تشوهات مزمنة تفضحها الرائحة

حمدى عبد العزيز

الحوار المتمدن-العدد: 7321 - 2022 / 7 / 26 - 00:41
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

استمعت للمواطن السوري المقيم في تركيا والذي يعرض عشرة ملايين جنيهاً ك(دية) لأهل الفتاة (نيرة) التي غدر القاتل إياه بدمائها ، وأزهق روحها ..
بمعني آخر فهو يعرض العشرة ملايين من أجل أن يتنازل أهل الضحية عن دمها وان يتصالحوا مع قاتلها أمام المحكمة ..
وبغض النظر عن أن هذا لاقيمة له من حيث رفع الجرم قانونياً عن القاتل وناهيك عن أن قصة الدية لامحل لها من الإعراب في مجتمعات تحكمها القوانين المدنية لا الاعراف القبلية ، إلا أنني اشتم في هذا الخطاب رائحة اعلمها جيداً .. هي بذاتها .. إنها رائحة محترفي التجارة بالتخلف ونشر روح البداوة في المجتمعات العربية
، وهاهم قد نشطوا وشمروا عن سواعدهم لتبني قضية إنقاذ حياة مجرم قاتل أزهق حياة إنسانة كل جريمتها أنها أنثي رأي القاتل بنطاعته الذكورية الهمجية أن من حقه حيازتها وامتلاكها ودونما ذلك فلاحق لها في الحياة ..
وبالطبع لاتوجد قيم إنسانية خيرة أو دين أو شريعة عادلة تقبل ذلك
لكن هناك مايسمح بذلك في قيم وطبائع وشرائع من يفضلون التخلف والهمجية واستنساخ انماط مجتمعات البداوة الظلامية ويقاتلون من أجلها ويعيشونها كقضية حياة أو موت تحت رايات زائفة باسم العودة لمجتمع السلف الصالح ودولة الخلافة وماالي غير ذلك من تخريجات إباحة السلب والسطو والنهب وقطع الرقاب وإشباع غرائز الهيمنة والنطاعة الحيوانية البدائية باسم الدين كتجارة رائجة في مجتمعات مأزومة من حيث البني الإجتماعية والإقتصادية والثقافية ..
وإذا مااضفنا إلي ذلك هؤلاء الذين جمعوا الملايين من الجنيهات في وقت قليل نسبياً لاستجلاب أشهر من يحترف حيل والعاب واكروبات الترافع أمام المحاكم لإنقاذ حياة الجواسيس والقتلة والمفسدين في الأرض ، وذلك للترافع عن مرتكب الجريمة البشعة التي تروع الأرواح والضمائر الإنسانية السوية .
.. فهاهي إذن ظواهر مجتمعاتنا الشرق أوسطية البائسة تثبت أن هؤلاء الذين تحيط بأرواحهم كهوف ماقبل الإنسانية كثيرون ، ويعيشون علي أسفلت الحياة المدنية وبين جدرانها ويستعملون آدواتها واجهزتها العصرية في حين أنهم يمتلكون عقلية وروح قطاع طرق القرون الأولي الذين كانوا يعيشون علي الغزو والسبي والاعتياش من السطو واستحلال أنفس وأرواح الناس وكل ماتطاله مخالبهم الحيوانية ..
بيننا - إذن - من يرتدون ثياب الحضارة ويتعطرون بعطور العصر ويجلسون أمام أجهزة الإتصال والشاشات الألكترونية الحديثة ليتحدثون حديث بدو ماقبل العصور الوسطي وسكان هجر الصحاري (بضم الهاء) وكهوف الجبال وتلك أحد دلائل التشوه الذي نعانيه.

#حمدى_عبد_العزيز (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات