|
الموت الطيب في مجموعة ((بلا تردد))
بدبع الالوسي
الحوار المتمدن-العدد: 7356 - 2022 / 8 / 30 - 01:18
المحور:
الادب والفن
الموت الطيب في مجموعة ((بلا تردد)) إ ذا كان للنقد وضيفة أساسية فهي بالدرجة الأولى تحفيز القارىء كي يطلع على النصوص او الأعمال الفنية بمختلف إبداعاتها ، والتمتع بها والاستفادة منها ، فربما يجد القارىء خلف الرؤى ما لم يتناوله الناقد او يلم به . صدرت نهاية أكتوبر عام 2011 المجموعة القصصية الأولي للقاص بديع الآلوسي عن دار تموز للنشر في دمشق . إذا ما عرفنا إن القاص بديع الآلوسي مغترب عن العراق منذ عام1998 وانه بدأ النشر عام2007 ومستمر بنشاطه الابداعي ، وله أضافه إلى كتابة القصة القصيرة مساهمات طيبة ومبدعة في الجانب التشكيلي ، حيث انه زين لوحة الغلاف والتخطيطات الداخلية للكتاب .من كل ذلك يتجلى لنا ان عطاءه متنوع ومتدفق .
بعد إطلاعي على هذه المجموعة ، تساءلت : هل أضافت القصص الثمانية عشر لي من متعة وفائدة ؟ . هل جهرت عن ما هو مسكوت عنه في دواخلنا ؟ .
1 ـ التسمية ( بلا تردد ) حملت هذه المجموعة عنوانا ً للكتاب هو ( بلا تردد )، وكإن القاص يريد إثارتنا بسؤال مركب هو : لماذا التردد والى متى ؟ . ما ان نبدأ تصفح الكتاب حتى نكتشف القصة الأولى والتي حملت ذات العنوان ، بطل متأزم يلوذ إلى نهايته باختياره الحر والذاتي ، منهيا ً حالة الصراع او القهر الوجودي الذي يعصف به . قد يتبادر إلى ذهن القارئ ان الكاتب سردَ لنا قصة تحثنا على الانتحار ، لكن يمكننا قرائتها من زاوية مغايرة تتمثل بالانفصال عن كل ما يسبب لنا الألم حتى لو بطريقة دراماتيكية ، رأيت بالبطل انه اكثر شجاعة منا جميعا ً . انه أشبه بمن وصل الى مرفيء وقرر ان يركب قاربه الخاص حيث الخلاص والتحرر .
2 ـ الثيمة
من الصعب ومن القراءة الأولي القول ان هذه المجموعة لها ثيمتها الخاصة ، لكن حين نتمعن بها يمكننا في نهاية المطاف ان نجد ان فكرة الموت تؤكد حضورها وتقترن بتسميات كالخسارة والفقدان والانفصال والإغراب . في قصة (بلا تردد) يتجلى الموت بالانتحار ، لكن في (المتشرد المنسي) بالفراق إلى الأبد ، ونجد ثيمة ( ألانفصال ) تتجلى بتساؤل الكلب شوبنهاور : مستحيل ، مستحيل ، هل سيهجرني على هذا الساحل وحيدا ً . لكن اغلب القصص تحاكي موضوعة الموت لكنها تلفت عنايتنا الى ثنائية الخير والشر كوحدة تعيد لنا التوازن والسعادة .
3 ـ بداية السرد ونهايته اجد ان القاص كان موفقا ً في جملة الإستهلال التي اختارها لأغلب قصصه . وكذلك الجمل التي اختتم بها نصوصه السردية . نجد عل سبيل المثال والحصر في قصة ( المنحوتة المنحوسة ) تبدأ القصة : الحياة حبلى بالأسرار ومليئة بما هو غامض ومدهش . ارى ان هذه الجملة كثفت فحوى النص وكل ما سيدور فيما بعد من خوف ، وحرق للمنحوته ، وحيرة ، وعجز ، وغباء . ونقرأ آخر جملة على لسان إحدى شخصيات : لا تحرقوني ، لا تحرقوني . كإنها تريد أن تقول إننا بحرق الموروث نحرق أنفسنا . لو رصدنا قصة ( حيرة الغرانيق ) نجد السرد يبدأ بكلمة : طارت ، تبعتها .... ) هذه المفردة تستفزز وعينا ويحيلنا الى التساؤل : من هي التي طارت ،ولماذا قررت الطيران ؟ )، نحن أمام حالة سريالية نكتشف فيما بعد ان حبيبته تطير وتستفز وعيه ليتبعها ، في ذات النص نجد ان نهاية القصة تنتهي بما هو غير مألوف ونقرأ : وجد كلماتها خضبت بالدم إلا كلمة ( أحبك ) قاومت لتبقى يانعة خضراء . وبذلك نخرج من الوهم السريالي الى حالة اكثر عمقا ً هي الحب . 4 ـ حضور الحلم الغرائبي
إذا كان فرويد سبر الى غور النفس عبر الحلم ، فأني أجد ان القاص الآلوسي كشف او باح عن روحانية الأب الذي من خلال حلمة صمد امام عنف الزمان . هذه القصة رغم واقعيتها لكن توضيف تكنيك الحلم الذي نستلمه على شكل دفقات ، انتشل هذا النص وأعطاه مسحة غرائبية لتمتزج في وعينا كإنها حقيقة او لتحثنا ان نتسائل : هل الحلم والواقع وجهان لعملية الحياة . وجدت في هذا النص كفتان متعادلتان الاولى تتمثل بالحلم بكل رموزه ( النساء الثلاثة ، اللقاء بالرجل الجليل ، الوعد ) ، في الكفة الأخرى والتي تمثل الواقع بكل تفاصيله ( اللقاء ، سجن الأبناء ، طغيان الدكتاتور ، مذلة المحتل ) . في هذا النص اعتقد ان القاص حول الذكريات الذاتية الى مادة خام لعملة السردي ، وهذا اكثر ما أعجبني في هذه القصة . 5 ـ المرأة في هذه المجموعة
النصوص تناولت هموم المرأة ، وتمثلت بالزوجة المتمردة في قصة ( عاشقة الفلامنكو ، والعشيقة في ( سيدة الدوائر ) والمرأة الورعة في (تباريح الشوق ) والمعشوقة في ( حيرة الغرانيق . نجد كل تلك الشخصيات تواجه مصيرها بكبرياء وعناد لا يخلوا من الالم . بطلات يصارعن في تيار الحياة ، يعلقنَ في الذاكرة ، أغلبهن يقتربن بهذا القدر او ذاك من إحساس السكندرا بطلة قصة (عاشقة الفلامنكو ) : حان الوقت ان افعل ما أشاء .
في الختام : في حالة عدم عثوركم على الكتاب يمكنكم الإطلاع على هذه القصص فقد تم نشرها في المواقع التالية ( الحوار المتمدن .)
#بدبع_الالوسي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
-طفولة بلا مطر-: المولود الأدبي الأول للأكاديمي المغربي إدري
...
-
القبض على مغني الراب التونسي سمارا بتهمة ترويج المخدرات
-
فيديو تحرش -بترجمة فورية-.. سائحة صينية توثق تعرضها للتحرش ف
...
-
خلفيات سياسية وراء اعتراضات السيخ على فيلم -الطوارئ-
-
*محمد الشرقي يشهد حفل توزيع جوائز النسخة السادسة من مسابقة ا
...
-
-كأنك يا أبو زيد ما غزيت-.. فنانون سجلوا حضورهم في دمشق وغاد
...
-
أطفالهم لا يتحدثون العربية.. سوريون عائدون من تركيا يواجهون
...
-
بين القنابل والكتب.. آثار الحرب على الطلاب اللبنانيين
-
بعد جماهير بايرن ميونخ.. هجوم جديد على الخليفي بـ-اللغة العر
...
-
دراسة: الأطفال يتعلمون اللغة في وقت أبكر مما كنا نعتقد
المزيد.....
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
المزيد.....
|