|
المصلحة والأخلاق
سلوى فاروق رمضان
الحوار المتمدن-العدد: 7275 - 2022 / 6 / 10 - 19:18
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
المصلحة الإنسانية والأخلاق
الأخلاق لها طابع تطوري ، مرتبطة تقدمها بتطور وعي العقل البشري؛ ففي وقت من الأوقات كان ضمير العالم يطمئن لفكرة العبودية ثم تطور الوعي فأصبحت العبودية أمر غير أخلاقي، جزء أصيل من تطور الوعي هو المصلحة ثم يأتي الإحساسة أو الضمير ثم يأتي العقل المنطقي ويضع قوانين؛ كمثال إضطهاد أي فئة في المجتمع فتجني الدولة والمجتمع ثمرة الكراهية التي قد تصل إلي حرب أهلية فيلتفت المجتمع إلي ضرورة المصالحة، إذن وعي المجتمع أنتج فكرة إنسانية نتيجة المصلحة لوقف مشاكل الكراهية ثم الخطوة التي بدأت بالمصلحة تليها مع مرور الوقت إحساس وضمير وبالتالي قانون يعلوا بالمجتمع ليصبح أفراده يرفضون الإضطهاد، فيتحولوا من خوفآ من أي ضرر سيتعرضوا له إلي خوفاً علي ألا يصيب غيرهم ضرر، فيأتي الرجل مدافعآ عن المرأة فقط لكونها إنسان مثله، ويأتي الأبيض يدافع عن الإسود أو الأجنبي يدافع عن حق شعب فلسطين في أرضه أو صاحب وطن يدافع عن لاجئ، فبمفهوم المصالح نحن نتطور؛ لذا أتمنى أن نمتع عن وصف الأنانيين والغدارين أنهم يريدون مصالحهم، هم فقط أنانيين أو غدارين لإن المصلحة دافع تطوري عظيم وليست سبة، فأفضل طالب يتعامل معه معلموه هو من يريد مصلحته، وأفضل طبيب يتعامل معه مرضاه هو الذي يريد مصلحته وأفضل علاقة زوجية أو صداقة هم لأناس يريدون مصالحهم؛ لإنهم سيجتهدوا حين إذ في تطوير ذواتهم وتقديم أفضل ما لديهم، وبالتالي يحترمون مصالح غيرهم، وبذلك تتطور الأمور واخص بالذكر هنا تطوير الاخلاق .
المصالح الدوجمائية والأخلاق
ورد سابقاً أن الأخلاق تطورية ليست نابعة من إتفاق المجتمع مثلآ بل إتفق المجتمع بعد أن عانى ويلات مالم يكن يعرفه من الأخلاق، هذا الأمر الطبيعي للمجتمعات، في هذه الجزئية أتحدث عن التطور الغير طبيعي الذي ممكن أن يحدث للمجتمعات في حالة (الدوجمائية) وهي تأخذ منحنى من القيم والأخلاق ليست متكونة بالطريقة الطبيعية المشار إليها بل تكونت بالمصالح فعلآ ولكنها مصالح غير إنسانية، هذا النوع من المصالح معطل لمفهوم الأخلاق لصالح المحافظة لفئة معينة على إمتيازات عن طريق تقيد غيرها بأمور لا تتقيد هي بها فتصبح الأخلاق حين إذ مظهرية إزدواجية؛ كالأخلاق التي نشرها السادة قديمآ ليفرضوها علي العبيد مثل مفاهيم الطاعة، لإن مصالحهم حين إذ تقتضي هذا الأمر أو الأخلاق التي تتقيد بها النساء دون الرجال لمصلحة المجتمع الذكوري، أو الأخلاق التي يجب أن يلتزم بها الأقلية في المجتمع المسلم مثل فرض الصوم في رمضان علي المسيحيين وإعتبار أن ذلك ذوقآ ومراعاة شعور غيرهم دون أن يتقيد بهذا ما يقال عليه الذوق الأغلبية، أو كما يهيمن رجال الدين علي السواد الأعظم بخلق فكرة أنهم العلماء الموكول لهم فهم كلام الله ولحومهم مسمومة، حين إذ تعطل المجتمع وتمنعه من فرصة تطوره وتصويب مساره إذا وجد ما واقف عليه لا يطوره مهما سبب له ضرر، حيث أن الأخلاق هنا ليست في المسار الطبيعي لتطورها بل هي معطلة بمصالح الفئة التي تشكلها علي حسب إمتيازتها. كيف تسير الأخلاق في المجتمع الدوجمائي
الدوجمائية بطبيعة الحال لها قدسيتها، فلا هي قابلة للنقاش أو التعديل لإنها ليس لها أساس منطقي في الأصل، هل تظن أن أحدهم يحرق بالنار ثم يريد أن يكرر التجربة مرة أخري لا، وحدهم الدوجمائين من يفعلون ذلك، يروا السوء من ما يفرضوه علينا فيفرضوه علينا فرضآ ويلون الحقائق لتناسب إيمانهم، نعم تصبح الدوجما إيمان بعد أن ينسوا تمامآ أن سبب وجودهم كانت مصلحة ولكنها مصلحة غير إنسانية، فنرى الأزمة التي يحدثها الطلاق الشفهي وعدم عدالته ولكن يصروا عليه ونرى الأزمة في زواج القاصرات ولكنهم يدافعوا عنه ويدافعوا عن أحاديث غير منطقية تسئ للرسول، حيث أن الوهم الذي في ذهنهم هو المرئي وليس الواقع الأليم الذي حدث بسببهم إلا مجرد مؤامرة .
الازدواجية الأخلاقية تدفع ثمنها النساء بشكل أساسي لإنهن وضع عليهن كل قيود المظهر الأخلاقي ، ففي دراسة لعالم الإجتماع حليم بركات بعنوان نهر بلا جسور أوضح كيف أستغلت إسرائيل موضوع شرف المرأة لتهجير الأسر العربية في الحروب المتتالية منذ ١٩٤٨ إلي ما بعد ١٩٦٧ عن طريق تخويفهم على شرف نسائهم ، لذا دفع بعض الرجال إلي المطالبة بتغير كلمة عرض بكلمة أرض في قاموس اللغة العربية! (من كتاب المرأة المصرية السياسية والجنسية لنوال السعداوي) .فإذا إعتدي أحدهم علي المرأة تفقد هي شرفها!؛ لإن الأخلاق عندنا حدث لها عائق وهو الدوجمائية فلم تطور لتهذب نفوسنا بل للقيد والتأزم علي أطراف أخري المراد إستغلالها، وبطبيعة الحال نرى إستخدام النساء في المعارك السياسية، فيخوض ممثل هارب في عرض النساء إعتراضا على النظام، أو يتهم محامي ذائع الصيت ( أم )أي مخالف له بالفسق، أو يدعوا الخطاب الديني للأخلاق من خلال ملابس النساء ولو وجه الخطاب للرجال فيكون فيه تحريضآ علي قمع النساء في ملابسهن وإلا كنت ديوثآ. كل من يمارس علينا السب والقذف والقمع والإبتزاز الأخلاقي كل من يمارس هذا الأسلوب يعلم تمامآ أن الأخلاق في ثقافتنا فقدت قيمتها الحقيقية والهدف الطبيعي لها وأصبحت أداه للإبتزاز، ممكن تسب وتهين وتقذف وتشهر بأحدهم وتجبر الجميع على إحترامك رغم كل ذلك بسبب قوتك، بل بقوتك تقدر أن تزايد على أخلاق المجتمع بمنتهى البجاحة، ألم نشاهد في حياتنا مثل هؤلاء الأشخاص؟!
#سلوى_فاروق_رمضان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
كيف سمح الجمهور بالتطاول على فنانيه
-
الهوية المصرية وإستلاب الوعي
-
العلم والعقل الجمعي
-
الخيانة المشروعة والمكايدة الذكورية
-
عقد الزواج وعقد الشركة
-
بسنت خالد ،ضحية الكيد الذكوري
-
خواطر من وحي الحضارة
-
التنوير وسنينه
-
رموزنا المصرية . اللواء باقي زكي يوسف نموذجأ (٢)
-
رموزنا المصرية . زينب الكفراوي نموذجآ ١
-
لماذا نقرأ الأدب
-
البوركيني وفن صناعة المظلومية ٢/٢
-
البوركيني وفن صناعة المظلومية
-
الهوية الدينية في القضية الفلسطينية
-
موقف شيخ الأزهر من الإخوان
-
أين العفة من الطلاق الغيابى ؟
-
الشخلعة بين الشيخ والفنان
-
(هل يستفزهم العرى حقا !)
-
ثقافة تبرير التحرش
-
بالعامية المصرية آنسة ولا مدام
المزيد.....
-
المدافن الجماعية في سوريا ودور -حفار القبور-.. آخر التطورات
...
-
أكبر خطر يهدد سوريا بعد سقوط نظام الأسد ووصول الفصائل للحكم.
...
-
كوريا الجنوبية.. الرئيس يون يرفض حضور التحقيق في قضية -الأحك
...
-
الدفاع المدني بغزة: مقتل شخص وإصابة 5 بقصف إسرائيلي على منطق
...
-
فلسطينيون يقاضون بلينكن والخارجية الأمريكية لدعمهم الجيش الإ
...
-
نصائح طبية لعلاج فطريات الأظافر بطرق منزلية بسيطة
-
عاش قبل عصر الديناصورات.. العثور على حفرية لأقدم كائن ثديي ع
...
-
كيف تميز بين الأسباب المختلفة لالتهاب الحلق؟
-
آبل تطور حواسب وهواتف قابلة للطي
-
العلماء الروس يطورون نظاما لمراقبة النفايات الفضائية الدقيقة
...
المزيد.....
-
تداولية المسؤولية الأخلاقية
/ زهير الخويلدي
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
المزيد.....
|