أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هدى توفيق - فقط لأسمع حبيبة بابا














المزيد.....


فقط لأسمع حبيبة بابا


هدى توفيق

الحوار المتمدن-العدد: 7277 - 2022 / 6 / 12 - 10:40
المحور: الادب والفن
    


تمنيت كثيرًا أن أتعرف على الأستاذ ، والناقد الكبير، والأب الروحي الدكتور عبد المنعم تليمة، وكان ذلك منذ أن كنت في الجامعة ، وأسمع عن حكايات الصالون الشهير ، الذي يقيمه في منزله كل خميس منذ سنوات طويلة ؛ حتى استطعت رؤيته عام 1995م بعد حصولي على الليسانس الآداب ، وكنت لا أزال أعيش في مسقط رأسي محافظة بني سويف ، ولا أذهب إلى القاهرة إلا لقضاء ضرورات مهمة ، ولم يكن هناك مثل الآن كل الوسائل الحديثة للإتصال غير الهاتف المنزلي أو السفر إلى المكان مباشرة في الدقي (محافظة الجيزة) ، وإن كنت لا أعرف بالضبط أين هو؟ ؛ لأحضر الصالون الشهير كل خميس في منزل أستاذنا ؟ حتى قررت في يوم ما المجازفة ، والاتصال على هاتفه المنزلي بحياء وخشية من مجرد التحدث مع أستاذنا الفاضل.
آلو : صباح الخير دا منزل الدكتور تليمة ؟
آلو : أيوه نعم .. يضحك .. أنا الدكتور تليمة.
ـ فرحت وبهت ، وقلت بتلعثم : أيوه يادكتور. أنا هدى توفيق من مدينة بني سويف ، وبكتب قصص قصيرة ، وبحاول أكتب الرواية ، وكنت عايزه أحضر الصالون ، ونفسي قوي أشوف حضرتك.
ـ طبعا طبعا حبيبة بابا .. تعالي فورًا الخميس القادم. أنتظرك ، وغير الصالون أنا تحت أمرك لمتابعة كل ما تكتبيه في أي وقت ، ودا العنوان بالتفصيل.
ـ شكرًا شكرًا شكرًا يادكتور بجد. دي كانت أمنيه والله ليه.
ويضحك ضحكته الشهيرة:
ـ في انتظارك حبيبة بابا.
ظللت لسنوات طوال أسافر من مدينتي لأحضر الصالون الذي يبدأ تقريبا في السادسة مساءً، وقبل حلول الساعة الحادية عشرة أو الثانية عشرة على الأكثر. أنهض بملل وفتور ؛ خاصة عندما لا أستطيع أن أبقى لأستمتع بنهاية نشوة الأحاديث والجدال بين المحدثين ، وحديث الدكتور تليمة حتى ألحق وسيلة مواصلات تقلني إلى الموقف عائدة سعيدة مبتهجة ؛ لأني كنت في حضرة صاحب الابتسامة والوجود الطاغ بتفائله ومرحه ؛ الذي يشحن طاقتي بحب وأمل وبهجة في المستقبل. وعندما توثقت علاقتي بالصالون. بحس بديهي ينظر لي من بدء ارتباكي واستعدادي للرحيل ، وينهض بنفسه ، ويذهب إلى المطبخ بهدوء وخفة ويعود بزجاجة مياه ، وتفاحة حمراء كبيرة ، أو باكو شيكولاته ضخم ، ويدفسهم في حقيبتي سريعًا ، ويسلم علي ، ويحييني كأني شخص مهم قائلاً :علشان لو تعبتِي من ارهاق السفر تديكي طاقة ياحبيبة بابا. ويستطرد بسبابته :
ـ وخلي بالك من الملاحظات اللي قالوها على القصة الجديدة.
ثم تشاء الظروف الشخصية والأقدار سواء من هموم الحياة ، أو السفر خارج مصر أن أنقطع عن متابعة الصالون لفترة من الوقت، وأتذكر عبارة حبيبة بابا ، فأشتاق لها جداً ؛ فأعود إلى الاتصال به من حين لآخر في حالة تعذر الذهاب إليه ، من خلال التليفون المنزلي : ( 37610149) ؛ الذي أحفظه في ذاكرتي ، ولم أستعمل غيره كوسيلة للتواصل، رغم انتشار الموبايل.
لأكثر من عشرين عامًا حتى أخر اتصال به للإطمئان عليه كان في شهر يناير2017 م . فيصرخ بي ويقول : ـ حبيبة بابا .. إنتِ فين ، وإيه أخر كتاباتك. حبيبة بابا لازم أشوفك ، وأطمئن عليكِ.
وفي إحدى المرات السابقة لزيارته قمت بطرح مسودة روايتي الأولى بيوت بيضاء ، لكي يعطيني موعد للنقاش واللقاء من أجل أي ملاحظات من جانبه ، وأنا صامتة ومنصتة وخائفة ؛ حتى يُفاجئني بعد الحوار والجدل ومناقشة كل شئ في العمل بورقتين مدون بهما كل الملاحظات، وأسطوانة قائلًا لي بابتسامة وهدوء : اذهبي بها فورًا إلى الناشر، وكلمة الغلاف إهداء مني. وفي ذاك اليوم الذي لن ولم أنساه ، وأنا أستعد للذهاب يستوقفني ، ولا يقل لي حبيبة بابا كما تعودت. و فجأة يشير بسبابته ببعض الحدة الممزوجة بحنية ونصيحة ثمينة: هدى لا أريد فقط أن تحبي وتستمعي بالكتابة. بل أريد لك أن تصبح الكتابة مشروع حياتك القادم.
ابتسمت بوجل أمرخطير شعرت به في نبرة حديثه ، وقلت بجدية وحماسة كما حدثني بها ، وهل هناك فرق أستاذي ؟
فقهقه كعادته ، وربت على كتفي :
ـ طبعا حبيبة بابا سأخبرك في المرة القادمة. إلحقي وقتك حبيبة بابا .. يلا.
ثم في عام2010م طلب مني الأستاذ (عمرو رضا ) رئيس تحرير مجلة الثقافة الجديدة في ذاك الوقت. إعداد ملف كبير عن الدكتور تليمة ، وتم انجازه في عددين كامليين في المجلة ،
وتتوالى الأيام والسنوات ، وأتعمد من حين لآخر بسبب انشغالي في أمور الحياة والكتابة؛ فلا يتاح لي فرصة الذهاب للإطمئنان عليه والتحدث معه دائماً. أن أقوم بالإتصال هاتفياً فقط لأسمع : حبيبة بابا عامله إيه ؟ وإيه أخبار الكتابة الجديدة ؟
ومهما أخبرته أنني أصدرت هذا العام كتاب جديد. يضحك عاليًا قائلاً بمزاح :
ـ أعرف حبيبة بابا ، لكن أسأل عما سيكون القادم. إوعي تنسي دا مشروع حياتك.
وهو لا يدرك أن أيضا من مشروع حياتي أن أسمعه كلما هاتفته تليفونيًا ، أو قابلته يقول لي : حبيبة بابا ؛ التي لن أسمعها مطلقا بعد الآن ، وأبكي بكاءًا مريرًا من لعنة الفقدان ، لتفوهه حبيبة بابا.

مارس / 2017م



#هدى_توفيق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كتاب ( اقتحام الخلوة ) ـ إعداد ـ هدى توفيق
- حوار عن المجموعة القصصية - حذاء سيلفانا -
- عن الكتابة أتحدث!
- عن رواية المريض العربي
- النشر الإلكتروني
- عن فن القصة القصيرة
- استطلاع رأي
- ذكريات العيد ..
- عن قراءات الصيف
- ذكريات عن الحرب
- ذكريات عن شهر رمضان
- ناصية القراءة - هاجر-
- ناصية القراءة - وطن بكف المنفى -
- مونتي وثقافة الفساد في مصر
- شهرزاد الحكاءة في المريض العربي
- قصص قصيرة
- السيمفونية التي أبدعت أسطورة حب عصرية
- دراسة لديواني الشاعر مدحت منير والشاعر حاتم مرعي
- النقد القصصي عند الدكتور محمد مندور في كتابه النقدي (نماذج ب ...
- قراءة نقدية في قصص مختارة لهدى توفيق


المزيد.....




- الكاتبة ريم مراد تطرح رواية -إليك أنتمي- في معرض الكتاب الدو ...
- -ما هنالك-.. الأديب إبراهيم المويلحي راويا لآخر أيام العثمان ...
- تخطى 120 مليون جنيه.. -الحريفة 2- يدخل قائمة أعلى الأفلام ال ...
- جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي تكرِّم المؤسسات الإع ...
- نقل الموناليزا لمكان آخر.. متحف اللوفر في حالة حرجة
- الموسم السادس: قيامة عثمان الحلقة 178 باللغة العربية على ترد ...
- حبس فنانة مصرية 3 سنوات
- راسل كرو.. لماذا انطفأ نجم صاحب الأوسكار وأصبح يعيش في الماض ...
- أحداث مليئة بالإثارة والتشويق في الحلقة 178 من مسلسل المؤسس ...
- الكاتبة الروائية (ماجدة جادو) ضيفة صالون الفنان -مصطفى فضل ا ...


المزيد.....

- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هدى توفيق - فقط لأسمع حبيبة بابا