|
خيمياء العوالم الداخلية
اتريس سعيد
الحوار المتمدن-العدد: 7250 - 2022 / 5 / 16 - 00:26
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
في الآونة الأخيرة جائتني عشرات الرسائل للخوض في خيمياء التكوين الداخلية لعالم النفس البشرية فسنحاول قدر المستطاع سرد لطائفها وعالمها الداخلي على أكثر من مرحلة. عالم النفس والخيميائية المتركبة في جوهره مورده من المعاني العقلية الموجودة وجوداً دائماً. فما تصورته فقد عقلته وإقتنيته وتيقنته كتيقنك أن الحي جنس لنوع الإنسان، وأن المتنفس جنس لنوع الحي، وأن الجسم جنس لنوع المتنفس، وأن الجوهر الأقصى جنس لنوع الجسم، و كتيقنك أيضاً أن المستوى غير المعوج، وأن الكل أعظم من الجزء، وأن الماء يروى من العطش وأنه بارد رطب بالطبع، و أن النار تحرق وتنضج وأنها حارة يابسة بالطبع، وكسائر ما قد عقلته وشاهدته وشافهته في عالم العقل وعالم الحس، وما خفي عن النفس مما أنا مبينه لك، فأستعمل فيه التمثل العقلي الـمتقن الصحيح البرىء ومن الإختلاط والإختلاف، فإنه سيدلك ظاهر ما شاهدته على باطن ما خفي عنك، كما إستدل الناظر إلى الصورة الممثلة فى الحائط على وجود المصور لتلك الصورة الممثلة، وكما أستدل بما عاين من حركات يده على سرائر تخطيطها وتشكيلها على لطائف ما كان قائماً فى فكره ونفسه من جملة ذلك، علي العالم الداخلي والنفس: فإنه قد يستعمل التمثيل على سائر الأشياء بالآثار الموجودة عند غيبة المؤثرين لها، وأيضاً قد يستعمل التمثيل له فى الإعتبار والتعجب مما قد ورد ومما هو وارد لا محالة بضروب الأمثال على غائب الأشياء وشاهدها، فآستعمل أيها الإنسان التصور والتمثل فى سائر الأشياء الموجودة عقلاً وحساً. وأعلم أن الشىء الذاتي بالحقيقة الأصلي التام النوري هو المفيد الحكم وهذه اللطيفة والتمييزات الشريفة والحياة الدائمة وسائر الأشياء التي هى جزئيات له لا أجزاء، وهو كلي لها لا كلاً. فإعتبري ذلك يا نفس وتيقظي وإحذري الغفلة و التواني، وإستعملي التهذب من أوساخ الطبيعة؛ وإستعيني على ذلك بالخضوع والرغبة والإبتهال إلى ينبوع الخير و مظهره، وأصل العقل ومبدعه، ومفيد الحياة والحكمة والجود التام والرحمة، تحيى بذلك يا نفس وتسعدي. فأما التصور فتصورك الشيء على حقيقة ما أبدعه مبدعه، وأما التمثل فتمثلك ما خفي عنك معناه من عالم العقل بما شاهدته فى عالم الحس، مثلاً بمثل، ومعنىً بمعنىً، كما أن تدل ذات الصورة المطبوعة فى الشمع على معناها وحقيقتها فى الطابع، وكما تدل الصورة الممثلة فى الطابع على معنى حقيقتها فى نفس ممثلها ومصورها، وكما يؤثر الماء في الرمل والطين معاني حركاته وتموجه. وأعلم أن جميع ما أنت مشاهدة له فى عالم الكون والفساد من الصور والصنع إنما هي تمثيلات وتشكيلات معان هي في عالم العقل بالحقيقة غير زائلة ولا بائدة وما فى العالم الروحاني فملاحظته بالمشاهدة العقلية، فيجب على كل روحاني وجسماني عند بلوغه الكون الجزئي أن يتيقن بالعقل أنه حقيقة غير زائلة وإنما يصور العقل ذاته لذاته في الهيولى، ثم ينظر بذاته إلى معاني ذاته وصورها فيلتذ بذلك إعجاباً منه بذاته، إذ اللذة العقلية هي مما يناله العقل من ذاته بذاته لا بشىء خارج عنه، ولا بعرض عارض بل من ذاته لذاته وهذه هي اللذة الحق الدائمة الأبدية. وهنا التيقن ومعرفة الأشياء بآنياتها وماهياتها ولا تحتفل بمعرفة كيفياتها وكمياتها، لأن المطلبين الأولين بسيطان أزليان ولا وسيط بين النفس وبينهما، وأن المطلبين الآخرين مركبان زائلان زمانيان مكانيان. وأعلم أن علم التركيب لن ينفصل معك مجرداً محمولاً في ذاتك عند مفارقتك الحس، فخذ علم البسيط، وذر علم المركب. لأن هذا جرم الأرض هو أثقل الأشياء كلها وذلك لرسوبه تحت سائر الأشياء وطفو سائر الأشياء كلها عليه ولذلك صار هذا الجرم في الغاية القصوى من الكثافة والجلافة والإنحصار والكزازة وعدم النور والحياة ثم يتلو هذا الجرم من الأشياء جرم الماء وهو ألطف من الأرض وأصفى وأشرف وأنور وأقرب إلى الحياة. ثم يتلو جرم الماء جرم الهواء، وهو ألطف من الماء. ثم جرم النار الذي هو ألطف العناصر الأربعة و أشرفها وأشدها نوراً. ثم يتلو جرم النار جرم الفلك الذي هو صفو ما تحته والمخصوص بالشرف على سائر الأجرام للطافته وإشفافه وشدة أنواره وحسن نظامه وترتيبه وقربه من الحياة ومجاورته الأشياء الشريفة الحية العاقلة. وأنه متشكل بسيد الأشكال وأتمها وأصحها الذي هو الشكل الكرى المدور، وأن سائر ما يحتوى عليه متشكل بشكله كرةً دون كرة على الترتيب الذي ينتهي إلى كرة الأرض. ثم التالي لجرم الفلك الذي هو أقصى الأجرام كلها هو جوهر النفس المعطية الأفلاك الحركة النظامية والأنوار الصافية الشريفة التي هي ألطف من سائر ما أحاطت به من الأشياء وأحتوت عليه وذلك أن سائر ما تحتوى عليه أجسام وهي لا جسم ألبتة، وأن سائر الأشياء مما دونها لا حياة له إلا بها، وأنها ذات الفكرة والإرادة والتمييز، فما واصلته أظهرت فيه ذاتها على حقيقة قبوله فصار حياً، وما لم تواصله لم يوجد له فكر ولا إرادة ولا حركة ولا تمييز. وما فقد شيئاً من هذه الأشياء فهو ميت لا محالة، والشىء التالي لجوهر النفس والعالي عليها والمحيط بها هو العقل، وبحق إنه ألطف الموجودات وأشرفها وأعلاها منزلةً، وإنه المرتب تحت أفق الأزلي تبارك وتعالى والآخذ عنه بغير وسيط، والمفيد جميع ما تحته الشرف و النور والحياة، وأنه الترجمان الأعظم والحاجب الأقرب.
͜ ✍ﮩ₰ الماستر الأكبر سعيد اتريس
#اتريس_سعيد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
البعد الرابع أو المستوى النجمي
-
المدارس السرية الإبليسية
-
الحواجز الزمنية والأبعاد الكونية
-
الأبعاد الكونية العليا
-
الأبعاد الكونية -Cosmic Dimensions-
-
حاول أن تحب حزنك لعله يرحل
-
الموقف الماركسي من الصهيونية
-
البناء الكوني في الهندسة الإلهية المقدسة
-
تجربتي مع كوان ين -kuan yien-
-
الميركابا التيتاهايدرون
-
مهما قلت لك في القلب أكثر
-
أمة الفقر تنجب بلا تفكير؟
-
ماذا تعرف عن البعد الرابع؟
-
حتى تجيد رقصة الحياة
-
حينما يصبح العالم فجأة مثاليا
-
الشكوى سلعة الشيطان الرخيصة
-
هل يمكن التحكم في العقل تقنيا
-
أنت من يحيي حلمك و أنت من يقتله
-
وقفات على مظاهر الهمجية الغربية
-
كيف تشعر أهم بكثير من كيف تبدوا
المزيد.....
-
فوضى في كوريا الجنوبية بعد فرض الأحكام العرفية.. ومراسل CNN
...
-
فرض الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية.. من هو يون سوك يول صا
...
-
لقطات مثيرة لاطلاق صاروخ -أونيكس- من ساحل البحر الأبيض المتو
...
-
المينا الهندي: الطائر الرومنسي الشرير، يهدد الجزائر ولبنان و
...
-
الشرطة تشتبك مع المحتجين عقب الإعلان عن فرض الأحكام العرفية
...
-
أمريكا تدعم بحثا يكشف عن ترحيل روسيا للأطفال الأوكرانيين قسر
...
-
-هي الدنيا سايبة-؟.. مسلسل تلفزيوني يتناول قصة نيرة أشرف الت
...
-
رئيس كوريا الجنوبية يفرض الأحكام العرفية: -سأقضي على القوى ا
...
-
يوتيوبر عربي ينهي حياته -شنقا- في الأردن
-
نائب أمين عام الجامعة العربية يلتقي بمسؤولين رفيعي المستوى ف
...
المزيد.....
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
-
سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري -
/ الحسن علاج
المزيد.....
|