|
ثقافة المتنبي
حسن الشرع
الحوار المتمدن-العدد: 7271 - 2022 / 6 / 6 - 22:32
المحور:
الادب والفن
ضمتني القيصرية ذات يوم إلى اثنين من الاساتذه المرموقين كانا يوما ما من طلبتي وبعد الحمد لذي الجلال والإكرام والتحيات والسلام والحديث عن الإسلام بادر احدهما للشكر والامتنان لتلك الفرصة العظيمة التي جمعتنا نحن الثلاثة وكعادتي في المشاكسة المزعجة احيانا سألته عن سبب وصفه تلك الفرصة بأنها عظيمة فقال تذكر يا دكتور نحن في شارع الثقافة والمثقفين والفن والفنانين والابداع والمبدعين !ثم طرح سؤاله استنكاريا !( مو؟ )أليس كذلك؟ فبادر زميله إلى هز راسه في حركة واضحة بالموافقة لكن كلاهما كان ينتظر إيماءه توكيد من راسي الذي اختفى خلف الشفقة(القبعة) من الأعلى وكمامة الكورونا التي كنت اضعها ظهيرة ذلك اليوم القائض المغبر، لقد كنت بخيلا في الموافقة على قضية يكاد حصول الفراغ منها شعبيا وحتى ثقافيا بما يكفي ليجعلهما يخلعان بيتعي كأستاذ زائر للشارع، له ماض في الإشراف على رسائل الماجستير والدكتوراه للعاطلين عن العمل! لم ينه ذلك الحرج الا صوت عزف الناي لجملة موسيقية بسيطة لأغنية تسعينية يكاد لا يعرف و لا يميز نغمتها إلا من اعجبته البرتقالة رحمها الله على صوت المغني رحمه الله ..فلقد تبين لاحقا ان استقبال العين للاصوات هو أبلغ كثيرا وافضل مرات من التلقي بالاذن .. ألم يقل أحدهم ان الفرق بينها بمقدار أربعة أصابع ..قلت لصاحبي هذه هي نغمة البرتقالة ولعلهما تجملا بالسكوت بعد ان اقتنعا ان للعمر أحكام وان لارذله علامات قد تظهر في طلب التفكه والتغزل بطعم البرتقال في ظهيرة يوم صيفي حارمغبر! في المتنبي وعلى مقربة منهم مجتمع باعة النظارات والجوز وعصير التمر الهندي والماء والسواك والاحجار التي لا كرامة لها مادامت لا تجلب الرزق ..رحماك يارب احجار كريمة لأناس يفعلون مافي وسعهم للتعلق بالكرامة. يتحلق مجموعة من الرجال حول صندوق الحجارة وايديهم تسابق أعينهم لفحص بعضها فلا بد ان كرامتها امر من أمور الدين او السلف الصالح الذي ثبت يقينا ان اصابعهم كانت متختمة ببعض من انواعها، نسيت القول بأن بعض المحلات تعلن عن انها تبيع السواك والمسواك.د فالدين له حصته بما يفوق فنون عازف الناي..سأل أحدهم عن سعر الناي فاجابه البائع :اثنان بخمسة..لا أعرف الحكمة من شراء نايين لا يمكن العزف على اي منهما من قبل المشتري ..أما البائع فقد اعتاد عزف جملتين او ثلاث دون الخروج عن النص قال أحد الحضور من الشباب المتحلقين حول البائع..لقد نهى الرسول ص عنها فالضرب على الدفوف والطنابير والغناء والمزامير حرام شرعا ..قال البائع وهل انك تساوي بيني وبين بائعة الهوى او نادلة حانة للخمور؟!!قال ذلك بلغته (السوقية) التي تنكر السامعين لها وترفع المثقفين عليها ..بائع النايات مثقف غير عضوي وعارف العود في القشلة يتباكي على حب فاته ولا يملك الا ان يجعلنا نشارك بكائياته ثم نصفق لها هو الاخر مثقف فقد عضويته في فناء مبنى الباب العالي. المثقفين هنا لا يبيعون ولا يشترون بل يتبادلون نسخ الكتب بطريقة لا تشبه المراوس رغم انهم يتبادلون الأحاديث على طريقة المراوس.. بعضهم يهرع إلى كاميرا إحدى القنوات الاعلامية ساحبا لاقطة الميكرفون بشدة نحو فمه كأنه جائع ولا يعارضه في نهمه الا حامل تلك اللاقطة التي تحمل شعار تلك القناة المقيمة في ذلك الموقع . اكاد أجزم ان ذلك المثقف لن يكون محظوظا ليشهد ما قاله بعد ان تكلم في الثناء على ثقافة المتنبي وشجاعته التي اودت به على يد فاتك! والغريب ان احد المساكين الذين يلبسون اللباس العربي الجنوبي ظن ان صاحبنا المثقف لابد أن له حظوة بين كبار القوم فراح يشهر ملفا في اوراق يبدو أنها قديمة في وجه صاحبنا في محاولة للحصول على المساعدة في حل مشكلة ليس لها الا المثقفين!. لا يطفيء عطشك ايها المثقف الكريم عدا شربة عصير من مكان قريب ..يقال انه تاسس قبل نشوء الدولة العراقية وان رؤساءا عراقيين اتوا بضيوفهم وزملائهم من رؤساء بعض الدول الأخرى لتذوق ذلك العصير المنعش الذي فشل قرف اسم صاحبه بأن تعده منظمة الفاو مشروبا وطنيا لدولة لم تنشأ بعد ،من المؤكد ان ذلك لا يتنافى ولا يعارض البروتوكول ، ليستمتعوا بتناول ذلك الشراب المقدس لاباس فالذين يلتقطون الصور سيسمحون لك بالمرور بسرعة وطلب شراب بارد..لا اشك بأن ثقافتك ستزيد ان فعلت لقد باءت محاولاتي البطولية في البحث عن كتاب يتناول واقعة الحمامة والعنكبوت في مغارة جبل الثور، بعد ان فشلت رحلة البحث عنها في الشبكة العنكبوتية ومواقع الطيور الإلكترونية. لكن إلهامي لابد له ان يقودني إلى الهداية في تلك الرحلة فالقضية برمتها ليست بعيدة عن قدسية حجر كريم وخشبة سواك رخيم ولا عن غناء يتهادى من مقهى تلك القيصرية المكتضة بصخب المثقفين ودعوات الشحاذين.. اقول وقد ناحت بقربي حمامة ..رحم الله ابي فراس وابي الطيب وابي ثقافة !
#حسن_الشرع (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الحزام والطريق من ماو إلى الفاو
-
اكشاك السلالم
-
بين التعريف والتوظيف
-
جمعة مباركة
-
الاطرش بالزفة
-
الاقتصاد في زمن الكورونا
-
الحب في زمن الكورونا
-
كيمياء الكذب
-
كيمياء الفساد
-
ساحة العمل السياسي في العراق :التاريخ والمستقبل
-
حمار دورينمات الكربلائي برواية الجاحظ البصري
-
قفشات عتب ثقافية
-
الحكومة الافتراضية(4)
-
حملة انصاف قابيل
-
متلازمة عمى الألوان السومري المعاصر
-
قراءات في خير امة
-
أغلقوا حساباتكم
-
انا وداعش والعسل
-
الروح الرياضية السياسية
-
القطاوجي
المزيد.....
-
بعد جماهير بايرن ميونخ.. هجوم جديد على الخليفي بـ-اللغة العر
...
-
دراسة: الأطفال يتعلمون اللغة في وقت أبكر مما كنا نعتقد
-
-الخرطوم-..فيلم وثائقي يرصد معاناة الحرب في السودان
-
-الشارقة للفنون- تعلن الفائزين بمنحة إنتاج الأفلام القصيرة
-
فيلم -الحائط الرابع-: القوة السامية للفن في زمن الحرب
-
أول ناد غنائي للرجال فقط في تونس يعالج الضغوط بالموسيقى
-
إصدارات جديدة للكاتب العراقي مجيد الكفائي
-
الكاتبة ريم مراد تطرح رواية -إليك أنتمي- في معرض الكتاب الدو
...
-
-ما هنالك-.. الأديب إبراهيم المويلحي راويا لآخر أيام العثمان
...
-
تخطى 120 مليون جنيه.. -الحريفة 2- يدخل قائمة أعلى الأفلام ال
...
المزيد.....
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
المزيد.....
|