أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - عبدالله المدني - -عبدالله- يستولي على السلطة في تايلاند















المزيد.....

-عبدالله- يستولي على السلطة في تايلاند


عبدالله المدني

الحوار المتمدن-العدد: 1684 - 2006 / 9 / 25 - 11:00
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    


من حيث المبدأ، لا خير في أي تغيير يأتي عبر الانقلابات العسكرية التي عادة ما تسفك فيها الدماء و يلجأ قادتها إلى تجميد العمل بالدستور و الديمقراطية و فرض الأحكام العرفية ووضع الساسة المدنيين في السجون أو إعدامهم. غير أن الانقلابات العسكرية في تايلاند تبدو مختلفة و متميزة ككل شيء آخر في هذه البلاد الجميلة. فمنذ عام 1932 الذي شهد تحولها إلى النظام الملكي الدستوري، وقع 17 انقلابا عسكريا ، لئن اخذ معظمها البلاد بعيدا عن الديمقراطية الحقيقية لبعض الوقت، فإنها في الوقت نفسه لم تتسبب في إراقة الدماء و لم تقم المحاكمات والمشانق لرموز العهد السابق ولم تتسب في إيقاف عجلة النهضة الاقتصادية. و خلافا لما حدث في دول الجوار كالفلبين و اندونيسيا اللتين لهما تجارب مريرة مع الانقلابات و هيمنة الجيش على الحياة السياسية، فان كل الانقلابات العسكرية التايلاندية حرصت على الدوام و منذ اللحظة الأولى على إبداء احترامها و ولائها للنظام الملكي مجسدا في عاهل البلاد بهوميبول ادولياديج ذو الشعبية الطاغية و الدور الحاسم في أوقات الأزمات المهددة لمصير الأمة. هذا ناهيك عن أن عددا من تلك الانقلابات وقع لتصحيح المسيرة الديمقراطية و بتأييد ضمني من الملك نفسه لإخراج البلاد من الاحتقانات و الانقسامات التي تسبب فيها الساسة المدنيون.

و هذا قد ينطبق على الانقلاب العسكري الذي أطاح في التاسع عشر من الشهر الجاري برئيس الحكومة الانتقالية تاكسين شيناواترا، بحسب الكثيرين من النخب التايلاندية، لأنه جاء كمخرج إجباري لحالة من الانقسام و الجمود السياسي غير المسبوق في تاريخ البلاد منذ أكثر من عام ما بين مؤيدي حزب " تاي راك تاي" أي حزب " التايلانديون يحبون التايلانديين" بقيادة تاكسين من جهة وأنصار أحزاب المعارضة الرئيسية الثلاثة والمقربين من القصر الملكي من جهة أخرى.

و تاكسين الذي فاز بالسلطة للمرة الأولى في عام 2001 عبر انتخابات ديمقراطية حرة، وظف جيدا صورته كضابط شرطة لامع سابقا و صاحب إمبراطورة أعمال ناجحة و قائد حزب سياسي جديد منظم لاحقا، في الهيمنة على الحياة السياسية. و عن طريق المال السياسي و إغداق العطايا و منح القروض الميسرة و إقامة المشاريع الاجتماعية و الصحية في الأرياف البعيدة حيث توجد غالبية الأصوات الانتخابية، نجح في بناء قاعدة شعبية قويه له. و هذا ما مكن حزبه من الفوز مجددا في الانتخابات البرلمانية التالية في عام 2005 . غير أن العودة إلى السلطة هذه المرة جاءت مصحوبة بامتعاض شعبي سرعان ما تحول إلى مظاهرات و تنديد يومي من قبل أحزاب المعارضة و النخب المدينية و الطبقة الوسطى المتعلمة على خلفية اتهامات للرجل بالفساد واستغلال السلطة و محاباة الأنصار و إفساد الحياة السياسية و محاولة تدشين نظام الحزب الواحد.

وعلى اثر الكشف في يناير الماضي عن قيام رئيس الوزراء ببيع حصة عائلته في شركة شين للاتصالات إلى شركة حكومية سنغافورية بمبلغ بليوني دولار، زادت وتيرة الاحتجاجات ضد تاكسين متهمة إياه بالتفريط بأصول قومية استراتيجية لصالح الأجانب، و استغلال موقعه لإتمام الصفقة المذكورة دون دفع ضرائب لخزينة الدولة. هذا ناهيك عن ترديد اتهامات قديمة قابلة للجدل مثل معاداته للنظام الملكي بدليل استبعاده لعدد من الموظفين الرسميين المقربين للملك، وفشله في التعامل السليم مع أعمال العنف و التمرد في جنوب البلاد ذي الغالبية المسلمة، والتي حصدت أرواح أكثر من 1700 شخص منذ عام 2004 ، واستعداده للرضوخ إلى شروط واشنطون لجهة عقد اتفاقية للتجارة الحرة بين البلدين خلافا للرأي العام المعارض (رغم حقيقة انه بدون هذه الاتفاقية ستعاني البلاد من منافسة قوية من قبل المصدرين الآخرين في آسيا، و قد تخسر الأسواق الأمريكية التي بفضلها تتمتع تايلاند بفائض تجاري سنوي يزيد على 400 بليون بات).

وفي محاولة من الرجل لتأكيد شرعية حكومته و امتلاكها للتخويل الشعبي وفق الأطر الديمقراطية، عمد إلى حل البرلمان قبل أوانه بثلاث سنوات و أجرى انتخابات تشريعية جديدة في ابريل المنصرم، و هي الانتخابات التي قاطعتها قوى المعارضة و لم تعترف بنتائجها التي أعطت تاكسين نسبة 57 بالمئة من الأصوات، و بالتالي عمقت الانقسامات الداخلية. و في ردها على الانتقادات التي وجهت إليها لعدم رضوخها لحكم صناديق الاقتراع، ردت المعارضة بالتذكير بفساد تاكسين وحزبه و بطانته كسبب للاشرعيته، و هو أمر بدا أن الملك يشارك المعارضة فيه، بدليل تلميحات صدرت منه حول انقسام الأمة و ضرورة عمل شيء من اجل أن تستعيد الوئام و الاتفاق. و كما في حالات سابقة، كانت تلك التلميحات الملكية النادرة كافية ليقدم تاكسين استقالته و ينعزل لبضعة أسابيع قبل أن يعود على رأس حكومة انتقالية استعدادا لانتخابات جديدة كان من المقرر إجراؤها في نوفمبر القادم.

و يبدو أن الرأي القائل بأن تاكسين لن يتزحزح عن القيادة بسهولة و انه سيفعل المستحيل لتأتي نتائج الانتخابات القادمة شبيهة بسابقتها، هو الذي انتصر و دفع قائد الجيش الجنرال سونتي بونياراتغلين (يعرف في أوساط طائفته الإسلامية باسم عبدالله) الموالي للقصر إلى الانقلاب كي يتغدى بتاكسين قبل أن يتعشى الأخير بمعارضيه، خاصة و أن تاكسين بما يملكه من نفوذ و مال وطموحات عارمة بدا قادرا على إدارة الأمور الانتخابية بطريقة تصب في صالحه و تنصبه ملكا غير متوج للبلاد.

و على أية حال فان الشائعات بقرب حدوث انقلاب عسكري كانت متداولة بكثرة في الأسابيع الأخيرة، في وقت راح فيه تاكسين يؤكد استحالة وقوعه، ربما تعويلا على إمساك عناصر موالية له في الجيش و الشرطة بزمام الأمور في العاصمة من أولئك الذين تجاوز القانون و الرتب في تعيينهم، فيما راح آخرون يؤكدون أن الانقلابات العسكرية كوسيلة للتغيير قد ولى زمانها، منذ أن قادت الجماهير و طلبة الجامعات بنجاح ثورة دموية شارعية في عام 1992 لإجبار رئيس الوزراء العسكري الجنرال سوتشيندا كرابرايون على الرحيل، و تدخل الملك لصالحهم. غير أن ما حدث مؤخرا يؤكد مرة أخرى أن المؤسسة العسكرية، لئن تراجع دورها كثيرا منذ ذلك الحدث المفصلي، فإنها لا تزال جاهزة للتدخل في الحياة السياسية مرحليا.

وإذا كان التكتيك الذي اتبعه قائد الانقلاب الجديد للاستيلاء على السلطة ليس جديدا، بل مطابقا لما حدث في عام 1991 عندما أطاح الجيش بحكومة تشاتيتشاي تشونهافان المنتخبة ديمقراطيا من حيث الاستيلاء السريع على محطات التلفزة و استغلالها في إرسال رسائل التأييد و الولاء للملك، فان ما اختلف هذه المرة هو انتهاز فرصة وجود رئيس الحكومة في الخارج للإطاحة به، ناهيك عن الاعتماد على جنرالات مقربين من القصر ممن أخرجهم تاكسين من مناصبهم لصالح قادة موالين له شخصيا في وقت سابق، أو ممن كانوا على لائحة تاكسين التطهيرية، أو ممن اتهموا في الشهر الماضي بالوقوف خلف محاولة فاشلة مزعومة لاغتيال تاكسين بسيارة مفخخة.
و الأمر المختلف الآخر هذه المرة، لكن دون الذهاب بعيدا في تخيل أمور ذات علاقة بسياسات تاكسين حيال التمرد الإسلامي في جنوب تايلاند، هو أن قائد الانقلاب هو من الأقلية المسلمة، بل أول جنرال مسلم يقود جيش هذه البلاد التي يدين غالبيتها الساحقة بالبوذية.

أما السؤال الذي يتردد بقوة الآن فهو: هل سيفي قادة الانقلاب الجديد بوعودهم حول إعادة السلطة إلى المدنيين خلال عام؟ و ما هي الآليات التي ينوون استحداثها في الدستور للحد من شراهة بعض الساسة للسلطة و تحكمهم فيها و إفسادهم للحياة السياسية على نحو ما أثير حول تاكسين؟ و إذا كان الرد على السؤال الثاني لا يزال مبكرا و إن قيل أن الانقلابيين سيشرفون مع القصر على إعداد دستور جديد يتضمن الحد من صلاحيات السلطة التنفيذية و تحديد حجم و قوة الأحزاب السياسية و تمتين آليات الرقابة و المساءلة، فان جملة من المؤشرات تفيد بأن جواب السؤال الأول هو نعم، لا سيما و أن الظروف الإقليمية و الدولية لا تساعد اليوم على العكس.



#عبدالله_المدني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- آسيا .. ما بين عقلانية وسطها و راديكالية أطرافها
- في وداع - كويزومي-.. و استقبال - شينزو أبي-
- نحو دولة طالبانية في -أتشيه- الاندونيسية!
- هذا الهندي الموهوب هو الأجدر بقيادة الأمم المتحدة
- صواريخ حزب الله الإيرانية: فتش عن الدور الصيني
- -جزار كمبوديا الأعرج- يرحل دون قصاص
- طالبان قد تستفيد مما يجري في الشرق الأوسط
- نهاية الإرث السياسي لآل باندرنيكا
- باعاشير طليقا!
- لماذا ننادي بعلمانية الدولة
- هل -مرعي بن عمودي الكثيري- هو السبب؟
- درس انتخابي من -كيرالا
- بعض العرب إذ يحللون نووية إيران
- سنغافورة كنموذج للمجتمع غير المسيس
- كل الطرق تؤدي إلى آسيا
- صناعة المعلوماتية ما بين الهند و الصين
- الشباب الكوري يقود ثورة تكنولوجيا المعرفة
- وزيرستان
- عبدالرحمن في قبضة العدالة
- رجل آسيا المريض يزداد عجزا


المزيد.....




- أين بوعلام صنصال؟.. اختفاء كاتب جزائري مؤيد لإسرائيل ومعاد ل ...
- في خطوة تثير التساؤلات.. أمين عام الناتو يزور ترامب في فلوري ...
- ألم الظهر - قلق صامت يؤثر على حياتك اليومية
- كاميرا مراقبة توثق لقطة درامية لأم تطلق كلبها نحو لصوص حاولو ...
- هَنا وسرور.. مبادرة لتوثيق التراث الترفيهي في مصر
- خبير عسكري: اعتماد الاحتلال إستراتيجية -التدمير والسحق- يسته ...
- عاجل | نيويورك تايمز: بدء تبلور ملامح اتفاق محتمل بين إسرائي ...
- الطريقة المثلى لتنظيف الأحذية الرياضية بـ3 مكونات منزلية
- حزب الله يبث مشاهد استهداف قاعدة عسكرية إسرائيلية بصواريخ -ن ...
- أفغانستان بوتين.. لماذا يريد الروس حسم الحرب هذا العام؟


المزيد.....

- قراءة ماركس لنمط الإنتاج الآسيوي وأشكال الملكية في الهند / زهير الخويلدي
- مشاركة الأحزاب الشيوعية في الحكومة: طريقة لخروج الرأسمالية م ... / دلير زنكنة
- عشتار الفصول:14000 قراءات في اللغة العربية والمسيحيون العرب ... / اسحق قومي
- الديمقراطية الغربية من الداخل / دلير زنكنة
- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار * / رشيد غويلب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - عبدالله المدني - -عبدالله- يستولي على السلطة في تايلاند