|
مصر و عصور إضمحلالها(10)
محمد حسين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 7275 - 2022 / 6 / 10 - 10:43
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
الجزء الثالث من المقال الثالث .(( الفقد و ضياع الهوية الكيمية )) . تأثير الإستعمار الإستيطاني اليوناني ثم الروماني علي واقع المجتمع المصرى .. تجلي خطره الأكبر فيما حدث بالنسبة إلي لغة المصريين و أديانهم . فالطبقة الحاكمة البطلسية و الرومانية الشرقية .. كانت تتكلم و تكتب اليونانية .. و اصرت علي أن تكون المعاملات مع الحكومة بتلك اللغة . علي الجانب الأخر كان المصريون يتكلمون و يكتبون الديموطيقية .. في البداية كانت الوثائق تكتب باللغتين ثم إنكمشت اللغة المحلية بعد أن إستعان المصريون في كتابة عرائضهم بالمترجمين . اهمل ناس مصر تعلم كتابة لغة بلدهم .. فلقد كانت علي جانب عظيم من الصعوبة و التعقيد .. و كانت تكاليف الحياة قاسية في ظل الحكم البطلسي و الروماني بحيث لم تعد تسمح للطبقات الدنيا أن يتعلموا القراءة و الكتابة . رويدا رويدا ( خلال الف سنة ) حلت لغة الحكومة محل لغة الشعب و فني من يعرفونها .. حتي ذلك اليوم الذى لم يعد أحد من أهل مصر يستطيع قراءتها و إن كانوا يتكلمون بلهجات مختلفة منها في الأقاليم فيما سمي بالقبطية.. فأصبحت لغة ميتة . أدى هذا إلي ما يشبه الإنفصام بين عناصر الشعب و الذى أصبح بعد ذلك سمة من سمات المصريين .. الأرستقراطية تتحدث بلغة المستعمر ( فارسي ، عربي ، تركي ، فرنسي و إنجليزى ) في حين أن الشعب يتكلم عامية مصرية مستخرجة من القبطية والديموطيقية . و هكذا لم يعد لمصر (( أداة إيضاح صالحة تهيء لها مخاطبة العالم خارج حدودها ))..اى أن تاريخ مصر أصبح منذ ذلك الزمن تكتبه الطبقة الحاكمة .. في حين سكت صوت المصرىين . مقال الطبقة اليونانية و الرومانية المسيطرة إحتوى علي إنجازات مدينة الأسكندرية التي أصبحت موطنا للعلوم و الفلسفة في الإمبراطورية و تأسس فيها ( الميوزيون ) أى أكاديمية العلوم و كان من نتائج ذلك نموا عظيما في مراجع علوم الرياضة و الميكانيكا و الفلك و الطب التي رغم أنها قد قدمت باليونانية إلا أنها أساسا مصرية جرى ترجمتها اليهود في ذلك الزمن قاموا بدور ملحوظ في تعميق الإنفصام فقد هاجروا بأعداد كبيرة تجاه الأسكندرية و تكلموا لغة الحكام بل أصدروا أول توراة مجمعة لهم هناك باليونانية و تسموا بأسماء يونانية وعملوا في جميع الاعمال الذهنية و التجارية منحين المصريين مقدمين أنفسهم كبديل . المصرى الفلاح أطلقوا عليه ( لاوى ) .. أى الطبقة الدنيا الكادحة.. كان لا يعرف القراءة و الكتابة بأى من اللغتين .. وبذلك لم تصله علوم العصر المتوهجة في العاصمة أو الفلسفات الحديثة .. و لم يلحق بالتغير السريع الذى يصاحب التعليم . هذا حفظه من التأثر باليونان الرومان و ثقافتهم .. لقد ظل مصريا مرتبطا بحلقات الماضي المستمرة التي تربط أبناء الشعب بعضهم ببعض منذ الزمن السحيق. عاملا بسكون في الأرض لتوفير نفقات جيش و أسطول يخدم صراعات الحكام .. و مد الطبقات المسيطرة باسباب الرفاهية و الترف . بكلمات أخرى .. علي مدى قرون تركزت علوم و تاريخ مصر في الكهان والمعبد و مكتبته .. و تم الحجر علي الشعب بعيدا ليبقي أميا يتعاطي الطقوس و التقاليد المهنية .. و العادات و الأخلاق و المحافظة علي القديم مع ما رشح له من الفنون و الغناء و الرقص .. التي تجعلة صلبا غير قابل للتغير عندما أطيح بالمعبد و كهنته و مكتباته و ثقافته .. أطيح بعقل مصر و ذاكرتها و علمها .. و لم يبق علي الأرض إلا ( اللاوى ) ينعم بالجهالة .. و التخلف.. يدرب نفسه علي التوائم مع المتغيرات للنجاة في وسط مضطهد غير موات . و من ثم أصبح تاريخ الشعب المصرى الذى عاش هذا الزمن مجهولا .. إذا ما قورن بما نعرفه عن مصر الهيلانستيكية بمعني أن مصر أصبحت ضيعة للرومان في الداخل، ومملكة عظيمة بين الأمم الهيلانستيكية التي كان يتألف منها العالم المتمدين وقتئذٍ. مع حلول أديان جديدة .. و تدمير المعابد و مطاردة الكهنة و حرق مكتباتهم .. خصوصا مع بداية إنتشار المسيحية و صراع المؤمنين مع الكهنة.. إنطفأت الأنوار تدريجيا عن تاريخ مصر القديمة و حضارتها ليظهر جنس جديد من المصريين منقطع عن كل ما قدمه الأجداد . الخلط الذى حدث في الأديان خلال ألف سنة إحتلال سواء بخلط و تقديم الأرباب الإغريق و الرومان مع أرباب المصريين المناظرين .. بحيث أنتجت الهة هجين مثل سيرابيس المزيج بين أوزيريس و بلوتو أرباب العالم السفلي .. و تقلص نفوذ كهنة أمون .. تدريجيا مع تبني الدولة الرومانية للمسيحية .. و إضطهاد .. و مطاردة من عداهم .كان تغير الدين العامل الأساسي بجوار فقد اللغة .. لإغمائة طالت حتي مطلع القرن التاسع عشر فإذا ما أضفنا التغير في إسلوب البناء ليصبح إغريقيا مثل المسارح المكشوفة و منارة و مكتبة الإسكندرية في عهد بطليموس الثاني و أن المدينة نفسها جرى تخطيطها علي النمط الإغريقي. و المعابد أصبحت خليط بين طرز غريبة عن المصريين .. لفهمنا كيف أن (كمي ) توارت و فقدت خلال ثلاثة أو أربعة قرون إستعمار بطلمي ..و سبعة قرون أخرى روماني .. و أصبحت (إيجبت اليونانية ) .
حكمت الإمبراطورية الرومانية مصر لسبعة قرون ( 672 سنة ) .. من 31 ق.م عندما إحتل أوكتافيوس مصرحتى 641 م عندما دخلتها قوات إبن العاص . خلال هذه الفترة .. حدثت تغيرات أساسية في الأمبراطورية الرومانية .. أحدها تحولها إلي المسيحية .. و الأخرى إنقسامها عام 323 م ..إلي دولتين واحدة منهماغربية تحكم من ميلان والأخرى شرقية من القسطنطينية
هذة التغيرات إنعكست علي الحياة في مصر سلبا و إيجابا .. خصوصا أن المسيحية التي دخلت مصر .. قبل أن يعتبرها قسطنطين دين إمبراطوريته الرسمي ..تسببت في إضطهادات .. و عنف وتصفية لمعتقديها المصريين .. الأمر الذى تكرر عندما إختلف المفسرون للدين .. و أصبحت القسطنطينية في جانب .. و الأسكندرية في جانب أخر... فهرب من الإضطهاد بطاركة الأسكندرية إلي الصحارى .
وضع أوكتافيوس أساسيات حكم الرومان في مصر من خلال إزالة كل العقبات من طريقه، فقتل ابن أنطونيوس وكذلك قيصرون ابن كليوباترا ويوليوس قيصر، كما جعل مصر من الولايات الخاضعة له مباشرة، بمنع زيارة الفرسان الرومان أو السناتو إليها إلَّا بإذن شخصي منه. ((اعتمد الرومان على النظام الإداري الذي اتبعه البطالمة ، حيث قام أغسطس ( أوكتافيوس ) بتعيين حاكم لمصر مقره الإسكندرية، وتم تقسيم البلاد إلى مديريات لكل منها مدير مسؤول أمام الوالي، كما كان للوالي مساعدان في البداية ثم ثلاثة يستعين بهم لإدارة أقسام مصر الرئيسية؛ العليا والدنيا والوسطى.)) ويذكر أن حكم مصر إستمر علي هذا المنوال .. ففي ذلك الوقت كان يتم إرسال والي من قبل الإمبراطور ينوب عنه، مقره الإسكندرية. وظيفته الأساسية هي الهيمنة على إدارة شؤون البلاد، وكانت مدة والي مصر قصيرة، كي لا يستقل نهائيا بحكمها ، مما جعله ينصب بشكل مباشر. على مصالحه الشخصية وجمع المال له، بدلاَ من الاهتمام بمصالح البلاد. و مما حرم المصريين من الحصول على حريتهم في الاشتراك في إدارة البلاد، وجعلهم كالغرباء في وطنهم. فضلاَ عن منعهم بشكل نهائي من الانضمام إلى الجيش، حتى لا تسنح لهم الفرصة في تكوين صفوف مقاومة ضد الرومان وضد الإمبراطورية. ولم يكن أمام المصريين مفر سوى الرضوخ أمام الحكم الروماني، على الرغم من قيامهم بالعديد من الثورات كان أشهر ها ثورة حرب البولي أو حرب الزرع، نسبة إلى منطقة في شمال الدلتا. وكانت هذه الثورة في عهد الإمبراطور ماركوس أوريليوس، وكادت أن تنجح وتصبح مدينة الإسكندرية في قبضة الثوار. .. إلا أن الإمبراطورية استطاعت إرسال إمدادات رومانية من خلال سوريا لتحبطها وتتمكن من السيطرة على البلاد مرة أخرى. اعتبرت الإمبراطورية الرومانية مصر في ذلك الوقت البقرة الحلوب، التي تدر لها الخير الوفير، والإنتاج الذي تحتاج إليه دون تعب أو مجهود. فقد كانت كافة نظم الإدارة الرومانية في البلاد قائمة على استغلال ثروات وأموال المصريين من المزارعين والتجار والصناع. بالإضافة إلى نظام الضرائب القاسي الذي كان يفرض على أصحاب المصانع. و جوبأن تدفع الضريبة قبل خروج المنتجات والبضائع من المصنع. كما كان يوجد العديد من الضرائب المختلفة مثل ضريبة سنوية يتم جمعها على الحيوان. وضريبة على الأراضي الصالحة للزراعة والتي يمتلكها الفلاح. فضلاَ عن ضرائب يتم جمعها نتيجة المرور من النيل،. وضريبة التاج، التي يدفعها المصريون كرهاَ من أجل شراء تاج الإمبراطور عند صعوده على العرش. بالإضافة إلى ضريبة على السفن، والأسواق، والحمامات العامة، وأثاث المنازل، وبيع الأراضي. ومن كان يرفض الدفع ويمتنع يتم القبض عليه للعمل في السخرة (أي حفر الترع وتطهيرها). البناء الاجتماعي في مصر في ظل العصر الروماني كان على شكل هرمي، يأتي على قمته الرومان وهم الاقلية. أما الطبقة التالية فكانت من نصيب الإغريق واليهود وسكان المدن الأربعة. بينما كانت الطبقة الأخيرة المكونه من المصريين هي أغلب السكان. طبقة الرومان كقمة الهرم هم الذين حصلوا على امتيازات كبيرة جداَ داخل البلاد منها امتيازات مالية وأخرى قانونية. لم يفرض عليهم أي أعباء اقتصادية ،على الرغم من تقاضيهم أجور كبيرة جداً. كما أنهم حصلوا على المناصب العليا في البلاد مثل منصب الوالي، قيادات الجيش وغيرها من المناصب الكبرى في البلاد. الطبقة الوسطى الإغريق واليهود وسكان المدن الأربعة الذين تمتعوا بعدد من الامتيازات ، فقد تمكنوا من تكوين مجلس الشيوخ الخاص بهم. من أجل تسيير أمورهم التجارية والاقتصادية والمالية فيما بينهم، وكانت هذه الامتيازات. تسري على سكان المدن الأربعة وهم مدينة الإسكندرية، مدينة بطلمية، مدينة نقراطيس، وأيضا مدينة انطونيوس. فقط الطبقة الأخيرة من عامة المصريين والفقراء والذين كانوا في قاع الهرم الاجتماعي. ولم يتمتعوا بأي امتيازات بل على العكس حرموا من ممارسة حريتهم السياسية في البلاد. وتمت معاملتهم في وطنهم كالعبيد، يدفعون الضرائب ويقومون بالزراعة والصناعة والتجارة من أجل خدمة الإمبراطورية الرومانية.
شاب عهد الرومان ازدياد الحوادث العنيفة على خلفية دينية، فقد شهدت مصر العديد من الفتن الدينية بين اليهود والإغريق، وبين المسيحيين والوثنيين، وكان الرومان يخمدون هذه الفتن بقسوة في أغلب الأحيان. ((قُتلت هيباتيا الفيلسوفة اليونانية الأصل على يدِّ المسيحيين؛ وذلك لاستمرارها وبقائها على الدين الوثنيّْ وجهرها بذلك وعدم إخفائها لمعتقداتها؛ ولخوف المسيحية من تأثير هيباتيا على الناس الَّذين تحوَّلوا من الوثنيَّة إلى المسيحية قاموا بخطفها وجرِّها في الشوارع وهي تحت التعذيب، كما أنَّهم قاموا بحرقها وكشط جلدها بقذائف المحار، وقاموا أيضًا بأخذها إلى الكنيسة وتجريدها من ملابسها وتمزيق أطرافها)). في القرن الثالث الميلادي فقد الرومان السيطرة على مصر عندما تمكنت ملكة تدمر (زنوبيا) من غزومصر والشام عام 268 م، لكن هذه السيطرة لم تستمر أكثر من عامين حيث تمكن أورليان من إجبار التدمريين على التراجع حتَّى بلادهم، وانتهت هذه الصفحة من تاريخ المنطقة بموت زنوبيا. في عهد دقلديانوس الذي وصل إلى حكم روما سنة 284 ميلادية بدأت بعض الإصلاحات في مصر، وقد أقام أهالي الإسكندرية عامود الصواري كنوع من العرفان له على ما خصصه لهم من معونات، لكن دقلديانوس انقلب على المسيحيين في أواخر أيامه وبدأ حملة اضطهاد عنيفة ضدهم، فسمي عصره بعصر الشهداء لكثرة ما قتل من المسيحيين. .. يقول يوسابيوس المؤرِخ الكنسي، ((أنَّ في مصر كان يوجد جمع غفير لا يُحصى من المؤمنين مع زوجاتِهِم وأطفالِهِم ممن عانوا من كل أنواع العذابات والموت من أجل الإيمان)) ويقول المُدافِع والعلاَّمة ترتليان عن تقييمه لعدد شُهداء مصر من المسيحيين: ((لو أنَّ شهداء العالم كله وُضِعوا في كفة ميزان، وشهداء مصر في الكفة الأخرى، لرجحت كفة المصريين)) ...ويُقدَّر عدد شهداء الأقباط بحوالي ثمانمائة ألف شخص.
و هكذا مع إنقسام الإمبراطورية .. كانت المستعمرات الرومانية الشرقية من حصة الشرقية بطبيعة الحال، وأصبحت بيزنطة هي مقر السلطة المركزية لهذه الدولة ولذلك يعرف بالعهد البيزنطي. عندما نتحدث عن وضع مصر في ظل الدولة الرومانية الشرقية أو البيزنطية، يمكن القول أن الحال لم يختلف كثيراً عمَّا كان عليه أيام الأباطرة الرومان الأوائل. إضطهاد ديني و زيادة الفقر والبؤس ، وأصبحت مصر بالنسبة للبيزنطيين مزرعة للقمح الذي يكاد يكون المنتج المصري الوحيد في تلك الأيام قسطنطين إعترف بالديانة المسيحية ومنح المسيحيين حرية العبادة من خلال مرسوم ميلانو سنة 313 م،و بذلك حلت المسيحية مكان الوثنية لتكون الدين المهيمن في الإمبراطورية الرومانية. و لكن سرعان ما بدأت فتنة بين الطوائف المسيحية ، واستمرت هذه الفتن فترة طويلة فيما بعد، ..أصبحت فيها مدينة الإسكندرية تمثل القيادة المسيحية في الشرق، وخاضت صراعات طويلة مع كنائس سوريا حول أمور دينية وعقائدية، عندما بدأ العداء يتسع بين الكنيسة البيزنطية والكنيسة المصرية، تطور إلي خلافات دينية و سياسية بين المصريين والإمبراطورية. هذه الخلافات التي كثيراً ما تطورت لأحداث عنيفة وانقسامات عميقة لعبت دوراً كبيراً في إضعاف الإمبراطورية البيزنطية، وبالتالي أصبحت فريسة سهلة للفرس الساسانيين الذين كانوا يطمحون لإقامة إمبراطورية جديدة على أنقاض الإمبراطورية الرومانية الشرقية. يعتبر عهد الإمبراطور هرقل (من عام 610 وحتَّى 641 م) عهد احتضار بيزنطة، حيث تمكن الفرس الساسانيون في السنة الخامسة من حكم هرقل.من ابتلاع معظم ممتلكات الإمبراطورية الرومانية الشرقية من الشام وحتَّى مصر مروراً بفلسطين. لكن هرقل تمكن بعد عشر سنوات من استعادتها من خلال انتصاره بمعركة نينوى سنة 627 م وتوقيعه معاهدة مع الفرس تضمنت ضم مصر مجدداً إلى النفوذ البيزنطي. الإمبراطورية البيزنطية كانت قد تهالكت فعلياً، وقد أنهكتها حربها مع الفرس وانقساماتها الداخلية، ما أذن لجيوش المسلمين أن تقضي على نفوذ البيزنطيين، فوصل عمرو بن العاص على رأس جيش المسلمين إلى مصر عام 649 م ليبدأ فصل جديد من تاريخ مصر.. وهكذا نستطيع أن نقول بدرجة كبيرة من الصواب أن زمن الإمبراطورية الرومانية في مصر .. هو بداية الفقد للهوية .. و اللغة و الدين .. الذى إستمر بعد ذلك خلال حكم العرب والفاطميين و المماليك و الأتراك .
بكلمات ختامية لوصف هذا العصر .. لم تكن روما تعد مصر ولاية تابعة لها، بل كانت تعدّها من أملاك الإمبراطور شخصيا، لذلك يحكمها حاكم مسئول أمامه وحده. وبقيت اللغة اليونانية في ذلك العهد هي اللغة الرسمية ولم تبذل محاولة ما لتحضير السكان، فقد كانت وظيفة مصر في الإمبراطوريّة أن تكون المورد الذي تستمد منه روما ما يلزمها من الحبوب ولهذا السبب انتزعت من الكهنة مساحات واسعة من الأرض وأعطيت للممولين الرومان أو الإسكندريين، وجُعلت ضياعاً واسعة يعمل فيها الفلاحون ويُستغَلّون بلا رحمة. وظلت الرأسمالية الحكومية كما كانت في عهد البطالمة لقد كانت تنظم كل خطوة من خطوات الأعمال الزراعية وتشرف على تنفيذها: فكان موظفون حكوميون مطَّرِدو الزيادة يعينون ما يزرع من المحاصيل، ومقدار ما يزرع منها، ويوزعون البذور على الزراع في كل عام، ويستولون على المحاصيل ويودعونها في مخازن حكومية يصدرون منها حصة روما، ويقتطعون الضرائب منها عينا، ويبيعون ما يتبقى بعد ذلك في السوق. أو كما كتب جمال حمدان (( وهكذا بقت مصر في خارج الاسكندرية محتفظة بمصريتها عابسة صامتة و قلما إصطبغ فيها شيء بالصبغة الرومانية بعيدا عن مصاب النيل و حتي مدينة الأسكندرية نفسها التي كانت أعظم المدائن اليونانية أخذت في القرن الثاني بعد الميلاد تصطبغ بصبغة الحواضر الشرقية في اخلاق أهلها و لغاتهم )). كان يسكن عاصمة مصرالتي بناها (إبن أمون ) لتصبح عاصمة لخلفاءة من البطالسة و الرومان .. 800 الف من مجموع السكان البالغ 8.5 مليون يقول فيلو أن أربعين بالمائة منهم كانوا يهودا .و كان سكانها خليط من اليونان و المصريين و اليهود و الإيطاليين و العرب و الفينقيين و الفرس و الأحباش و السوريين و الليبين و شعوب البحر المتوسط كلها تقريبا ... بعيشون منفصمين عن بافي سكان القطر يزاولون أنشطه مختلفة .. و يتبعون إجتماعيا و عاطفيا .. القسطنطنية . و هكذا مرت الف سنة كانت كافية لإنهاء كل ما حققته مصر من قبل .. و جعلت قيادتها و خيرها للغرباء ..و حولت أهلها إلي عبيد أو أقنان.. ( نكمل الجزء الرابع و من المقال الثالث .. في وقت قريب )
#محمد_حسين_يونس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مصر و عصور إضمحلالها(9)
-
مصر و عصور إضمحلالها(8 )
-
مصر و عصور إضمحلالها(7)
-
مصر و عصور إضمحلالها(6 )
-
مصر و عصور إضمحلالها( 5)
-
مصر و عصور إضمحلالها(4).
-
مصر و عصور إضمحلالها(3)
-
مصر و عصور إضمحلالها.(2)
-
مصر و عصور إضمحلالها. (1)
-
كائنات بدون ذاكرة ..خيبات مايو
-
أحزان ما بعد الماتش .
-
عقل جامح و فكر غير معتاد
-
الموازنة .. عجز وقروض وضرائب.
-
الحوار -غير- المتمدن في مصر .
-
أمركة المجتمع بعد فشل الهبة
-
لمن أتكلم ..الخطيئة لا حد لها .
-
الوقوع في مصيدة التفاهه
-
زوار من الفضاء Ancient Alien
-
علي مقاعد المعارضة مكاني .
-
البرازيت و العائل إنها قسمة ضيزي .
المزيد.....
-
تحقيق CNN يكشف ما وجد داخل صواريخ روسية استهدفت أوكرانيا
-
ثعبان سافر مئات الأميال يُفاجئ عمال متجر في هاواي.. شاهد ما
...
-
الصحة اللبنانية تكشف عدد قتلى الغارات الإسرائيلية على وسط بي
...
-
غارة إسرائيلية -ضخمة- وسط بيروت، ووسائل إعلام تشير إلى أن ال
...
-
مصادر لبنانية: غارات إسرائيلية جديدة استهدفت وسط وجنوب بيروت
...
-
بالفيديو.. الغارة الإسرائيلية على البسطة الفوقا خلفت حفرة بع
...
-
مشاهد جديدة توثق الدمار الهائل الذي لحق بمنطقة البسطة الفوقا
...
-
كندا.. مظاهرات حاشدة تزامنا مع انعقاد الدروة الـ70 للجمعية ا
...
-
مراسلتنا: اشتباكات عنيفة بين -حزب الله- والجيش الإسرائيلي في
...
-
مصر.. ضبط شبكة دولية للاختراق الإلكتروني والاحتيال
المزيد.....
-
الانسان في فجر الحضارة
/ مالك ابوعليا
-
مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات
...
/ مالك ابوعليا
-
مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا
...
/ أبو الحسن سلام
-
تاريخ البشرية القديم
/ مالك ابوعليا
-
تراث بحزاني النسخة الاخيرة
/ ممتاز حسين خلو
-
فى الأسطورة العرقية اليهودية
/ سعيد العليمى
-
غورباتشوف والانهيار السوفيتي
/ دلير زنكنة
-
الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة
/ نايف سلوم
-
الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية
/ زينب محمد عبد الرحيم
-
عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر
/ أحمد رباص
المزيد.....
|