|
الشرق الأوسط هدفا لاسياد - القمتين -
صلاح بدرالدين
الحوار المتمدن-العدد: 7320 - 2022 / 7 / 25 - 01:40
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
في مقالات سابقة تناولت حيثيات انعقاد قمتي جدة وطهران ، والظروف المحيطة بهما محليا ، وإقليميا ، ودوليا ، وماصدر منهما من بيانات إعلامية ، والاحتمالات التي وضعناها كمتابعين ، وفي هذه ( القضية ) سنتابع تداعيات القمتين على قضايا المنطقة ، وبالأخص انعكاساتها المباشرة على ماتعنينا منها بشكل مباشر . اذا كان الطرفان الرئيسييان ، الداعيان الي قمتي – جدة ، وطهران - أمريكا ، وروسيا لم يحققا اهدافهما المنشودة المباشرة فانه يمكن القول ان القمتين لم تنجحا بمنظار الطرفين ، وحسب مصالحهما ، وكما خططا لهما ، وهذا لايعني ابدا انهما لم يقطفا اية ثمار ، او ان المشاركين الاخرين خرجوا خالي الوفاض ، فيبقى الامر نسبيا وطويل المدى ، في حسابات الربح الخسارة لدى الدول ، وفي مباريات لعبة الأمم . قمة جدة كان السقف الأعلى للتوقعات الامريكية الطموحة، ان تختتم القمة بشبه معاهدة ، او وثيقة استراتيجية ، تلتزم فيها الأطراف بامرين اساسيين أولهما الانفتاح العربي الرسمي النهائي على إسرائيل ، واستكمال خطوات معاهدة السلام – الابراهيمي – بين إسرائيل وعدد من الدول ، وثانيهما التزام الدول الخليجية بالاستراتيجية الامريكية ، والغربية عموما تجاه روسيا ، والتعويض عن النفط والغاز الروسيين ، وقطع الطريق على أي تغلغل روسي صيني اقتصادي وعسكري بالمنطقة ، وموقف عربي مساير للسياسة الامريكية المتارجحة حيال ايران ، وكان الاعتقاد الأمريكي ان الجانب العربي سيطالب مقابل ذلك بالضمانات الأمنية لانظمتها خصوصا ، والتعاون العسكري في وجه ايران ، وحماية مصادر الطاقة ، وطرق عبورها . معظم هذه التوقعات ان لم يكن كلها لم يتحقق ، وماجرى هو ابرام اتفاقيات ثنائية او تفاهمات شفهية ، ويقال تم تمرير اتفاقيات مهمة لم يعلن عنها ، فالادارة الامريكية ( الديموقراطية ) كانت قد قررت منذ أعوام خاصة بعهد – أوباما - الانسحاب من الشرق الأوسط ، وعقد صفقة مع جمهورية ايران الإسلامية ، مع انشغالها بالمواجهة مع روسيا وكذلك الصين الان ، والقضايا الداخلية ، خصوصا بعد الحرب الروسية على أوكرانيا ، هذه الإدارة التي أخطأت كثيرا في سياساتها الشرق أوسطية ، وتجاهلت حلفاءها التاريخيين ومن بينهم السعودية ودول الخليج وغيرها ، كما انها تخلت عن تمسكها – ولو النظري – بمسائل الديموقراطية ، ودعم الحركات التغييرية ، وخذلت اصدقاءها في احلك الظروف ، وفي اوج صعود الحركات الإرهابية ، وعدوانية الميليشيات الإيرانية ، وجاء الانسحاب العشوائي من أفغانستان كخاتمة درامية للهيبة الامريكية ، وبالتالي لم تعد تمتلك رؤية سليمة ثاقبة لتطورات الاحداث ، وحلول ناجحة تجاه مشاكل المنطقة ، مما افقدها كل ذلك الصدقية امام دول وشعوب الشرق الأوسط . في هذه الحالة ليس من المستبعد وبعد مواجهة الفشل في قمة جدة ، والحرج الذي اصاب إدارة بايدن الضعيفة أصلا ، ان تقوم بردود فعل سلبية كاطلاق عمليات ، وحبك خطط ، على غرار سياسة ( الفوضى الخلاقة ) التي كانت وراءها إدارات أمريكية سابقة ، فلايمكن تبرئة الامريكان من التوترات الأخيرة في سوريا ، ولايمكن التغاضي عن دور ما للامريكان في مايحدث الان من تدهور للأوضاع في العراق وكردستان ، وهكذا الحال في تعنت الحوثيين باليمن ، وحوادث العنف المتجددة بليبيا ، ومايخبئ القدر للبنان . قمة طهران كانت روسيا تخطط لاخراج تلك القمة الثلاثية بمظهر حلف مواجه لامريكا وحلفائها خاصة وانها احوج ماتكون الى من يؤيد حربها القذرة على أوكرانيا ، خاصة وانها وضعت في حساباتها تقديم تنازلات سخية ( سورية ) لكل من تركيا وايران مقابل ذلك غض الطرف عن أي اجتياح عسكري تركي بمناطق محددة ، وافساح المجال اكثر للدور الإيراني بسوريا عسكريا ، وامنيا ، واقتصاديا ، وكما يظهر فان تركيا العضو بحلف الناتو لم تتجاوب مع الرغبة الروسية ، حتى ايران لم تجد مصلحة لها في الانخراط بحلف روسي بشكل علني خاصة وانها مازالت تامل بالاتفاق مع الغرب لاعادة مليارات الدولارات . الى جانب ذلك فان الطرفين الاخرين لم يحققا ماارادا من القمة ، وعلى الاغلب لم يكن بحساباتهما تحقيق أي شيئ لان القمة كانت بين المتناقضات أصلا ، وجمعتهم المصالح الانية وليست الاستراتيجية ، وسيبقى كل طرف يسير في سياسته من دون أي تبديل ، فقط تبقى المسائل الاقتصادية ، والعلاقات التجارية ثابتة ، ومتطورة ، وستقوم تركيا بالتنسيق مع روسيا وأوكرانيا حول نقل القمح و والحبوب الى الدول المعنية عبر البحر الأسود ، اما في سوريا فهناك خلافات وتناقضات بين الأطراف الثلاثة . المصالح الانية تربط روسيا وايران حيال قضايا الشرق الأوسط ، وقد تدفعهما الى تعميق التعاون العسكري ، والأمني خصوصا في سوريا ، والعراق ، ولاشك انهما ستواجهان السياستين الامريكية والتركية في سوريا ، وستعملان على تعزيز نفوذ النظام وكسر شوكة معارضيه ، ونشر جيشه في مناطق نفوذ – قسد – كما ستضغطان باتجاه التفاهم بين جماعات – ب ك ك – والنظام مباشرة او عبر مركز – قنديل – وبذلك يتم عزل الامريكان عن الساحة السورية ، واقتصار دورهم على تمويل ، وتسليح المقاتلين من – قسد - دون مقابل ، وامام ذلك فان السوريين وبينهم الكرد سينتظرون المزيد من التوترات ، والتدخلات ، والتطورات السلبية ، والمخططات التدميرية التي تقف من ورائها روسيا وايران ، ونظام الاستبداد . العراق وكردستان هناك اكثر من طرف دولي واقليمي يقف وراء التطورات الدراماتيكية بالعراق واولها نظام ايران ، وهناك أيضا أطرافا دولية وإقليمية ومحلية متورطة وتسعى للاساءة الى إقليم كردستان العراق ، واحراج حكومته ، وتجاهل مؤسساته ، والنيل من إنجازاته ، والتخريب على علاقاته الاقتصادية مع الجوار ، نظام ايران يريد التعويض عن فشل قمة طهران ، وعزلته الدولية الخانقة ، ولفت الأنظار عن افتضاح امر مواليه ببغداد ، باستهداف إقليم كردستان وشعبه ، ومؤسساته الديموقراطية ، ولاشك ان الجماعات المسلحة الشيعية الولائية ، وكذلك مسلحو – ب ك ك - ، وجماعات حزبية كردية عراقية ستكون من ادواته المنفذة . الكرد السورييون ، والعراقييون هم الضلع الغر الطري واكثر المستهدفين في ردات الفعل هذه بشأن فشل قمتي جدة وطهران ، ويبدو انهم من أوائل ضحاياه ، اما الأسباب فلاشك ذاتية ، وموضوعية . مايتعلق الامر بالكرد السوريين هناك فرصة لاستدراك الامر قبل وقوع الكارثة الأكبر ، وليس امامهم أي طريق للانقاذ سوى التوافق على عقد المؤتمر الجامع بغالبية وطنية مستقلة ، ومشاركة الأحزاب بالثلث غير المعطل ، وهنا نناشد كل طرف وطني سوري ، او كردستاني ، او إقليمي ، او دولي يعتبر نفسه معنيا بالملف الكردي السوري ، المساهمة في دفع الأمور بالاتجاه الصحيح بعيدا عن التحزب ، والمصلحة الخاصة ، لان توحيد الحركة الكردية السورية حول المشروع القومي والوطني الديموقراطي سيعزز قوى الحركة الديموقراطية السورية ، وسييرسخ العلاقات الأخوية الكردستانية ، وسيكون ضمانة سلام ووئام مع الجوار ، وعاملا من عوامل النهوض ، والقضاء على الإرهاب ، والعنصرية ، ونهاية الحروب الاهلية .
#صلاح_بدرالدين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
دفاعا عن الحقيقة
-
- قمم - تؤسس لنظام دولي جديد
-
إشكاليات التمثيل الحزبي
-
حوارات وطنية
-
وهل يجب وبالضرورة ان تكون البدائل حزبية ؟
-
- حق تقرير المصير -: ذلك المبدأ الذي لايعلى عليه
-
- الناتو - - - ب ك ك - - كرد سوريا
-
حروب - المجال الحيوي العنصري - روسيا بوتين مثالا
-
سياسة النأي بالنفس كرديا
-
الحركة الكردية السورية واستقلالية القرار
-
- احمدي خاني - : رائد النهضة القومية الكردية
-
نبحث عن شركاء ...ولانريد اوصياء
-
في القضية القومية
-
نعم نحن شركاء المصير
-
حان وقت التغيير
-
في شرعية التمثيل الشعبي .. الأحزاب الكردية السورية مثالا
-
واقع الكرد السوريين بالدياسبورا
-
الأزمة تتفاقم فلنبحث عن الحل
-
صفحات مضيئة في تاريخ الحركة الكردية السورية
-
الذاتي والموضوعي في أزمة الحركة الكردية السورية
المزيد.....
-
محادثات أولية للمرحلة الثانية من اتفاق غزة ومبعوث ترامب يتوج
...
-
الاحتلال يصعد عدوانه على الضفة ويهجر آلاف العائلات بجنين وطو
...
-
الجيش الإسرائيلي يوسع عملياته في الضفة الغربية و-يجبر- عائلا
...
-
-ديب سيك- تطبيق صيني يغير معادلة الذكاء الاصطناعي العالمي..
...
-
الأزهر يعلن رفضه القاطع لمخططات تهجير الفلسطينيين
-
إقالة 12 مدعيا شاركوا بمحاكمة ترامب
-
أميركا تواصل ترحيل مهاجرين إلى غواتيمالا وتتجاوز الأزمة مع ك
...
-
سوريا.. ضبط شحنة كبيرة من الحبوب المخدرة على معبر نصيب الحدو
...
-
حرصا على كرامتهم.. كولومبيا تخصص طائرات لإعادة مواطنيها المر
...
-
مجلس الشيوخ يصوت على تعيين سكوت بيسنت وزيرا للخزانة
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|