أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رعد مطشر - سلاماً .. أيُّها الفؤادُ السالم بالعراق














المزيد.....


سلاماً .. أيُّها الفؤادُ السالم بالعراق


رعد مطشر

الحوار المتمدن-العدد: 1681 - 2006 / 9 / 22 - 07:44
المحور: الادب والفن
    


دائماً ، وأنا أنحني عالياً ، أرى نخيلَ البلادِ يملأُ العينين بخضرتِهِ الغامقة، وأسمعُ حفيفَ سعفاتِهِ وتغريدَ أطيارِهِ بين الظلالِ ينادمُ طفولتي بصوتِ بلبلٍ شجيّ ؛ حنونٍ ، ويخلق علاقةً وشيجةً بين تلك المسمّيات الروحية وبيني، إنّهُ صوت المطربُ الذي أنهكتْهُ مِديةُ المدائن بخريفها الشبيه بمسبحةٍ تنفرطُ خُرزاتها لسبع وعشرين عاماً، بعيداً عن أرض النخيل؛ بعيداً عن أمِّهِ، وقريباً من المنفى المتناسلِ في منافٍ أخـَر، إنّه فؤاد سالم؛ ذكرى الطفولةِ وشجن الشباب وأنين الجسد في تعبه المتوارث؛ فؤاد سالم الذي تسلّل إلى المنفى مُرْغماً، مُكتظاً بمِزّق النخيل المجروف، ومحمّلاً ببكاء الأمّ بين جنبات القبور: (يُمَّه يَوْحيد يغايب/ يُمَّه يا روح الحبايب/ هَلْبَتْ ترد يَبْني لإمـّك/ وتمسح الشيب الجنيته/ وبيدك تحنّي الكَصايب).. تاركاً الأرض التي غنّى لها في شبابِهِ ، بدءً من (محلة الخندق) في البصرةِ؛ محل ولادته، وإنتهاءً بشمال الجبال والثلوج، مروراً بدجلةِ الخير والأهوارِ والسعف المنادم للمشاحيف،والساهر مع الصيادين الموغلين في عمق أور وسومر، هارباً من (الوقائع) التي تدوّن في صفحاتها السود: (يُعدم الخائنُ فؤاد سالم).. هكذا كانت (الوقائع العراقية) تقولُ حينها؛ وخيانة فؤاد سالم كانت للأسباب الآتية: أولاً لأنّه مطْربٌ تشرّب بأرض النخيل وذاب فيها مردّداً [ كَاعنا فضّة وذهب/ وإحنا شذرها/ وشحلات العُمر/ لو ضاع بعمرها ].. وهذا خروجٌ عن سكون الطغاة وقلقٌ لهم.. ثانياً إن اسمَهُ فؤاد سالم، ويعني القلب العامر، السالم من كلَّ شيء ولهذا يجب أن يسكت هذا الفؤادَ النابضَ باللغةِ الرقيقةِ والمفردةِ العذبةِ واللحن الأصيل، وفوق كل هذا أنـّه يملك صوتاً شجياً مشبّعاً بطبقات الحزن العراقي الأثير وبنسمات غربة الخليج , وضيعة دجلة والفرات تحت ممحاة القتلى المرمين في مائها، ليلاً ليشبع السمك تحت خشب( البلاّمة )المرعوبين من مرور القـَتلة,
وأخيراً وليس آخراً: أنّه يبحث عن وطنٍ لا غربةَ فيه، وعن نوافذَ لا شجنَ فيها، وعن أبوابٍ يطرقها فينفتح الأفق بهيّاً أمامه.. وهناك أسبابٌ أخرى تتركها (وقائع) الموت لمحاكمة فؤاد السالم أو المدعو (فالح حسن بريج).. ابن البصرة والشناشيل.. وبعد كل هذا، وبعد سبعٍ وعشرين خريفاً هاهو فؤاد سالم، يرقد بعيداً عن بلادِهِ، في مستشفى (الأسد) في سوريا، يرقب البلاد التي أفنى عمره من أجلها، علّها تمدُّ كفّيها لتنقذه من شرايين فؤادِهِ التي استبدلها ذات يومٍ بعمليةٍ غريبة؛ فؤاد يبدّل شرايين فؤادِهِ في بلاد الضباب (لندن) وحين يعود إلى البلاد بعد سبعة وعشرين عاماً تعود الشرايين إلى العطب المنادي: (رايحين إنشوف أهلنا شلونهم/ والله مشتاكَين نورعيونهم).. إشتياقٌ يقود إلى العطب والموت والانتظار؛ إنّه يرقب ـ الآن ـ البلادَ، وقادتها الجُدد، وأبناءُها المحبّين لـَهُ ؛ المحبـّين لأبي حسن وحيدر وجمانة ونور، فؤاد المنتظر انتظاراً قلقاً كي لا يكون مصيره النسيان والاهمال ، كما كان الأمر مع رائدة الشعر الحرّ نازك الملائكة، ومع الشاعر الكبير مظفر النواب، ومع الشاعرة الأرق لميعة عباس عمارة، وقبلهم جميعاً الجواهري والبياتي وسعدي يوسف وحسب الشيخ جعفر ... وعشرات المبدعين الآخرين في طرقات الموت والمنافي... إنه فؤاد الراقد بين أبنائه هناك وعينا (إيمان) زوجته تستنجدان:
يا عراق ؛ نحن بإنتظار (بيادر الخير).. فلا تبخل.. علينا يا شريان الفؤاد.. يا عراق الكوارث والنسيان.



#رعد_مطشر (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تماسكي بغداد .. فالانفجار قريب
- هنا تماماً.. هنا... حريقُ بغداد
- هل كان ميلادنا .. مقبرة أفراحنا
- أيام الشاهين القتيلة
- رسالة ليست متأخرة ... الى ولدي محمد
- ايام الشاهين القتيلة
- شمس .. إلتقاطات الظهيرة الباردة
- كولالة نوري : الشعر إتزان الجميع
- نحن معا ًفي حبّ هذا العراق العظيم
- اليد تكتشف كرويّة جنونها
- عبد الرحمن الربيعي ... أيّها الغريب رتّق نيازكي
- مساقط الضوء أم مرثية الإنطفاء
- كرخيتي لآليء النور


المزيد.....




- وصف مصر: كنز نابليون العلمي الذي كشف أسرار الفراعنة
- سوريا.. انتفاضة طلابية و-جلسة سرية- في المعهد العالي للفنون ...
- العراق.. نقابة الفنانين تتخذ عدة إجراءات ضد فنانة شهيرة بينه ...
- إعلان القائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية 2025 ...
- بينالي الفنون الإسلامية : مخطوطات نادرة في منتدى المدار
- ذكريات عمّان على الجدران.. أكثر من ألف -آرمة- تؤرخ نشأة مجتم ...
- سباق سيارات بين صخور العلا بالسعودية؟ فنانة تتخيل كيف سيبدو ...
- معرض 1-54 في مراكش: منصة عالمية للفنانين الأفارقة
- الكويتية نجمة إدريس تفوز بجائزة الملتقى للقصة القصيرة العربي ...
- -نيويورك تايمز-: تغير موقف الولايات المتحدة تجاه أوروبا يشبه ...


المزيد.....

- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رعد مطشر - سلاماً .. أيُّها الفؤادُ السالم بالعراق