أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حسين علي - «بلاش فلسفة . . !!»














المزيد.....


«بلاش فلسفة . . !!»


حسين علي
كاتب

(Hussein Ali Hassan)


الحوار المتمدن-العدد: 7268 - 2022 / 6 / 3 - 10:33
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


الفلسفة فى بلادنا سيئة السمعة، وهذا أمر ليس بمستغرب فى مجتمع يتخذ موقفاً عدائياً من العقل، ويطمئن أقصى غايات الطمأنينة للخرافات. فالناس فى بلادنا لا يتفقون على شىء قدر اتفاقهم على الشك فى الفلسفة وقيمتها وجدواها. فالفيلسوف عندهم رجل سفسطائى ثرثار، أو ملازم لبرجه العاجى بعيداً عن الواقع العملى الملموس، وإذا أحسنوا به الظن فهو متخصص فى المجرد والعام. هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإننا لا نكاد نعرف اسماً لفرع من فروع المعرفة قد أصابه ما أصاب الفلسفة من عداء وتندر واستنكار عند الكثرة الغالبة من الناس، ولذلك كثيراً ما نسمع العبارة الآتية تتردد فى حياتنا اليومية: "بلاش فلسفة".
إن الجهل بمعنى الفلسفة جعل العبارة السابقة تتردد على لسان جمهور العامة، كما أن الجهل بمعناها جعل لفظ الفلسفة يرتبط فى أذهان الناس بمفاهيم هى أبعد ما تكون عن الروح الحقة للفلسفة. واللافت للنظر أن الرجل العادى لا يقول للمتخصص فى الرياضيات "بلاش رياضيات"، ولا يقول للمتخصص فى الطبيعيات: "بلاش طبيعيات"؛ لأن الرجل العادى يدرك أنه لا علم له بالرياضيات أو الطبيعيات. أما فيما يتعلق بالفلسفة، فهو يعتقد خطأً أنه يعرف معنى الفلسفة، فى حين أن جهله بالفلسفة لا يقل على الإطلاق عن جهله بالرياضيات أو الطبيعيات.
إن عبارة "بلاش فلسفة" غالباً ما تأتى على لسان بعض أبطال مسلسلات وأفلام التلفزيون لتعبر – بطريقة ضمنية – عن أن ما هو فلسفة ليس سوى خليط من حجج غامضة يكتنفها ضباب دون أن يكون لها معنى مفهوم. قد يقال دفاعاً عن ورود هذه العبارة فى المسلسلات والأفلام: إن المؤلف أو كاتب السـيناريو أراد أن يكشف عن جهل شخصية ما ونقص ثقافة صاحبها، فجعل من يمثلها ينطق بعبارة (بلاش فلسفة) تعبيراً عن جهل الشخصية بالمعنى الحقيقى للفلسفة لا تعبيراً عن عيب أو نقص فى الفلسفة ذاتها.
ولكن ماذا نقول عن حرص مذيع رياضى، أثناء وصفه لمباريات كرة القدم بالتلفزيون على ربط الفلسفة بـ "الجهل" أو "البلاهة" أو "التعقيد"، وكأن هذه المعانى السيئة هى مرادفات للفلسفة. فعندما يفشل أحد اللاعبين فى تسديد الكرة أو تمريرها على نحو جيد، تفاجأ بهذا المذيع يصرخ ساخطاً: (.. . بلاش فلسفة. . عايز يتفلسف). ولقد ظننت فى بادئ الأمر أن ربط الفلسفة بهذه المعانى السيئة هو زلة لسان من جانب المذيع، فمن غير المعقول أن يؤتمن شخص على مخاطبة ملايين المشاهدين وهو لا يملك القدرة على التمييز بين معانى الألفاظ، ولكن من خلال متابعتى لهذا المذيع اتضح أننى كنت مبالغاً فى حسن ظنى، إذ إن كثرة ترديده لعبارة (بلاش فلسفة. . عايز يتفلسف. . .) حين يخفق أحد اللاعبين، إنما تكشف عن أن الأمر ليس مجرد زلة لسان، بقدر ما هو اعتقاد بأن الفلسفة هى بالفعل جهل وبلاهة وتعقيد، ومن هنا كان حرص المذيع على نصح اللاعبين بضرورة الابتعاد عن الفلسفة والتفلسف.
ألا يعلم أولئك الذين يسيئون الظن بالفلسفة، عن عمد فى بعض الأحيان وعن جهل فى أغلب الأحيان أن الفلسفة فى أحد تعريفاتها هى محبة الحكمة، وأن كل التعريفات المتعددة التى أعطيت للفظ فلسفة على مر العصور لم يكن من بينها تعريف واحد يربط بين الفلسفة من جانب والجهل والبلاهة أو الغموض من جانب آخر ؟! إن استقراء تاريخ الفلسفة إنما يكشف لنا عن عكس ذلك، إذ يكشف لنا أن عدداً كبيراً من الفلاسفة جعل من الفلسفة مرادفاً للوضوح والدقة والإحكام.
إن أخطر ما نعانى منه هو أننا كثيراً ما نتكلم لا لنقول شيئاً له معنى، بل نتكلم لمجرد أن لدينا القدرة على الكلام. إن هواية مضغ الهواء وتحريك اللسان فى الحلق التى يحلو لبعضنا أن يمارسها، إنما هى تضر أكثر مما تنفع بخاصةٍ إذا كانت ممارستنا لها تتم على الهواء مباشرةً وأمام ملايين المشاهدين. إننى أعتقد متفقاً فى ذلك مع الفيلسوف المعاصر "لدفيج فتجنشتين" (1889 - 1951): "إن ما يمكن قوله على الإطلاق، يمكن قوله بوضوح، أما ما لا نستطيع أن نتحدث عنه، فلابد أن نصمت عنه".



#حسين_علي (هاشتاغ)       Hussein_Ali_Hassan#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاعتياد.. والاعتقاد
- سحر الكلمات


المزيد.....




- صور بعض قتلى فاجعة اصطدام طائرة الركاب بمروحية عسكرية في واش ...
- شاهد كيف ردّ ترامب على سؤال صحفي بشأن رفض مصر والأردن اسقبال ...
- سموتريتش: إذا تضمنت المرحلة الثانية من الصفقة إنهاء الحرب دو ...
- من هو محمد الضيف الذي أعلنت حركة حماس مقتله؟
- تحليل: عندما توجه الجزائر بوصلتها نحو أمريكا كيف يستجيب ترام ...
- الكشف عن 3 حوادث تقارب جوي سبقت كارثة اصطدام الطائرتين في وا ...
- إنقاذ 60 شخصا في حريق شمال غربي موسكو (فيديو)
- للمرة الخامسة على التوالي.. موسكو تسجل رقما قياسيا لدرجة الح ...
- رئيس الأركان الروسي يتفقد قوات -الشرق- في دونباس (فيديو)
- مصر.. حريق ضخم يلتهم السفن في السويس


المزيد.....

- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حسين علي - «بلاش فلسفة . . !!»