أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فطنة بن ضالي - مفهوم الشعر في قصيدة -مارق من ضجة الأوراق- للشاعرة ابتهال محمد مصطفى تريتر















المزيد.....

مفهوم الشعر في قصيدة -مارق من ضجة الأوراق- للشاعرة ابتهال محمد مصطفى تريتر


فطنة بن ضالي
كاتبة، شاعرة

(Fatna Bendali)


الحوار المتمدن-العدد: 7299 - 2022 / 7 / 4 - 22:32
المحور: الادب والفن
    


إن ما يلفت الانتباه في قصيدة " مارق من ضجة الأوراق " للشاعرة ابتهال محمد مصطفى هو توالي مشاهد الفخر والاعتزاز بالشعر والتي تتنامى بداية من المفتتح المدهش الذي هو صورة إبداعية رائعة عبرت فيها الشاعرة عن جدال مرير مع الشعر العصي والمتمرد على الأوراق (مارق )، إلى أن تصل إلى المشهد الأخير الذي يستوي فيه النص بقولها " أورقي يا بضة المعنى .... شعرا"، حيث تكابد الشاعرة هنا في مقام الإبداع معاناة القبض على لحظاته، وتصف مراحلها ، إنها العلاقة بين الشاعرة والشعر في التكوين والوجود المشوبة بالقلق والترقب والانتظار، هي في الآن نفسه، نشوة شبهتها بالسكر في حالاتها (زنجبيلا تحتسينا الكأس) . قصيدة غنائية حلقت بها الشاعرة في أعالي السماء ، بكل المعاني <<الشعر - كما تقول الناقدة اعتدال عثمان - بهذا التصور مساحة يصطخب فيها الجدل بين عناصر الثبات وعناصر الحركة، ساحة تفنى فيها عناصر وتتخلق عناصر أخرى، وتتحدد فاعلية العناصر المتولدة بمقدار ما تقتضي من رؤى ومقدار ما تحتوي من إمكانات الكشف وطاقات التغيير>>.
إنها طاقة الإبداع وإمكاناتها لدى الشاعرة ابتهال محمد مصطفي تصف لحظاتها، فالشعر فيها مرة عصي ، ومرة أخرى مطيع روضته الشاعرة في قولها : (تسكن النايات أعلانا عروشا ... في المجازات ونحياها هياجا) ...إنه الاستعداد الفطري للإبداع ، ودخول حضرة الشعر في لحظة فيضية ، تمكنت فيها الشاعرة من التعبير عن نضج التجربة في نزعة صوفية تُستشف من قولها (ساقنا في حضرة لم نكتشفها)، إلى مرتبة عليا هي مرتبة التفوق في قولها (حلبة الشوف السراجا) تطلعا إلى الشمس والنجومية والتتويج. مرورا بحالات عدة : حالة التفكير و التصميم وبث روح الإبداع وإيقاظ القريحة، واختيار الإيقاع المناسب لبناء المعنى قالت : (ككمنجات تركن اللحن حتى تستوي الأوتار في الصمت )، فالشعر تفكير في اللغة وباللغة ، ثم (يتبدى آخر الشعر) بكل علامات الإبداع (لما كلمتنا آية التكوين)، هكذا بدأ يظهر الملمح الشعري، بعالمه الجميل المفعم باللهفة والخوف والشوق، شعلة وهاجة حتى يصل إلى لحظة الاستواء في قولها ( يهرب النص لمن يعلوه ..تاجا ) وذلك لما اكتمل حيث ( تورق بضة المعنى )....ويستوي الشعر شعرا بكل مقوماته وصوره المعنوية والإيقاعية مختار اللغة منتقاها رصينا (لا اغتناجا )لا دخانا يتلاشى في الهواء ، أو لا دلالا وتخنتا . إننا أمام استئناس بلذة الكتابة حيث تتفتق اللغة على تواشج المعنى، وتوافق الإيقاع الذي يؤثر ويوقع على نبض القارئ، فيأخذه إلى العالم الخفي، خلف الكلام، هذا الخفي الذي يثوي خلف الإنجاز الفعلي للغة يتعدى حدود التركيب مستدعيا. أفكارا خاصة، ومعان خاصة في صورها المتعددة.. لأن الشاعرة تهفو إلى بناء عالم مثالي جميل مكثف وعميق في نسيج رمزي.
وانطلاقا من تراكم معرفي ورهانات الشاعرة يبقى الشعر موروثا فكريا، في اختيار الشكل العمودي للقصيدة، وفي إحالتها على المعتقد بل وتصحيحه، أن لكل شاعر قرين (مارق) وفي بيت آخر (ورشقنا الجن بالوجد)، وفي قولها كذلك (الكعب فوق الكعب) إحالة على المثل: (الحافر على الحافر) دلالة على ثقافة الشاعرة المحملة بالتراث الأدبي الرصين، ومع ذلك غير متخلية عن روح العصر وحداثته. ويظل الشعر مجالا لطرح الأفكار وإيصال المعنى وإسماع الصوت، صوت الشاعرة الملتبس في القصيدة بالآخر (أنا،نحن)، في مقابل (مارق).والمتجلي في إسناد الأفعال إلى ضمير الجماعة المتكلم في (تحتسينا، ساقنا، أيقظنا، رشقنا، نحيا،امتلكنا ...) إذ التجربة جماعية فردية ، تكابد فيها الشاعرة معاناتها، مستشرفة أناها إلى الانتماء للشعر والشعراء. فتلتقي البداية بالنهاية في القصيدة ويتصاعد الحدث بوصف الحال ، لأن الشعر رؤية خاصة للحياة. ومن ثم عبرت الشاعرة عن مراحل تطور النص الإبداعي إلى أن استكمل الكيان والوجود ، في حركية تَوحد فيها الإيقاع بالمعنى ، حيث اختارت لها في إيقاعها الخارجي وحدة الوزن " فاعلاتن " المكونة لبحر الرمل ترددا ست مرات مع الإجازات ومن القافية والروي، أما الإيقاع الداخلي تستمد القصيدة قوته من تكرار "نا" الدالة على الفاعل المسندة للأفعال، والجمل القصيرة المعبر بها، منها الفعلية الدالة على الحركة، والمشحونة انفعالا، وكما يقول الناقد محمد لطفي اليوسفي " النص ليس شيئا مواتا ، بل هو كيان زاخر بالحركة ، طافح بالهدير والاندفاعات، أي إنه ليس مجرد "وعاء" يحمل معاني تمنح نفسها للقراءة مهما كانت عادية ومتعجلة، بل إنه هو الذي يبني معانيه، ويستلها من صميمه، من حركات كلماته وصوره ورموزه، يبني دلالاته وإيقاعه وشعريته ."، (كتاب المتاهات والتلاشي في النقد والشعر، المؤسسة العربية للدراسات والنشر ، ط1، بيروت ، 2005.ص7.) ، لقد عبرت الشاعرة بأسلوب ميزها مستعملة المجاز والاستعارات منها (وردة الخدر) (ندينا نتاجا) (حتى يهرب النص لمن يعلوه نتاجا ) (أورقي يا بضة المعنى ).كلها صور عميقة تدل على جودة القصيد في النتاج وعلى القدرة والموهبة الشعرية للشاعر المجيد، كما توسلت بالتشبيهات في مشاهد مراحل الإبداع في قولها (ككمنجات) و(كيتيمات قرأن الكف) حيث شبهت الشعراء في طور الإعداد والتفكير في الإيقاع بآلة الموسيقى التي لا تلحن إلا بعد أن يستوي الوتر، وهكذا كنت عن بداية الشعر والقصيد بالغيم في قولها ( وامتلكنا الغيم ) أرضية وإيذانا بولادة القصيدة، وعن اكتمال التجربة بقولها( الكعب فوق الكعب شعرا) مراتب عليا أسوة بالشعراء الكبار. إذ الشعر يرمز ولا يخبر، لأنه رؤية تتجاوز الواقع المباشر إلى العالم الرمزي بلغته الإيحائية الدالة على المواقف و السلوكات الموضوعية المرتبطة بالعواطف والتصورات، فتكون القصيدة كيانا ينمو ليصل إلى درجة التكامل الفني انطلاقا من التجربة الانفعالية الخاصة للشاعرة ومن موقفها الوجداني حيث تتكامل العناصر التي ولدت حركة إيقاعية من حركة المعنى واختيار ألفاظها وحركة الصورة الأدبية في إيقاع وانسجام تام .
فالقصيدة تجربة موضوعية وجدانية، خلقت عالمها الخاص المتميز للشاعرة ينبئ بامتلاك الأدوات والأسلوب المميز المنبثق من قدرة الشاعرة، وأهمية تجربتها الإبداعية.
مراكش في 12-11-2020.



#فطنة_بن_ضالي (هاشتاغ)       Fatna_Bendali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- - غيثة تقطف القمر- بفاس
- تحت الضوء رجال ذئاب للشاعرة العراقية حياة الشمري
- المغرب بعيون عراقية
- الخلفيات النصية في قصيدة - مضى وحيدا- للشاعر العراقي محمود ف ...
- الوطن الرمز في قصيدة -حينما يصير الوطن منفى - للقس جوزيف إلي ...
- رحلة قصيرة -مدينة الصويرة-
- اللغة العربية و الآفاق
- التعليم والتعلم الانشطة والوضعييات
- الشاعرة كوثر على محمد نجم شاعرة قضية
- الرمز في قصيدة -غرام الأفاعي- للشاعرة حنان بديع


المزيد.....




- كيف ألهم عالم الموضة والأزياء الأفلام السينمائية؟
- عــرض مسلسل حكاية ليلة الحلقة 5 مترجمة قصة عشق وقناة الفجر
- مغامرات القط والفار 24 ساعة.. تردد قناة توم وجيري TOM and JE ...
- عمّان.. الشاعر الكتالوني جوان مارغريت مترجما إلى العربية
- -الرياض تقرأ-.. هيئة الأدب تطلق المعرض الدولي للكتاب وقطر ضي ...
- -الرياض تقرأ-.. انطلاق فعاليات معرض الرياض الدولي للكتاب 202 ...
- الأردن يرشح -حلوة يا أرضي- للمنافسة على أوسكار أفضل فيلم دول ...
- على المسرح.. مغنية شهيرة تتعرض لجلطة دماغية
- “القط والفار 24 ساعة”.. إليك تردد قناة توم وجيري TOM/JERRY 2 ...
- روسيا.. مهرجان الأطفال الدولي يقدم مسرحية عن الفيزيائي الشهي ...


المزيد.....

- مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية / أكد الجبوري
- هندسة الشخصيات في رواية "وهمت به" للسيد حافظ / آيةسلي - نُسيبة بربيش لجنة المناقشة
- توظيف التراث في مسرحيات السيد حافظ / وحيدة بلقفصي - إيمان عبد لاوي
- مذكرات السيد حافظ الجزء الرابع بين عبقرية الإبداع وتهمي ... / د. ياسر جابر الجمال
- الحبكة الفنية و الدرامية في المسرحية العربية " الخادمة وال ... / إيـــمـــان جــبــــــارى
- ظروف استثنائية / عبد الباقي يوسف
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- سيمياء بناء الشخصية في رواية ليالي دبي "شاي بالياسمين" لل ... / رانيا سحنون - بسمة زريق
- البنية الدراميــة في مســرح الطفل مسرحية الأميرة حب الرمان ... / زوليخة بساعد - هاجر عبدي
- التحليل السردي في رواية " شط الإسكندرية يا شط الهوى / نسرين بوشناقة - آمنة خناش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فطنة بن ضالي - مفهوم الشعر في قصيدة -مارق من ضجة الأوراق- للشاعرة ابتهال محمد مصطفى تريتر