|
عن الدين و السياسة
خليل قانصوه
طبيب متقاعد
(Khalil Kansou)
الحوار المتمدن-العدد: 7243 - 2022 / 5 / 9 - 17:24
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
يقدر طول المسافة إلى مدينة سان تياغو في اسبانيا ، حيث كاتدرائية سان جاك دي كامبوستال الشهيرة ، باتباع " الطريق الفرنسي" إليها بحوالي 1500 كلم ، و ما أن تجتاز بوابتها إذا جازالقول ، تقرأ على أديم الأرض هذه العبارة " لولا السّعي إلى كاتدرائية القديس سان جاك لم قامت أوروبا " . من البديهي القول أن جميع السعاة إلى سان تياغو لا يأتون إليها لكي يبايعوا "الكيان الأوروبي " ، فالدوافع إلى هذا المسعى ، كثيرة وهي ليست بالضرورة ذات مرجعية دينية ، إلى حد أن الهيئة الكنسية المشرفة نفسها ، تصنف هذه الدوافع إلى ثلاثة : لا دينية ، روحانية و دينية .
مهما يكن فلا شك في أننا حيال إيحاء ضمني ، بوجود علاقة إنجابية إذا جاز التعبير ، بين المسيحية من جهة والشعوب الأوروبية من جهة ثانية ، المقصود هنا التكتل السياسي العصبي ذوالملامح البشعة الظاهرة بقوة منذ أربعة عقود على الأقل و الدور المستفحل خطرا ، على المستوى العالمي .
بكلام آخر ، يتلقى الزائر إلى مدينة سان تياغو ، الذي تعلم أثناء المسير إليها ، أن يفكر بقدميه ، العبارة المرسومة على عتباتها ، كما لو أنها رجع صدى لمَ تناهى إليه عن شارل مارتيل و معركة بواتييه و سقوط الأندلس و محاكم التفتيش ، وصولا إلى ملحمة هجرة الأفارقة إلى أوروبا و القرابين التي يقدمونها " و لائم لأعشاب البحر ".
تتكثف الغشاوة المحيطة بمعالم المدينة كلما تقدم المرء المولود في " منطقة الجليل " الفلسطينية ـ اللبنانية ، في شوارعها و أزقتها قاصدا " الساحة " ، ساحة الكاتدرائية ، فيستعصي عليه ، نهائيا ، تلمس الرابطة السلالية بين مسيحية الجليل السورية البسيطة من جهة و بين هذه " المسيحية الأوروبية " المتحصنة في قلاع متعالية .
كانت الجدة تقول لا ينضج الرمان ياولدي قبل حلول " الصليب " ، و هو ما يزال يذكر أن شكّ أوراق التبغ " الصليبي " ( المقطوفة إذا ما صلّب الوقت )في "الميبر " سهل ، كما و يذكر أيضا " خميس البيض " ، البيض المسلوق الملون بقشر البصل ، و هو من أيام الفصح .
فعلى الأرجح أن المسيحية ، بعد محاولات متكررة ، منها الحملات الصليبية ، و الهيمنة الإستعمارية بشكليها القديم و الحديث ، صارت مسيحية أوروبية ، هي في صلبها أقرب إلى النظام السياسي منها إلى النهج الإنساني الروحاني .
ليس مستبعدا في هذا السياق ،أن يفضي التحقق من صحة فرضية هذا الإستنتاج إلى تبيُّن الغايات و الآليات التي تحكّمت في المأساة المتكررة التي تعرض لها بشكل خاص المسيحيون في سورية و العراق .
و يمكننا في السياق نفسه أن نضع على بساط البحث فرضية ثانية تتعلق بالمسألة اليهودية . من المعروف ان المشروع الإستعماري الإستيطاني في فلسطين ،تضمن إخلاء البلدان العربية من سكانها اليهود ، عن طريق جلبهم طوعا أو كرها ، إلى فلسطين أو تهجيرهم إلى اوروبا و أميركا .
لا يخفى في هذا الصدد أن الوجود اليهودي في بلدان العرب مثله مثل الوجود المسيحي ، هو تاريخي و أساسي . فلا غرو في ذلك كون هذه البلدان هي مهد هاتين الديانتين ، اللتين هما على الأرجح مراحل لاحقة متتالية في إغناء و إنضاج معتقدات سابقة عنهما. و لا أظن أننا نجازف بالكلام أن كثيرين من العرب تهودوا ، و تنصروا وأسلموا ، على التوالي . و لكن هذا مبحث آخر.
مجمل القول في ختام هذه الملحوظات و الفرضيات من وحي رحلة إلى المدينة الأسبانية سان تياغو و زيارة كاتدرائية أريد لها في ظاهر الأمر، أن تكون رمزا "للكيان الأوروبي " في وجه المضطهدين و المجوعين المهاجرين من إفريقيا ، أن هذا "الكيان " الذي يُعرّف نفسه بما هو مكون " للحضارة الغربية اليهودية ـ المسيحية " بحسب المصطلح السائد ، صادر أيضا ، في أغلب الظن ، الديانة " اليهودية "، جاعلا كل يهودي ، حكما ، من رعايا دولة أسرائيل ، علما أن هذه الدولة في جوهرها ،لا تعدو كيانا أوروبيا ـ أميركيا . لا أعتقد أن هذه الخلاصة تحتاج إلى دلالات لمحلها من الوضوح .
من البديهي أننا لا نسنطيع إيفاء موضوع الدين و السياسة حقه في مقالة . فمن البديهي أن هناك معطيات كثيرة ، تتعلق بالديانة الإسلامية ، تصب في مجرى هذا البحث .
#خليل_قانصوه (هاشتاغ)
Khalil_Kansou#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
في مرحلة تفكيك الدولة !
-
حروب الاطلسي في دول العروبة !
-
الحروب الغشومة
-
الحرب العبثية
-
في خضم - صدام الحضارات -
-
الحرب في أوكرانيا : حدودية أم وجودية ؟
-
عصر الحجر
-
السلاح النووي و الإعلام المانستريم و تصادم الحضارات في أوكرا
...
-
القرابات الروسية و القرابات السورية
-
الحرب ووباء الكوفيد و الثورات الملونة !
-
الوجه الفلسطيني لحرب التحرير الجزائرية
-
ثبات المسافة بين المركز و الأطراف !
-
ملحوظات حول المسألة الوطنية !
-
سقوط مشروع الدولة الوطنية : لبنان نموذجا
-
سقوط مشروع الدولة الوطنية العمالية ! (1)
-
سقوط الدولة في لبنان
-
مقاربات مجردة (5)
-
مقاربات مجردة (4)
-
مقاربات مجردة (3)
-
مقاربات مجردة (2)
المزيد.....
-
معلقا على -عدم وجوب نفقة الرجل على علاج زوجته-.. وسيم يوسف:
...
-
مشتبه به يشتم قاضيا مرارًا وسط ذهول الأخير وصدمة متهم آخر..
...
-
نائب رئيس الوزراء الصربي: لست -عميلا روسيا-
-
-نيويورك تايمز-: التدريبات المشتركة بين روسيا والصين تثير قل
...
-
بالضفة الغربية.. مقتل 5 فلسطينيين برصاص القوات الإسرائيلية
...
-
-معاناتي لم تنته بخروجي من السجن، لكن فقط تغير شكلها- - أحد
...
-
شاهد: الرضيعة ريم أبو الحية الناجية الوحيدة من عائلتها الـ11
...
-
صحيفة SZ: بولندا لم تقدم أي مساعدة في تحقيق تفجيرات -السيل ا
...
-
بولندا والولايات المتحدة توقعان عقدا لشراء 96 مروحية -أباتشي
...
-
-إسرائيل ترغب في احتلال سيناء من جديد-.. خبراء: لا سلام مع ت
...
المزيد.....
-
الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ
/ ليندة زهير
-
لا تُعارضْ
/ ياسر يونس
-
التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري
/ عبد السلام أديب
-
فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا
...
/ نجم الدين فارس
-
The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun
/ سامي القسيمي
-
تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1
...
/ نصار يحيى
-
الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت
...
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
هواجس ثقافية 188
/ آرام كربيت
-
قبو الثلاثين
/ السماح عبد الله
-
والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور
/ وليد الخشاب
المزيد.....
|