المعانيد الشرقي
كاتب و باحث
الحوار المتمدن-العدد: 7286 - 2022 / 6 / 21 - 02:46
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
يُشكل التاريخ عند هيجل حركة منطقيّة مصدرها العقل الكلي، هذه الحركة يحكمها الجدل، أي؛ الصراع والتناقض، يُهمينُ الجدل على حركة مسار العقل في التاريخ بحسب هيجل، التاريخ إذن، نمو نحو الحريّة وتطوّرها، لأنه في الأصل يُعبّرُ عن التقدّم من خلال الشعور بالحرية لدى الإنسان.
لا يمكننا فرز خيوط الوعي والحرية وحركة التاريخ عن العقل بحسب هيجل، بالرغم من أن فيلسوف الجدل هذا، استفاد من فلسفة إمانويل كانط الذي أكد على أن التاريخ يتحرك من خلال حركة خفية توجد داخل الطبيعة وتسير به نحو الكونية، هذه الفكرة ستعرف تغيراً في عقل هيجل فيما بعد، خصوصا بعد الثورة الفرنسية وميلاد عصر الأنوار، ستتغير فكرة الكونية إلى مكر التاريخ عند هيجل، ذلك أنه وضع الحريّة في نطاق المطلق، على اعتبار أن المطلق هو كل من يمتلك في حدِّ ذاته سِرَّ وجوده، أي؛ في نطاق مفهوم الله، لهذا ظلّت الحرية عند الفلاسفة الألمان فلسفةً كلامية إنسانية يتجسّدُ مدارها حول هذا المطلق الذي يتكرر على لسان دارسي هيجل بالروح المطلق. يُقصدُ بمكر التاريخ حسب هيجل، أنّ للتاريخ يسبحُ في مُستويين اثنين: الأوّل ظاهريٌّ، والثاني باطني وخفي. مكر التاريخ هي مقولة هيجيليّة خالصة، هذه المقولة تُحوِّلُ هذا التيه إلى فعاليّة تتجلّى عبرها القدرة الإنسانيّة في إخضاع الطبيعة البشريّة والمصير الإنساني لعقلٍ أحكم سيطرتهُ على مُختلف مناحي الإنسانيّة. يعتقدُ هيجل اعتقاداً راسخاً أنّ التاريخ لا يُسيّرهُ الأفراد بل هو الّذي يتحكّم فيهم ويقودهم، وبالتالي، لا يوجدُ شخصٌ يدعي لنفسه الفعل في التاريخ، التاريخ هو الصانع لكلِّ شيء لأنه يستعمل الإنسان كأداة ليرسم مساره نحو المطلق والتطابق. ردّد هيجل باستمرار مقولة مكر التاريخ، لأنّه عاصر نابليون بونابرت، ورأى ذلك الدمار الذي خلّفته ديكتاتوريته، من هنا، وجه هيجل نقده اللاذع لهذه الأفكار الديكتاتورية التي انقلبت على فلسفة عصر الأنوار، بالرغم من أن هيجل أُعجب بنابوليون بونابارت في فترة من فترات حكمه، خصوصا لما شاهده فوق فرسه ببزته العسكرية، فقال: ( لقد رأيتُ روح العالم ). نفس الشيء بالنِّسبة لفيخته وشيلينج ثلامذة كانط وآخرون.
وفي الختام، يمكننا أن نخلص إلى نتيجة مفادها، أن مكر التاريخ بالنسبة لهيجل، يعني أن الإنسان يعتقد واهما أنه يفعل في التاريخ بوعيه، إلا أنه مع ذلك يجهل بأن للتاريخ علل باطنية خفية تسير به نحو المطلق والتطابق أو ما يُعرف عند هيجل بالإكتمال.
هكذا نستنتج بأن الحرية والوعي من خلال العقل والتناقض والتاريخ ثم الدولة هي مفاهيم مترابطة عضويا عند هيجل، بحيث أن كل فرز لأحدها على الآخر يُفسد فلسفته النسقية التي كانت تستعصي على الفهم لدى الألمان في تلك الفترات لولا الترجمات الفرنسية خصوصا مع شارح فلسفة هيجل ألكسندر كوجيف.
#المعانيد_الشرقي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟