أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بسام ابوطوق - بذور الديمقراطية التونسية بين رحى الإستبداد وجرن الإسلام السياسي














المزيد.....

بذور الديمقراطية التونسية بين رحى الإستبداد وجرن الإسلام السياسي


بسام ابوطوق
كانب

(Bassam Abutouk)


الحوار المتمدن-العدد: 7260 - 2022 / 5 / 26 - 10:48
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في 25 تموز من العام الفائت، فاجأ الرئيس التونسي قيس سعيد العالم بإعلانه تعليق عمل البرلمان وإقالة رئيس مجلس الوزراء
وتوليه سلطات استثنائية، مبرراً ذلك بوجود تهديد وشيك للدولة التونسية.وبدل أن يعمل رئيس الدولة على رعاية واجبه الدستوري
وحقوق الشعب عليه، للتخفيف من آثار الأزمة الاقتصادية الطاحنة، والارتفاع الجنوني في الأسعار، والبطالة التي التي زادت من
معدلات الفقر ودفعت الآلاف من الشباب التونسيين للهجرة إلى دول أوروبية، نجده يخرج من قبعة الحاوي أرانب الحوار الوطني،
بشأن الإصلاحات ولجان صياغة الدستور(الجمهورية الجديدة)!وهل هي صدفة بحتة أن تتصاعد هذه الدعوات للحوار في مصر وتونس
والجزائر، أم هو توارد خواطر ومصائر مشتركة لحكام متفرّدين بالحكم، يتعللون بأخطار المؤامرات الخارجية ومكائد الخصوم؟.
نعامة تدفن رأسها في الرمال، وهروب من مسؤوليات وواجبات الحكم إلى أمامٍ وهمي وشعارات عبثية. وكما المدمن على الأفيون،
يستمرئ حكام الاستبداد والديكتاتورية قوانين الطوارئ والحالات الاستثنائية التي تدوم لعقود وعقود.
إنها تونس التي انطلقت منها شرارة الاحتجاجات في الشرق الأوسط، وأطاحت في العام 2011 بديكتاتور حكمها 27 عاماً.
تونس التي صنفها التقرير السنوي لمؤسسة فريدوم هاوس الأمريكية، بأنها حرة وهي الدولة الوحيدة في العالم العربي التي حصلت
على هذا التصنيف.
لكن، مقابل التقدم على صعيد الانتقال الديمقراطي، كانت الإنجازات على المستويين الاقتصادي والاجتماعي متواضعة جداً، وتشكل
إجماع لدى التونسيين على وجود خلل في المنظومة السياسية التي تحكم تونس منذ 2011، ولكن الاختلاف هو حول الحل. وهذا الحل
لا يتجلى في تركيز جميع السلطات بيد شخص واحد، وإعطائه صكاً على بياض ليفعل ما يشاء، ولكنه يكمن في آليات ديمقراطية،
كإنتخابات مبكرة وتمثيل أوسع.حصل الرئيس التونسي على دعم أولي من قطاعات واسعة من الشعب التونسي ومكوناته الحية،
ولكنه كان عبارة عن صرخة غضب من انشغال القوى المتحكمة بالمؤسسات الحاكمة، بدأً من حزب الإسلام السياسي (النهضة) وحلفاؤه
وغيرهم من قوى ظاهرة وخفية،تنازعت على كعكة الحكم، وتكالبت على مغانم السلطة، وتلهت عن واجبات الحكم، بينما كان عليها التصدي
لإيقاف تدهور الاقتصادوتأمين الخدمات المعيشية وتوسيع دائرة المشاركة لكافة فئات المجتمع في إدارة البلاد.هي حلول بديهية برهنها العلم السياسي
والعقل المجتمعي: التخفيف من الإدارة الأمنية للشأن العام، الإقرار بنضج المجتمع وتجلياته، والكف عن لعب دور الوصي على القاصر،
تحرير الفضاء العام للمجتمع ليمارس فيه حريته الفكرية والسياسية والشخصية.في المقلب الآخر، يلعب الإسلام السياسي على اختلاف
مصادره الفكرية ومكوناته السياسية دور الثورة المضادة والخصم المعادل المتربص لإشكالات الحكم والسلطة، يمتطي حصان الديمقراطية
المتوثب ليصل إلى السلطة، ثم يترجل عنه ويعقره. فبالنسبة له الديمقراطية هي وسيلة للوصول إلى غاية السلطة، وليس لها أي فرصة
في الحياة بعد الظفر بالحكم لإدارة البلاد والمجتمع على قاعدة الشمولية والدوغمائية.يلعب الإسلام السياسي على عواطف وإيمان الجماهير،
فيجر العقلاء والحكماء في مواجهته إلى ملعبه وميدانه، حيث لا فرصة للمنطق أو الحوار والصراحة، بل يجابهون خشبية اللغة وتسويق الوهم.
وهو يستولي على دور العبادة ومناسبات الدعوة، التي أسست لفئات الشعب المؤمنة لتمارس عبادتها وإيمانها، ويستثمرها مصدراً للتجييش
وفق مصالحه الضيقة وعمادها هو الحكم والتمكين، ولو على حساب مصالح الشعب وحقوقه.وهو لا يعتمد على شعبيته وحجمه، كبر أم صغر،
بل يسعى دائماً لنفخ بالون انتشاره الشعبي ببناء نواة صلبة منظمة تستقي من المعتقد المقدس الذي لا يُناقش لإضفاء هالة أوسع كألوان
قوس قزح، تتجاوز النسبة التمثيلية الفعلية له في البرلمان والمؤسسات المدنية والأهلية، بوسائل وأساليب غائيتها التحكم والتمكين والسيطرة
واستدامة السلطة قولاً واحداً.
وبالعودة إلى الرئيس سعيد، فإن الأحزاب والتيارات المدنية والشعبية التي أيدت قراراته للوهلة الأولى راهنت على مرحلة انتقالية قصيرة تحجِم
الإسلام السياسي، وتعيد التوازن إلى عجلة القانون والدستور وتكبح جماح هذا الانهيار السياسي والاقتصادي, وهي الآن في موقع المعارضة
لخزعبلات الدعوة إلى حوار وطني يفضي الى إقصاء سياسي، وعلى رأسها القوة المدنية الأولى في في البلاد وأعني بها الاتحاد التونسي للشغل،
والذي أعلن في بيانه يوم الجمعة 20 مايو أن احتكار الرئيس سعيد لتعديل الدستور والقانون الانتخابي، خطر على الديمقراطية، محذراً من مخاطر
حصر السلطات في يد الرئيس، وجدد المطالبة بتسريع تشكيل حكومة بكامل الصلاحيات، قادرة على مجابهة تعقيدات الوضع القائم في البلاد حاليا،
والذي زادته الحالة الإستثنائية تعقيداً وتأزماً. وهذه معارضة تتسم بالمصداقية حقاً.
لن يستجيب الشعب التونسي وقواه الحية للمفاضلة بين خيارين، الاستبداد والتفرد أو الإسلام السياسي، بل سينحاز الى خيار ثالث أثبت العقل
البشري المجتمعي وتجارب الشعوب الحرة صحته وعقلانيته، وهو منظومة الحريات والديمقراطية، وبدون كسر هذه الحلقة الجهنمية بين الأنظمة
الاستبدادية والظلامية القروسطية، لن يتسنى لبذور الحياة أن تنمو وتثمر.
وأملنا أن تكون هذه البذور أصلب من أن يطحنها حجر رحى الديكتاتورية وجرن الظلامية.



#بسام_ابوطوق (هاشتاغ)       Bassam__Abutouk#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جليات الفلسطيني لم يُسقط النعش !
- كوندوليزا رايس ..ونظرية الحرب الإستباقية
- لا بد من فلسطين
- هكذا كتب السوريون دستورهم في العام 1950
- عن الحروب غير المشروعة ولزوم مالايلزم
- تتسع الرؤية وتضيق العبارة..اين حقوقنا الإنسانية؟
- عن كييف والتاريخ الذي لا يرحم
- قراءة في مقال
- اعادة الاعمار في سوريا هي اعادة اعمار للمجتمع
- لحراك السياسي الإلكتروني، أو حتى التحركات المؤيدة للثورة الس ...
- لذكراها..منار ابوطوق الرفاعي
- عندما يترجل الفرسان
- لذكراه.. عثمان عدي
- لذكراه .. د طه حسين
- ذكريات شهد ابوطوق عن جدها عثمان عدي
- من ايقونات التنوير العربي.. د طيب تيزيني
- لذكراهم ايقونات التنوير العربي .. مي زيادة
- صادق جلال العظم .. من ايقونات التنوير العربي
- لذكراهم .. ايقونات التنوير العربي ..جورج طرابيشي
- لذكراهم .. شهداء السادس من ايار 1916 , وغيرهم .


المزيد.....




- غزة.. مجاعة واستهداف للعمل الإنساني
- ترامب يجري محادثة هاتفية مع نتنياهو
- إعلام عبري يكشف تطورات جديدة لمقترح وقف حرب غزة لـ 7 سنوات
- الهند.. مقتل 28 شخصا في هجوم إرهابي
- وزير الخارجية الفرنسي: الاتحاد الأوروبي يحدد -خطوطا حمراء- ل ...
- -لن نقبل بالاستخفاف-.. وزير الخارجية المصري يوجه رسالة لإسرا ...
- -واشنطن بوست-: الولايات المتحدة تقترح الاعتراف بشبه جزيرة ال ...
- مراسل RT : تأجيل جلسة محاكمة عبدالله السنوسي إلى 13 مايو الم ...
- قمة لإيكواس تناقش تداعيات انسحاب دول الساحل
- الدويري: غالانت أطلق الرصاص على صدر نتنياهو بحديثه عن محور ف ...


المزيد.....

- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بسام ابوطوق - بذور الديمقراطية التونسية بين رحى الإستبداد وجرن الإسلام السياسي