عودة للبداية

سعود سالم
كاتب وفنان تشكيلي
(Saoud Salem)

الحوار المتمدن-العدد: 7285 - 2022 / 6 / 20 - 22:36
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    

أركيولوجيا العدم
العودة المحزنة للقفص الزجاجي
١٥٠ - نظرة إلى الوراء

يجب العودة إذا إلى عمالقة الفكر والأدب الحديث لنرى موقفهم وتصورهم للعدم والعدمية، وأولهم بطبيعة الحال هو دوستوييفسكي، أول من حاول أن يمسخ مفهوم العدمية ويعطي معنى مغايرا للحركة العدمية الثورية في القرن التاسع عشر، والتي هزت المجتمع الروسي لعشرات السنين. دوستوييفسكي الروائي العبقري، يعتبر في نظرنا المسؤول المباشر عن تدهور مفهوم العدمية وإحتوائه من قبل الفكر الرجعي وربطه بطريقة خاطئة ومتعمدة بالعنف ورغبة التدمير وعدم الإيمان بأي شيئ. ولكن دوستوييفسكي ليس وحده المسؤول عن هذه الخدعة الفكرية والفضيحة الفلسفية، فهناك أيضا الفيلسوف المجنون نيتشة، ثم الفيلسوف النازي هايدغر وكذلك الكاتب والروائي الإشتراكي ألبير كامو وغيرهم من فطاحلة الفكر الغربي الذين روجو لفكرة ضرورة القضاء على العدمية بإعتبارها تفسخا ونفيا لكل القيم البشرية، وضرورة تجاوزها بطريقة أو بأخرى. وفي نفس الوقت يجب متابعة وإعادة زيارة الحركات العدمية في روسيا وأوروبا في النصف الثاني من القرن التاسع عشر والتي أنتجت فكرا ثريا ومجموعة من الأدباء والشعراء والفلاسفة الذين فرقهم النظام القيصري بين السجن والمنفى في أصقاع سيبيريا والمشنقة ومستشفى الأمراض العقلية، ولم يفلت من براثن البوليس التزاري سوى القليل. ثم ضرورة الذهاب أبعد من ذلك، وزيارة الفكر اليوناني ومحاولة تتبع ظهور هذه الفكرة عند بارمينيدس وغيره، أي محاولة البحث والتنقيب في الطبقات المختلفة، المتتابعة والمتشابكة للفكر الإنساني. مفهوم العدمية كما سبق القول ما يزال مشوبا بالعديد من الأوهام والظلال والصور الجاهزة للإستعمال الفكري والإعلامي، وهو مفهوم مايزال يسيطر على كل مجالات الفكر الغربي منذ القرن التاسع عشر حتى اليوم، ويشكل ما يشبه الغلاف او القشرة المعتمة التي تلف العديد من الحقائق البديهية وتمنعنا من رؤية لب هذه الحقائق الأولية.
فلابد إذا من الرجوع إلى الإرهاصات الأولى للفكر الإنساني، والبداية بطبيعة الحال هي المحاولات الأولية للفلسفة، مما يعود بنا إلى بلاد اليونان مرة أخرى.

يتبع

#سعود_سالم (هاشتاغ)       Saoud_Salem#          

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات