|
ثلاثون عاماً على اللجوء للدنمارك ! 3 من 3
أمير أمين
الحوار المتمدن-العدد: 7272 - 2022 / 6 / 7 - 15:49
المحور:
الادب والفن
قبل أن أستقر في شقة مريحة وقبل الزواج الاول ..كنت أفكر بكيفية الاستفادة من شهادتي في البحث عن عمل مناسب لذلك أرسلت ملخص الاطروحة والتي تخص أعناب المائدة مع أخي حينما سافر الى سوريا لكي يقوم بترجمتها الى اللغة الانكليزية وكانت باللغة البلغارية ولما عاد بها مترجمة بشكل جيد رحت بها للمشرفة عني عارضاً إياها مع الشهادة والمواد التي درستها والدرجات المستحصلة لكي يتم عرضها على الجهات المختصة وبعد حوالي شهر جائني رد مفاده أنك يجب أن تدرس لمدة سنتين فأما ان نعادل شهادتك او نعطيك تقييماً أعلى وذكروا أنني أخذت دروس إضافية جيدة تخص أسيا وشبه أسيا ..الخ إستبشرت خيراً بالرد الذي كان إيجابياً لكني إنصدمت بتعلم اللغة وصعوبتها والتي تعتمد على التلفظ للكلمات أي ليس الكلمة معناها كذا وإنما لفظ الكلمة فكانت العملية شاقة وقلبت صفحة عن الدراسة الجامعية علماً أنهم ذكروا ...يا حبذا لو تتقن أيضاً اللغة الانكليزية بشكل جيد بالاضافة الى فهمك وإستيعابك للغة الدنماركية وهذه كلها تحتاج للجهد والوقت الكبير ..واصلت تعلمي في مدارس اللغة ولكن , لتمشية أمور الحياة هنا والعمل ....في عام 2000 إنفصلت عن زوجتي الاولى وكان لي منها ولد وبنت صغار السن كنت أعيش المرارة لمشاهدتهم بشكل قانوني بالوقت الذي لم يكن فيه لدي مكان مناسب لتحقيق ذلك فكنت أستلم أحدهما من الروضة وأعيده لأمه في بيتي الذي تركته لهم ثم في اليوم التالي إستلم الطفل الثاني وتتكرر العملية هكذا لحين إيجاد شقة صغيرة لي في نيسان عام 2001..كانت الحضانة مشتركة في البداية لكن امهم رفعت قضية بالمحكمة بأن تكون لها فقط حتى تتحكم بهم أينما تسافر أو تستقر دون أخذ رأيي وموافقتي وهذه المسائل كانت مؤلمة لي ..بالوقت الذي كانوا ينامون معي بنفس السرير صاروا الآن بعيدين واللقاء بهم حسب الظروف والوقت ومحددة بالقانون ..المهم تجاوزت المحنة بالآلام لذلك قررت الزواج الثاني والذي لم أكن موفقاً فيه وخلال هذه السنوات كنت أدرس لغة دنماركية ثم درست إختصاص الرافعة الشوكية وتعلمت قيادة تسعة شاحنات لكني لم أعمل ضمن هذا الاختصاص بل عملت معلماً في المدرسة العربية ثم أشتريت دكان صغير للحلويات بسبب أن مدير المدرسة وهو دانماركي واعدني بالتعيين لكنه إعتذر لعدم حصولهم على الدعم كما قال لي ..ثم عملت في مدرسة النبات وهي قريبة من اختصاصي لكنهم وجدوا صعوبة في فهمي للغة الدنماركية بهذا الاختصاص اي كل النباتات والزهور وغيرها يجب أن أعرفها بالدنماركي وهذه مسألة شاقة حيث نصحوني بدخول مدرسة لمدة سنة تخص النبات ثم أعود لهم بطلب العمل لكني لم أفعل ذلك..وحصلت على عمل في مطبخ المستشفى المركزي في منطقة گنتوفته وعملت لأكثر من سنتين وكان العمل شاق بحيث أنهض مبكراً الساعة الرابعة والنصف فجراً وأفطر بشكل خفيف وسريع ثم أستقل دراجتي الهوائية من مكان سكني الى العمل كل يوم وتستغرق الرحلة حوالي 45 دقيقة في ظروف البرد والثلوج وغيرها ..لكنهم حينما ازاحوا 28 فرد لأسباب تخص العمل كنت أنا من ضمن هؤلاء ..ولم أعمل بعدها بل كنت أساق للتطبيق العملي في دور العجزة او في محل النيتو او غيره علماً أنني كتبت عدة طلبات لغرض تعييني كمساعد معلم في الروضة فكانت تأتيني رسائل شكر على التقديم لكن فيها اعتذار لتعيين شخص آخر غيري وخاصة من البنات الشابات الدنماركيات واللواتي يطلبهن سوق العمل بشدة ..وضعي ووضعنا كأجانب في الدنمارك صعب وغالبيتنا نعاني من حالات الحزن والاكتئاب حيث أصبت بحالة اكتئاب قاسية وكنت أراجع طبيب نفسي لكني إستطعت التغلب عليها بالارادة القوية وليس بالمسكنات التي كنت أشتريها بوصفة طبية وأرميها بالتواليت كل مرة ..الطقس في الدنمارك بارد ورطب وممطر ونادراً ما نرى شروق الشمس وخاصة في الشتاء وهذا ينعكس بشكل سلبي على وضعنا النفسي وأيضاً لا توجد لدينا علاقات مع أفراد المجتمع الدنماركي لتحاشي الناس هنا من إقامة علاقة معنا أي أنهم يمتازون بالبرود في تكوين علاقات مع الاجانب لكني ومنذ السنة الثانية صارت لي علاقة مع بنت دنماركية شابة حينما كنت أسكن لوحدي في القسم الداخلي وقد عرّفتني بحبيبها وهو شاب فرنسي يصغرها بسنتين ..كانا يدرسان في الجامعة بإختصاصين مختلفين ثم تزوجا ولهما الآن شابتين لطيفتين ولا زالت علاقتي بهما طيبة وخاصة البنت الدنماركية التي صارت أستاذة جامعة في حقل القانون أي هي الآن دكتورة وتعاملني كما تقول كفرد من أسرتهم وقد ساعدتني كثيراً في أمور الحياة وخاصة في جمع شمل زوجتي الثانية على الرغم من عدم مجيئها ..عشت حوالي 12 سنة بعد الزواج الثاني منفرداً في شقتي الصغيرة لكني لم أنقطع عن اللقاء بأولادي وصاروا يكبرون وتزداد علاقتي بهم كل سنة وللآن حيث أن إبني يعمل موظف في مدينة أخرى وسوف تتخرج بنتي من الجامعة هذا الشهر وسوف تكمل سنتين الماجستير لذلك كسرت قراري بعدم الزواج عام 2013 بعد أن صار الحديث معي عن شابة سورية كردية من معارفنا القدماء حيث عرفت أنه توجد إمكانية جيدة للزواج منها فتم التعارف بيننا وسافرت الى أربيل وجاءت مع عدد من أفراد أسرتها وكان معي أيضاً أخي الاكبر وأخي الاوسط وعملنا حفلة خطبة وعقدنا القران في إحدى محاكم أربيل ثم بعد بضعة شهور حصلت هي على الاقامة وتعيش معي الآن وصار عندنا ولدين توأم قبل أكثر من خمس سنوات .بصراحة أنني حينما سقط النظام في 9 نيسان عام 2003 فكرت وبشكل جدي بالعودة الدائمة للعراق وبقيت أنتظر الظروف الملائمة لذلك , لكن الوضع صار يزداد تعقيداً وصعوبة وخطورة كبيرة للجميع فأخرجت الفكرة مضطراً من رأسي لكني صرت أزور بلدي كلما تسنح لي الفرصة بذلك حيث زرته أكثر من عشرمرات وفي إحداها اصطحبت زوجتي وأطفالي الصغار وسافرت معهم من اربيل الى القامشلي السورية ..العيش في العراق في هذه الظروف القاهرة من جميع الجوانب يعتبر مستحيل بالنسبة للذين يعيشون في دول اوربية فيها الامان والاستقرار والوضع الاقتصادي الجيد بالاضافة الى الخدمات من ماء وكهرباء ونقل وغيرها من الوسائل التي صارت صعبة المنال في المجتمع العراقي الذي لا زال يعيش التخلف والحرمان وتتنازعه العشائر والاحزاب الطائفية وتعمه الفوضى وانعدام القانون..ثلاثون عاماً مرت على معيشتي هنا في الدنمارك حصلت خلالها على الجنسية في عام 1998 وحصلت أيضاً على إجازة السوق الدنماركية بنفس الشهر والسنة لكني أشعر بعدم اندماجي الكلي بالمجتمع الدنماركي فلا زلت غير متعمق بالمجتمع رغم كل هذه السنين وأكاد لا أعرف توجهات الناس ونشاطاتهم السياسية والاجتماعية ولا زال عندي الضعف في الفهم التام باللغة وحينما اتلقى مكالمة من شخص دنماركي أرتبك ويختلط لدي الفهم أحياناً وهذه المشكلة يعاني منها آلاف اللاجئين وعدد كبير منهم أكثر ضعفاً مني في فهمها ..وأنا أقرأ كثيراً باللغة العربية وأكتب فيها وأشاهد القنوات العربية وخاصة العراقية أكثر من مشاهدتي للقنوات الدنماركية او غيرها لكني من أشد المشجعين لفريق كرة القدم الدنماركي !.. أخيراً يمكنني القول بجد أنني لا أنسى فضل الحكومة والمجتمع الدنماركي في احتضاني وتوفير مستلزمات المعيشة الضرورية لي ولأسرتي وتوفير الحماية الامنية لنا..وأنا ممتن وشاكر لهم فضلهم علينا .وأتمنى أن ينعم المجتمع العراقي بالخير والرفاه والامان والسعادة وأن تسود المحبة والالفة أبناءه جميعاً وبدون تمييز ...
#أمير_أمين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ثلاثون عاماً على اللجوء للدنمارك .. ! 2 من 3
-
ثلاثون عاماً على اللجوء للدنمارك .!..1 من 3
-
لذكرى إستشهاد النصيرين مناضل عبد العال وعادل قوال حجي .
-
فلاح الصراف ..الشهيد الشاب البريء المغدور ..!
-
الشيوعي الطيب الاصيل ابو جمال وداعاً ..!
-
عشرون عاماً على رحيل الملحن العراقي كمال السيد !
-
مودة تغيير إسم الحزب الشيوعي ..!
-
مظاهرة الحزب الشيوعي العراقي يوم اعلان الجبهة الوطنية !
-
جبهات جوقد وجود وجك , تجارب وعبر..!
-
شخصيات من أنصار الحزب الشيوعي , النصير أبو شاكر .
-
شخصيات بارزة من أنصار الحزب الشيوعي , الرفيق أبو عامل .
-
كاظم الركابي الشاعر الذي مات حزناً ..!
-
مرور سنة على رحيل الفنان المبدع صالح البدري ..!
-
حول تجربة نصيرات الحزب الشيوعي العراقي
-
الشهيد الشيوعي وائل ..قلب يمشي على الارض ..!
-
ستون عام على رحيل الشاعر العربي بيرم التونسي
-
عراقيون..غير شكل ..!
-
فقيد وشهيد ..!
-
وشم في ذاكرة الانصار ..!
-
إنتخابات عراقية مبكرة ..أم عادلة ونزيهة !
المزيد.....
-
مهرجان الأفلام الوثائقية لـRT -زمن أبطالنا- ينطلق في صربيا ب
...
-
فوز الشاعر اللبناني شربل داغر بجائزة أبو القاسم الشابي في تو
...
-
الموصل تحتضن مهرجان بابلون للأفلام الوثائقية للمرة الثانية
-
متى وكيف يبدأ تعليم أطفالك فنون الطهي؟
-
فنان أمريكي شهير يكشف عن مثليته الجنسية
-
موسكو.. انطلاق أيام الثقافة البحرينية
-
مسلسل الطائر الرفراف الحلقة 84 مترجمة بجودة عالية قصة عشق
-
إبراهيم نصر الله: عمر الرجال أطول من الإمبراطوريات
-
الفلسطينية لينا خلف تفاحة تفوز بجائزة الكتاب الوطني للشعر
-
يفوز بيرسيفال إيفرت بجائزة الكتاب الوطني للرواية
المزيد.....
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
المزيد.....
|