عبدالإلاه خالي
(Abdelilah Khali)
الحوار المتمدن-العدد: 7292 - 2022 / 6 / 27 - 21:31
المحور:
الادب والفن
حين كان عمري وعمرها سبع سنوات تملك مني غرامها..
وقفَتْ يوما رفقة صويحبات في ركن الدرب. أخرجَتْ طباشيرا وراحت تخط على الأرض مربعات..
سيلعبن السيس[1] ..
أنهت المخطط بنجاح وبدأت زميلاتها يقفزن تناوبا..
جاء دور نادية فوثبت..
كنت جالسا أرقبها من فوق سور السبالة..
رأيت خصلات شعرها تتهادى يمنة ويسرة..
جميلة نادية..
بهية نادية..
كانت أسرع من الأخريات..
فازت.. استحقت ذلك..
بعد الوصول وقفَتْ مبتسمة وعلى حين غرة ارتدت ساقطة على الأرض..
استولى علي الفزع وطار من الهلع قلبي.
هرعتُ نحوها.. كانت ساكنة دون حراك.. محياها الجميل تغيرت سَحْنَتُه وعَلتْه شحوبة، لكن شفتيها ترتعشان..
ترددت أصوات الصبايا وهنَّ يَنشُدن إسعافها:
- « أغمي عليها! »
- « أكيد أنها عطشى! »
- « ليجلب أحد ماء! »
استدرتُ راكضا في اتجاه "السبالة".. أخذتُ الإناء الخشبي المهجور.. ملأتُه بالماء وعدتُ مسرعا..
تجاوزتُ السليلات المتحلقات حولها.. رَشَحْتُ وجهها بالماء ثم أجلستُها مسندا ظهرها بركبتي.. رفعتُ إناء السبيل وأعنتُها على رشف الماء..
بعد هنيهة استفاقت..
- « هل أصابكِ مكروه؟ »
نظرَتْ إليَّ.. تلفَّتَتْ من حولها كما لو كانت في غيبوبة.. أعادت النظر إلي ثم ابتسمَت ونطقَت:
- « أنتَ تخاطر بنفسك حينما تقفز من سطح السبالة! »
لقد رأتني أقفز إذن..
أدركتُ أنها كانت تحس بي.. كانت تشعر بوجودي..
قلت متصنعا العزم والإقدام:
- « قفزتُ مما هو أعلى من السبالة! »
ضحكَتْ وتتالت ضحكاتها حتى بدت نواجدها الناصعة البياض..
ساورني الارتياب.. قد تكون لاحظت وهي البصيرة أنني أحاول لفت نظرها بافتعال أعمال الشجاعة؟! غيرتُ الأسلوب فصرتُ أقدم لها العطايا وأعزف لها الألحان .
......
آه ثم آه!
أكانت تلك هاته!
أكانت هاته تلك!
آه منك يا نادية!
انتهت
الهوامش:
[1] السِّيس: لعبة نط فوق شكل مخطط على الأرض. المخطط سداسي المربعات واللعبة تمارسها البنات خاصة.
#عبدالإلاه_خالي (هاشتاغ)
Abdelilah_Khali#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟