أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعود سالم - أناكسيمين وبداية العقل العلمي














المزيد.....

أناكسيمين وبداية العقل العلمي


سعود سالم
كاتب وفنان تشكيلي

(Saoud Salem)


الحوار المتمدن-العدد: 7318 - 2022 / 7 / 23 - 14:01
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


أركيولوجيا العدم
العودة المحزنة لبلاد اليونان
١٢ أناكسيمين وبداية العقل العلمي

أناكسيمينيس Anaximène - Ἀναξιμένης هو تلميذ ومعاصر أناكسيماندر ٥٨٥٥٢٥ ق.م، وأراد أن يوفق بين عنصر الماء لطاليس والآبايرون اللامحدود لمعلمه، معتقدا بأن العنصر الأساسي لنشأة الكون والأشياء لا بد أن يكون متعينا بالكيف، وإلا فإنه لاشيء. وأعتبر أن العنصر الأول لابد أن يكون مادة هلامية سائلة غير مرئية، عنصر دائم الحركة سواء حركة دائرية أو لولبة، ووجد أن الهواء باعتباره لانهائيا ومحيطا بالكون وفي حركة دائمة ولا نهائية مثل الأبايرون وهو متعين ومحسوس مثل الماء، يمكن أن يكون هو التعبير الحسي عن هذه المادة الأولية، بالإضافة إلى أنه لاحظ أن إنقطاع الهواء عن الإنسان أو الحيوان يؤدي مباشرة إلى الموت والهلاك.
وحاول تفسير وتوضيح فكرة معلمه عن نشوء الكون عن طريق الإنفصال وذلك بإضافة فكرة التكاثف والتخلخل. فعن طريق التخلخل يتحول الهواء إل النار ثم تتحول النار إلى بخار والبخار إلى ماء ويتحول الماء أخيرا إلى تراب. والأرض نشأت بدورها من هذا التخلخل والتكاثف، وهي على شكل قرص معلق في الهواء، واكتشف بأن القمر يستمد نوره من الشمس.
لاشك أن أناكسيمين تأثر بكل من طاليس وأناكسيماندر، وحاول أن يخطو خطوة جديدة نحو تحرير العقل العلمي من القيود التي كانت تكبله حتى هذه المرحلة، ولكنه تعثر ولم يكن يملك القوة الخيالية لأناكسيماندر الذي تخيل فكرة العوالم المتعددة في الزمان والمكان، وأن الكون لا بداية له ولا نهاية، وتكون الإنسان أولا من الحيوانات البحرية ثم تطوره إلى الإنسان الأرضي، وخمن فكرة الجاذبية والتي سماها التوازن ليجعل الأرض ثابتة دون أن تسقط في الفراغ.
وعاد أنيكسيمين لفكرة الوسادة التي تستند عليها الأرض، وبدلا من أن يكون الماء هو فراش الأرض، يقول بأنه الهواء هو الذي يسندها، وكذلك تراجع عن المادة اللامحددة وقال بعنصر محدد كيفيا محسوس ومتجانس كمصدر للكون، وهو الهواء نفس العالم، وتخلخل الهواء ينتج النار وما يتصل بها من الظواهر الجوية، وتكاثف الهواء ينتج الرياح والعواصف والسحب والمطر، وتكاثف الماء ينتج الطمي في دلتا الأنهار ثم التراب ثم الصخر.
غير أن الخطوة المهمة التي خطاها أناكسيمين، هي وصوله إلى تفسير الظواهر تفسيرا ميكانيكيا مطلقا، أكثر راديكالية من معلمه، دون اللجوء إلى أية مبررات دينية ميثولوجية أو أخلاقية من أي نوع. فعند أنيكسيماندر، نشأة الأكوان وفنائها، تكونها وإندثارها إنما كان لعة أخلاقية أو شبه أخلاقية وهي فكرة "العدالة" وما تقتضيه من عقاب وجزاء، بينما أناكسيمين يفسر ذلك تفسيرا آليا مجردا من كل وازع أو غائية بفكرة التخلخل والتكاثف.
ورغم المحاولات العقلية الجادة التي قام بها هؤلاء الفلاسفة - العلماء الأيونيين لتنظيم الكون في صورة منطقية يتقبلها العقل، فإن الإمكانيات المعرفية والأدوات المتاحة في ذلك الوقت لم تكن كافية للخروج تماما من الخيال، غير أنه مع ذلك بقي خيالا علميا وليس أسطوريا. أي أنهم "علمنوا" نظامهم الكوني الميثولوجي السابق الذي وضع أسسه هوميروس وهزيود. ففي بالثيوغونيا - Θεογονία - أي "أنساب أو مولد الآلهة - القصيدة التي كتبها هزيود حوالي العام 700 قبل الميلاد - وتحدثنا عنها سابقا - وتصف أصول وأنساب آلهة اليونان، تتحول عند الأيونيين نموذجا للتفكير في صيرورة الطبيعة. هذه الآلهة التقليدية تتحول إلى "عناصر" عامة غير مشخصة، حيث زيوس Zeus يصبح النار، هاديس Hadès يصبح الهواء، بوسيدون Poséidon يصبح الماء، والآلهة غايا Gaia تصبح الأرض، رغم أنه يجب الحذر من هذا التفسير، لأن فكرة العناصر الأربعة المكونة للعالم المعروفة لم تكن حاضرة عند هؤلاء الفلاسفة بعد، وهي فكرة لاحقة. فالأرض بالنسبة لطاليس وأناكسيمين هي مجرد قرص مسطح يطفو فوق الماء عند الأول ويسبح في الهواء عند الآخر. أما بالنسبة لأناكسيماندر فهي في شكل يشبه عمود إسطواني. ويبدو أن أناكسيمين هو من يمثل هده النزعة العلمية العقلية عند الأيونيين خير تمثيل، حيث تفادى الإلتجاء إلى الأساطير والخرافات وكذلك تفادى الدين والأخلاق، وفسر نشأة الأكوان وفسادها تفسيرا آليا وعلميا بواسطة التخلخل والتكاثف.

يتبع



#سعود_سالم (هاشتاغ)       Saoud_Salem#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ورع الذئاب الإلهية
- أناكسيماندر وتحرر العقل
- وخلقنا من الماء كل شيء حي ؟
- طاليس وإختراع الفلسفة
- الخوف من الخوف
- ماهي الفلسفة ؟
- هزيود، الشاعر النبي
- في البداية، كان الشعر
- ليعم الصمت
- مقابلة صحفية مع الله - الحلقة الأخيرة
- مقابلة صحفية مع الله - الحلقة الثانيةَ عَشْرَةَ
- مقابلة صحفية مع الله - الحلقة الحاديةَ عَشْرَةَ
- عن السماء وفلسفة الكون
- مقابلة صحفية مع الله - الحلقة العاشرة
- درع آشيل
- مقابلة صحفية مع الله - الحلقة التاسعة
- بوادر الفكر الفلسفي
- مقابلة صحفية مع الله - الحلقة الثامنة
- أين ظهرت الفلسفة ؟
- مقابلة صحفية مع الله - الحلقة السابعة


المزيد.....




- قارنت ردة فعله بصدام حسين.. إيران تعلق على مقتل يحيى السنوار ...
- الجيش الإسرائيلي ينشر فيديو معدلًا من مسيرة يقول إنه يصور لح ...
- أبرز ردود فعل قادة ومسؤولين دوليين على مقتل يحيى السنوار
- مصر تعلن تعديل أسعار البنزين ومشتقات الوقود ابتداء من اليوم ...
- بسبب صورة.. شقيقة زعيم كوريا الشمالية توبخ سلطات جارتها الج ...
- الجيش الإسرائيلي: رصد إطلاق 15 صاروخا من لبنان باتجاه إسرائي ...
- تقرير: هكذا تلقى الأمريكيون خبر مقتل السنوار
- وزير الدفاع الياباني يعد بإرسال معدات عسكرية إضافية إلى أوكر ...
- اختبار جديد بالليزر يكشف عن الخرف بمختلف أنواعه في ثوان
- العلماء يكتشفون أصل معظم النيازك التي ضربت الأرض


المزيد.....

- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج
- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعود سالم - أناكسيمين وبداية العقل العلمي