|
سقوط التسوية في زمن المقاومة والديمقراطية
عمار ديوب
الحوار المتمدن-العدد: 1675 - 2006 / 9 / 16 - 10:05
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
شكل انتهاء المرحلة الحالية للحرب الأمرو صهيونية على لبنان بسبب المقاومة الأسطورية ، بداية وضع عربي مقاوم جديد ، حاولت أمريكا ومعها فرنسا وأنظمة العالم العربي عبر القرار 1701 تحطيمه ومصادرته بفرض تسوية تتضمن نصر سياسي لإسرائيل وتعويض عن الهزيمة العسكرية والميدانية لجيشها و عن الفشل في تحقيق هدف التخلص من المقاومة . الأمر الذي يؤكد وجود شراكة حقيقة بين أنظمة الحكم العربية وإسرائيل والقطب الأمريكي في إرساء اتفاقيات الاستسلام ومحاربة الوضع العربي المقاوم . وهو ما يؤكد أيضاً سقوط اتفاقيات التسوية العربية وكل دعاة التسوية مع هذا الكيان الصهيوني ، الذي أثبت في غزة والضفة الغربية ولبنان عدم استعداده للانخراط في المنطقة العربية في إطار دولة فلسطينية علمانية ديمقراطية بل والاستمرار في عدوانيته العنصرية الصهيونية وتحالفه مع الامبرياليات العالمية ضد الشعوب العربية ... بالمقابل أتت هذه المقاومة لتزرع الأمل في نفوس الشعب العربي وتأكد أهمية قوة الإرادة والعمل المنظم في استرجاع الأراضي المحتلة . وأن المقاومة ممكنة وقادرة على دحر الاحتلال والمشاريع الاستعمارية وأن الجيوش العربية ليست معدة للحروب واسترجاع الأراضي بقدر ما هي معدة لتصفية أحلام الشعب العربي وتثبيت سلطة الأنظمة الديكتاتورية . وبالتالي ما دامت الحرب الأمريكية المستمرة مستمرة وهي جزء أساسي من أجل ولادة مشروع الشرق الأوسط الجديد أو الموسع فإن ضرورة المقاومة شرط أساسي لمواجهة هذه الحروب ... وإن هذه الحرب الأمريكية على العراق وقبلها إنشاء الكيان الصهيوني وبعدها موت الأمل بتسوية الأنظمة العربية لقضايا الأمة مع هذا الكيان وغيرها قطعت بالدليل والواقع أن لا مستقبل لإسرائيل في المنطقة وكذلك للمشروع الأمريكي إلا على جثث البشر، وتدمير ما تراكم في البلدان العربية ، ومنع صعود أية بوادر للنهوض أو المقاومة. ورغم ذلك بقيت أصوات لا تزال ترحب بالاحتلال وتدعو للتسوية وبالتالي هذه الحرب أفرزت وبشكل واضح ميل بعض المثقفين العرب الليبراليين والسياسيين الطائفيين وحركات سياسية ليبرالية للتحالف مع النظام العربي "العقلاني" الوظيفي ووقوفهم بصف واحد مع السياسات الأمريكية البربرية في المنطقة العربية ،وهو ما يعزز القول أنهم أتباع المحافظين الجدد في العالم العربي .. هذا الوضع يؤكد سلامة الحس القومي العربي بضرورة الوقوف ضد المشاريع الاستعمارية وضد الأنظمة الديكتاتورية العربية ورفض برامج الليبراليين العرب و العمل على تجذير التيار الوطني الديمقراطي العربي ليس في سوريا وإنما في كل أنحاء العالم العربي ... إلا أن هذا التيار لا يمكنه أن يتجذر بدون تغيير الأنظمة العربية الديكتاتورية والتحول نحو أنظمة ديمقراطية تشاركية شعبية ،ووضع استراتيجيه مقاومة على جميع الصعد باتجاه الإعلاء من الشعور القومي العربي وتحقيق مصالح الطبقات الشعبية المظلومة بما يجسد أملها بعالم جديد وممكن... ومن جهة أخرى لم يستفد النظام السوري من الفرصة التاريخية التي أوقعت إسرائيل نفسها بها بالحرب على لبنان وإعلان المقاومة من الجولان وذلك عبر مئات الآلاف من الجولانيين النازحين والسوريين والفلسطينيين والعرب ، ولم يعمل على التحول نحو نظام ديمقراطي ينصف جميع الطبقات والأحزاب السياسية ويسمح بالحريات العامة ويفوّت الفرصة على نقاد النظام بكونه يتكلم عن المقاومة وعندما تحدث الحرب لا يشترك بها ولا يحرك جبهته ويستمر في سياسته القمعية.. وبالتالي لم يكن مع المقاومة رغم دعمه اللامحدود لها بقدر ما أراد توظيفها بعد أن عمل على تحويلها إلى مقاومة فئوية - رغم وطنيتها وكونها حزب لبناني- وذلك لصالح مواجهة الضغوط الأمريكية التي تنهال عليه. ولم تشذ القوى الطائفية في لبنان وفعلت نفس الشيء ، أي التفرج على الحرب الأمريكية على لبنان وعندما شاركت كانت مشاركتها في إطار سقف النظام العربي الرسمي وضد المقاومة ولبنان القوي.. وهذا ما يجعلنا نستنتج أن الاستبداد لا يبني مقاومةً وطنيةً ، والديمقراطية الطائفية لا تبني دولة مقاومة .بل إنها موضوعياً هي والاستبداد ضد المقاومة والنظام الديمقراطي الوطني ومع الاستعمار.. هذا يعني أن النظام العربي معادٍ للمقاومة الشعبية وليس ضد الاحتلالات الأجنبية وأنه في الوقت الذي يحاول إصلاح علاقته مع تلك الاحتلالات وخدمتها كما في القرار المشار إليه أعلاه ؛ يعمل على امتصاص مقاومة الشعوب العربية وشرذمتها والتضييق على برامجها وذلك عبر دعمها (لاحظ المقاومة الفلسطينية ،حماس ،حزب الله) لتتحول وبقوة القمع والمال نحو مقاومة وظيفية ، طائفية ، رغم وطنيتها الجذرية كما أسلفت ، وبالتالي يسهُل توجيهها وتوظيفها وتبنيها لنفس النظام السياسي العربي الطائفي لتكون الحصيلة منع الاستفادة من وطنيتها في طرح نظام سياسي مدني حديث وديمقراطي وكذلك منعها من تبني برنامج اقتصادي يناقض برنامج الخصخصة الخاضع للشركات المتعددة الجنسيات ، التي تنفذه الدولة الأمريكية عبر جيوشها ومنها الجيش الصهيوني إن لم تستطع تنفيذه بالمفاوضات .. لهذا نقول أن أعداء أمريكا في العالم كثر ويزدادون بصورة مستمرة وأن أصدقاء أمريكا قلائل ويزدادون قلة ومنهم النظام العربي الرسمي ، وباعتبارنا جزء من المتضررين من مخططات أمريكا وإسرائيل فإن من مصلحة المنظمات العربية المناهضة للعولمة الامبريالية والمتمسكة بالخيار الديمقراطي المستند لمصلحة الطبقات الشعبية ، مقاومة الأنظمة العربية المستبدة والمشاريع الاستعمارية والعمل على دعم وإحياء كل أشكال المقاومة بما فيها المقاومة المسلحة الوطنية المستقلة عن الأنظمة العربية ومشاريعها الطائفية للوصول إلى عالم جديد تعيش فيه الشعوب بلا حروب أو احتلال أو استغلال وتعم فيه الديمقراطية والعدالة وحقوق المواطنين ...
#عمار_ديوب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
علاقة الهيمنة الأمريكية بأزمة المعارضة العربية
-
استبدادية الأنظمة وديمقراطية الشعوب
-
الحرب الأمريكية على لبنان
-
علاقة الحرب بالطائفية
-
المقاومة الوطنية مقابل الاحتلال الإسرائيلي
-
مشكلة التداخل بين الأحزاب السياسية ومنظمات حقوق الإنسان في س
...
-
العلمانية جزء من مشروع ديمقراطي علماني قومي
-
بوش قاطع طريق
-
أية خطوة تاريخية كبرى
-
الانفلات الأمني وضرورة الديمقراطية التشاركية
-
الوطنية السورية في زمن العولمة الأمريكية
-
مهمات الماركسيين السوريين في اللحظة الراهنة
-
مفهوم الإنسان عند ماركس
-
مناهضة العولمة حركات اجتماعية أم أحزاب سياسية
-
التيار العلماني في سوريا
-
سوريا بين اتجاهين
-
قراءة في كتاب تجديد العقل النهضوي
-
التيار الوطني الديمقراطي الاجتماعي
-
الديموقراطية لا الليبرالية ،الجدل لا الوضعية
-
الوطن بين السلطة السورية ونخبة الخارج
المزيد.....
-
-قريب للغاية-.. مصدر يوضح لـCNN عن المفاوضات حول اتفاق وقف إ
...
-
سفارة إيران في أبوظبي تفند مزاعم ضلوع إيران في مقتل الحاخام
...
-
الدفاعات الجوية الروسية تتصدى لــ6 مسيرات أوكرانية في أجواء
...
-
-سقوط صاروخ بشكل مباشر وتصاعد الدخان-..-حزب الله- يعرض مشاهد
...
-
برلماني روسي: فرنسا تحتاج إلى الحرب في أوكرانيا لتسويق أسلحت
...
-
إعلام أوكراني: دوي صفارات الإنذار في 8 مقاطعات وسط انفجارات
...
-
بوليتيكو: إيلون ماسك يستطيع إقناع ترامب بتخصيص مليارات الدول
...
-
مصر.. غرق جزئي لسفينة بعد جنوحها في البحر الأحمر
-
بريطانيا.. عريضة تطالب باستقالة رئيس الوزراء
-
-ذا إيكونوميست-: كييف أكملت خطة التعبئة بنسبة الثلثين فقط
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|