أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حيان نيوف - سعد الله ونوس يعود للذاكرة الدمشقية ..














المزيد.....


سعد الله ونوس يعود للذاكرة الدمشقية ..


حيان نيوف

الحوار المتمدن-العدد: 495 - 2003 / 5 / 22 - 03:46
المحور: الادب والفن
    


 

     .." كانت تلك هي الاستراحة الوحيدة قبل شوط جديد من الإعياء والأرق . مرت ليلة وليلة أمضيتها كلها مؤرقا وهاذيا . كانت الدمامل تتكون في حلقي ، وتتهيأ لاجتياح فمي وأنفي وشفتي . وكنت أتساءل ، كلما هاجت قروحي ، وزاد وهني ، إن كانت الحياة حقا مجيدة ، وإن كان الإنسان فعلا تلك الأعجوبة التي تحدث عنها سوفوكليس ".
     هذه هي أخر كلمات سعد الله ونوس قبيل وفاته بعام واحد ، وقد غادر أبو ديمة هذا العالم في 15 -5 –1997 .غادرنا ، وترك المسرح السوري مهجورا لا تسكنه سوى ذكريات سعد الله ونوس ملفوفة بالأحزان ، وباتت المقاعد الأمامية أو الخلفية تعانق خيوط العنكبوت وإذ بها الأشباح تأتي كل يوم محاولة تطهير المسرح من ذكرياته ، ولكن عبثا ، كانت كلماته تلتصق على كل بقعة من أركان المسرح كما يلتصق دخان التبغ البلدي على زجاج النوافذ .
      حمل أبو ديمة خشبة المسرح على كتفه ، وارتحل من مكان لآخر ليقول ما عجز الآخرون عن قوله . قدم لنا الكوميديا على خشبة مسرح الكوميديا كما قدم التراجيديا على خشبة مسرح التراجيديا –لكنه- لم يكن في الأيام واحدا من الذين يقدمون الكوميديا على خشبة المسرح التراجيدي ! لم يضحك علينا . أعطانا الحقيقة منذ البداية عندما تحدث عن حكم أمل لا نعرفه علينا .
      وأسفاه .. لم نعرفك تماما إلا عندما رحلت .فالمقاهي الدمشقية لم تعد تبكي وتذكر سوى الذين يرحلون . يبقون طوال حياتهم يشتهون فنجان قهوة أو " كأس زهورات " على مقاعدها ، ولكنها ترفض تقديمها إلا عندما يرحلون مع الحلم !.
     وأسفاه.. سقط المسرح شهيدا في غابة من الوجوه والأقدام والكلمات المجهولة . كلمات تأتي وتذهب هكذا ، مثل شربة "زيت الخروع" تمر على عقولنا وأفئدتنا !.
     مسرحك كان قناة لتصريف قروح تراكمت على قصبات المفكرين وأقلام تراكم الغبار عليها .حتى يوم قريب،كنا نخشى قراءة أي كتاب لك ؛ وإذا فعلنا ، نوصد الأبواب والمتاريس خلفنا ، ونجلس تحت الأسرة خوفا من يأتي سوفوكليس ويلتهمنا مع نصوصك . تهاجر الطيور خوفا من الأقفاص المطلية بالذهب ،وتذهب للعيش بين أشجار : الكينا والتين والعرعور والبلوط البري ، حيث تكون الحكاية جميلة ودافئة ، حيث يمكن أن نحب ونغني ونكتب قصصنا ومسرحنا ومستقبلنا بعبارات تبقى دائما .اجتمعنا سوية أنا والحلم والأمل ثم بكينا ، تحت أغصان الكينا ، وتذكرنا : "بلاد أضيق من الحب" ، "رحلة في مجاهل موت عابر" "والورم" ،وتساءلنا عما إذا كنت قد رحلت وقد قلت كل ما لديك ! . لقد جعلتنا نعيش بحرية ولو كانت عبر السطور،لقد خلقت المأساة التي تنجبنا في كل لحظة وترمي بنا إلى هذا الشرق الحزين .
    نذكرك والحزن يلعب بنا لأننا لم نعرفك باكرا . نذكرك ونحن نجمع الأعشاب في الوديان البعيدة خلف الحلم حيث يمكن لنا أن نحبك أكثر . سنكتب دوما أن المسرح انطلق من قلبك وحط مثل العصفور على غصن أوجاعنا ، وتنهدات أم عجوز تصنع الخبز على " التنّور " لابنها الذي قد لا يعود .
حيان نيوف
كاتب سوري



#حيان_نيوف (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صحفي عن صحفي يختلف ...
- قذائف الديمقراطية تسقط على الصحفيين


المزيد.....




- ليلى علوي تخطف الأضواء بالرقص والغناء في حفل نانسي بالقاهرة ...
- -شرفة آدم-.. حسين جلعاد يصدر تأملاته في الوجود والأدب
- أسلوب الحكيم.. دراسة في بلاغة القدماء والمحدثين
- الممثل السعودي إبراهيم الحجاج بمسلسل -يوميات رجل عانس- في رم ...
- التشدد في ليبيا.. قمع موسيقى الراب والمهرجانات والرقص!
- التلاعب بالرأي العام - مسرحية ترامبية كلاسيكية
- بيت المدى يؤبن شيخ المخرجين السينمائيين العراقيين محمد شكري ...
- مصر.. الحكم بحبس مخرج شهير شهرين
- مصر.. حكم بحبس المخرج محمد سامي بتهم -الاعتداء والسب-
- مصر.. حكم بحبس المخرج محمد سامي شهرين لهذا السبب


المزيد.....

- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حيان نيوف - سعد الله ونوس يعود للذاكرة الدمشقية ..