أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد بولس - متلازمة علم فلسطين وضرورة اسقاط النعش















المزيد.....

متلازمة علم فلسطين وضرورة اسقاط النعش


جواد بولس

الحوار المتمدن-العدد: 7261 - 2022 / 5 / 27 - 02:21
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


شنّت جهات يمينية عديدة هجومًا كاسحًا على إدارة جامعة "بن غوريون" في مدينة بئر السبع، لأنها سمحت، يوم الاثنين الفائت، لكتلة "الجبهة الطلابية" برفع الأعلام الفلسطينية داخل حرم الجامعة أثناء الاحتفال بإحياء الذكرى الرابعة والسبعين لنكبة الشعب الفلسطيني.
وكان رئيس بلدية بئر السبع، روبيك دنيلوفيتش، أوّل من وجه رسالة شديدة اللهجة إلى رئيس الجامعة، البروفيسور دانيئيل حايموفيتش، قال فيها "إن أعلام فلسطين ترفع بفخر. يوجد لدولة إسرائيل علم واحد فقط. لقد تخطوا اليوم خطاً أحمر إضافيًا. يجب علينا إظهار قيادتنا الواضحة من دون تأتأة. علي أن أقول لك: أنا خجلان".
لم يكن تصريح رئيس البلدية مفاجئًا لأحد، فلقد برز مؤخرًا كأحد الشخصيات العامة اليمينية الناشطة في تأليب الرأي العام اليهودي وشحنه بجرعات عنصرية تحريضية خطيرة حتى أنه أعلن دعمه الكامل لإقامة ميليشيات مدنية مسلحة من أجل إنقاذ النقب من "إرهاب" مواطنيه العرب !
لم يكن رئيس بلدية بئر السبع وحيدًا في حملة التحريض على ادارة الجامعة وعلى الطلاب العرب في جامعات البلاد؛ اذ فعل ذلك الكثيرون، وقد برز من بينهم، بسبب مكانته السياسية وحدّة لغته، وزير المالية الليكودي الأسبق، يسرائيل كاتس.
لا أعرف إذا كانت أجيال هذه الأيام تتذكر تاريخ هذه الشخصية، يوم كان، في منتصف سبعينيات القرن الماضي، قائدًا يمينيًا شرسًا في الحركة الطلابية الجامعية؛ وهي الحقبة التي أشار إليها في خطاب الترهيب الأخير الذي توجه من خلاله، من على منصة الكنيست، ليل الإثنين الفائت، إلى طلاب اليوم ليذكرّهم قائلًا: "لقد حدث ذلك أيضًا في نهاية السبعينيات في الجامعة العبرية وفي حيفا وتل أبيب، عندما توهّم العرب في إسرائيل، في أعقاب حرب أكتوبر، أن اليهود أصبحوا ضعفاء، فأقام الطلاب العرب مظاهرات دعم للعدو وضد دولة إسرائيل"، ونصحهم أن يسألوا أباءهم وأجدادهم عن ذلك.
لا جديد في عالمَي كاتس، الشخصي والسياسي، ولا في حساسيته المفرطة لرفرفة العلم الفلسطيني، ولا في أحلامه بترويض المواطنين العرب أو بتهجيجهم خارج الدولة؛ ورغم ذلك سيبقى لأقواله في هذه الأيام وقع مر خاص لأنها، وإن كانت مكرورة من جانبه، تعكس في واقعنا الراهن تعبيرًا واضحًا ليس عن رأي مجموعات يمينية هامشية وحسب، كما كان يُدّعى في سنوات السبعين، بل عن موقف اسرائيلي، رسمي وشعبي، شبه مجمع عليه.
من المؤسف أن تاريخ الحركة الطلابية العربية في جامعات إسرائيل لم ينل حقه من قبل الدارسين، ولم يوثَّق بشكل مهني وكاف؛ وهذا على الرغم مما شكّلته تلك الحركة من مشهدية صاخبة ولافتة ومن حالة نضالية استثنائية عكست نضوج الذين أسسوا لمسيرة تلك التجربة وقادوها بمسؤولية عالية وبتضحيات كبيرة.

يسرائيل كاتس وليل السلاسل
لقد شكّل جيل يسرائيل كاتس ورفاقه في قيادة النشاط الطلابي الجامعي، ومنهم، على وجه الخصوص، الوزير السابق تساحي هنجبي، والوزير الحالي أفيغدور ليبرمان، نموذجًا مؤسسًا للتعامل صداميًا مع أعدائهم، الطلاب العرب، حيث تعمّدوا تنفيذ اعتداءاتهم على طريقة الميليشيات الفاشية، بعنف حتى إراقة الدماء أحيانًا، وبطريقة مكشوفة للملأ . ثم ساعدوا، فيما بعد، من خلال مواقعهم الحزبية على تطوير ذلك النهج ونقله إلى خارج حدود الجامعات، ليصبح في السنوات الأخيرة سلوكًا شائعًا ومألوفًا تدعمه منظومات الحكم وتنفذه عناصرها الرسمية أو وكلاؤها.
ولعل في تجاعيد الماضي فائدة وعبرة ترتجى؛ فأنا وأبناء جيلي كنّا الشهود على بدايات تلك المرحلة. وقصتنا مع ما فعله "أمراء الظلام" طويلة وشائقة، حتى أن استحضار تفاصيلها، الشاخصة أمامنا أبدًا، يبعث في نفوسنا، رغم مرور السنين، نبض حنين أرجواني لا يبهت، وعبق مغامرات تذكرنا، بحسرة، كيف كنا نقف على ذوائب الريح مصممين أن نُفهم الكاتس وأمثاله، أن الحر لا تأسره السلاسل وأن هسيس الجن لا يفت من عزم مسافر نحو الشمس، ولا الترهيب يشفي عاشقًا من الدنف.

بدأت دراستي في كلية الحقوق في الجامعة العبرية في خريف عام 1974، وكانت، حينها، أعداد الطلاب العرب في الجامعة محدودة. ورغم قلة أعدادهم في الجامعة، استوعب الطلاب العرب، منذ البدايات، بحدس وطني وفطري، معنى بناء وحدتهم وانتظامهم في جسم يمثل مصالحهم ويحمي هوياتهم، فبادروا إلى تشكيل "لجنة الطلاب العرب" في جامعة القدس، ثم تلتها لجان مشابهة في سائر الجامعات. لقد بدأت تلك اللجان الطلابية تلعب، في أواسط السبعينيات، دورًا سياسيًا محوريًا بين الطلاب وعلى المستوى القطري العام؛ وشكلت أنشطتها ومعاركها، إلى جانب "الاتحاد القطري للطلاب العرب"علامة فارقة على خارطة التنظيمات السياسية الفاعلة بين الجماهير العربية داخل اسرائيل، وعاملًا رياديًا في مقارعة الجماعات اليمينية التي عملت داخل الجامعات الاسرائيلية وكانت معززة بعقائد وبوسائل متّشحة بأردية فاشية واضحة، فكرًا وممارسة.
لقد تواجدت بين الطلاب العرب في الجامعات حركتان سياسيتان هما "جبهة الطلاب العرب"، وكانت بمثابة التنظيم الابن "للجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة"، الحديثة الولادة، وحركة "أبناء البلد" الناشطة كتنظيم قومي يتماثل مع نظرائه من الحركات القومية العربية التي كانت تتمتع بوجود وازن على ساحة السياسة الكبرى.
أما بين الطلاب اليهود فلقد أقامت المجموعات اليمينية تنظيمًا طلابيًا باسم " كاستل"، قاده في ذلك الوقت كل من يسرائيل كاتس وتساحي هنغبي، ومعهما بعض من منفذي الأوامر الطيّعين، ومن بينهم كان أفيغدور ليبرمان. وبالمقابل أسست مجموعة من الطلاب اليهود اليساريين، الصهيونيين وغير الصهيونيين، حركة " كامبوس" التي انضم إليها لاحقًا عدد من قادة الطلاب العرب الجبهويين والنشطاء، وهذه التجرية بالذات جديرة بمقالة مستقلة في المستقبل.
لن أثقل عليكم بسرد تفاصيل أحداث تلك السنوات الهامة والتي ملأت أصداؤها جنبات البلاد والمنطقة قاطبة؛ ولكن لا بد من العودة إلى تداعيات ما أصبح يعرف في تاريخ النضال الطلابي ضد قطعان الفاشيين " بليل السلاسل" والتي كلّما تذكرت تفاصيلها أو كتبت عنها أشعر بالغثيان وأغضب، لأننا لم نع وقتها، نحن المواطنين العرب في اسرائيل، حقيقة النذائر التي صاحبت أحداثها، ولم نفهم كفايةً أنها كانت في الواقع مؤشرات على بدايات "تهجيرنا" الثاني نحو الشمال، في طريق كان كلّه ليلًا وجهلًا وتنافسًا وخسائر.
تظاهرنا، نحن مجموعة من الطلاب العرب، في مساء يوم مقدسي بارد من شهر كانون الثاني عام 1979. وقفنا في احدى زوايا الحرم الجامعي على جبل سكوبوس "جبل المشارف"، وهتفنا ضد الفاشيين، جازمين بأن "الفاشية لن تمر" كما كنا نهتف دومًا في تلك الأيام. وفجأة هاجمنا عشرات من الطلاب اليهود، بقيادة كاتس وهنجبي وليبرمان، المعززين بزمر من البلطجيين المستورَدين والزعران الوافدين من أحياء القدس الغربية، لينهالوا علينا بالهراوات وبالسلاسل الحديدية، فأصابوا من أصابوا وجرحوا منا العديدين. كان عدوانهم مطابقًا لجميع ما تعلمناه في الكتب عن تاريخ الحركات الفاشية؛ لكنه، رغم قساوته، لم يثننا عن الاستمرار في الوقوف ضدّهم، مؤمنين أن "الفاشية لن تمر" !
لقد اهتزت أركان الجامعة بعد ذلك الهجوم؛ واضطرت رئاستها إلى اقامة لجنة تحقيق أفضت إلى تقديم عدد من الطلاب لمحكمة تأديبية؛ ولكن، هكذا تبيّن فيما بعد ، كانت تلك عبارة عن فقاعة أكاديمية تناثرت عراها في جوف الزمن ليبقى شعار "الموت للعرب" هو اللازمة المؤثرة وخارطة إسرائيل الوحيدة الملزمة، لا من على مدرجات ملاعب الكرة وحسب، بل في دفاتر الحكومة وقوانين الكنيست وقرارات القضاء وفي رصاص الجيش؛ فهل حقًا الفاشية لن تمر ؟

متلازمة علم فلسطين
لطالما أجّجت الرموز الحرب بين إسرائيل والفلسطينيين، وتاريخ هذا الصراع حافل بالامثلة؛ ولكن سيبقى العلم، خاصة في هذه الأيام، هو "ولي الدم" الحاضر وسيّد الفوران. لقد ذكّرنا كاتس بعام النكبة وفعل ذلك قبله بأسابيع الجنرال عوزي ديان؛ فلا جديد في قاموس "القداسة" على هذه الأرض سوى أن من يدعونها لأنفسهم وحدهم بدأوا يهدّدون أعداءهم جهاراً ويطلقون عليهم النار من أجلها بلا تردد ولا خوف من العواقب؛ فاسرائيل الغائبة في الأسفار، هي أم تلك السلاسل والهراوات، وانبياؤها اليوم كأنبيائها في الأمس، لا يؤمنون بالليل وسترته. انهم يقفون أمامنا ويهتفون بلا وجل: إن واجهت عدوّك يا "إسرائيل" اضربه بلا رحمة وبلا خجل وحتى إذا مات فاضرب نعشه حتى يسقط، ليرى العالم وليعتبر أو ليحبس أنفاسه على عتبات الجحيم .. وينخرس.



#جواد_بولس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شيرين..هبة فلسطين للسماء
- فلسطين تنجب أيقوناتها
- لغزة من قلوبنا سلام ورجاء
- جمعة القدس الحزينة
- والقول كما قال أيمن في باب العامود ، ولكن!
- - حروب اليهود- في الكنيست-المعركة الأخيرة
- إسرائيل- من دولة عنصرية لها مؤسسات وجيش إلى كيان مارق وكتائب ...
- من برلين إلى بئر السبع، موعظة ودماء
- فيلم - صالون هدى- : ضحية للغة الغرب وحداثته الهجينة
- الثابت والمتحول هنا في فلسطين وهناك في أوكرانيا
- لا لأوكراينا ولا لحرب بوتين عليها
- الطريق إلى شانغهاي، مشاهد على متاهات العرب في إسرائيل
- بين -بيجسوس- والاسرى الفلسطينيين الاداريين تسكن الحقيقة
- مرايا العرب في إسرائيل مهشّمة
- تقرير أمنستي وإحياء فقه النكبة الفلسطينية
- أوميكرون وراءكم واللينش أمامكم
- غزوة حكومة إسرائيل على قرية - سعوة الأطرش-
- هشام أبو هواش، انتصار صغير في زمن الهزائم الكبرى
- رسالة مفتوحة لقاضي المحكمة العليا يتسحاك عميت
- من يستطيع أن يسلب فلسطين مسيحها؟


المزيد.....




- هجمات داغستان.. السلطات الروسية تُعلن ارتفاع حصيلة القتلى
- مصور يوثق حفرة عميقة وخطرة للغاية بجبال المسمى بالسعودية.. م ...
- ??مباشر: صحة غزة تعلن ارتفاع حصيلة ضحايا الهجوم الإسرائيلي إ ...
- لجأ لشركة -غير مرخصة-.. شاب مصري يصف لـCNN وفاة والده المسن ...
- بعد هجوم قوات كييف الإرهابي على سيفاستوبول.. موسكو تستدعي سف ...
- Foreign Policy: الوجود الأمريكي تراجع بشكل خطير في القطب الش ...
- بوتين يوقع قانونا يسهّل آليات حجب المواقع المحظورة في روسيا ...
- اليونان.. وفاة واختفاء عدة سياح بسبب الطقس الحار -غير المعتا ...
- نتنياهو: المعارك -العنيفة- ضد حماس في رفح -على وشك الانتهاء- ...
- إسرائيل تلوح باستخدام أسلحة غير معهودة ضد لبنان وسط مخاوف من ...


المزيد.....

- تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1 ... / نصار يحيى
- الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت ... / عيسى بن ضيف الله حداد
- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب
- ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد بولس - متلازمة علم فلسطين وضرورة اسقاط النعش