|
5 غشت 1979
سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر
(Oujjani Said)
الحوار المتمدن-العدد: 7333 - 2022 / 8 / 7 - 12:54
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
بحلول 5 غشت 1979 ، تكون قد مرت على استعادة النظام المغربي لإقليم وادي الذهب " تيريس الغربية " ، ثلاثة واربعين سنة مرت مرور الرياح ، والمشكل لازال كما كان غداة سنة 1975 . وتكون نفس المدة الزمنية مرت على انسحاب النظام الموريتاني من الإقليم، والشروع في تسليمه الى جبهة البرليساريو ، وهي نفس المدة الزمنية تمر على اعتراف ثاني دولة بعد النظام الجزائري ، الجمهورية الموريتانية بالجمهورية الصحراوية ، التي اعترف بها النظام المغربي في يناير 2017 ، ونشر اعترافه بالجريدة الرسمية لدولته عدد : 6539 / يناير 2017 . لقد تم تقسيم الصحراء كغنيمة بين النظام المغربي ، والنظام الموريتاني ، والدولة الاسبانية ، بمقتضى اتفاقية مدريد الموقعة بين الأطراف الثلاثة في سنة 1975 ، بعد صدور الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية في 16 أكتوبر من نفس السنة .. انّ ما يسمى باتفاقية مدريد التي على أساسها تم توزيع أقاليم الصحراء ، حيث آلت الساقية الحمراء الى المغرب ، وآل وادي الذهب الى موريتانية ، وحصلت اسبانية على نصيبها من ثروات الصحراء ، لا ترقى الى مصاف الاتفاقيات الموقعة بين الدول ، فأحرى ان تصبح معاهدة موقعة وسارية المفعول على موقعيها .. والسبب ان ما يسمى بالاتفاقية ( اتفاقية مدريد ) ، لم يصوت عليها برلمان السلطان المغربي ، ولم يصوت عليها برلمان النظام الموريتاني ، واسبانية لم تنشرها في جريدتها الرسمية . فكان تقسيم وتوزيع أراضي الصحراء كغنيمة ، ودون الارتكاز على سند قانوني ، كاتفاقية ، او معاهدة ، او قرار لمجلس الامن .. عندما تم تقسيم الصحراء ، وآل إقليم وادي الذهب الى موريتانية ، اصبح الإقليم بحكم الواقع موريتانيا ، واصبح سكانه موريتانيين . لكن بعد استرجاع النظام المغربي للإقليم في 5 غشت 1979 ، سيصبح الإقليم مغربيا خالصا بعد ان كان موريتانيا ، وسيصبح سكانه بحكم الضم مغاربة بعد ان كانوا موريتانيين . لكن ما تفسير ، وما هو الاطار القانوني الذي يحكم منطقة " لگويرة " التي لا تزال تخضع للسيادة الموريتانية .. فإذا كان النظام المغربي قد تغاظ النظر عن منطقة " لگويرة " ، وسمح فيها للنظام الموريتاني المتمسك بها ، ولم يسترجعها الى المغرب مع أراضي وادي الذهب ، فسكوت النظام المغربي عن احتفاظ النظام الموريتاني بمنطقة " لگويرة " ، واستمرار هذا النظام يحتفظ بالمنطقة ، مع بقاء ثلث الأراضي المتنازع عليها خارج سيطرة جيش النظام السلطاني ، ليس له من تفسير ، غير ان الصحراء قد تم اقتسامها كغنيمة بين الأطراف الثلاثة ، النظام المغربي ، والنظام الموريتاني ، والدولة الاسبانية التي باعت حقوقها في ثروات الصحراء . الآن النظام الموريتاني يعترف بالجمهورية الصحراوية ، ويحتفظ بجزء من ارضها التي هي " لگويرة " ما دام قد اعترف بها ، وذكّر الرئيس الموريتاني الحالي محمد ولد الغزواني بهذا الاعتراف مرتين خلال هذا العام ، واعتبره اعترافا استراتيجيا في السياسية الخارجية لدولة الموريتانية . وهنا نطرح السؤال . الا يتناقض النظام الموريتاني مع نفسه ، من جهة يعترف بالجمهورية الصحراوية ، ويشدد الرئيس الموريتاني مرتين على هذا الاعتراف ، لكنه في نفس الوقت يحتفظ ب " لگويرة " كأرض موريتانية .. فهل منطقة لگويرة " موريتانية ، ام هي جزء من الجمهورية الصحراوية التي اعترف بها النظام الموريتاني ، وفي انتظار الحسم النهائي لنزاع الصحراء الغربية دوليا ، آنذاك سيتخلى النظام الموريتاني للجمهورية الصحراوية عن منطقة " لگويرة " التي يحتلها .. وهل ستكون منطقة " لگويرة " سببا في اندلاع حرب بين النظام الموريتاني والجمهورية الصحراوية عند حسم النزاع دوليا ، ورفض موريتانية الانسحاب من " لگويرة " التي تعتبر بحكم الاعتراف الموريتاني بالجمهورية الصحراوية ، جزء منها ؟ ليس النظام الموريتاني وحده من سقط في هذا التناقض الصارخ ، بل سنجد ان النظام المغربي نفسه سقط في تناقض اكبر من التناقض الموريتاني . فكيف للنظام المغربي ان يشهد امام العالم ، باعترافه بالجمهورية الصحراوية ، وبالحدود الموروثة عن الاستعمار ، عندما دفع برلمانه الى التصويت على القانون الأساسي للاتحاد الافريقي في يناير 2017 ، ونشر اعترافه بالجمهورية الصحراوية ، وبالحدود الموروثة عن الاستعمار في جريدته الرسمية عدد : 6539 ، ويجلس مع الجمهورية الصحراوية في الاتحاد الافريقي ، وفي اللقاءات التي تنظم بين الاتحاد الافريقي ، والاتحاد الأوربي الذي استقبل في Bruxelles إبراهيم غالي استقبال رؤساء الجمهوريات .. وفي نفس الوقت يرفض الاستفتاء الذي اضحى باعترافه هذا متجاوزا لصالح الجمهورية الصحراوية ، ويشدد فقط على حل الحكم الذاتي الذي طعنه النظام المغربي نفسه ورما به في المزبلة ، عندما اعترف بالجمهورية الصحراوية في يناير 2017 .. فكيف الجمع بين الحكم الذاتي الذي الغاه النظام المغربي باعترافه بالجمهورية الصحراوية ، وبين الاستمرار في المطالبة بهذا الحكم الذي لقي تجاهلا عريضا من قبل المجتمع الدولي ، وعلى رأسه مجلس الامن ، والجمعية العامة للأمم المتحدة ، والاتحاد الافريقي ، والاتحاد الأوربي ، وحتى الجهاز القضائي لهذا الاتحاد ، محكمة العدل الاوربية .. ان هذا التناقض الصارخ ، والهدف منه اللعب على الوقت لجرجرة الصراع ، لتعطيل نتائج الاعتراف الدولي بالجمهورية الصحراوية على وضع النظام السلطاني المخزني ، هو ما دفع بالقيادة الامريكية الى البحث عن مكان اخر لإجراء المناورات الامريكية الافريقية القادمة ، التي كان جزء منها ينظم فوق التراب المغربي ، ودفعت بالكونغريس الى تقييد ميزانية كتابة الدولة في الخارجية الامريكية ، فيما يخص انشاء قنصلية ولو افتراضية بمدينة الداخلة او بمدينة العيون المتنازع عليها . وهذا يعني ان إرادة John Biden الديمقراطية رمت عرض الحائط باعتراف Trump بمغربية الصحراء ، وان واشنطن هي مع المشروعية الدولية التي يتشبث بها الاتحاد الأوربي ، لحل نزاع الصحراء الغربية الذي عمر لحوالي سبعة وأربعين سنة خلت ، دون ان ينجح المهتمون في حله حلا ديمقراطيا . فماذا يريد النظام المغربي بالضبط ، وماذا يريد النظام الموريتاني ، والنظامين معا يواجهان المشروعية الدولية ، والقرارات الأممية التي يحرص المبعوث الشخصي للأمم المتحدة السيد Steffen de Mistura التقيد بها ، والتصرف على ضوء مقتضياتها ونصوصها .. لقد استعاد النظام المغربي منذ ثلاثة واربعين سنة وادي الذهب " تيريس الغربية " ، ونفس المدة الزمنية مرت على خروج النظام الموريتاني من الإقليم ، ومن الاعتراف بالجمهورية الصحراوية . لكن " لگويرة " لا تزال تخضع للسيادة الموريتانية ، ونزاع الصحراء لم يتم اغلاقه قط ، وهو مرشح لتبعات خطيرة على المنطقة ، ستؤدي ثمنها الشعوب المفقرة ، والتنمية المعطلة ، وستشرعن دخول قوات من خارج المنطقة بدعوى الحفاظ على السلم العالمي ، وبدعوى الانضباط للمشروعية الدولية ، التي تعكسها قرارات مجلس الامن ، وقرارات الجمعية العامة ، ويرتكز عليها قرار محكمة العدل الاوربية ، وقبلها الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية ، رغم طابعه الاستشاري والغير الزامي .. النظام الموريتاني حاول تصحيح خلل اتفاقية مدريد عندما انسحب من إقليم وادي الذهب ، لكنه سقط في خلل اخطر منه ، وهو الحفاظ على " لگويرة " التي هي جزء من الأرض التي تكون الجمهورية الصحراوية عندما اعترف بها النظام الموريتاني ، والنظام المغربي التائه بدون بوصلة ، سقط في شرك الاعتراف بالجمهورية الصحراوية وبالحدود الموروثة عن الاستعمار في يناير 2017 ، ويكون بهذا الاعتراف المنشور في جريدته الرسمية عدد 6539 ، قد الغى ومن جانب واحد حل الحكم الذاتي التي تقدم به في ابريل 2007 . ويكون موقف النظام الموريتاني ، وموقف النظام المغربي قد اعطيا حجية لمجلس الامن ، وللاتحاد الأوربي ، والاتحاد الافريقي ، في اعتبار مشكلة الصحراء بمثابة مشكلة تصفية استعمار ، يجب حله بالاستفتاء وتقرير المصير تحت اشراف الأمم المتحدة .. ويكون موقف الأمم المتحدة ، وموقف الاتحاد الأوربي يتناقض مع نفسهما ، عندما يتم التعامل مع المشكلة الصحراوية كدولة معترف بها عند تنظيم لقاءات معها ، واكبر التناقض الخلط بين الدولة التي اصبحت امرا واقعا من خلال الإجراءات والتعامل ، وبين الاستمرار في مطلب الاستفتاء الذي الغاه النظام المغربي كما الغى حل الحكم الذاتي عندما اعترف بالجمهورية الصحراوية .. وهو نفس التناقض سقط فيه النظام الموريتاني حين اعترف بالجمهورية الصحراوية ، أي اعترف بترابها ، لكنه هنا لا يزال يحتل جزء من هذا التراب الذي هو " لگويرة " . فهل " لگويرة " موريتانية ام انها تنتمي الى الجمهورية الصحراوية التي اعترف بها النظام الموريتاني ، مما يجعل التواجد الموريتاني ب " لگويرة " احتلالا واستعمارا لها . هنا هل ستتسبب هذه المنطقة في حرب قادمة بين الجمهورية الصحراوية وبين النظام الموريتاني اذا اصر على الاحتفاظ بها ، ام ان هناك ترتيبات حصلت بين القيادتين الصحراوية والموريتانية ، بإعادة " لگويرة " لتصبح جزءا من أراضي الجمهورية الصحراوية .. ماذا يخبئ القادم الذي يقترب وبالسرعة القصوى ؟
#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)
Oujjani_Said#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أنتِ // أنت
-
السيد عبدالرزاق مقري زعيم - حركة مجتمع السلم - الجزائرية ، ي
...
-
آليات السيطرة الامبريالية على الدولة السلطانية المخزنولوجية
...
-
حظروا كفنكم لرفع الظلم ونيل حريتكم . ان غدا لناظره قريب .. ا
...
-
خطاب السلطان محمد السادس بمناسبة عيد العرش
-
الدولة الرعوية - البطريركية
-
هشتاگ - أخنوش - إرحل .
-
هل تم تأجيل أم إلغاء حفل الولاء / البيعة
-
في الديمقراطية .
-
أستراتيجيات الدولة السلطانية
-
التبضّع - البزْنسْ - المِرْكنتيلية حتى في السياسة .
-
حقوق الانسان والاستثمار السياسوي المفضوح .
-
الساسة الكبار ، ومرتزقة السياسة السياسوية الصغار . ذئاب السي
...
-
الإستبداد السياسي .
-
الهزيمة التاريخية
-
موسم الهجرة من بلاد قابلة للنسيان ...
-
محكوم على زيارة ستيفان دوميستورا بالفشل .
-
صناعة القرار السياسي في الدولة السلطانية .
-
ماذا نقصد بالبطريركية والرعوية السياسية ، في الامبراطورية ال
...
-
نزاع الصحراء الغربية بين الحكم الذاتي ، وتقرير المصير ..
المزيد.....
-
ترامب يسعى لولاية ثالثة.. شاهد رد فعل مستشار سابق بالبيت الأ
...
-
سوريا: الحكومة الجديدة تضم وجوها قديمة وأقليات.. ما هي رسالة
...
-
فرح بعيد الفطر ممزوج بالحزن والخوف والقلق في الضاحية الجنوبي
...
-
ما أصل -العيديّة-، وكيف تغيّر اسمها عبر العصور؟
-
على أحد شواطئ كينيا.. صلاة عيد الفطر تجمع الآلاف والدعاء لغز
...
-
الوحدة الشعبية يزور ضريح الحكيم وأضرحة الشهداء صبيحة أول أيا
...
-
خامنئي يرد في خطبة العيد على تهديدات ترامب
-
أحدث غواصة نووية متعددة المهام.. مواصفات غواصة -بيرم- الروسي
...
-
تعرف على الهاتف الأحدث من Realme (فيديو)
-
مشكلة صحية خطيرة يشير إليها الألم الصدغين
المزيد.....
-
قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام
/ شريف عبد الرزاق
-
الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف
/ هاشم نعمة
-
كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟
/ محمد علي مقلد
-
أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية
/ محمد علي مقلد
-
النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان
/ زياد الزبيدي
-
العولمة المتوحشة
/ فلاح أمين الرهيمي
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
المزيد.....
|