أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مصعب قاسم عزاوي - خَبَثُ خصخصة التعليم














المزيد.....

خَبَثُ خصخصة التعليم


مصعب قاسم عزاوي
طبيب و كاتب

(Mousab Kassem Azzawi)


الحوار المتمدن-العدد: 7245 - 2022 / 5 / 11 - 09:26
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


حوار أجراه فريق دار الأكاديمية للطباعة والنشر والتوزيع في لندن مع مصعب قاسم عزاوي.

فريق دار الأكاديمية: لطالما ناديت بأن خصخصة التعليم تمثل أحد أهم مظاهر تهديد «الليبرالية المستحدثة بشكلها البربري المتوحش» لإمكانيات نهوض المجتمعات في عموم أرجاء الأرضين، وخاصة في المجتمعات المنهوبة المفقرة. فهل يمكن لك توضيح وجهة نظرك بذلك الخصوص؟

مصعب قاسم عزاوي: قد يكون شعار «خصخصة التعليم» أحد أهم المخالب التنفيذية التي تشرعها الليبرالية المستحدثة عبر تغولها على حقيقة أن التعليم بكل مستوياته يقوم بمهمة استثنائية في سياق حركية أي مجتمع جوهرها ضمان «تخليق أجيال المستقبل القادرة على إعادة إنتاج مجتمعها والحفاظ عليه»، وهي مهمة جمعية لا بد أن يقوم بالتشارك في تحمل أعبائها الاقتصادية والاجتماعية كل أفراد المجتمع، ومن كل حسب قدرته واستطاعته، إذ أنها الوسيلة الوحيدة لضمان عيوشية أي مجتمع وعدم اندثاره حينما لا يوجد في المستقبل جيل شاب يستطيع القيام بواجب العناية بشيوخه ومسنيه لعدم حظيانه بالقسط الطبيعي من التعليم الذي لا بد منه للقيام بتلك المهمة التي لا يمكن التقليل من حساسيتها ورهافتها وحيويتها في آن معاً.
وفي الواقع فإن نهج خصخصة التعليم هو رسالة إيديولوجية بربرية تئد في المهد الشروط التي لا بد من توفيرها لتنشئة جيل قادر على القيام بواجب الحفاظ على استمرارية ووجود مجتمعه في المستقبل غير البعيد، وذلك عبر ما تنطوي عليه الرسالة من حمولة إيديولوجية مرعبة مفادها أن «المجتمع عبارة عن غابة لا بقاء فيها إلا للفاتكين الجسورين الأقوياء الأثرياء»، وأن التعليم موطن فقط للقادرين على دفع تكاليفه الباهظة وفق شروط اقتصاد السوق البربري الذي لا بد من تسليع كل ما يمكن الوصول إليه في فضائه، وتحويله إلى سلعة تباع وتشرى حتى لو كان ذلك يرتبط بأسمى هدف بيولوجي يسعى له بنو البشر فطرياً وغريزياً ألا وهو حفظ النوع والذرية مشخصة بالمجتمع الموجودة فيه من الاندثار والانقراض.
وهو واقع مؤوف يمكن تلمس ملامحه الكارثية الأولية في المجتمعات التي تبنت نموذج اقتصاد السوق الوحشي في مرحلة صعود الليبرالية المستحدثة منذ مطلع ثمانينيات القرن المنصرم، خاصة في الولايات المتحدة وبريطانيا، والتي يستطيع أي مراقب تلمس تهالك منظومات الرعاية الاجتماعية فيها على امتداد العقود القليلة الأخيرة، وهو ما تم تلطيف حدته المهولة بالاعتماد على تقنية أخرى من تقنيات الرأسمالية العولمية المتوحشة ممثلة بأدوات وأقنية «استنزاف الطاقات البشرية والأدمغة» من الدول النامية، وترك مجتمعات تلك الدول لتحتضر جراء فقدانها للطاقات المؤهلة التي يناط بها العمل والاجتهاد لانتشالها من واقع هشاشة نظمها الاقتصادية والإنتاجية، ورفع مستوى حيوات أبناء المجتمع الذين يعيشون في كنف تلك النظم و مفاعيلها. وهو واقع يفصح عن نفسه مثلاً بالحقيقة الصارخة بأن جل أفراد عديد الكادر التمريضي والقابلات في دولة مثل بريطانيا هو من المهاجرين من دول نامية مثل الهند والباكستان ونيجيريا والفلبين وغيرها من الدول التي هي بأمس الحاجة إلى تلك الكوادر لاستنهاض نظمها الصحية المتهالكة.
وهناك هدف آخر مضمر من الجهود الخبيثة الدائبة التي تقوم بها الفئات المهيمنة على مفاصل الثروة والسلطة والإعلام في المجتمعات السائرة في درب الليبرالية المستحدثة المتوحشة لتوطيد «خصخصة التعليم» كأحد مرتكزات الحداثة والعصرنة في المجتمع، وذلك لتورية الهدف المستبطن في سياق ذلك السعي المخاتل والمتمثل في تعزيز هيمنة الأقوياء الأثرياء المتنفذين على مفاصل السلطة والثروة في المجتمع عبر إعادة إنتاج نفسها من خلال تعليم أبنائها «تعليماً خاصاً رفيعاً» يضمن تصعدهم بشكل «طبيعي»، وبالتزكية، للإمساك بنفس المقاليد التي كان يمسك بها أسلافهم من قبلهم، وذلك عبر حرمان أي من المستضعفين المفقرين من المطالبة بالتصعد إلى أي من مراكز صنع القرار في المجتمع لعدم امتلاكه لأوليات المعرفة الضرورية، والمستوى التعليمي الذي لا بد منه كمقدمة ضرورية لا بد من توافرها لدى أي من قد تسول له نفسه «المفقرة الأمارة بالانعتاق» التفكر بذلك، وهو ما يعني استدامة مفاعيل الهيمنة والتقاطب في المجتمع لصالح زيادة الأقوياء الأثرياء قوة وثراء وزيادة المستضعفين المفقرين ضعفاً وفقراً.



#مصعب_قاسم_عزاوي (هاشتاغ)       Mousab_Kassem_Azzawi#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العِلْمُ الأَسْوَدُ
- مقصلة سلطة النص: آدم سميث نموذجاً
- صناعة الشواش المعرفي
- تراتبية الصراعات في المجتمع
- المجازر الصامتة
- تلفيقات فلسفة «الأنا الأنانية»
- العنصرية الوظيفية
- الحلف المقدس ونظام عائلة الأسد
- أس اتفاقيات تحرير التجارة العالمية
- إجهاض الصراع الطبقي
- تخليق الجشع والأنانية
- هل من رأسمالية حقة
- نكوص الرأسمالية إلى العبودية والإقطاع
- نهوض كوريا ونكوص العرب
- هل هناك أزمة رأسمالية سرمدية؟
- المفاعيل الكونية لاتفاقيات تحرير التجارة العالمية
- مراجعات في فكر نيكولو مكيافيلي
- علاجات طبيعية لتحسين مستويات الكوليسترول والدهون الثلاثية في ...
- بصدد استبخار ثروات العرب
- مقاربات وعلاجات طبيعية للاكتئاب واضطرابات المزاج


المزيد.....




- كييف.. على دقات ساعة موسكو وواشنطن
- رغم الحرب والحصار.. خان يونس تتشبث بالحياة
- -سأقتل نفسي قبل أن أعود إليهم-... محاولة هروب يائسة لضحايا ش ...
- حماس تعلن فقدان الاتصال مع محتجزي الإسرائيلي-الأمريكي عيدان ...
- قطر وروسيا.. تعزيز التعاون إقليميا ودوليا
- ناشطون لبنانيون يرسلون 6 أطنان من المساعدات الإنسانية إلى دو ...
- البيت الأبيض: كرة الرسوم الجمركية في ملعب الصين
- هل تتجه علاقات الجزائر وفرنسا للقطيعة؟
- موسكو: غالبية أوروبا تعارض نشر قوات سلام
- أزمة صاعدة بين حكومة نتنياهو والشاباك


المزيد.....

- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مصعب قاسم عزاوي - خَبَثُ خصخصة التعليم