أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - اسعد عبدالله عبدعلي - الأرجوحة 13 ما بين الغموض والضياع















المزيد.....

الأرجوحة 13 ما بين الغموض والضياع


اسعد عبدالله عبدعلي

الحوار المتمدن-العدد: 7319 - 2022 / 7 / 24 - 21:47
المحور: الادب والفن
    


وسط كتب متناثرة في شارع الرشيد, يصيح صاحبها الكتاب بخمسمائة دينار وجدت مجموعة قصصية بعنوان (الارجوحة 13) للشاعرة الفلسطينية منى ظاهر, الصادرة عن دار العين بالقاهرة عام 2015, والحقيقة ادهشني مضمون الكتاب, حيث وجدت فيه تمردا على نوع الجنس الادبي والقوالب الثابتة طريقة سردية رائعة لتحرير الطاقة الابداعية في البوح والابداع, بعيدا عن اسر وقيود النوع الادبي, ويضم الكتاب 13 نص قصصي ما بين الشعر المنثور والسرد, وحسب طريقتها فهي تلتزم العتمة والغموض في ملاحقة شخوصها, وكل ذلك من اجل ايصال صورة عن الانهيار الجاثم في اعماق شخصيات الارجوحة 13.
وسنحاول عبر هذا السطور استكشاف عوالم منى ظاهر, ورؤيتها للحياة وابراز مكامن القوة والضعف.


• العنوان ليس جديد
مما لا شكّ فيه أنّ "الأرجوحة" بالمعنى الاصطلاحيّ معروفة للجميع، كونها مرتبطة باللّعب والمرح والمتعة, أمّا بشأن استخدامها كعنوان، فقد تبيّن من البحث أنّها استخدمت كعنوان لأكثر من عمل أدبيّ، على مستوى الوطن العربيّ، فهي عنوان لرواية لـ "محمّد الماغوط" في العام 1991، ولرواية السّعودية "بدرية البشر" في العام 2010. أمّا العدد (13) فيطول الشّرح عنه في تاريخ علوم الاجتماع، فهناك من يتفاءل به، وهناك من يتشاءم منه, وقد دخل في أعمال أدبيّة مختلفة، ففي العام (1968) أصدر فتحي سلامة (مصر) روايته "الجرّار رقم 13"، وفي العام 1975 صدرت رواية "القضية رقم 13" للفلسطينيّين: فرحات رجا فرحات ومجيد حسيسي.
وعليه؛ فإنّ كاتبتنا تكُون قد اصطفّت إلى جانب رواة وكتّاب تاريخيّين في استخدام هذا العنوان، بما يعنيه من رمزيّة الفرح واللّعب والثّورة على الملل والرّوتين.

• الظّلم الواقع على المرأة:
حاولت الكاتبة تسليط الضوء على قضية العنف الواقع بحق النساء داخل المجتمع, حيث ينظر المجتمع للمرأة على انها عورة ومصدر للعار, وكثيرا ما تنتهي المشاكل الاجتماعية التي يكون الرجل شريك اساسي فيها الى قاتل المرأة او ضربها بعنف او تزويجها قهرا, ففي قصّة "القناع يضحك والخلخال يرنّ" تُقتل الرّاقصة على يد المعتوه الّذي خنقها بإيعاز من الرّوح الشّيطانيّة. وفي قصّة "تحوّلات في طعم الحلوى" نجد أنّ الزّوجة أصيبت بالتّأتأة الّتي آلت تدريجيًّا إلى الخرس، وهي تصطدم باعترافات زوجها ورسالته الّتي كتبها للمرأة الّتي اغتصبها.
كما أنّ صانع الحلوى يضرب زوجته, والّتي ظلّت تخونه مع الكهربائيّ, إلّا أنّ أحدًا لم يضرب الكهربائيّ!
وأمّا قصّة "سودوكو" فللظّلم الواقع على المرأة نكهة أخرى تتمثّل فيما تقوم به المرأة ضدّ الأخريات من بنات جنسها، بدافع الأنانيّة والغيرة وأحيانًا استجابة لعمى الشّهوانيّة، كما أنّها لدافع واحد أو أكثر من تلك الدّوافع نجدها تمارس القتل ببشاعة.
وفي قصّة "القناع يضحك والخلخال يرنُّ" نجد أنّ الرجل يرى جريمة مقتل جارته، تلك المرأة الّتي كان يحبّها حبًّا صامتًا وجامحًا ويلتزم الصمت! وفي قصّة "فساتين سوداء" يظهر رجل "يقتبس خاصّيّة من ذكر الحَجَل فتتأجّج غيرته فيقتل المرأة، عارضة الأزياء، ويقضي سنين طويلة في السّجن.


• هويات ضائعة
لو تتبعنا المجموعة القصصية بوعي لاكتشفنا شخصيات ضائعة قد اختارتها الكاتبة بعناية, فتقتنص اللحظات المشحونة بالإحباط التي تطوقها في أزمنة وأمكنة غامضة، وتصور دواخلها الجريحة دون أن تحدد لها أسماء أو شجرات أنساب أو انتماءات معينة، وكأنها نبتت في العراء بلا فصائل ولا هويات, ويأتي هذا الاختيار من وعي الكاتبة بمصير الإنسان العربي عامة، والفلسطيني خاصة، في لحظة تاريخية مفصلية لا وجود فيها للكائن الضعيف.
ففي الوقت الذي تحقق فيه المجتمعات الغربية انتصارات مستمرة في مجالات العلم والتكنولوجيا والاقتصاد، يظل العربي يجر خيباته التي تتعقبه منذ زمن بعيد، تائها بين ماض مشرق وحاضر ملتبس لم يعرف كيف يجيب على أسئلته، فيظل ضائع الكينونة في حطام الذكريات، مطوقا بتحديات ثقيلة، وطموحات تتضاءل مع تشظي المجتمعات العربية وهيمنة الصراعات والحروب, والتي باتت تمزق كيانها وتضعف قواها.
واستنادا إلى ذلك، تعيش هذه الشخصيات المهزوزة كوابيس مزعجة تؤرقها ليل نهار، فيخيل إليها أنها أصيبت بالمسخ والجنون، وأضحت تعيش وسط كائنات غريبة وحشرات وأشباح وحيوانات تثير الغثيان.



• الوطن حاضر بقوّة:
من يقرا الكتاب سيلاحظ إنّ الكاتبة لم تغفل عن الوطن وهمومه وقضاياه، فنلاحظ في قصّة "فساتين سوداء" الّتي ينفتح فستانها الخامس على غابات شهوة، ذكر لمعالم فلسطين وطبيعتها: "في عينيها أعراس الجليل، وفي شعرها رائحة الزّيتون، وفي وجهها يرى زوجها أراضي البطّوف والنّاصرة وطبريّا وعرب الشّبلي", هكذا نجد فلسطين الوطن حاضرة بين سطور الكاتبة.
وفي قصّة "لعنة بيضاء" تصف الكاتبة تبدّل قاطني الأرض؛ من أهلها الأصليّين البسطاء العاملين على إعمارها بجماليّة رائعة، بمن احتلها، من ذوي البشرة البيضاء (في إشارة إلى المستعمرين القادمين من أوروبا) وفعلوا فيها فعل الشّرّ! إذ تقول: "قطط صغيرة وكبيرة كلّها اختفت من هذه البلدة، وجرذان صمّاء وعمياء، تظهر في هذه البلدة، تُشعل الحرائق، فينطفئ نور المكان, وتتراكض الجرذان متسارعة تعبث في الأشياء تاركة زعقاتها تُشعل القشعريرة في هذه البلدة. حللتِ علينا أيّتها اللّعنة".

• العلاقة بين المرأة والرجل
في قصصٍ من المجموعة نجد التّكامليّة في العلاقة بين المرأة والرّجل في مواجهة قسوة الطّبيعة، وفي مواجهة الظّلم الخارجيّ. ففي "رقصة الجهات الأربع" "يضحَى الرّجل والمرأة نقطة لمّاعة تتكوّر وتتّسع في هذا الوجود بمركّباته؛ من هواء ونار وماء وتراب".
كما أنّهما يتعاونان في التّغلّب على الظّلمة والقهر، ففي قصّة "عن اللّعب وأشياء أخرى" نجد أنّ الموسيقى تبدّد العتمة وتتغلّب عليها، حتّى أنّ "فعلها كفعل دغدغة العشب المبلّل للقدمين الحافيتين"، وشهدت هذه القصّة التحامًا بين الرّجل والمرأة، وأنفاسهما تتلاحق بجنون كيميائهما. ويجري هذا كلّه في أجواء من الحنان والرقّة الّتي يضفيها (الرجل)، عندما لا يطلق العنان لرغباته وأنانيّته، فيسألها: "هل تريدين أكثر من لهونا هذا؟"، لينتهي الأمر بأن "تنام إلى جانبه ولا يصحوان إلّا في سرْمد على لحن "أنت وأنا".
وفي قصّة "رسمة الغراب" أدّت التمتمة للمرأة وصاحب الغراب (رجل) إلى قعر الغياب وفي قصّة "مواعيد لاحتراق البسكويت" نلمح عمق تلك العلاقة عندما "تنظر إلى عينيه، تبتسمُ. وتخبره أنّها تحاول. تلعق شفتيه وتحسّ، كما لو أنّها تستطعم حقًّا ذرّات عالقة من البسكويت"
كما تجلّت ثنائيّة الرّجل-المرأة في مواجهة الحرب الشّرّيرة والقتل والدّمار، في قصّة "رسّام الغِرْبان وعازفة الكَمَان" عندما "أتى الرّسام من قريته الشّماليّة، وحلّت عازفة الكمان من قريتها الجنوبيّة، إذ لم تتوقّف الحرب الوحشية فأخذ الرّجل يرسم على حيطان المدينة المهدّمة والأنقاض غِرْبانه الأثيرة. والمرأة كانت تعزف للأطفال والأرامل والمنكوبين كما لو يعوي في كمانِها ألف ذئب"



#اسعد_عبدالله_عبدعلي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة في الفيلم الفرنسي فضل الليل على النهار
- كيف تحول اجتثاث البعث الى اجتذاب
- انتشار ظاهرة الابتزاز الالكتروني ضد النساء
- اسباب نكبة تصفيات كاس العالم 2006
- من مشاكل الرواية العراقية الحديثة
- ضرورة العودة الى الزراعة
- ضغوطات كبيرة على المحاسب الحكومي
- شروط تعجيزية ومقاعدة قليلة للدراسات العليا
- نظرة في روايات الرعب
- هل سمعتم بالقانون الجديد -ممنوع الكلام-!
- الكاتب العراقي ومحنة طباعة الكتب
- يجب توفير الدواء مجاناً لذوي الامراض المزمنة
- نقابة المحاسبين والتخاذل المستمر
- منهج البعث في النفاق السياسي
- منتخب الشباب وضرورة الكادر الاجنبي
- الى متى تستمر مظلومية المحاسبين الحكوميين؟
- عملية اصلاح جمهورية كرة القدم تبدأ من الصغار
- تجاهل قاعدة المجرب لا يجرب... لماذا؟
- جنوح البعض نحو الكتابة الايروتيكية
- ما اكثر القتل في بلد السعلوسة!


المزيد.....




- -المُلحد-.. إبراهيم عيسى: الفيلم هو الدولة المدنية التي نداف ...
- ساويرس يرد على سؤال بشأن فيلم -الملحد-.. وهذا ما قاله عن -من ...
- -رأس الخس- يلاحق تراس من جديد ويخرجها من المسرح (فيديو)
- هيفاء وهبي تعلق على قرار منعها من التمثيل والغناء بمصر بآية ...
- بعد أزمة فيلم -الملحد-.. هل تأجل العرض بمصر أم مُنع العمل؟
- جيمي كيميل لن يقدم حفل الأوسكار المقبل لهذا السبب
- استقبل الأن.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 batoot Kids على جمي ...
- تنسيق الشعبة الأدبية 2024 مرحلة أولى كلية اقتصاد وعلوم سياسي ...
- في دورتها الـ10.. إعلان أفضل الأعمال المشاركة في جائزة كتارا ...
- بالصور| اقدم نقاش في العراق يحاور الخشب ويخلق لوحات فنية


المزيد.....

- في شعاب المصهرات شعر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- (مجوهرات روحية ) قصائد كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- كتاب نظرة للامام مذكرات ج1 / كاظم حسن سعيد
- البصرة: رحلة استكشاف ج1 كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- صليب باخوس العاشق / ياسر يونس
- الكل يصفق للسلطان / ياسر يونس
- ليالي شهرزاد / ياسر يونس
- ترجمة مختارات من ديوان أزهار الشر للشاعر الفرنسي بودلير / ياسر يونس
- زهور من بساتين الشِّعر الفرنسي / ياسر يونس
- رسالةإ لى امرأة / ياسر يونس


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - اسعد عبدالله عبدعلي - الأرجوحة 13 ما بين الغموض والضياع