|
سؤال من دافينتشي
زهير زهير
الحوار المتمدن-العدد: 7275 - 2022 / 6 / 10 - 10:25
المحور:
الادب والفن
المثلي الحقيقي المؤمن بمثليته يجب عليه ان يستشف الأكاذيب التي تروج حوله و أن يراجع نفسه و يبدأ في تصحيح ذاته بدل الدفاع الفارغ الكاذب الذي لا جدوى منه. إن الحقيقة والصراحة يجب أن تكون هدف المثلي الفاضل العاقل الذي يخضع كل شيء للنقض والتمحيص قصد الإصلاح الذاتي في شقيه المادي والنفسي. فكم من مثلي يريد ان يتحرر من عائلته ومن وطنه وجسده و من دينه و.... إلخ، هذا شيء رائع!!! اذن فهو شخص(بفتح وتضعيف الخاء) ومحص نفسه وعرف الداء و وجد ان في تحرير نفسه من هؤلاء دواء. لكن مايتغاطى عنه المثلي و يهرب منه هو تحرره من عقده النفسية التي هي اخطر عليه من العائلة والمجتمع والدين وهلم جرة. ومن بين هذه العقد الجزيلة تركن بين طياته عقدة يستحيل أن يدركها او يرصدها. تقبع فيه وكل مرة توخزه بافعال خارجة عن الطبييعة والارادة مع سلب كبريائه النفسي وإجحاف وجدانه الحسي، فيصبح تارة خنوع واخرى خضوع.
قبل اي شيء يجب ان تعرف ان مجالنا و بحثنا لا علاقة له بما تعرف، يعني كل الاشكاليات التي اطرحها هي بكر. اقول هذا ليس بدافع مرض نفسي او جوع قهري، وانما افظل ان تصقل رقبتي مع حضيض السمجاء على ان اكون ببغاء اقلد الاكادميين الغوغاء او المتفلسفين الدهماء. أفهمت؟ طيب.
اليوم قال لي صديقي او دافينتشي كما ألقبه. أنه كان مريض بالصداع إضافة إلى أمراض أخرى، وعندما قصد المستشفى حالما بالعلاج واجهوه بعنف وكراهية وأعطوه موعدا مدته عشرة أشهر. عندما كان ذاهبا الى المستشفى حلم كثيرا قائلا لنفسه قد تنفعني بطاقة راميد وتحسسها في جيبه ووقف الأمل أمامه عندما وصل إلى قاعة الفحص وجد ممرضة تعاملت معه كبوليس زمن هتلر فنهرته وقالت له لا تزعجني لا أنت ولارميدك هاك الموعد. انهارت قواه و لن تخرج الدموع من عينه من كثرة بكائه منذ أن صار من المعذبين في الأرض. تراجعت الممرضة إلى الوراء مسرعة إلى ممرض هناك ضاحكة وتاركة مريض الراميد وراء الصندوق التي تحمله ورائها معبرة له عن ما تفهم. فجف ماء ركبتيه والصق ظهره بالحائط ردد نهينهاته المتحسرة اثناء وصوله للارض، فإذا بأذنيه يلتقطون صوت القهقهة و تبادل النكتة والسخرية عن المرضى. فدخل مدير المستشفى فجأة فارتعدت الممرضة و وقفت وقفة الجندي آثناء رئيته لغاره، واقتلعت من باطنها كل مرادفات التغزل و الإطراء للمدير. سألني دافينتشي عن معنى هذا السلوك هل هو الخوف؟ أجبته لا ليس الخوف. اذن عقدة المخزن؟؟أجبته لا ليس كذلك. رد صارخا ويحك افصح؟؟ قلت له بصوت خافت انها عقدة الخمياء. إن عقدة الخمياء من العقد النفسية العميقة و الخطيرة التي تسكن لا شعور كل المثليين وسكان المعمورة. اما عقدة اوديب(1) فليست هي لا بعقدة و لا ميل ولاصدفة، كل مافي الأمر ان فرويد تعاطى لبعض الغرامات من الكوكايين وبدأت تحلل و تتفلسف عوضه بعدما أطلقته الى الفضاء. طبعا أذكركم دائما أنه معي أترك كل ملوماتك بعيدا جدا و سر معي. إياك أن تفهم ما ورثه بأننا هنا نتكلم في مادة إسمها الكيمياء كما هو معروف، مجالنا الآن ليس هذه الكيمياء التي تعرف. ولا نتكلم ايضا عن الجانب المادي للخمياء الذي يعرف بتحويل المعادن الخسيسة الى معادن نفيسة او عن حجر الفيلسوف او ذلك العلم السري من التآمل والممارسات السرية قصد تحقيق الأغراض، هذا إذا كنت تعرفه. اذن فما هي عقدة الخمياء؟ إن عقدة الخمياء هي حالة مرضية لكن في مجال الأمراض النفسية الخاصة بالروح. هذا المرض وهذا الشيء في ذاته الذي نطلق عليه عقدة او شعور هو يسكن الإنسان في عمق نفسه فيوحي له وكأنه سحر او شيطان، يوحي له بالأحلام التي تسوقها جيوش الشهوة وتتقدمها ملكة اللذة وتطير به إلى اعالي ريح خيالية لا وصف لها. سنتابع الغوص و الحفر الآركيولوجي عن عقدة الخمياء، مع بعض الأمثلة كما فعلنا مع العلاقات العابرة وغيرها التي يتوهم المثلي أنه يعرف ماهيتها في حين إنه لايعرف شيئا عن ذلك فهو يظن فقط و لايغني الظن من الحق شيئا.
المسلسل الإسباني LA CASA DE PAPEL طرح الحالة المرضية التي استبطنت مونيكا مع دنفر. مونيكا أحببت مجرم فقط من بين المجرمين الذين اقتحموا دار السكة. فهي واعية من يستطيع القيام بهذه العمليات، فقط أخطر المجرمين. هؤلاء المجرمين او المجرم دنفر يختلف اختلاف تام مع مونيكا. اختلاف التكوين الاكاديمي او المهني، اختلاف الطبقة الاجتماعية، واختلاف الرؤى و الأهداف، ومن بين هذه الأهداف الحصول على عشيق يناسب منزلتها وهذا ماكانت عليه مونيكا قبل الاقتحام. كانت مرتبطة برئيس اسمى مؤسسة مالية في اسبانيا. فكيف إذن احببت دنفر؟؟؟ وكيف ضحت بحريتها وعائلتها وعشيقها و وطنها ودخلها المادي المتين من أجل رجل لاتعرف عنه شيءا سوى أنه مجرم؟؟ وكيف اصطفت في صف المجرمين من أجل مجرم مع وعيها المسهب أنها لا تدري الى اين ستؤول بنفسها؟؟هل للسجن ام مع دنفر الذي لا يحبها؟؟ اجابني دافينتشي على انها اصيبت بمتلازمة سطوكهولم.
لا يا دافينتشي فإن عقدة الرهينة او متلازمة سطوكهولم هي ان الضحية يتعاطف ويتعاون مع عدوه او المختطف يظهر الولاء للخاطف أو من أساء إليه بشكل من الأشكال "سطر على الاساءة " وهذه هي التي يمكنك أن تسميها عقدة المخزن. ان متلازمة سطوكهولم او عقدة المخزن هم نتيجة أفراد المجتمع وأرواحهم الدفينة العميقة والمريضة بعقدة علاقة السيد والعبد ونشكر كثيرا المفكر ألكسندر كوجيف (2) الذي جال في غابة السيادة والعبودية أو السادية(3) والمازوخية(4). أما مونيكا فلم يسئ لها دنفر بشكل من الأشكل فهو قام بعكس بما تقوم عليه اسس متلازمة سطوكهولم، هو الذي انقذها من القتل وعالجها ودللها. أفهمت الآن يادافيننشي؟؟؟ لا لم افهم بعد. رويدا رويدا يادافينتشي إذا استطعت معي صبرا؟؟؟ هاك عقدة اخرى من عقد الخمياء.
في ليلة من الليالي قد سبق لك يادفينتشي ان حضرت في سهرة او مهرجان لمطرب(ة) او لفنان(ة) في مدينة ما. فرأيت الجمهور رؤوسهم في الفنان(ة) شوامخ و قلوبهم معه(ا) خواشع والأبدان مصطفة كالذبائح في المسالخ. . وإذا كان نجم الحفل ذكر، ترى في مقدمة المنصة كلها إناث او المعجبات. عندما يبزغ هذا النجم، ترى كأنه يعطي اشارة او الضوء الأخضر لهؤلاء لقيام بطقوس غريبة وعجيبة. يرددون معه إنتاجه بصوت عالي وقوي ويقومون بتمايل وحركات عجيبة كانهم مهيجون او في الصرع، كذلك العويل والتأوه والجلجلة تصدر منهم في آن واحد وعلى نفس الوزن. فكيف تفسر هذا الشعور يادافينتشي مع معرفتك المسبقة أن لا الجمهور يعرف هذا الفنان معرفة حقة ولا الفنان يعلم عن أحدهم مقدار أقة؟؟
SeúlEz Heul ____________________________________________ (1):عقدة اوديب التي تعتبر اشهر عقدة في التاريخ هي مفهوم أنشأه سيغموند فرويد واستوحاه من أسطورة أوديب وهي عقدة نفسية تطلق على الذكر الذي يحب والدته ويتعلق بها ويغار عليها من أبيه. ويذكر فرويد ايضا ان بكاء الرضيع على ثذي أمه ليس فقط الجوع وانما حتى التلذذ الجنسي. (2):جدل السيادة والعبودية/ألكسندر كوجيف ترجمة: عبد السلام بنعبد العالي (3):هي التلذذ بإلحاق الألم على الطرف الآخر أي التلذذ بالتعذيب والتعنيف بشكل من الأشكال. وفي الجنس السادي لا يصل لشهوته او لذروته الجنسية إلا بالتلذذ بتعنيف وتعذيب المفعول به. (4):عكس(3)
#زهير_زهير (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الفرقة الشعبية الكويتية.. تاريخ حافل يوثّق بكتاب جديد
-
فنانة من سويسرا تواجه تحديات التكنولوجيا في عالم الواقع الاف
...
-
تفرنوت.. قصة خبز أمازيغي مغربي يعد على حجارة الوادي
-
دائرة الثقافة والإعلام المركزي لحزب الوحدة الشعبية تنظم ندوة
...
-
Yal? Capk?n?.. مسلسل الطائر الرفراف الحلقة 88 مترجمة قصة عشق
...
-
الشاعر الأوزبكي شمشاد عبد اللهيف.. كيف قاوم الاستعمار الثقاف
...
-
نقط تحت الصفر
-
غزة.. الموسيقى لمواجهة الحرب والنزوح
-
يَدٌ.. بخُطوطٍ ضَالة
-
انطباعاتٌ بروليتارية عن أغانٍ أرستقراطية
المزيد.....
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
المزيد.....
|