أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسام علي - ظاهرة وعاظ السلاطين الأبدية














المزيد.....

ظاهرة وعاظ السلاطين الأبدية


حسام علي

الحوار المتمدن-العدد: 7255 - 2022 / 5 / 21 - 19:41
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بداية لابد من ذكر الاستاذ الكبير الراحل الدكتور علي الوردي وأفضاله في مؤلفاته لكتب عديدة قيمة، عكست واقع المجتمع العراقي بكل جرأة، ومنها مؤلفه وعاظ السلاطين.
يقول الاستاذ الوردي: الواعظون لا يهتمون لو كان المغني يغني للخليفة فتهتز على صوته بطون الجواري، ولكنهم يهتمون كل الاهتمام اذا رأوا صعلوكاً يغني لنفسه أو لأهل قريته من الفقراء والمساكين. ويبدو لي أن هذا هو دأب الواعظين عندنا اليوم، فهم يتركون الطغاة والمترفين يفعلون ما يشاؤون، ويصبون جل اهتمامهم على الفقراء من الناس، فيبحثون عن زلاتهم وينغصون عليهم عيشتهم وينذرونهم بالويل والثبور في الدنيا والاخرة.
وسبب هذا التحيز في الوعظ، فيما أعتقده، راجع الى أن الواعظين كانوا ولا يزالون يعيشون على فضلات موائد الاغنياء والطغاة، فكانت معائشهم متوقفة على رضا أولياء الامر، وتراهم لذلك يغضون الطرف عما يقوم به هؤلاء من التعسف والنهب والترف، ثم يدعون الله لهم فوق ذلك بطول العمر.
ويخيل لي أن الطغاة وجدوا في الواعظين خير معوان لهم على إلهاء رعاياهم وتخديرهم. فقد انشغل الناس بوعظ بعضهم بعضاً، فنسوا بذلك ما حل بهم على أيدي الطغاة من ظلم.
فالواعظ حين يعظ الناس بأتباع المثل العليا وبتطهير نفوسهم من أدران الحسد والانانية، إنما يطلب المستحيل كما أسلفنا. إذ لا يستطيع أن يفعل ذلك إلا النادرون من الناس. أما بقية الناس وهم الذين يؤلفون السواد الاعظم منهم، فيبقون في حيرة من أمرهم وقد انتابهم الوسواس.
فالناس حين يذنبون حتى بأبسط الذنوب، ينتهز الواعظ الفرصة، دون أن يدعوهم للإصلاح والتغيير، فيهتف بالناس قائلا: أنكم أذنبتم أمام الله فحق عليكم البلاء، والواعظ بذلك يرفع مسؤولية الظلم الاجتماعي عن عاتق الظالمين ويضعها على عاتق المظلومين أنفسهم، فيأخذون بالاستغفار والتوبة ليل نهار. والظالم يقضي أوقاته كلها، في عيشة مترفة وكأنه أحد الخلفاء العباسيين.
وبهذه الطريقة يستريح الطغاة، فقد أزاح الواعظين عن كواهلهم مسؤولية تلك المظالم التي يقومون بها ووضعوها على كاهل ذلك البائس المسكين.
لقد تغافل الواعظين، وأمام مرأى الناس أجمعين، ما يقوم به الطغاة من سرقات ولصوصيات كبرى، ينهب أموال الأمة ويبذرها على ملذاته الخاصة وملذات أبنائه وأعوانه ونسائه الكثيرات، دون أن يقف بوجهه أحد من هؤلاء المساكين وينبهه أو يعلن له أن ما يقوله لم يعد يخدعنا.
هكذا هي الحياة التي نحياها كل يوم للاسف، لقد حكم الطغاة البلدان، أجيالا متعاقبة، فاعتاد سكانه بدافع المحافظة على حياتهم الخاصة أن يحترموا الظالم ويحتقروا المظلوم وكذلك، ما زاد الطين بلة، فقد هرب المفكرون والمثقفون والمتعلمون بعيداً، ليؤسس كل واحد منهم لمملكته الخاصة، ويحيا لوحده دون صخب وضوضاء، وعلى حد المثل الشعبي الدارج الذي يقول: يا روح ما بعدچ روح.



#حسام_علي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أصل الصراع الديني الدنيوي.. أطماع بشر!!
- من كوكس الى برايمر.. العراق تحت الانتداب
- حكم العسكر وسلطة الجيش
- دع فاسدون.. دعني أحكم
- سر لقاء برسي كوكس بالملك فيصل قبل إجراء العملية الجراحية له ...
- خطبة فيصل الأول يوم تتويجه ملكاً على العراق
- كم دولة عربية بحاجة الى قيس سعيد؟
- إرادة الأفراد والإرادات العليا
- صورتان في عالمنا لا تتغيران - الشرق والغرب-
- عراقيون فوق القانون
- دقيقة صمت.. رجاء
- لا تغير في الواقع دون تغيير في الوعي
- هذا ما يجري في العراق كل يوم !!


المزيد.....




- حاولا استجوابه فهرب.. شاهد ما حدث مع مواطن فنزويلي عند اعتقا ...
- مسؤول كبير في حماس يكشف تفاصيل المقترح الإسرائيلي لوقف إطلاق ...
- ترامب بين التصعيد وفتح الأبواب: الكرة في ملعب الصين...
- الحكم على الرئيس البيروفي السابق أومالا بالسجن 15 عامًا مع ز ...
- فرنسا تعتزم طرد 12 دبلوماسياً جزائرياً واستدعاء سفيرها
- -حماس- تثمن قرار حظر رئيس المالديف دخول الإسرائيليين إلى بلا ...
- قبيل الجولة الثانية من المحادثات مع إيران.. حاملة طائرات أمر ...
- البيت الأبيض: ترامب عازم على التحاور مع إيران
- جدل أوروبي حول التخلي عن الطاقة الروسية
- شركات روسية تشارك في -جيتكس المغرب 2025-


المزيد.....

- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسام علي - ظاهرة وعاظ السلاطين الأبدية