أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعيد هادف - المستبد المستنير والمثقف الفيلسوف














المزيد.....


المستبد المستنير والمثقف الفيلسوف


سعيد هادف
(Said Hadef)


الحوار المتمدن-العدد: 7286 - 2022 / 6 / 21 - 01:30
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


تلهمنا المجتمعات الحكيمة وتعلّمنا أن الإنسان الذي لم يأخذ حظا من الفلسفة ومن الحكمة والمنطق يعيش حياته سجين الأحكام المألوفة التي أنتجها الحس المشترك من خلال تمثلاته القاصرة، ومن العادات والعقائد السائدة في مجتمعه بعيدا عن أي مراجعة نقدية أو مساءلة عقلية.
ولأن الفلسفة، رغم قوة مناعتها، اغتصبها صنف من محترفي زخرف القول، وسكنوها بعد أن حولوها إلى قوقعة، يدعو فلاسفة الفعل وفن العيش والراغماتيا، على غرار ميشال أونفري إلى استعادة دور الفلسفة وإعادتها إلى الشارع وإلى الناس حيث تنتمي، وحيث كانت تنتمي في العصور القديمة، وأعطى مثلا بكتابات افلاطون التي تعج بالناس بمختلف طبقاتهم ووظائفهم.
وأن تكون فيلسوفا، يقول أونفري، يعني أن تتفلسف طوال الوقت. ويرى أن فلسفة الجامعات التي نعرفها هي تطوير لتقليد علم المسيحية لذا عندما تتحدث عن فيلسوف فرنسي- النظرية الفرنسية كما يقول الأمريكيون، وأعني فلاسفة مثل دولوز، غاتاري، ديريدا وليوتار الخ – فذلك له علاقة بأصحاب التنويم المغناطيسي تماما. وإذ يضع أونفري بعض الفلاسفة في سلة واحدة مع آباء الكنيسة كونهم مثلهم خنقوا الفلسفة وجعلوا منها تمرينا وبحثا مجنونا في تفاصيل عجيبة، يسعى في فلسفته إلى القبض على التفكير الفلسفي الذي قام خارج هذا التقليد وعاداه.
من نافل القول أن نشير أن الفلسفة هي احترام الحكمة بشكل من الأشكال، من منطلق أن الفيلسوف يحب الحكمة ولا يدعي أنه يمتلكها. والفلسفة والحالة هذه ذات صلة بالعقل النقدي وبالمعرفة المأمونة بعد فحصها. غير أن المشكل أنها عرضة للقرصنة ولاسيما من قبل أذكياء وموهوبين في فن المجادلة من مثقفين ذوي نزعة مسيحية وإسلامية وحتى اللا دينيين المؤدلجين.
من حق أي مثقف أن يتسلح بالفلسفة دفاعا عن رؤيته حتى وإن تناقض مع العقل، لكن ليس من حقه أن يدعي الفلسفة أو يعلقها وساما على صدره، ويبقى "مثقفا" منحازا لجهة ما بالمعنى الغرامشي، أي مثقفا عضويا.
والمثقف العضوي هو من يرتبط بقضايا الطبقة التي ينتمي إليها، ويساهم في تكوين وعيها وصياغة رؤيتها للعالم وتحديد مهامها، حيث يظهر ذلك المثقف في جميع أروقة الدولة التنظيمية والثقافية والأيديولوجية. وبالتالي، فلكل طبقة مثقفوها، كما أن هناك مثقف الموالاة ومثقف المعارضة، أو النخبة الموالية للحكم والنخبة الموالية للمعارضة.
أما "المثقف الفيلسوف" ومهما رافع دفاعا عن مصلحة طبقته يظل منحازا إلى العقل ومبادئه، فتجده في جبهته الحرة يخوض معركتين: معركة المصلحة ومعركة الحقيقة، عكس "المثقف السفسطائي" الذي يخوض معركة المصلحة فقط.
وقد كنت في العدد السابق، حول "الاستبداد المستنير"، أشرت إلى نقاط الاختلاف بينه وبين "الطغيان والدكتاتوريا". وإذا كان المستبدون والطغاة يظهرون وقت الفراغ وانتشار الفوضى، فإن المستبد يفتك الحكم مدفوعا بروح الأبوة للدفاع عن الشعب بينما هدف الطاغية هو الحصول على الحكم لإشباع رغبته المتعطشة إلى السلطة. وقد ينجح المستبد في خدمة مصالح الشعب إذا ما وجد في صفه مثقفين يتمتعون بالمهارة والشجاعة، وفي هذه الحالة يسمى "المستبد المستنير"، أما إذا التف حوله مثقفون سطحيون وجبناء وسفلة خوفا منه فقط، فالمستبد والحالة هذه يتحول إلى طاغية بعد أن يفشل في تدبير شؤون الدولة.
وفي الختام، يمكن القول أن الطغيان تنتجه ثقافة جاهلة ومتحجرة كسولة وجبانة جفت فيها روح المغامرة وخصوبة الخيال. وهذه الثقافة العقيمة في الغالب تتأسس على عبادة التراث، ورفض المستجدات، وعدم تقبل النقد والخوف المرضي من الاختلاف والتنوع، هاجس المؤامرة، الاستهلاك الاستعراضي والتفاخر بالثراء، والجهل بفن العيش، النزوع نحو العنف ورفض الحوار والنقاش، وانتشار الظلم والفساد...
هل لهذه الظاهرة نخبتها؟ هل لها مثقفها العضوي؟ لا أظن ذلك، بحكم أن الوضع يكون تحت طقس من الخوف، وبسبب جشع الطغاة الفرعيين في كل قطاع أو جهة، تنعدم الثقة بينهم، وبالتالي تضم كل عصابة إليها "ما يشبه المثقفين" لتنشيط الشأن العمومي بهدف استباحته بتزكية من الطاغية الرئيسي.
ـــــــــــــــــــــــــ
في معنى الاستبداد المستنير
https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=759342



#سعيد_هادف (هاشتاغ)       Said_Hadef#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في معنى الاستبداد المستنير
- ملف النخبة المغاربية (الجزء التاسع): تونس ومسار التحرر: من ب ...
- ملف خاص:النخبة المغاربية (الجزء الثامن): الحركة القومية التو ...
- بين الذكاء والغباء
- ملفات مغاربية: بعد ستة أشهر من عام 2022
- مايو: أحداث وأسماء جزائرية
- الجزائر: سؤال الهوية بين حقيقة العقل وحقيقة الواقع
- اليوم العالمي -العيش معا في سلام-
- الفرنسيون ذوو الأصل المغاربي والشأن السياسي
- الصحافة المغاربية: بين الحصار وسوء التعبير
- بعد أسبوع على فوزه بالرئاسة: هل سينجح ماكرون في الوفاء بوعود ...
- على هامش رحيل إيدير: كيف نبني خطابا خلاقا خاليا من الجهل وال ...
- تأشيرة شنغن: كيف ينظر الاتحاد الأوروبي إلى البلدان المغاربية ...
- البلدان المغاربية في ضوء المنطق
- العلاقة الجزائرية الليبية في ضوء تحركات الدبيبة
- فرنسا: هل ستلفظ الجمهورية الخامسة أنفاسها؟
- على هامش الرئاسيات الفرنسية: أي مستقبل فرنسي مغاربي؟
- فضاء جيوسياسي مغاربي جديد قيد التشكل
- ملف خاص: النخبة المغاربية (الجزء السابع): تونس القرن التاسع ...
- الشعر في يومه العالمي: ما قصته مع الجمهورية؟


المزيد.....




- مجلس الوزراء السعودي يوافق على -سلم رواتب الوظائف الهندسية-. ...
- إقلاع أول رحلة من مطار دمشق الدولي بعد سقوط نظام الأسد
- صيادون أمريكيون يصطادون دبا من أعلى شجرة ليسقط على أحدهم ويق ...
- الخارجية الروسية تؤكد طرح قضية الهجوم الإرهابي على كيريلوف ف ...
- سفير تركيا في مصر يرد على مشاركة بلاده في إسقاط بشار الأسد
- ماذا نعرف عن جزيرة مايوت التي رفضت الانضمام إلى الدول العربي ...
- مجلس الأمن يطالب بعملية سياسية -جامعة- في سوريا وروسيا أول ا ...
- أصول بمليارات الدولارات .. أين اختفت أموال عائلة الأسد؟
- كيف تحافظ على صحة دماغك وتقي نفسك من الخرف؟
- الجيش الإسرائيلي: إصابة سائق حافلة إسرائيلي برصاص فلسطينيين ...


المزيد.....

- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعيد هادف - المستبد المستنير والمثقف الفيلسوف