|
مرة اخرى حول الإنتخابات السويدية .. الموقف من العراق وقضايا اخرى...
صباح الجزائري
الحوار المتمدن-العدد: 1677 - 2006 / 9 / 18 - 09:49
المحور:
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
غداً هو موعد الإنتخابات العامة في السويد، رغم ان الكثير من الناس قد بدأ الإنتخاب مبكراً ، أي قبل أيام وفق قانون الإنتخاب المبكر. توقفت الحملة الدعائية الإنتخابية اليوم. و كانت المناظرات و اللقاءات و المناقشات حامية جداً بين قادة الأحزاب المختلفةً . علماً ان اثنين من ثلاثة مؤسسات استطلاع للرأي العام ترجح فوز اليمين، حسب ما نشرته صحف الأمس بفارق ليس كبيراً، رغم وعوده التي لا تمثل مصالح الفئات المتوسطة من المجتمع السويدي و هم الغالبية بطبيعة الحال لكن من يدري فالمفاجئات ليست بعيدة تماماً. استمرار المشاكل دون حلول جذرية طيلة الفترة السابقة و هي ليست قصيرة بحال ، يشكل نقطة الضعف الأكبر ، ضد الاشتراكيين الديمقراطيين . و من جهة اخرى فإن فقدان حزب اليسار الى الكثير من أصواته بسبب الانشقاقات التي حدثت في صفوفه يشكل هو الآخر نقطة ضعف كبيرة أخرى.
تماماً مثل أية إنتخابات أخرى في العالم المتحضر تستمر في السويد الحوارات الساخنة بين الأحزاب المتنافسة في الانتخابات البرلمانية للدورة الممتدة من 2006 الى 2010 ،على مختلف المستويات على القضايا الداخلية المهمة و الملتهبة في بعض الأحيان. بينما لا تأخذ القضايا و السياسية الدولية لبلد مثل السويد ألا حيزاً قليلا من اهتمام الناخبين وكذلك على مستوى الحوار الدائر بين المرشحين على مستوى البرلمان و يتركز في معظمه على ما يتعلق بالاتحاد الأوربي أو القضايا الساخنة الأخرى، عندما تطرح للتساؤل. تتسم هذه الأمور عند السويديين بشيء من الحساسية على مستوى الشارع كما هو الحال على مستوى الموقف الرسمي. فالموقف الشعبي يخضع، عموما، لتأثير الأعلام الأقوى على الناس و في بلد مثل السويد بمثل هذا الارتباط العميق والتاريخي مع الولايات المتحدة الأمريكية لا يكون الحديث عن حيادية تامة أو فهم موضوعي و خاصة في مجال الوعي الجماهيري إلا تمني ليس أكثر و في مجالات محدودة الى حد كبير. ورغم ديمقراطية و حيادية السويد والتقاليد البرلمانية و حرية إبداء الرأي التي يكفلها الدستور منذ عقود طويلة فأن بعض المواقف تتسم بحساسية شديدة وتتطلب دقة في صياغتها على مستوى تحديد السياسة الخارجية، وما تبعات الموقف الرسمي للسويد المناهض للحرب ضد العراق الذي اتخذته قبل شنها و الذي لا زالت تعاني التهميش بسببه حتى الآن إلا دليلاً على ذلك.
بعض وجوه اللوحة الديمقراطية داخل السويد
يتنافس 229 حزباً سويدياً و يخوض العملية الإنتخابية الحالية على ثلاثة مستويات:
1 ــ انتخاب البرلمان السويدي وعدد المتنافسين فيها 38 حزباً و هم بنفس الوقت يدخلون ضمن التنافس على المستويين الآخرين. 2 ــ انتخاب المجالس النيابية للمحافظات التي عددها 21 محافظة قسمت الى 29 دائرة إنتخابية حيث قسمت المحافظات الكبيرة الى أكثر من منطقة انتخابية لسعتها و لأسباب اخرى لسنا بصدد الحديث عنها الآن وهي ستوكهولم ، سكونه Skåne ( او سكانيا كما تسمى أيضاً باللغة العربية أو Scania باللغة الإنكليزية) في الجنوب و جزيرة غوتلاند. عدد المتنافسين عليها 45 حزباً يعتبرون مرشحين الى إنتخابات البلديات أيضاً و لكن ليس البرلمان. 3 ــ انتخاب المجالس البلدية ، عدد المتنافسين عليها 228 حزباً منهم 144 حزباً يتنافسون على 115 بلدية و هذا معناه ان هناك عدد من البلديات و كذلك المحافظات لا يوجد فيها مرشحين عدا الأحزاب السبعة او قسماً منهم.
يفوز الحزب المرشح بالمشاركة في البرلمان إذا ما حصل على 4 % من الأصوات للبرلمان و 3 % من الأصوات للمستويين الآخرين( المحافظات والبلديات) و لن يستوفي المرشح الشروط ما لم يحصل على عدد محدد من الأصوات لا يقل عن 8 % من أصوات قائمته للبرلمان و 5 % لغيرها او 100 صوت للمحافظات او 50 صوت للبلديات)
أحزاب تولد وأخرى تموت
لكن هذه الأحزاب الـ 229 هي ليست جميع الأحزاب في السويد ، إذ ان هناك أحزاب اخرى سجلت في الإنتخابات السابقة لكنها لم ترشح للانتخابات الحالية ، وربما تكون قد حلت نفسها او تحاول استجماع قوتها، بعد ان فشلت في الحصول على أصوات سابقاً.
وبالرغم من ان السويد بلد مستقر من الناحية البرلمانية ومن ناحية تأسيس مؤسساته و وثائقه الدستورية ( لا يوجد شيء اسمه دستور كوثيقة واحدة و شاملة مثلما حصل في العراق، وإنما أربعة قوانين أساسية تمس جميع جوانب الحياة في السويد و توصّف نوع الحكم و طريقته و السلطات الثلاثة و صلاحياتها و الملكية و نظام توارثها و حقوق و حريات وواجبات المواطنين) و توضح وتدعم وتعزز هذه القوانين الأساسية بقوانين يشرعها البرلمان وفق آلية لا تعدل إلا بدورتين انتخابيتين شأنها شأن أي تعديل على القوانين الأساسية (الدستورية ) ذاتها. أقول رغم هذا الإستقرار فهناك احزاب تولد مثلما تختفي او تتراجع احزاب أخرى . ويزداد عدد الأحزاب المسجلة لخوض الإنتخابات في كل سنة ، وخاصة سنين الإنتخابات العامة. فمثلاً ، تم تسجيل ما مجموعه 82 حزباً سياسياً بعد عام 2002 (السنة الانتخابية السابقة)، 55 حزباُ منها وهو القسم الأكبر سجل في سنة 2006 . معظمها مرشح على مستوى البلديات. بينما في سنة 2004 كان هناك 24 حزباً جديداً و26 حزباً في سنة 1998. وهكذا هي الحياة الديمقراطية الحقّة. أحزاب تولد وأخرى تموت
التركيبة البرلمانية الحالية
المقاعد البرلمانية الـ 349 مقعد هي عبارة عن 310 مقاعد من المحافظات و 39 مقعد للموازنة و تعديل الأصوات لاحقاً، وقد حصلت الأحزاب الأساسية السبعة على هذه الأعداد من الأصوات :
الأحزاب التي تشكل الحكومة: الحزب الإشتراكي الديمقراطي،عدد أعضاءه 125 ألف ، حصل على 144 مقعداً ونسبته 39,8 % حزب اليسار وعدد اعضاءه 11 ألف و حصل على 30 8,3 % حزب البيئة وعدد اعضاءه 8 آلاف و حصل على 17 4,6 % و يشكلون الأغلبية في البرلمان و عددها 191 مقعداً 54,7 % وهي الكتلة اليسارية التي يطلق عليها تحالف الأحمر و الأخضر
الأحزاب التي تشكل المعارضة: حزب المودارات وعدد اعضاءه 59 ألف و حصل على 55 مقعداً و نسبته 15,2 % حزب الشعب وعدد اعضاءه 22 ألف و حصل على 48 13,3 % الحزب الديمقراطي المسيحي وعدد اعضاءه 24 ألف و حصل على 33 9,1 % حزب الوسط وعدد اعضاءه 80 ألف و حصل على 22 6,1 % و يشكلون الأقلية في البرلمان و عددها 158 مقعداً و نسبتهم 45,3 % و يشكلون المعارضة و يطلق عليهم تحالف اليمين
لقد كان عدد سكان السويد عام 2002، 788 940 8 منهم 152 722 6 مؤهلين للانتخاب و كانت نسبة المشاركة 80,1 % وهي اقل من الإنتخابات السابقة بمقدار 1,3 %. . بينما يرى استطلاعات الرأي عن المشاركات لهذا العام ان هناك 58 % يعتقد بان المشاركة ستزيد ، مقابل 37 % يعتقد بأنها ستقل و الباقي يعتقد عدم تغيرها.
بلغ عدد النساء في البرلمان 158 امرأة و وتشكل نسبة 45,3 % من مجموع أعضاء البرلمان، أي ما يعادل اقل من النصف بقليل. وكان حزب البيئة هو الحزب المتقدم على جميع الأحزاب في نسبة عدد النساء الى الرجال من مندوبيه حيث بلغت 58 % بينما الحزب الأقل هو الديمقراطي المسيحي حيث بلغت النسبة 30 %. و بلغ عدد النواب الشباب( مابين 18 الى 36 سنة)62 نائب( اثنين منهم أقل من 21 سنة) و نسبتهم 17,8 % (ما يساوي 2 من 11 مندوب) ، وهي نسبة جيدة و من المتوقع ان تكون النسبة اكبر للدورة القادمة. أعلى نسبة من الشباب كانت من بين حزب الشعب حيث بلغت 35 % يليه البيئة 29,4 % بينما النسبة الأقل كانت من نصيب الديمقراطي المسيحي حيث بلغت اقل من 1 %.
و من المثير الإنتباه حقاً ان هذه الأحزاب لا تعتمد على عدد أعضاءها كما يظهر سجل الأعضاء ، رغم أهمية ذلك، بل على عوامل عديدة اخرى منها حجم الدعاية الإنتخابية التي يوظفها و قدرته على إقناع الجمهور بالتصويت الى حزبه و هذا يتم عبر المناظرات و الحوارات التلفزيونية المتعددة و اللقاءات بالجمهور و الزيارات الميدانية و غيرها من الفعاليات التي تتركز على إظهار مزايا برنامج الحزب و على مساوئ برنامج الطرف المقابل أيضا . وليس من المستبعد ان تكون هناك حوارات ساخنة جداً لكنها جميعا لا تخرج عن المألوف ولا على لغة الإحترام و الود بين الأطراف و لا خروقات للقوانين الإنتخابية، على الأقل هذا ما يظهر أمام الجمهور علناً وفي وسائل الأعلام. ألا ان هذه الحياة الديمقراطية و التقاليد الجميلة لا تخلو من حالات التآمر أو الزيف الذي يمارس فيما بين الأحزاب مثلما حصل في الإنتخابات السابقة لحزب المودارات حيث كشف تسجيل صوت مصور و سري، قام به احد الصحفيين، لحوار خارج إطار الدعاية الإنتخابية، إساءات وأقوال بذيئة ضد الأجانب ، تحدث بها بعض القائمين على الدعاية الإنتخابية لهذا الحزب ، حيث فقد عدد كبير من الأصوات الإنتخابية آدت الى تراجع مركزه الإنتخابي بشدة، يحاول جاهداً استعادتها هذه السنة . و مثلما حصل الآن عندما أدت فضيحة تجسس حزب الشعب على الحزب الإشتراكي الديمقراطي عندما كشف الأخير اختراق الأول لصفحته الخاصة على الانترنت أدت الى استقالة ثلاثة من قيادي حزب الشعب يصعب تصور و الحالة هذه، عدم التأثير ذلك على نتائجه الإنتخابية. و ما اكتشفه حزب الشعب من مراسلات داخل حزب الوسط تبين أهدافهم في القضاء على تفوق حزب الشعب على حزبهم، رغم إنهم يشكلون تحالفاً فيما بينهم.
على ماذا تتنافس الأحزاب البلدان المتقدمة مثل السويد و غيرها لا يجري الحديث عن أية إصلاحات او برامج دون تحويلها الى لغة الأرقام والنقد. فموارد البلد و مدخولاته المختلفة معروفة و طريقة توزيعها معروفة هي الأخرى. وعلى هذا الأساس فهامش التعديل و التغيير محدود جداً . ولذلك عندما تتنافس الأحزاب فيما بينها على مالذي يمكن ان يقدمه كل حزب من وعود لتحسين الأوضاع سوف لن تكون الأمور مجهولة كلياً فيما يتعلق بكيفية و قدرة تحقيقها. والمسائل التي هي موضوع حوار و نقاش دائم تتعلق مثلاً بالموقف من ألأجانب وسياسة اللجوء ، المدارس والاهتمام بالأسرة ، البيئة والخدمات الصحية ، التقاعد و رعاية المسنين ، البطالة والاهتمام بعمل الشباب والأجانب، طبابة الأسنان و الرعاية الطبية وهذه و غيرها من الخدمات كلها قضايا تمول من قبل الناس و دافعي الضرائب. معروف عدد هؤلاء و مصادر دخولهم و حجمها و مصادر الضريبة المختلفة على الدخل او غيرها من الضرائب و الرسوم التي تشكل ثروة الحكومة. و لذلك فعندما يتحدث التحالف اليميني عن تحسين الوضع الفلاني او غيره تتم مناقشته من أين مصدر التمويل ، وهكذا تجري الحوارات. ان كانت هناك إمكانية وهل هي معقولة او غير ذلك ولصالح من ستجري المناقلات في تبويب الضريبة مثلاً . طبعاً ينطلق اليمين بشكل عام من مصلحة ارتاب العمل رغم انه طرح نفسه في هذه الإنتخابات على انه حزب العمال الجديد!! بينما ينطلق الحزب الاشتراكي الديمقراطي من مصلحة عامة الناس لكنه لا يستطيع الخروج عن اسر الرأسمالية المحلية ولا عن تأثيرها باعتبارها هي التي تعيل الدولة من الضرائب التي تدفعها.
يبدو اليمين هذه المرة أكثر تكاتفاً من السابق، و أكثر تنسيقاً لمواقفه المختلفة وقد شكلوا تحالفاً في الحملة الإنتخابية الحالية و أصدروا بيانا manifest انتخابياً موحداً . لكن مأزقه الجدي انه يريد تمشية برنامجه الذي سيقدم الكثير لأصحاب الشركات على حساب العمال و صندوق بطالتهم و ضماناتهم الأخرى، على صعيد تقليص بعض الدعم للخدمات العامة في سبيل تمويل مشروعة لخصخصة القطاع الطبي وبيع شركات السكن المملوكة للبلديات و هذا سيزيد من حالة الإغلاق لدى الأجانب و يعمق الفجوة بينهم وبين السويديين و نفس الشيء يحدث في قضية الإكثار من المدارس الخاصة. كما يرى الكثير من المشاركين في المناقشات.
وعندما يجري الحديث عن البطالة وكيفية معالجتها وهذه قضية إستراتيجية في برامج جميع الأحزاب على الرغم من أن الجميع يعلم إنها قضية لا يوجد و لن يوجد علاج جدي لها و جذري طالما كانت السيادة في إدارة دفة الاقتصاد بيد أصحاب الشركات التي تسيطر على مقاليد البلد حيث شرعت الكثير من القوانين من اجل إسباغ صفة الشرعية على كل حالة تسريح من العمل. مع ذلك فالحديث عن الأرقام مثلاً يعكس بوضوح الحقائق التالية:
1ــ لا توجد معطيات حقيقية عن القضية رغم تقدم الأجهزة الإحصائية. يطرح مكتب العمل أرقامه باعتباره الجهة التي تستطيع تحديد عدد العمال العاطلين عن العمل و المسجلين لديهم رسمياً و يقول ان العدد هو 225000 عاطل عن العمل و يعتمد الحزب الإشتراكي الديمقراطي الحاكم هذه النسبة لأنها الأقل من بين جميع النسب، بينما يطرح مكتب الإحصاء المركزي وهو الآخر من المصادر الدقيقة بأن العدد هو 288000 إذ يعتبر العاطلين عن العمل الدارسين في دورات تدريبية او مهنية تأهيليّة مؤقتة من ضمن القوى العاملة العاطلة عن العمل. بينما يلجاً التحالف اليميني الى المبالغة ويقول هناك 400000 عاطل عن العمل مضمن العدد ما يعتبره بطالة مقنعة التي ينسب اليها حتى العمال الذين حصلوا على عمل وقتي لمدة سنبين من اجل تأهيلهم لعمل لاحق.
2 ــ إنها قضية انتخابية أكثر منها قضية ذات أبعاد و مضامين اقتصادية اجتماعية ثقافية و فلسفية و تربوية عامة. آن الجميع يعلم ان توفير أي فرصة عمل تتطلب أولا إيجاد مصدر تمويلها و من ثم تصبح ذات مردود مالي بالدرجة الأولى على الخزينة المركزية. و بالتالي يريدون من البطالة قضية على المجتمع التعايش معها.
3 ــ التلاعب بالألفاظ و الأرقام و عواطف الناس ، لآن هناك حقيقة على الجميع ان يدركها و هي ان معالجة البطالة تعتمد على الوضع الاقتصادي الجيد، فعندما يكون هذا جيداً آنذاك سيبحث العمل عن الإنسان ، بينما عندما يكون سيئاً آنذاك سيبحث الإنسان عن العمل، وهذا معناه استفحال البطالة، وطالما لا يوجد في الأفق المنظور أي إمكانية لتحقيق قفزة في الوضع الاقتصادي ، إذن ليس هناك حلاً جذرياً للبطالة. ولهذا يعمل الجميع على الالتفاف من أجل التلاعب بالأرقام ليس إلا.
بينما يبدو اليسار بمكوناته الثلاث غير متفق على موقف موحد في بعض التفاصيل لكنه متفق على الأساسيات مثل الموقف ضد الخصخصة ، ضد المدارس الخاصة ضد تقليص التعويضات و الدعم الذي تقدمه الدولة و غيرها من الأمور . ومع ذلك يحتاج اليسار الى تقوية التضامن فيما بينهم لكي يتحول من سياسة قطع الطريق على اليمين للوصول الى السلطة الى رؤية جديدة للتعاون الذي يقلل من استئثار الإشتراكي الديمقراطي من جهة و الإشراك الفاعل لحزبي البيئة و اليسار في إدارة الدولة من جهة اخرى، وتعميق المساواة ورفع التمييز ضد الأجانب فعلاً لا قولاً كما يحدث الآن.
القضية العراقية في برامج الأحزاب
لقد توجهت بسؤال واحد الى جميع الأحزاب التي رشحت نفسها للبرلمان السويدي وعددها 38 حزباً أي جميع الأحزاب التي ستقرر السياسة الخارجية للسويد و فحواه:
ما هو موقف حزبكم من الوضع في العراق و التواجد العسكري للقوات الأجنبية وسياستكم المستقبلية نحو العراق؟
و كان الجواب غير منسجماً فالبعض لم يرد على السؤال و البعض ابتعد عن الموضوع و آخر كان جوابه منطلقاً من الموقف الأيديولوجي، و آخر كان مسهباً معززاً بالعديد من المقالات التي تصدرها الصحيفة الناطقة بلسانه و آخر كان مقتضباً جداً لا ينسجم مع أهمية الموضوع .... و هكذا . لذلك سأستعرض اللوحة انطلاقاً من مواقف الأحزاب السبعة التقليدية التي تتقاسم المقاعد البرلمانية تحت قبة البرلمان التي أشرت اليها سابقا.
عند الجواب على هذا السؤال، أوضح جواب الحزب الإشتراكي الديمقراطي الحاكم :
أن الوضع في العراق جدي جداً ونرى ان تطوراً هناك حيث سيتمكن العراقيين أنفسهم تطوير ديمقراطيتهم و حقوقهم وحرياتهم.ينبغي على الولايات المتحدة الأمريكية وقف احتلالها لكي يتمكن العراقيين أنفسهم اختيار طريقهم.
طبعاً يعكس هذا الجواب المقتضب الطريقة التي تتعامل بها الحكومة السويدية مع الموضوع برمته.
إما حزب اليسار فكان جوابه أكثر اقتضاباً لكنه أكثر حسماً حين قال:
يعارض حزب اليسار الإحتلال الأمريكي للعراق وبناءً علية يعارض حزبنا حتى وجود القوات السويدية هناك.
بينما بوضح حزب البيئة الموقف بصورة أكثر شرحا إذ يقول:
نحن قلقين جداً حول الوضع في العراق و تطوراته. كنا منتقدين لغزو الولايات المتحدة للعراق قبل بدء الحرب و حذرنا من احتمال حدوث فوضى في حال احتلال أميركي.لقد نشأ الآن وضعاً حيث لا توجد بعض حلول بسيطة . لا تستطيع الولايات المتحدة الأمريكية البقاء كما إنها لا تستطيع المغادرة قبل حل القضية الأمنية. الحل يكمن في انه على المجتمع الدولي _ المنظومة الدولية ـ الدخول و تنظيف مخلفات حرب الولايات المتحدة الأمريكية غير الشرعية في العراق. و نقصد بأنه يجب إستعادة ( إعادة قيام ) حق الشعب ( العراقي ) و على الولايات المتحدة الأمريكية ان تصحح وضعها في الطابور (هذه عبارة تقال لمن يخرج عن الطريق السوي) و تعيد اقامة القانون الدولي. يجب إلقاء كافة أفكار الحرب الوقائية في السكراب .لا يجب السماح للوضع في العراق أن يقود الى حرب اهلية. يجب تجنب تقسيم محتمل للعراق. لقد تعرض السكان المدنيين العراقيين الى معانات عديدة و تستحق من المجتمع الدولي ان يعمل كل ما في وسعه من اجل إسناد حل سلمي و ديمقراطي لمشاكل العراق. لم يتطرق حزب البيئة الى انسحاب القوات الأجنبية مباشرة رغم ان موقفه ضد الحرب بشكل صريح. و من الواضح ان الجميع ضد الإحتلال رغم تفاوت التعبير عن ذلك
إما أحزاب اليمين فكانت أجوبتها تبريرية للاحتلال و تؤكد على المشاركة في عملية إعادة البناء و دعم الإستقرار و الأمان و الديمقراطية ولكن عن طريق الأمم المتحدة ورعايتها.
فتجمع المعتدلين " المودارات "تحدث في جواب مطول:
انه من الطبيعي ان يحدث انفتاح كبير اثر اختفاء نظام صدام حسين و لكن بالوقت نفسه هناك قوى حازمة تمنع تطوراً ديمقراطياً سلمياً في العراق . ان ا لهجمات الانتحارية ، الاختطاف، التخريب تحدث يومياً و تضرب الى حدود بعيدة المدنيين العراقيين اللذين يريدون المشاركة في عملية إعادة بناء البلد. تظهر الإنتخابات البرلمانية الأخيرة بداية تطور ديمقراطي في العراق. ويجب على المجتمع الدولي الدعم الواضح لهذه العملية. كان ينبغي على الأمم المتحدة امتلاك القدرة على تحمل دوراً أوضح و أكبر في العراق من اجل ان تتمكن بصورة أفضل دعم التطور الإيجابي في البلاد.أنه من المهم ان يستطيع الإتحاد الأوربي أيضا إظهار مشاركة سياسية أوضح وأكثر بناءة في عمليتي إعادة البناء و الدمقرطة في العراق. لا توجد مصلحة لأحد في عدم الإستقرار في العراق. و يمكن للمساعدات السويدية ان تتعزز. ينبغي على السويد أعادة فتح السفارة في بغداد و كذلك إسناد تبادل اكبر بين السويد والعراق. طلب النظام الحالي في العراق من القوات الأمريكية والبريطانية و غيرها البقاء في العراق للعمل من اجل الإستقرار و الأمان، وقد أيدت الأمم المتحدة ذلك. إذا طلب النظام الحالي في العراق من القوات الأجنبية مغادرة العراق فعليها ان تفعل ذلك، ولكن كما قيل ان ذلك الأمر يعود للنظام العراقي. أنه من المهم ان تكون هناك استراتيجيه واسعة لعملية الدمقرطة في الشرق الأوسط.. أن الشرق الأوسط منطقة تتعرض الى ضغط قوي للتغيير و مطالبة متزايدة بالإصلاحات الديمقراطية و قد سببت المطالبة بالإصلاحات من العالم الخارجي و من مواطني المنطقة القلق و ردود الفعل لدى القيادات السياسية . ان منطقة الشرق الأوسط أيضا هي المنطقة التي تؤمن جزءً كبيراً من احيتاج العالم للطاقة. أن هذا الأمر يجعل من قضية السلام و الإستقرار في المنطقة قضية تخصنا جميعاً.
حزب الشعب قال في رده: بدأ و انتهى ربيع 2003 بجوب سنتها الولايات المتحدة الأمريكية على العراق. وقد أدى ذلك الى تحرر الشعب العراقي من رعب صدام حسين المتوالي ووضع حداً لثلاثين عاماً من الظلم. ينقطع الطريق الى سلام و حرية الشعب العراقي من قبل تقتيل وهجمات إرهابية من قبل أولئك الرافضين للديمقراطية. و حول الوضع الأمني فان وجود أمل لحقوق الشعب العراقي يعتبر قضية جدية جداً.ان التطور الديمقراطي قد بدأ الآن ولا بجب ان يتوقف.و يريد حزب الشعب : • خلق الإستقرار من اجل فتح الطريق واسعاً من اجل الديمقراطية. • ان تشارك السويد بفعالية في عملية إعادة بناء العراق، ينبغي على السويد نثلاً المشاركة في عملية تعليم القوات العراقية • تشكيل لجنة المصالحة و المصارحة من اجل اكتشاف الجرائم ضد حقوق الإنسان التي ارتكبها النظام و ممثليه. • زيادة أمان و ضمان حقوق الأقليات القومية مثل السريان و الأشوريين والأكراد.
أما حزب الوسط فقد جاء في جوابه :
لم يكن وراء الحرب في العراق ربيع 2034 أي موقف موحد في مجلس الأمن.و رغم ذلك اختارت الولايات المتحدة الأمريكية و بدعم من دول اخرى من بينها بريطانيا ان تبدآ هجوماً على العراق. ان يقدر عدد من أعضاء مجلس الأمن الوقوف ضد طلب الولايات المتحدة يظهر بان الكثير من دول العالم تعتبر ان الأمم المتحدة هي المعنية باتخاذ هذا القرار. ينبغي على المساعدات الدولية ان تتم من خلال تفويض الأمم المتحدة. نحن نريد استمرار المجتمع الدولي بالعمل على تقديم الدعم من اجل الأمن وإعادة البناء في العراق ولكن ذلك بجب ان يكون وفق شروط العراق. ينبغي على القوات الدولية الموجودة في العراق البقاء في حالة طلب الحكومة العراقية ذلك.
أما رابع الأحزاب اليمينية الحزب الديمقراطي المسيحي فكان رده عبارة عن جزء مقتطع من مادة طويلة حول الوضع في العراق حيث جاء فيه: يمتاز الوضع في العراق بالنجاحات و وجود المشاكل الكبيرة بنفس الوقت منذ ان أطاحت قوات التحالف وفي مقدمتها قوات الولايات المتحدة الأمريكية و بريطانيا بنظام صدام حسين الظالم.لقد هاجمت و المجاميع الإرهابية المختلفة بتصميم و تنظيم المدنيين الأبرياء يومياً ة لفترة طويلة، خطر اندلاع حرب اهلية كبير. و من اجل أن لا يسقط العراق كلياً في أبادي القوى المتطرفة ، يجب على المجتمع الدولي ان يقف موحداً في النضال ضد الإرهابيين و من أجل حق الشعوب العراقية العيس بأمان و حرية. و تطرق في جزء كبير من المادة بعد استعراض الكثير من الأعمال الإرهابية التي تعرض لها الشعب العراقي بمختلف مكوناته، الى الإنتخابات الأخيرة حيث اعتبرها انجازاً تاريخياً يستحق الدعم من قبل جميع المجتمع الدولي.
إما الأحزاب الأخرى التي رشحت للبرلمان و لكن ليس لديها مقاعد فيه، و هي عادة تشارك من أجل الاستفادة من الفرصة و الأجواء لتعبر عن أفكارها بشكل أكثر وضوحاُ و أوسع انتشاراً بسبب المساعدات التي تقدمها فرصة الإنتخابات العامة. ومن بين هذه الأحزاب : قائمة حزيران،المبادرة النسائية،حزب العمال الأوربي ، حزب الوحدة، حزب القرصان، الحزب الإشتراكي، حزب الاشتراكيين، رعاة الوطن، الحزب الإجتماعي ، و الحزب الشيوعي.... وغيرهم و جميعها تتخذ موقفاً ضد الحرب و الإحتلال و تعتبر الموقف الآن خطيراً و يتطلب جهود المجتمع الدولي، لبعض من هذه الأحزاب لا موقف ملموس لديه لوجود اهتمامات اخرى لديه. بينما دعى احزاب اخرى الى توحيد الصفوف ضد الإحتلال بهدف أخراجه.
كانت اللوحة جملية و تتطلب منا كعراقيين في بلدان الله الواسعة، العمل الجدي من اجل الحصول على دعم لقضية شعبنا و نضال أبناءه البررة في بناء العراق الحر و الديمقراطي، عراق الأمان و السلام و الحرية . ان ما عكسه التفاوت في فهم الأحزاب المختلفة للقضية العراقية في السويد و أكاد أكون متأكداً من ان اللوحة هي ذاتها في دول العالم الأخرى ، يتطلب بذل الجهود الحثيثة و اللقاءات المتواصلة مع هذه القوى المختلفة من اجل ان يكون موقفها أكثر فاعلية في سبيل أنجاح العملية السياسية و إعادة البناء و مشروع المصالحة الوطنية.
تقف السويد في هذه الإنتخابات على مفرق طرق حقيقي و خطر . ففوز اليمين سيعني بدون أدنى شك مصادرة المتبقي من المكاسب التي تحققت عبر سنين طويلة، و ان فاز اليسار دون تحديث و تطوير للعلاقة بين الأحزاب المؤتلفة و دون تحديث آليات العمل المشترك سيقود في نهاية المطاف الى أزمات اخطر و أعمق في المجتمع. و سنرى النتائج غدا عندما تنطلق العملية الإنتخابية الساعة الثامنة صباحاً و تنتهي في الثامنة مساءً حسب التوقيت السويدي.
مالمو 16 أيلول 2006
#صباح_الجزائري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عن الإنتخابات السويدية: 55 مليار كلفة الديمقراطية
-
أعادة بناء الحزب الشيوعي العراقي... مهمة كل الشيوعيين العراق
...
المزيد.....
-
سقط من الطابق الخامس في روسيا ومصدر يقول -وفاة طبيعية-.. الع
...
-
مصر.. النيابة العامة تقرر رفع أسماء 716 شخصا من قوائم الإرها
...
-
الجيش الإسرائيلي يعلن تدمير بنى يستخدمها -حزب الله- لنقل الأ
...
-
كيف يؤثر اسمك على شخصيتك؟
-
بعد العثور على جثته.. إسرائيل تندد بمقتل حاخام في الإمارات
-
حائزون على نوبل للآداب يطالبون بالإفراج الفوري عن الكاتب بوع
...
-
البرهان يزور سنار ومنظمات دولية تحذر من خطورة الأزمة الإنسان
...
-
أكسيوس: ترامب يوشك أن يصبح المفاوض الرئيسي لحرب غزة
-
مقتل طفلة وإصابة 6 مدنيين بقصف قوات النظام لريف إدلب
-
أصوات من غزة.. الشتاء ينذر بفصل أشد قسوة في المأساة الإنساني
...
المزيد.....
-
قراءة ماركس لنمط الإنتاج الآسيوي وأشكال الملكية في الهند
/ زهير الخويلدي
-
مشاركة الأحزاب الشيوعية في الحكومة: طريقة لخروج الرأسمالية م
...
/ دلير زنكنة
-
عشتار الفصول:14000 قراءات في اللغة العربية والمسيحيون العرب
...
/ اسحق قومي
-
الديمقراطية الغربية من الداخل
/ دلير زنكنة
-
يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال
...
/ رشيد غويلب
-
من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية
/ دلير زنكنة
-
تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت
...
/ دلير زنكنة
-
تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت
...
/ دلير زنكنة
-
عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها
...
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار *
/ رشيد غويلب
المزيد.....
|