أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أحمد رباص - عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر (الجزء الخامس)














المزيد.....

عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر (الجزء الخامس)


أحمد رباص
كاتب

(Ahmed Rabass)


الحوار المتمدن-العدد: 7348 - 2022 / 8 / 22 - 08:02
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


لتوضيح هذه الفكرة عن الوعي التاريخي الذي يهم عقلية المجتمع بأسره وليس فقط المؤرخين المحترفين، يستشهد العروي بأحداث الانقلاب العسكري بالصخيرات الذي أجهض عام 1971 قائلا: "هذه الأحداث تذكرني بما قاله الحجوي عن أحداث عام 1908. في ذلك الوقت، تعارضت مصالح فرنسا مع مصالح إنجلترا وفي عام 1971 وقعت تناقضات بين المصالح الأمريكية والمصالح الفرنسية".
يميز العروي بين مستويات ضمن مبحث التاريخ. البعض يقارب هذا الأخير كما لو كان شهادة يدلي بها الإنسان عن نفسه. يمكن أيضا اعتباره مؤشرا، علامة تركها الماضي علينا وعلى بيئتنا الطبيعية. كما يصر العروي على أن الإطار النظري أساسي للمؤرخ، لأنه يسمح له بفهم خلفية الأحداث والمسكوت عنه في التاريخ. في هذا الصدد ، كتب يقول: "إنما بالفعل في إطار النظرية والتأويل يمكن للمرء أن يحكم بشكل أفضل على ما يجب أن يكون عليه عمل المؤرخ.»
هناك التاريخ العام الذي يروي الأحداث التي وقعت في العالم منذ خلقه وحتى أيامنا هاته، والتاريخ الذي يحفظه ويبنيه المؤرخ. الفرق بين الاثنين هو أن التاريخ العام كوني، فهو تحت تصرف الإنسان شريطة أن يتم اكتشافه، بينما المحفوظ هو الذي تم بوعي من قبل المؤرخ.
ومع ذلك، عن هذا التمييز يمكننا القول إن التاريخ العام يجب أن يُنظر إليه على أنه كوني في محتواه وأن يُنظر إليه على أنه إنساني بمجرد حفظه. إنما من هذا المنظور يصر العروي على مفهوم التاريخ كماض/حاضر. هذا الماضي هو حاضر بالآثار والبقايا الموروثة عن تلك الفترات المنصرمة، ولكن يمكن أن يكون الماضي حاضرا باعتباره نتيجة لعمل المؤرخ الذي يعيش في الوقت الحاضر.
يعني ذلك أن المعرفة التاريخية هي دائما نسبية. إنها شخصية وتلبي متطلبات السياقات التي يعيش فيها المؤرخون. ومهما فعلوا، لا يستطيع الأخيرون الانفصال عن ازمانهم. ووفقا للعروي، الماضي التاريخي عالم عقلي. التاريخ المحفوظ أو المبني عبارة عن حركة دائبة بين الماضي والحاضر.
استحضار الماضي هو موقف مستمر في حياة كل فرد. وطالما أن الإنسان نشط، لا يتوقف عن استحضار الماضي وتمثله باستمرار لأنه يعتقد أنه يضيء مساره في الحياة إن حاضرا أومستقبلا. ما يميز المؤرخ عن الآخرين وعيه بالتغييرات. التاريخ صراع دائم بين الأعراق والقبائل والأمم والطبقات والأحزاب، وما إلى ذلك، من أجل ضمان الحد الأقصى من الأرض والثروة والسلطة. يستخدم العروي هذه الفرضية ويطبقها على مساوئ السياسة الاستعمارية في المغرب.
يتساءل العروي عما يمكن قوله عن الاستعمار مما لا يمكن قوله عن الحرب و السياسة. يضاعف المؤلف من الأمثلة لتوضيح فكرة سيادة رؤية المسيطر. هيرودوت يروي فقط الرؤية المهيمنة للملك الفارسي العظيم الذي لم يكن يتصور دولة صغيرة مثل اليونان يمكن لها أن تقاومه. روى ثيوسيديدز الصدام بين إسبارطة، كقوة برية، وأثينا، كقوة بحرية.
يواصل العروي استشهاداته ويتوقف عند حالة قبائل الجزيرة العربية التي كانت، كما يقول، مستثناة من الحضارة والتي تتقاتل في ما بينها قبل أن تتوحد بالقرآن في ما يشبه المعجزة.
أوروبا الفيودالية، التي استنزفتها هي الأخرى الحروب التي كانت لا تتوقف إلا لكي تستمر، استطاعت أن تتوحد استجابة لنداء البابا. هذه الوحدة هي ما جعلت ميلاد عالم جديد أمرا ممكنا.
بالنسبة للعروي فإن المؤرخ ملزم بقراءة الوثائق في التزام تام بمنطق إنتاجها حتى لا يسقط في التاريخ الأيديولوجي. وهكذا يصل المؤلف إلى الاستنتاج التالي: إذا تمكن الأيديولوجي من إسكات المؤرخ في مجتمع ما، يصبح الأخير أعمى. لهذا، يطلب العروي من قارئه أن يقيم تمييزا بين القراءة والتاويل. ويلاحظ أن التاريخ حقق الكثير من التقدم منذ أن ترك الخطابة وعانق النقد.
يلفت العروي انتباه أولئك الذين يكتفون بنشر وتقديم نصوص بدون الانخراط في التفسير. يتركون فراغا ليقوم الباحثون الأجانب بملئه. بهذه العملية، يصبح هؤلاء الأخيرون قيمين على تراثنا وينجزون البحوث الحقيقية. في هذا الشأن، أطلق العروي الصرخة التالية: الأجانب هم الذين يبحثون عن الوثائق ويحللونها ويستخرجون منها المعلومات التي يصنفونها كما يحلو لهم. وهكذا أصبحوا الحماة الحقيقيين لتراثنا؛ بذلك يحتكرون في الوقت نفسه البحث الحقيقي. هم أكثر حظا للابتكار في مجال التأويل.
من خلال هذا الموقف، عبر العروي عن شعوره ووعيه القوميين في حواراته مع الكتابة الاستعمارية. حاول الدخول في هذا النقاش لتمييز الأمور عن بعضها البعض. وعندما يتناول الوضع الداخلي في المغرب، يلاحظ بدايات انهيار البنيات الاجتماعية. كباحث، حاول فهم الوقائع وتحليلها وشرحها والكشف عن أسباب الأزمات ونتائجها. لكن العروي يغير نبرته عندما يتناول المواقف، الفرضيات والنظريات التي طورها التأريخ الاستعماري عن المجتمع المغربي وعن مؤسساته. لا يتردد في إرجاع المعطيات إلى مكانها كما هو الحال مع الفوضى التي مر بها المغرب في بداية القرن العشرين.
(يتبع)



#أحمد_رباص (هاشتاغ)       Ahmed_Rabass#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر (الجزء الرابع)
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر ،(الجزء الثالث)
- حميد المهدوي يستشهد ببيت شعري لحافظ إبراهيم وينسبه لإليا أبي ...
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر (الجزء الثاني)
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر (الجزء الأول)
- من وحي الذاكرة.. سائحة في قبضة أحابيل لغة العيون
- الحدود بين الفيلسوف والفنان من من منظور جيل دولوز
- لجنة دعم تنظيم المهرجانات السينمائية.. كيف سمح رئيسها وأعضاؤ ...
- نبيلة منيب: المدرسة العمومية وجهت إليها أسلحة الدمار الشامل
- فرانسيس فوكوياما: حرب بوتين على النظام الليبرالي
- اغتيال رئيس الوزراء السابق شينزو آبي
- تونس: انتهاك الخصوصية كسلاح سياسي
- الإعلام الرقمي في المغرب.. الواقع والآفاق
- ما بعد تشريعيات 2022 بفرنسا: إيمانويل ماكرون يواصل مشاوراته ...
- بمناسبة اليوم العالمي للموسيقى.. تقييم العلاقة التي أقامها أ ...
- الفلسفة والسينما أو عندما تعثر أسئلة فلسفية في السينما على أ ...
- الرباط: كيف يمكن الانتقال بالمغرب إلى مجتمع المعرفة؟
- الجنس، المظهر، الحيض … لدى الفتيات، عندما يصبح الأكثر حميمية ...
- ابن باجة.. أول فلاسفة الأندلس والمغرب
- ابن طفيل.. نبذة عن حياته وإسهاماته في مجال الحكمة


المزيد.....




- مزارع يجد نفسه بمواجهة نمر سيبيري عدائي.. شاهد مصيره وما فعل ...
- متأثرا وحابسا دموعه.. السيسي يرد على نصيحة -هون على نفسك- بح ...
- الدفاع الروسية تعلن حصيلة جديدة لخسائر قوات كييف على أطراف م ...
- السيسي يطلب نصيحة من متحدث الجيش المصري
- مذكرات الجنائية الدولية: -حضيض أخلاقي لإسرائيل- – هآرتس
- فرض طوق أمني حول السفارة الأمريكية في لندن والشرطة تنفذ تفجي ...
- الكرملين: رسالة بوتين للغرب الليلة الماضية مفادها أن أي قرار ...
- لندن وباريس تتعهدان بمواصلة دعم أوكرانيا رغم ضربة -أوريشنيك- ...
- -الذعر- يخيم على الصفحات الأولى للصحف الغربية
- بيان تضامني: من أجل إطلاق سراح الناشط إسماعيل الغزاوي


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أحمد رباص - عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر (الجزء الخامس)