كاظم حسن سعيد
الحوار المتمدن-العدد: 7337 - 2022 / 8 / 11 - 12:07
المحور:
الادب والفن
1- طرف سعفة قبيل المطر
السماء تستعد لاعلان ساعة الصفر..البرد يفضح قسوته..كنت بحاجة لطرف سعفة متيبس..فغادرت الدفئ الكهربائي ونظرت للشارع.. حفيدي في الباب قال ( ذلك الحجي واحفاده) فتقدمت خطوة ..رأيته فقصدته.
من بعيد رأيت امتارا من الارض حرثت ..تقدمت اليه يفصلنا خص خفيض من السعف المتيبس واغصان السدر المتحجرة وبقايا قصب واسلاك صدئة واشواك ..ورايت شتلات الفجل غير الناضجة امامي..خلفها نبتات اللهانة والرشاد..فتقدم نحوي متخليا عن مسحاته..يشد وسطه بخيط قماش..كانت سدرة فوقنا تساقط منها ثمرها الاصفر قال ابتعد قليلا وتناول منجلا مغروسا بجذع نخلة فتية واتاني به..قلت - ربما اثقلت عليك- اجاب:< كيف تقول هذا ..بهذا الزمن سعيد من يقصده احد ليسأل عنه..وتراجع بنا الزمن لاكثر من نصف قرن..حدثني عن اجدادي بقرية گردلان..حيث الصناديق تحني ظهورهم في اعماق البواخر..عن اخيه واولاده الذين اعدموا..عن نعمة البستان قبل ان تفتك بها الجرافات وملوحة الماء..كنت ارى الشجيرات من بقع متباعدة تنكمش..السماء نضج انقلابها..بقايا الشمس تحاول الظهور في برقع مضبب ولا تستطيع..الطيور التصقت بقلب النخلات الهرمة
ودعته وخطوت قليلا فاجفلتني القطرات..ماسكا بسعفتي الصغيرة التحقت بعزلتي و بالدفئ الكهربائي.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
2ـ مشهد مكثف من حياة فلاح.
اشاهده الان من نافذتي..رجلا في السبعين عقد دشداشته النيليه بالحزام فبان سرواله الابيض..انه يعد الارض حرثا للربيع..في ديسمبر تكون الامطار قد غمرت الارض فلينتها..انه يضغط على نصاب المسحاة ضغطة ويلحقها بنصف ضغطة...والارض بلا مقاومة تذكر..انه لا يبالي بما مر من نكسات.. ولايقلقه الموت كثيرا..تجاهل الخيبات ونحر الحسرات على امال احتضرت..ان خبزة تنور تثرد في مسموطة او كراعين او تلف سمكا بصريا يشوى على حطب ثم شاي مهيل على الجمر ..تكفيه ليزخر بالسعادة..طوى قبل ساعة سجادته واستغفر كثيرا واخذ غفوة وتوجه الى ما تبقى من ارضه التي كانت تمتد حتى شط العرب.اراه يقلع الفجل ثم يشده بخوصة بحركة لولبية ..وهو منحن..ثم يجلس متصوفا مع الارض وبمنجله النصل يحش الرشاد..لا احد يعينه..ولا يد صديقة معه.لكنه لا يشكو.
#كاظم_حسن_سعيد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟