟ وهى مجتمعات غير متحركة وغير ديناميكية ، وأكثر تواكلية واعتماداً على غيرها ، فالفلاح يرمى البذور وينتظر اشهراً حتى يتم الحصاد ، وخلالها يبقى بلا عمل جدى انتظارا للثمر ، بعكس المجتمعات التى عرفت الصناعة أو المجتمعات التى ركبت البحار أو المجتمعات التى امتشقت السيف للغزو والحرب ، وهى مجتمعات لا يهمها كثيرا الماضى ولا تشكو كثيرا من الحاضر وتطلعها دائما الى المستقبل ..
ولكن لم تعد الزراعة هى النشاط الرئيسى فى الاقتصاد المصرى ، ولم يعد المجتمع المصري - من عقود - مجتمعا زراعيا ..

والفرد في تلك المجتمعات يعتمد في الغالب على نفسه ، ويعرف مواطن ضعفه وتعثره ، بعكس المصري ، فهو نادراً ما يعترف بخطأه ، ودائما لديه قائمة يلقى عليها باللائمة ، فهى مرة الزمن الغدار أو الدولة الفاشلة أو الفساد أو الظروف أو أو ...إلخ ، فكل الدنيا على خطأ إلا هو ، والكل فاسد إلا جنابه ..
وبينما يعرف العالم الإنسان المغامر أو الإنسان المتفاءل تعرف مصر الإنسان كثير الشكوى ، ومن عدة أسابيع كنت أقرأ فى مجلة الأهرام الاقتصادى ، ولفت نظرى أن ذلك الداء انتقل إلى الطبقات شديدة الثراء ، فهذا حوار مع مليونير - وربما أكبر - يمتلك شركة ومصنع أدوية كبير وحديثه كله شكوى ، من الدولة التى تفرض عليه أن يبيع بأسعار أقل ، وعن مشاكل المواد الخام فى صناعته ، ومشاكل الاستيراد ومشاكل التصدير !!

وفى نفس العدد لقاء مع رئيس جهاز حماية المستهلك ، وفيه يشتكى من المستهلك ومن المنتج معاً ، وحديث عن دوره الذي لم يجد من يفهمه أو يقدره حتى الآن !!

وفى باب الشكوى ما يقال أن المصري أصبح يترك بلاده بحثاً عن مكان أفضل من بلاده ، ولكن لا يقرأ أحد التاريخ ليعلم كيف خرج عشرات الملايين - وفى بعض الآراء مئات الملايين - من أوربا طوال القرن ١٩ والقرن ٢٠ وهاجروا إلى أمريكا هرباً من الفقر والفاقة ، أو هرباً من الاضطهاد الدينى (فى الهجرات الأسبق) وهاجر مثلهم إلى المستعمرات فى أفريقيا وآسيا يحاولون بناء مستقبل جديد فى تلك البلاد البعيدة بعد أن تعذر عليهم ذلك فى وطنهم ، وكيف يترك الملايين من الصينيين الآن بلدهم - والصين القوة الإقتصادية الثانية عالمياً بعد أمريكا - ويطرقون أبواب المنازل فى مدن الشرق يعرضون سلعهم حيث يوجد زبائن ، وينظمون ويقيمون المعارض الصينية فى كل مكان !!

أين العيب إذن ؟
أم أن الأمر مرتبط بتكوين الإنسان نفسه وطبيعته ، وهل هناك أسباب موضوعية لذلك ام كما قال شاعر المهجر الكبير إيليا أبو ماضى :

أيّها الشّاكي وما بك داء .... كيف تغدو اذا غدوت عليلا ؟
انّ شرّ الجناة في الأرض نفس .... تتوقّى قبل الرّحيل الرّحيلا
وترى الشّوك في الورود وتعمى ... أن ترى فوقها النّدى إكليلا
هو عبء على الحياة ثقيل .... لمن يظنّ الحياة عبئا ثقيلا
والذي نفسه بغير جمال .... لا يرى في الوجود شيئا جميلا



#أحمد_فاروق_عباس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عطور باريس وساندويتشات الفول ..
- حيرة
- رد الإعتبار شعبيا لمبارك .. لماذا .
- من الذي يرسم السياسة الإقتصادية فى مصر ؟
- مدينة الذكريات ، الإسكندرية .. الرحلة الأولى
- الريف المصرى فى زماننا ... العمل
- مناقشة هادئة لقضية ساخنة
- عالم يتغير
- عصر الشعوب .. وزيارة إلى أمير قديم .
- على هامش التعديل الوزارى
- مصر وتركيا ... وفلسطين
- المصروفات السرية
- السلطة والمجتمع .. وحرية الرأي
- المال السياسي
- السياسيين .. ومذكراتهم التى لم يكتبوها
- السادات .. مجرد ملاحظات
- الجانب الآخر من الصورة
- الانقطاع والاستمرارية فى السياسة والاقتصاد المصرى
- هل كان الأمر طبيعياً ؟!
- وجهين لعملة واحدة ..


المزيد.....




- رغم الحذر السائد قبيل قرار ترامب مؤشر أسهم أوروبا يقفز لمستو ...
- قراءة الإعلام المصري لصورة السيسي في -جيروزاليم بوست- الإسرا ...
- قوات كييف تقصف جمهورية دونيتسك بـ 119 مقذوفا في غضون 24 ساعة ...
- وزير الخارجية الأمريكي ونظيره السعودي يناقشان مستقبل غزة وال ...
- فوتشيتش يصف الاحتجاجات في صربيا بأنها محاولة لتدمير البلاد م ...
- أنباء أولية عن سقوط قتلى في تحطم طائرة في فيلادلفيا الأمريكي ...
- إعلام أوكراني: سماع دوي انفجارات في كييف ومقاطعتها
- المبعوث الأمريكي الخاص: إنهاء الصراع في أوكرانيا يصب في مصلح ...
- تاكر كارلسون: زيلينسكي باع أوكرانيا وتحول إلى خادم للغرب
- -إم 23- تواصل زحفها شرق الكونغو الديمقراطية


المزيد.....

- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أحمد فاروق عباس - لماذا المصرى كثير الشكوى ؟