أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - امال قرامي - الشعبوية والتعددية والإعلام














المزيد.....

الشعبوية والتعددية والإعلام


امال قرامي

الحوار المتمدن-العدد: 7351 - 2022 / 8 / 25 - 10:58
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



سبقت الإشارة إلى علاقة الشعبوية بالسياسة والقانون والثقافة والتعليم ولكن للشعبوية أيضا صلة بالتعددية والإعلام حاول الدارسون شرحها والتنبيه إلى الانعكاسات المترتبة عنها على مستوى تشكّل وعي الأفراد والجماعات واختيار السلوك والقرارات وعلى مستوى النظم السياسية والاجتماعية وغيرها.

فالشعبوية باعتبارها أيديولوجية تنسف أوّلا: مبدأ التعددية على مستوى الآراء والأفكار وتأسيس الجماعات وبناء المصالح لأنّها ترى أنّ التعددية تتعارض مع تمثّلها للشعب الذي لابدّ أن يكون موحّدا ومنسجما ويدافع عن نفس الآراء والقيم و...ومن هنا فإنّ الإعلام المستقل-الحرّ والمعبّر عن تعددية المقاربات والأفكار والمشاريع والأحزاب والممارس للنقد مذموم. أمّا النخب المدافعة عن التعددية الفكرية فإنّها محاربة ومتهمة وموصومة.

ويتمثّل الهدف الثاني للشعبوية في القضاء على قواعد الديمقراطية الليبرالية التي تقوم على الفصل بين السلط وسيادة القانون ومراعاة حقوق الأقليات لذلك لا تتوانى الأنظمة الشعبوية عن ضرب النظام القانوني والنظام السياسي في العمق، وإعادة بناء المجتمع وإظهاره في صورة كتلتين متصارعتين: جماعة أهل الطهر الذين يُتمثلون باعتبارهم يشتركون في نفس المشاعر والأفكار و...في مقابل النخب الفاسدة برمّتها . ولا تكون معايير التمييز بين مختلف فئات المجتمع الطبقة أو الفقر أو الثراء أو... بل الأخلاق ولذا لا تُحمى حقوق الأقليات ولا تتطوّر لأنّ الأغلبية الطاهرة هي التي يجب أن تكون في المركز ،وباسم شرعيتها وإرادتها تُغيّر القوانين التي يجب أن تكون في خدمة الشعب حتى وإن كانت غير منسجمة مع بقية القوانين.

لقد رأى أهل الاختصاص أنّ الشعبوية نظام تواصلي ذو منطق مخصوص للاحتجاج والبرهنة يخالف المتعارف عليه غايته بناء صورة الذات وشرعنة أقوالها وأفعالها من خلال تجريد الآخر من شرعيته. وهذا النمط التواصلي المغاير ينتج باستمرار سردية تتعارض مع السرديات المألوفة تفضي إلى خلق مناخ تسود فيه الشكوك والضبابية وانعدام الثقة ويعسر فيه إيجاد أرضية للحوار والتفاوض والتعاون.ويمكن اعتبار لجوء الحكومة البريطانية في المفاوضات حول البركسيتBrexit negotiations إلى تبني نمط تواصلي شعبوي يوهم بالرجوع إلى سلطة الشعب والعمل على حمايته من التهديدات والأزمات والخونة خير أنموذج معبّر عن هذا التوجّه.

وقد عرف التونسيون خلال الاستفتاء الدستوري نمطا تواصليا شعبويا تبناه المدافعون عن الدستور القيسيّ الذين دافعوا عن الرجوع إلى مسار الثورة، والهدم والتطهير... في مقابل نمط تواصلي اعتمده أغلب أهل القانون وعدد كبير من الفاعلين الحقوقيين والتكنوكرات ‘technocratic’ actors وغيرهم من أهل الإعلام الذين دافعوا عن منطق تسود فيه العقلنة وعن شرعية تكتسب من خلال القوانين والمبادئ والمؤسسات وتنهل من التراكمات التي تحقّقت وتتموضع في المسارات المعلومة والقابلة للتطوير باعتبار أنّها تعدّل وتصلح ولا تعود إلى الوراء.
ولاشكّ عندنا أنّ التباين في وجهات النظر وفي أنماط التواصل يعكس اختلافا في منظومة القيم وفي رؤية الحياة والزمن وفي بناء العلاقات وتنجم عن كلّ هذه الاختلافات فجوة على المستوى التواصلي، إذ كيف يمكن النقاش والحوار والتفاوض في سياق أعلنت فيه القطيعة ورفض فيه الوصل وهيمن عليه الشكّ في نوايا الآخر والتخوين؟

غير أنّ الفجوة لم تحدث في هذا المستوى فقط إذ عرف قطاع الإعلام أزمة داخلية بلغت أوجها، ذلك أنّ من أهل الإعلام من آثروا مجاراة المدّ الشعبوي فنقلوا أخبارا مزيفة وروّجوا للشائعات السياسية والمغالطات وانتقوا أخبارا تخدم الفضائحية وتروّج للتفاهة وامتنعوا عن نقد الخطابات الشعبوية وثمّنوا الاستقطاب والتباغض والتشكيك والتخوين...من هنا عسر التواصل بين كتلتين متباينتين في مستوى تصوّر أخلاقيات المهنة وأهدافها.
ونعتقد أنّ ثالوث الشعبوية والتعددية والإعلام حريّ بأن يؤخذ بعين الاعتبار عندما نحاول فهم المسار الجديد الذي تمرّ به التجربة السياسية التونسية . فحتى يكون الإعلام سلطة رابعة بالفعل عليه أن يكون إعلاما مستقلا وحرّا لا محايدا إذ لا حياد مع الهيمنة والتسلّط والمغالطات وتزييف الوعي...



#امال_قرامي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التونسيات والديناميات الجديدة
- التونسيون/ات وتقرير المصير
- هل طويت صفحة الأحزاب الفاعلة في الحياة السياسية؟
- «الدستور» وضرورة مغادرة السقيفة
- قراءة سياقيّة للدستور
- تحويل الوجهة من قيس سعيّد إلى أنس جابر
- قراءة أولى لنصّ الدستورالمقترح/ المفروض على التونسيين/ات
- التونسيون/ات و«المسؤولية الاجتماعية»
- قراءة في المسار الجديد للهجرة اللانظامية
- الشعبوية وحقوق الشّابات والنساء
- كيف يخاطب المجتمع المدني السلطة؟
- لا أستطيع أن أتنفّس I can’t breath
- ما وراء خطاب الحماية
- خفوت النشاطية وانحسار دور المجتمع المدني
- تعميم الفقر ومأسسة الجهل ...
- «أهل الهشاشة» بين التناول الدرامي والتعاطي الإعلامي
- مجلس الشعب: الغائب الحاضر في حياة التونسيين
- موت السياسية
- المهمّشات: بين أنظمة الاضطهاد والهيمنة وواجب المقاومة
- تحية إكبار «لشباب/ات تونس» في أوكرانيا


المزيد.....




- بايدن يعترف باستخدام كلمة -خاطئة- بشأن ترامب
- الصين تستضيف اجتماعا للفصائل الفلسطينية
- برلماني روسي: موسكو لن تشارك في أي قمة سلام بشروط أوكرانيا أ ...
- نيجيريا والإمارات تتفقان على استئناف الرحلات الجوية وإصدار ا ...
- أوربان يدعو رئيس المجلس الأوروبي إلى استئناف العلاقات مع روس ...
- بايدن ينتقد مرشح ترامب لمنصب نائب الرئيس ويتهمه بالتملق للأث ...
- السلطات الأمريكية ستجري تحقيقا في تعامل الأجهزة الأمنية مع م ...
- عدد المصابين بفيروس حمى النيل في إسرائيل يحطم رقم قياسيا مسج ...
- دونيتسك: أكثر من 189 ألف قذيفة أطلقتها قوات كييف منذ فبراير ...
- أوربان: في حال فوز ترامب بالانتخابات الرئاسية سيعمل فورا كوس ...


المزيد.....

- فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا ... / نجم الدين فارس
- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي
- تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1 ... / نصار يحيى
- الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت ... / عيسى بن ضيف الله حداد
- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب
- ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - امال قرامي - الشعبوية والتعددية والإعلام