أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عباس علي العلي - حول الدعوات إلى أحترام أستقلال القضاء العراقي














المزيد.....

حول الدعوات إلى أحترام أستقلال القضاء العراقي


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 7257 - 2022 / 5 / 23 - 03:10
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في كل النظم الاجتماعية القديمة والحديثة كان للقانون دور وللقضاء دور ولأحترامهما دورا في ترسيخ قيم المجامع والدولة معا، وما نشأت الانحرافات الأجتماعية في البنيان السياسي للمجتمع لولا تدهور قيمة القانون وتواضع دور القضاء في إرساء السلام والأمن المجتمعي، حتى قيل لولا ضعف القضاء وتهاونه في تطبيق القانون ما ظهر الاستبداد ولا نمت الديكتاتوريات بشكلها المخيف والمرضي، لذا فإن أحترام المجتمع أيا كانت توجهاته العامة لأي من العنصرين بالحقيقية هو تعزيز وقوة للبنيان الأجتماعي لهذا المجتمع وتعبيرا عن تماسكه، وأي أختلال في نظرة القضاء للقانون أو طريقة تعامل لا تتصف بالحيادية والتجرد ستقودنا لاحقا إلى سلسلة من التداعيات التي سوف تنشئ خللا في علاقات المجتمع الطبيعية يتحملها البنيان القضائي وشخوصه أولا، وقبل أن يطلب من أحد احترامه وعدم الزج به في صراعات لا قانونية ولا طبيعية في مجامع متحول مضطرب لم يتفق على عقد أجتماعي مرضي للجميع.
الحديث الذي يدور الان ونسمعه بنغمات متعددة كلها تخرج من مصدر واحد حول ضرورة أحترام القانون وعدم الزج بالقضاء العراقي في الصراعات السياسية أو محاولة تشويه دور القضاء في تطبيق القانون والعدالة، صوت نقدر له هذا التوجه وهذا الخطاب لولا أن تجربة العشرين عاما التي مضت لا تؤكد هذا التوجه ولا تعبر عنه بأي شكل من الأشكال، فالقضاء في صلب الصراع السياسي وأحد محركاته بدون تجني، والتعامل مع القانون لا يخلو من أنتقائية وتحيز ومحاباة وأستقصاد لفئات دون أخرى، إضافة إلى كسله وعجزه وتهاونه بشكل عام مع ظاهرة الفساد بشكل خاص التي يحميه سلاح منفلت مليشياوي موجه للكل وليس للجسم القضائي وحده، والدليل أن ثمانمائة شهيد وعشرات الألاف من الجرحى والمعوقين سقطوا بالقرب من بنايات القضاء وبالصوت والصورة ولم يحرك ساكنا، لكنه يسارع بكل قوة للقبض على فتية أحداث أشعلوا أطار في الشارع من ضمن أحتجاجهم السلمي ليسجل بهم أنتصارا لتطبيق القانون وتحقيق العدالة المشوهة.
لا نختلف مع هذه الأصوات من أن القضاء قدم العديد من الشهداء من الجسم القضائي ولا ننكر أن هذا الجسم المهم من مؤسسات الدولة لم يكن بوما بعيدا عن يد الإرهاب والعنف واللا مسئولية، ولكن هذه ليست ميزه يتمتع بها وحده دون سائر فئات وطبقات وأجهزة الدولة، ولا يمكن التعالي بهذه التضحيات على الشعب خاصة وأن أكثر المتضررين من العنف المسلح والإرهاب والفساد هي الطبقات الشعبية الأقل في تغطية ستار الأمن من حولها والتي لا حول لها ولا قوة وليس لها من يحميها بشكل خاص، فعندما يسقط العشرات من عمال المساطر أو المتسوقين في الأسواق الشعبية أو المتجمعين لغرض ما دون أن تكون هناك حمايات مسلحة ولا سواتر تحميهم ولا بوابات حراسة، فأولئك الضحايا والشهداء هم الأكثر تعرضا للقتل والأكثر تضررا من عدم تطبيق القانون على الكل بدون تحيز وبدون أنتقائية سياسية أو وظيفية، ولا يحق لأخد غيرهم أن يتحدث عن الخطر ومواجهة العنف والإرهاب.
الذي أحب أن أشير له هنا وكوننا من الناس الذين هم في صلب العملية القضائية والقانونية إن استقلال القضاء والفصل بين السلطات لا يعني أن تتحول كل سلطة منفصلة ومستقلة إلى نوع من الديكتاتورية الجزئية، ولا يعني أن أستقلالها أنفصالها عن مصالح الشعب وقضاياه ابدا، بل الأستقلال الحقيقي هي أن تكون أكثر شجاعة ومسئولية في حماية القانون بشكل جاد وحازم ودقيق منعا للأستغلال السياسي أو الحزبي له، وأيضا أن تكون السلطة القضائية اليد الضاربة التي تطال كل مؤسسات الفساد والمحسوبية وأختراق القانون وأنتهاك الدستور من أي جهة كانت، هذا مفهومنا الخاص والذي لا أحد يختلف فيه معنا بالتأكيد، لذا فإننا من هذا المنطبق أشد الناس حرصا على مفهوم الأستقلال هذا وعلى تأكيد وتجذير معاني ودلالات الفصل بين السلطات، لأن ذلك يعني بالنهاية أننا ننجح في بناء قيم وعمل مؤسساتي منظم وقادر على حناية الناس والقانون معا.
إن المنهج العملي والنوايا الطيبة تقتضي قبل أن نحاول الدفاع عن أنفسنا أن لا نترك في المسيرة ما نؤاخذ عليه ويكون دليلا ضدنا يستغل من هذه الجهة أو تلك، كما أن النظر بعين الوطن والمسئولية وشرف المهنة وقداسة ساحة القضاء تمنعنا من أن نقع في مطبات من يتصيد لنا الأخطاء، كما أن الحرص والتفاني والجدية والمهنية العالية في تلبية نداء الحق يبعدنا عن أخطاء الماضي، فالسلطة تأت يوما وتذهب أياما ولكن القانون والعدل والشعب والشرف والمسئولية باقية لأنها أكبر والأكثر ثباتا، نعم قدم القضاء العراقي وجوها مشرقة وأصواتا حقانية لا تؤخذ باللائمة ولا تنحرف بالمسئولية، ولكنه أيضا قدم الكثير من النماذج التي أساءت للقضاء وأساءت لتاريخه عبر عمر هذه المؤسسة التي مع كل ما قلنا فيها وعليها، تبقى بوابة الأمل التي يعقد عليها العراقيون أمالهم في العدل والعدالة وتحقيق الحقوق.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رسالة إلى مولانا السلطان
- إضاءة على بعض جوانب الشخصية العراقيىة
- هل نحن متخلفون حقا؟.
- اليرهم والما يرهم بحكومة كوكو وبرهم
- الأيام القادمة أراها حبلى بالجديد القديم
- الديمقراطية الناشئة ومشكلة الوعي بخلافها
- تسع سنوات في الحوار المتمدن
- السلام جوهر الوجود
- الأنعامية كمفهوم توصيفي سلوكي
- مفهوم الروح عند الفلاسفة المسلمين
- الخلط بين دلالات النفس ومفاهيم الروح
- في أطوار المظهرية الدينية
- في سيكولوجية العقل الديني
- من مداخلة الروائي الشهيد الدكتور علاء مشذوب أثناء تقديمه لرو ...
- الفساد دين العباد
- النبوة الممتدة في الفكر السياسي الديني الإسلامي
- من قوة السيكولوجيا الفطرية إلى قوة السيكولوجيا الموجهة التار ...
- القرآن ومقهومه للتاريخ
- الفرق بين تاريخ الانسان وتاريخ الموجودات الاخرى
- المعيارية في دراسة التاريخ


المزيد.....




- تحذير أمريكي للصين بعد مناورات عسكرية حول تايوان
- مرشح ترامب لرئاسة أركان الجيش الأمريكي: على واشنطن الاستمرار ...
- مقتل بلوغر عراقية شهيرة في العاصمة بغداد
- ترامب يزور السعودية في مايو المقبل
- مصر: السيسي بحث مع ترامب استعادة الهدوء في الشرق الأوسط
- الداخلية الكويتية تكشف ملابسات جريمة بشعة وقعت صباح يوم العي ...
- البيت الأبيض: نفذنا حتى الآن أكثر من 200 ضربة ناجحة على أهدا ...
- -حزب الله- ينعى القيادي في صفوفه حسن بدير ويدعو جمهوره لتشيي ...
- نصائح حول كيفية استعادة الدافع
- العلماء الروس يرصدون توهجات قوية على الشمس


المزيد.....

- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عباس علي العلي - حول الدعوات إلى أحترام أستقلال القضاء العراقي