سيامند ابراهيم
الحوار المتمدن-العدد: 1678 - 2006 / 9 / 19 - 11:11
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
باستقراء تاريخ العنف وتداعياته، نجد ثمة مشاهد تراجيدية تقتحم المخيلة, مهما حاول الإنسان نسيانها ،أو إزاحتها فلا يستطيع ذلك, ولا تقتصر هذه الإشكالية هنا على العنف كمفهوم فحسب, وإنما يجب علينا فهم تداعيات هذه المقولة, وفهم تواتر هذا المدلول تاريخيا,ً وما آلتْ إليه من ممارسات مشينة فمهما بحثنا عن مسميات هذه الآفة فلا يمكننا وصفها أو توصيفها بكل دقيق فهي متأصلة إلى حد الإدهاش في سجل التاريخ البشري المشين على حد سواء, و لا تقتصر إشكالية العنف واقتصاره على ممارسات لون أو جنس أو دين معين, لكنه يتخذ إشكالية وآليات معقدة في توصيفاتها ،وتشعباتها، وصيرورتها التاريخية, وما يعتريه من طرح وجدل وما انعكست عنه في إحداث شرخ وهوة وسقوط أخلاقي مريع إزاء الممارسات العنيفة بشتى أشكالها الموسومة,
(العنف الثوري, العنف الجنسي, العنف الديني.العنف الأسري) كلها تدخل في سياق الفعل التدميري بشتى أشكاله التي تفعل فعلها بكافة مناحيها, حيث تكتسب سياسة التهويل ،والتضخيم للفعل التدميري للمنظومة الاجتماعية، والسياسية دامغاً وشماً أبدياً يصعب نسيانه بسهولة فيقول برغسون :" ثمة حياة كلما وجدت منظومة أجسام قابلة لتجميع الطاقة من منبع الشمس, ثم لرد هذه الطاقة وتحريرها على صورة تكاد تكون انفجارية". إن هذه القوة المسيطرة ة , إنها الفاجعة التاريخية المدوية التي ضربت في صميم التاريخ الوجداني للبشرية وسأسميه البربري, وكلمة البربري لها عدة معاني, فمنها كما يقول بن خلدون:" أنه لما وطئت قدما سليمان الحكيم أرض المغرب لم يفقه شيئا من كلامهم فقال: ما هذه البر بر ة؟ وفي معنى آخر البرابرة هم قوم كانوا يغزون السفن في البحر ويقتلون البحارة والتجار وينهبون البضائع ,
فالعنف كما عرفت عنه الأمم المتحدة هو "الفعل القائم على سلوك عنيف ينجم عنه الإيذاء أو المعاناة أو الحرمان النفسي من الحرية في الحياة العامة أو الخاصة, ويقول الكاتب الفرنسي بيار فيدال ناكيه في كتابه( التعذيب سرطان الديمقراطية فرنسا الجزائر 1954-1962) حيث استخلص كما يقول حازم صاغية في قراءته للكتاب أن تلك الممارسة مرآة كاشفة لعنصرية من يمارسها, لكنها أيضاً مرآة لضعفه وحاجته إلى اصطناع القوة, ذاك أن فرنسا ما عاد في وسعها أن تحكم الجزائر بالمعنى الذي تفقد فيه أقلية حاكمة قدرتها على ممارسة الهيمنة بالثقافة والنموذج فتلجأ إلى ممارستها بالعنف(الأمن حصراً), ويكمل الأستاذ حازم صاغية فيقول: فإن تحويل العنف إلى رؤية ونظام يهدد بالكامل الديمقراطية إياها, ويقول الباحث الدانمركي آرثر كرستنسن في كتابه:( إيران في عهد الساسانيين): وقد بدأ بهرام الخامس بشن الحرب على البرابرة في الشمال, وهم الذين يشير إليهم الكتاب العرب والفرس بالترك, ويحتمل أن يكونوا هم "الكيونيت", وهناك اتخذ العنف شكل مغاير وهو الإعدام بالسيف, وكان الفرس يعاقبون خونة الوطن أو الخروج عن الدين الزرادشتي بالصلب, ويحكي آمين مارسلن: أن الفرس اعتادوا السلخ الكلي أو الجزئي للمجرمين وهم أحياء , ويقول بروكوب: إن قائداً أرمنياً قد سُلخ وعلق جلده المحشي على شجرة من أعلى وقد اضُطهد النصارى بشكل فظيع أيام يزد جرد الثاني, حيث صُلبتْ راهبتان ورجمتا على الصليب, وقتل بعض النصارى بوضعهم كالحجارة في البناء, وكانت هناك عقوبة الموت تحت أرجل الفيلة, ويذكر أنه كان من المستطاع إبقاء الأشخاص الذين يحكم عليهم بالموت لاستخدامهم في أغراض طبية, وتعددت أنواع التعذيب المحزن التي كانت تتخذها المحاكم, وتعددت أساليب التعذيب, من صب الخل والمواد الكاوية وكانوا يسلخون رؤوسهم أو وجوههم من الجبهة أو حتى الذقن, أو جلد الأيدي أو الظهر, وكانوا يصبون الرصاص المذاب في آذانهم و عيونهم, ويقطعون ألسنتهم وكان أشد أنواع التعذيب فظاعة "تسع الموتات" وكنا نسمعها في الموروث الشعبي وهاهو تفصيلها , فإن الجلاد يقطع أولاً أصابع اليد, ثم أصابع القدمين, ثم يقطع اليدين حتى الرسغين ثم القدمين حتى الكعبين ثم الذراعين حتى المرفقين, ثم الساقين حتى الركبتين, ثم الأذنين, فالأنف ثم يختم بالرأس، وكانت جثث القتلى تترك للحيوانات, إن هذه الممارسات تشبه ما مارسه العرب أيام قتل الخليفة علي بن أبي طالب رضي الله عنه فعقب وفاة الإمام علي بطعنات من عبد الرحمن بن ملجم دعا عبد الله بن جعفر بابن ملجم فقطع يديه ورجليه وسمل عينيه فجعل يقول : " إنك يا ابن جعفر لتكحل عيني بملمول مض " أي بمكحل حار محرق " ثم أمر بلسانه أن يخرج لسانه فجزع من ذلك , فقال:له ابن جعفر: قطعنا يديك ورجليك وسملنا عينيك, فلم تجزع, فكيف تجزع من قطع لسانك, فقال إني ما جزعت من ذلك خوفاً من الموت, ولأني جزعت أن أكون حياً في الدنيا ساعة لا أذكر الله فيها, ثم قطع لسانه, فمات, ثم يقول الرواة أنهم أحرقوا جثته بعد موته ويستطرد الكاتب فرج فوده فيقول : الرواية لا تعبر عن روح الإسلام أو تعاليمه , وقد كانت العقوبات لدى الساسانيين تأخذ شكلاً آخرا, حيث كانت هناك عقوبة مشهورة, يعاقب بها خاصة الأمراء الثائرون وهي سمل العيون بإبرة محماة أو بصب الزيت المغلي في مآقي الفريسة, وكان الرئيس العراقي السابق صدام حسين ,قد مارس هذه الأساليب ، بل وأبشع منها ، عندما اتنقد أحد المواطنين الشيعة صدام حسين, فوشى به أحد الحاضرين الذي كان يعتبره من أصدقائه , فقامت مخابرات صدام بقطع لسانه فمات على الفور, وهذه كلها كانت تصب في الاضطهادات الدينية كما هو الآن لدى الجماعات الإسلامية المتطرفة التي تتخذ كل فئة منها أميراً, ويخطفون ويغتصبون النساء ويزرعون ويتاجرون بالمخدرات كما تؤكد ممارسات حركة طالبان، والقاعدة في أفغانستان ، والحركات الجهادية في الجزائر والعراق حيث يقومون بقتل الأبرياء من المخالفين لهم أياً كان دينهم أو مذهبهم, وجرائم العنف المشينة الذي يذهب ضحاياها العشرات من الأبرياء, وبتكفير المثقفين والكتاب, ويقومون بذبح كل معارض لفكرهم المتطرف والبعيد كل البعد عن مبادئ الدين الإسلامي الحنيف بالقتل, وهو فعل مدمر وسلوك مشين يندى له جبين الانسانية, إنه حدث واقع بين المسيطر المتمكن في كل شيء وبين الضحية التي لاحول لها ولا قوة مستكينة تتسارع نبضات القلب بانتظار لحظة الانقضاض , وكما قال دركا يم," التاريخ مفهوماً على صورة ما" والواقع إن هذا العنف ليس وليد الوقت الراهن, بل إن جذورها ضاربة عمق التاريخ و يتسم متخذا أشكالاً شتى عدة حالات في المجتمع الواحد حيث يكون العنف بشتى مناحيه يأخذ فعله المدمر, فقد كان الآشوريين وكانوا ينعتون بجبابرة الشرق يقطعون أنوف وآذان الأسرى ويقول الكاتب جوناثان ريلي سميث The first crusade and the idea of Crusading , ترجمة د محمد فتحي الشاعر " أن المجتمع الفرنسي كان ميالاً للعنف, رغم إننا ما زلنا نجهل الدوافع التي أدت إلى هذا العنف حتى الآن واتسم المجتمع الفرنسي ردحاً طويلاً من الزمن كما انغمس في متعة السلب في القرن العاشر الميلادي, وانتشر العنف الفوضوي في كافة أوروبا وحاولت الكنيسة إجراء الإصلاحات اللازمة للحد من سلطة الفرسان إلاً أنها هي أخذت نفس المنحى عند ملوك أوروبا ,
وفي حوالي 1153 قدم المؤرخ أوردرك فيتاليس نفس تفسير "أوربان" للغفران الذي منحه البابا للمشاركين في الحملة الصليبية الأولى :" طالب البابا كل من في استطاعته حمل السلاح أن يحارب أعداء الله , وبإرادة الله غفر البابا للتائبين خطاياهم جميعاً منذ اللحظة الأولى التي أقسموا بها على المشاركة في الحملة الصليبية وبكل مودة وحنان أعفاهم من كل المشقات سواء أكانت صياماً أم كبح شهوات الجسد ويقول الباحث رضوان السيد في مقالة له في جريدة الحياة بعنوان حديث المسيحية والإسلام , فيقول: "وكان حجم الضرر الذي أصاب المسلمين في إسبانيا والبرتغال فقد قتل مليون مسلم وتنصر مليون منهم وهجر المليون الثالث لكن يمكن القول أن المسلمين كانوا غزاة.".. ( وأعتقد ان الارقام مبالغ فيها )وماقصر المسلمين من اضطهاد المسيحيين والبربر في المغرب العربي وفي هذا الصدد نجد إن اوريجنOrigene وتر تولين والقديس أنبرواز رفضوا استخدام العنف رفضاً آيا كان هدفه . و عقيدة عدم العنف التي رددها تولستوي , ونجحت الهند بإخراج المستعمر البريطاني سلمياً بدون أي عنف, لكن غاستون بوتول يرجع هذا الفضل إلى المسيحية وبحسب المؤرخ مارك فرًو أحد كبار المؤرخين الفرنسيين المعاصرين," بأن للتاريخ ظلاله إلى جانب أضوائه, ومسكوتاته إلى جانب منطوقا ته , ونسيانا ته اللاشعورية إلى جانب ذاكرته الواعية . فالكنيسة التي يطيب لها أن تنسب نفسها إلى أصل إلهي التي تمارس سلطة شبه دائمة على المجتمع منذ ستة عشر قرنا,ً هذا ويرى بوتول أن ذلك وجدت الكنيسة نفسها مرغمة على التآلف مع القوة وقد أنشأ القديس أوغسطين الذي يشعر شعوراً تاماً بالتناقض بين العهدين القديم والجديد لاهوتاً يعد الحرب مشروعة على قدر ماتملك أن تكون التعبير عن الإرادة الإلهية:" إذا ما أمر الله القتل بتنزيل خاص أضحى القتل فضيلة" , وكتب ريمون داجيل كاهن كنيسة بوي الجامعة (poy ) في موضوع الاستيلاء على القدس فقال رأيت أشياء تثير الإعجاب كان يرى في الشوارع وعلى ساحات المدينة أكوام من الرؤوس والأيدي و الأرجل, ولقد كان الفرسان يجوسون خلال الجثث من كل الجوانب...وفي الهيكل والرواق كان الناس يمتطون صهوات جيادهم يخوضون في الدماء حتى رُكب الفرسان وأعنة الخيل لقد كان مثيراً للإعجاب حكم الله الذي أراد أن يتلقى هذا المكان نفسه دم هؤلاء الذين سبُهم للدين نجًسه أمداً بعيداً , إنها مشاهد سماوية.. في الكنيسة و في كل المدينة كان الشعب يشكر الربً" عادلا.و يرى الفيلسوف هيجل" يُعد خالع العذار في تسويغ الحرب والعنف, بوجه عام, وقد ظل أيضاً يدافع عن الطابع التمديني للعنف, فهو مناسبة تحقق فيها الدولة شعورها الأسمى, ويقول غاستون بوتوُل: عن نابليون الذي كان مولعاً به قبل هزيمته كان في نظره يمثل الفكر الشمولي تمثيلاً كاملاٍ, ويرى فولتير الفرنسيً إذ يقول: ساعة أكلمكم ثمة مائة ألف مجنون يلبسون القبعات يقتلون مائة ألف حيوان آخر تسترهم العمائم في سبيل بضعة أكوام من الوحل عظيمة كأعقلكم ... وفي روما كانت القاعدة تقتيل المغلوبين وبيع الناجين من الموت عبيداً. فقد قتًل سيل (Sylla) أربعة آلاف من الطليان المحبوسين في ساحة مارس مرتاح البال. وفي Rhegium أُمر السكان جميعاً على حد السيف, وأثناء الحروب القرطاجية أمر الرومان الذين استولوا عل معسكر آسدروبالAsdrubal ; كل القرطاجيين على حد السيف وقتلوا كل مساعديهم الغاليين الذين كانوا سكارى منطرحين على القش, ويرى أنجلز : ليس العنف بعمل إرادي مجرد ممن غيره , إنما يتطلب حتى يكون ممارساً لشروط سابقة محسوسة جدأً،وترى الكنيسة في القرون الوسطى ، أيام محاكم التفتيش ان هؤلاء الشهداء يقتضي ضمناً قبول الموت عن طيب خاطر من أجل العقيدة, وأن يفكر ملياً في موت المسيح , ولذا فالموت استشهاداً هو أسمى أعمال الحب والمثال البالغ حد الكمال للموت المسيحي. إن الشهيد يقدم حياته هدية إلى الله وهو عمل غاية في الجدارة والاستحقاق ويستحق فاعله أن ينظر اليه الله على الفور.
هذا ويعزو الكاتبين عبد العزيز سعيد و ناثان فونك : إلى أن سبب الصراع التصادمي اليوم هو تصادم نظام القيم الإسلامية والغربية فيعتقد أنها معقولة اليوم على الصعيد المجرد, لكن النظرة إلى الانهيار الأخلاقي الرهيب التي تكشف عنه الأحداث الأخيرة في العراق, فلسطين, والعربية السعودية يشير إلى قضية مختلفة وهي ممارسات عكسية المفعول من قبل المسلمين و الغربيين على حد سواء لما يعتقد به الناس تنتهك قيماً يقدسها الناس وهي أحداث لاتكشف عن صدام خطير على السطح بين الرموز , يؤدي عنفه إلى تراجع القيم التي يقوم عليها التعايش بين البشر, إن الوحشية الإسرائيلية في فلسطين مع كل ما تخلفه فينا من رفض وسخط إلا أنها تقع ضمن العنف المعقول, هذا إن صح العنف معقول "هذا ما يراه الكاتب السعودي عبد الله حميد الدين في جريدة الحياة العدد 15056, وهذا العنف بين اليهود والعرب هو صراع تاريخي بين الأخوة ذو الأصل السامي والمختلفين دينياً منذ أيام الرسول ص أما أن يتطور العنف بشكل غير معقول بين أبناء الديانة الواحدة بحيث يرفض أحدهما الآخر, وخاصة القومية المسيطرة أياً كانت (التركية, الفارسية, العربية,) وحدث هذا العنف القوموي , أيضاً في القامشلي وتعرض الشبان الأكراد في أحداث 12 آذارللتعذيب ، والتنكيل الوحشي من قبل السلطات الأمنية,و لابد من العودة إلى التحليل الدقيق لما بدا إلى مجموعة من الأسباب , فتراكم القهر والسخط لأسباب سياسية منها عدم منح حوالي 250000ألف مواطن كردي سوري الجنسية , وعدم فتح مدارس لتعليم اللغة الكردية أسوة بالسريان والأرمن ,و عدم السماح بطبع الكتب والصحافة الكردية في سورية,و سياسة القمع اتجاه الأكراد, وفي الحملات الصليبية كان ملك إنكلترا ريتشارد والملقب بقلب الأسد لا يتورع بالفتك بالحجاج المسلمين الأبرياء والتنكيل بهم, دون أن يقف في طريقه أي شيء يوقف أفعاله الشنيعة, ويقول المفكر سيد القمني "أنها كانت حرب طاحنة على الطرفين" هذا ويتحمل جزء من الحروب الصليبية الأتراك إلى كانوا يقتلون ويسلبون الحجاج اليونان المسيحيين,
وفي الفتوحات الإسلامية لم تتم وتنجز بالدعاء والكلمة الطيبة التي تسحر القلوب والعقول بل تعدى ذلك إلى العنف الديني المقرون بالنص المقدس لكل ما هو مغاير للصورة المرتسمة في العقلية البدوية ذات النزعة الغزوية , فقد قام قتلة الخليفة الراشد ي عثمان بن عفان بمنع أهله من دفنه ليلتين ويد فنونه في الثالثة في مقابر اليهود, ويروي المؤرخ الكبير الواقدي في كتابه فتوح الجزيرة والخابور وديار بكر والعراق ، أثناء حصار خالد بن الوليد لرأس العين وفي الوقت الذي كانت فيه المفاوضات جارية ليتعهد البطارقة والقساوسة والرهبان والشمامسة حتى يستحلف من حضر البيعة , فلما حصلوا على البيعة أطبقوا عليهم والقوم كلهم في كنيستهم المعظمة آمنون وفيما هم مشغولون أخذ عليهم أصحاب رسول الله بالسيف المسلول , وصاحوا بالتهليل والتكبير, ونكلوا بهم أي تنكيل، ويقول خالد ابن الوليد" يا أولياء الله صولوا , ابذلوا فيهم الصوارم , وفلقوا منهم الجماجم والله هذا يوم كسب الثواب ""؟!أي ثواب هذا قتل الروم النصارى داخل الكنيسة من رجال الدين والشيوخ والأطفال, تذكرت مقولة المستشرقة الألمانية زيغرد هونيكة, " ما عرف التاريخ فاتحاً أرحم من العرب؟!! ويقول المؤرخ الإيراني " مر دوخي" بأن القوات العربية الإسلامية نكلت بالأكراد الزرا دشتيين في كردستان العراق فاغتصبوا مئات الفتيات, وفي عهد الخليفة عمر بن الخطاب جاءه محاربون بروائع من الغنائم ومنها الحلي والجواهر, وقالوا له جئنا به من بلاد الأكراد يا أمير المؤمنين, فبصق على وجوههم, وقال لهم ألهذا أرسلتكم للنهب والغزو والسلب, وفي عهد الدولة الأموية ارتكب الخلفاء الأمويين باستثناء عمر بن عبد العزيز من الجرائم ما يفوق جرائم صدام حسين فالحجاج صاحب التاريخ المشهود مارس العنف والقهر وقتل الآلاف من المعارضين له ،وحاصر الكعبة الشريفة ورماها بالمنجنيق , وفي العهد الخلافة العباسية أستمر تتابع الخلفاء العباسيين نفس سياسة القهر والاستعلاء وقتل المعارضين والداعين إلى تحقيق العدالة الاجتماعية وسحق الكتاب والشعراء ممن يعارضونهم ولا يسيرون في ركبهم,وخاصة أبو جعفر المنصور الذي أباد أكثر من نصف مليون إنسان, والخليفة المأمون الذي كان يقمع الثورات بوحشية يندى لها جبين الإنسانية وخاصة ثورة بابك الخرمي والتي استمرت أكثر من عشرين عاماً وشارك بها الأكراد والعرب والأرمن والفرس وغيرهم, وهذا غيض من فيض مما تعج به كتب التاريخ من الممارسات المشينة بحق الشعوب التي انضوت تحت لواء الدين الإسلامي, لكن الفعل الأكثر عنفاً وبربرية هو الغزو المغولي الذ ين كانوا يدمرون القرى والقلاع ويفتكون بالرجال ويمثلون بجثثهم ويغتصبون النساء وقد كان المفكر والعالم ابن خلدون قد لعب دور الوسيط بين تيمور لنك وعلماء دمشق لتسليم المدينة إلى تيمورلنك بدون إراقة دماء , لكنه نكث بوعده , وارتكب جيشه الغوغائي الموبقات وهتك الأعراض سبعة أيام و هو مشهود له, وفي بداية القرن العشرين ارتكبت القوات العثمانية مجازر رهيبة وعنيفة لامثيل لها في التاريخ إذ قامت القوات التركية بإبادة حوالي المليون والنصف من الأرمن في كردستان تركيا وشردت عشرات الآلاف
هاموا بمشرق الأرض ومغاربها, ويتحمل النخبة المتنورة المتعصبة منهم جزء من الأسباب وبتغرير من روسيا القيصرية للوصول إلى المياه الدافئة,
إذٍ لابد من مراجعة دقيقة وواقعية لهذه المنظومات بشتى توجهاتها الدينية التي أنتجتها بقصد أو بغير قصد بعض الجهات، وفشلت فشلاً ذريعاً برؤاها و ممارساتها كما قال د احمد محمد الطيب رئيس جامعة الأزهر: وبالتالي لا يجوز تكفير أي مسلم والحرية هي الأصل في الإسلام لأنه دين الحرية حرية العقيدة أمر من أهم الحقوق التي نص عليها الإسلام قال الله تعالى " وقل الحق من ربكم , فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر" ووضعها تحت مجهر النقد الصارم , أمام مشروع الشرق الأوسط الكبير , إن فعل القتل والعنف بكافة أشكاله والتباهي به لهو يثير الدهشة كما يقول غاستون بوتول : فالشعب الذي يشعر بأنه أقل مدنية أو ثراء من جيرانه يعمل مثلا على تنمية قوته الوحشية" ويتجلى بشكل جلي في الأحداث الأخيرة حيث هاجمت بعض العشائر العربية وبدأت بقتل ونهب ممتلكات المواطنين الأكراد في مدينة الحسكة و رأس العين, وكانت النسوة تزغرد لقتل أي كردي أو نهب الأرزاق من متاجر المواطنين الأكراد وتحطيم عيادات الأطباء في رأس العين ويقولون " اقتلوا وانهبوا هؤلاء اليهود" ؟! ويقول الباحث اللبناني حازم صاغية في جريدة الحياة: فهنا إذٍ لامكان للنبرة القومية من أن مصلحة الأمة فوق كل مصلحة" وليس بالتالي إن النازية بوصفها أرفع نماذج التعبير عن النبرة المذكورة , هي أيضاً أرفع الحداثة الأداتية المستندة إلى وعي للعالم ،وثني وبيولوجي,
وهذا عموماً لايمكن لأي باحث أو مؤرخِ أن ينكر أن العنف سار بكل فعال ومؤثر و فاتحاً أعمق الجروح في الذاكرة البشرية وسببت المآسي والويلات, فالبراهين التاريخية دامغة ومؤكدة فيجب زرع بذور المحبة والإخاء والتسامح والابتعاد عن التعصب الديني والأثني وليس أبلغ من رؤية الفيلسوف القانوني الأمريكي "رونالد دوركين" فهو يرى أن التشارك في الإنسانية واحدة, إذً إن العالم العربي بحاجة ماسة إلى الإصلاح الحقيقي من جذوره,
وفي هذا الصدد يقول الباحث اللبناني جورج مسوح : أما واقع الحال فإن الديانات أو الحضارات لا تتحاور ولا تتصارع بل هناك مصالح متشابكة ومعقدة يتوسل أصحابها الدين من أجل خدمة أهدافهم . فتراهم يشنون الحروب ويمارسون الإرهاب بكل حسب موقعه وقوته والأبرياء يدفعون الثمن نقول هذا الكلام لا لتبرئة الأديان مما يجري على الساحة العربية, بل لنؤكد أهمية التوعية الدينية على قبول الآخر المختلف, و كما تقول الكاتبة اللبنانية دلال البزري , العالم العربي بحاجة إلى تغيير في بنيان العقول والمسالك والتصورات والأفعال, هذا هو العلاج الوحيد لمرضه وكما يقول الكاتب سيد قمني, إن الدولة المتماسكة القوية هي نتاج إرادة الأفراد الحرة بالتراضي بينهم وليست نموذجاً هبط من السماء منذ أربعة عشر قرناً, ويقول الباحث ابراهيم محمود :"عندما يستحيل النظر الكلي في المجتمع وتأزماته كما يقول التاريخ , يغدو العنف أو الاستمرار كما هو مشهود له سيد الأحكام لكنً أين هي الحكمة والمجتمع يتقوض من داخله, , وحيث العنف, يفتقد كل حكمة نظرية أو عملية, ولابد من القول إن العنف هذه الآفة التي سبرت أغوارها محدثة جرحاَ عميقاً في النفس البشرية, وتستوجب مراجعة للذات للتعايش بمحبة وسلام ونبذ التطرف والعنف وتداعياته.
------------------------------------------------------
المراجع:
هذه هي الحرب ,غاستون بوتول, ترجمة مروان القنواتي منشورات عويدات, بيروت لبنان
العصر الإسلامي – شوقي ضيف, دار المعارف مصر القاهرة 1963
فتوح ديار بكر, الجزيرة, الواقدي, تحقيق عبد العزيز حرفوش , دار البشائر دمشق,
تاريخ المر دوخي, ترجمة المؤرخ الكردي حسن هشيار.
إيران في عهد الساسانيين- آرثر كريستنسن .ترجمة د يحيى خشاب, مراجعة د عبد الوهاب عزام- الهيئة المصرية للكتاب1998 0
الحقيقة الغائبة - فرج فوده الهيئة المصرية للكتاب 1992 القاهرة
وقفة مع أسباب العنف, عبد الله حميد الدين, جريدة الحياة العدد15056 17 حزيران
إنهم يعبثون برحم الوطن . سيد القمني, روز اليوسف, العدد 3965 11-6-2004 .
حديث المسيحية والإسلام, رضوا السيد جريدة الحياة العدد 15072,
جرائم الشرف, جو سلين حداد, جريدة الحياة 15072
عبادة التمثيل بالجثث, ابراهيم محمود, عفرين نت 4|4|2004
#سيامند_ابراهيم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟