عشتار الفصول:12466 ما أهمية دور المثقفين في تقدم أيّ وطنٍّ...؟!!

اسحق قومي
شاعرٌ وأديبٌ وباحثٌ سوري يعيش في ألمانيا.
(Ishak Alkomi)

الحوار المتمدن-العدد: 7243 - 2022 / 5 / 9 - 14:03
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    

ما أهمية دور المثقفين في تقدم أيّ وطنٍّ وتطويره دستورياً وقانونياً .سلوكياً وتنموياً وتربوياً لكي يُحقق الاكتفاء الذاتي والأمن والاستقرار ومفهوم العيش المشترك؟!!
نقرّ بوجود أبجديات كثيرة في هذا السياق وهذه الجزئية تقع على عاتق المثقفين بشكل عام وعلى القِوى السياسية الحاكمة في تنفيذها وتطورها .
ولكننا نتوقف عند تصنيف المثقف . ونسأل من هو المثقف المبدع والوطني الحقيقي؟!!!
المثقف كلمة واسعة وشاسعة الأرجاء وتحتمل ما يشبه النور والظلمة ، الرجعية والتقدمية ، تحتمل التخلف والحرية التي لاتفترق عن الفوضى الخلاقة ، وتحتمل أيضاً وجهات نظر لكلّ من اختلفت تربيتهم البيتية والدينية والمدرسية.
هناك مثقف واسع الاضلاع على مختلف العلوم إلا أنه متزمت ، متعصب ، شوفيني، منغلق على دائرة تهمه ولا يقبل بالانفتاح على تجارب الآخرين ويعتبر بأن تجربته الجمعية تُشكل حقيقة مطلقة لايمكن الاقتراب من قدسيتها . فهذا المثقف هو من يجب أن تُعيد الحكومات القطرية تأهيله حتى يؤمن بأن له إخوة في الوطن يختلفون عنه في الدين والمذهب والقومية ولكل منهم الحق في العيش بحرية يُحددها الدستور والقوانين الناظمة على سوية واحدة وللجميع .وليست لجماعة عرقية ودينية ومذهبية بل لكل المكوّنات في هذا البلد أو ذاك على ألا يُقهر أي مكوّن مهما كان عدده قليلا أو كثيراً.
= المثقف المبدع هو ذاك الذي يبحث عن تحقيق العدالة والحق والخير والجمال للجميع دون استثناء فعلا وليس قولا ... لا أن يؤمن بتاريخ حُشيّ بالتزوير وكتبته أيادٍ ملطخة بدماء الأبرباء الآمنين.
إنّ من يدعي بالثقافة ولايملك احترام وقدسية مبادئ الحوار الإنساني هو رجل متخلف لابل أنه في قمة التخلف ولاتعني لنا ثقافته تلك سوى من أجل حوارات يرى نفسه أنه على الجميع الخضوع لما يقوله هو وليس لهم أدنى حق في أن يقولوا مايريدونه أو يعرفونه.
وتخلف الوطن بشكل عام وتخلف أهله بشكل خاص يأتي من ناحيتين.
الأولى: عندما تنتفي قدرة الحاكم في تحقيق اختراق ٍ لجدار مكوّنات الوطن التاريخية والقومية والدينية والمذهبية ودراستها دراسة علمية وموضوعية من قِبلِ ورشات عمل يؤسسها من المثقفين الذين يُشار لهم بالبنان في كل مايمت للنزاهة والوطنية والإنسانية وذلك لانشغاله في الكيفية التي يمكن أن يُحقق من خلالها استمراريته في حكم البلد وهذه مصيبة المصائب .
والثانية: عندما لاتتجاوز الغالبية القومية والدينية ( الأثنية) . ــــ في أيّ وطن ٍ ...ـــــ بالرغم من التقدم الحاصل في العالم ذاتها وتراثها المترهل والمهزوم في أعماقه لا بل نراها تدعي بأنها هي الحامل للتقدم والتطور والإنسانية والعدالة والحرية من خلال إرثها التاريخي . إنما في الواقع فهي لا تتجاوز تخوم جاهليتها المقيتة وطوطميتها وطقوسها قيد أنملة.
إنّ المثقف الحقيقي والنزيه لايمكن له أن يعيش بين جماعات كشتبانجية ، ظالمة ، لاقيم عندها سوى الظلم والعدوانية والتعالي والقرصنة وفرض رأيها بالقوة ونعت كل من يُخالفها بأنه عدو مبين .فإنّ تمكنت من أولئك المثقفين الحقيقيين أودعتهم السجون ربما إلى الأبد .أو أنها عملت على تصفيتهم جسديا لأنهم يُشكلون عَقبة كَأْ دَاءْ. في تحقيق أهدافها ومصلحتها .
أو قد يتوفر لمثل هؤلاء المثقفين المتنورين الحظ في الرحيل عن الوطن مهما كانت التضحيات في بلاد الاغتراب. ومع مرور الزمن وتقدم تجربة ذاك المثقف الإنسانية والعالمية ومايكتبه حول أبجديات كانت في زمن وجوده في الوطن تُقرأ بشكل ما تفرضه الثقافة العامة ـ الظالمة ـ وغير الموضوعية . يرى هؤلاء الزملاء أو الأصدقاء في ذاك المثقف بأنه أصبح يخون ماضيه ووطنه وقيمه .لابل هو يسلك سلوك المستشرقين .إنما نسي هؤلاء بأنهم أصلاً كانوا يؤمنون بثقافة شوفينية تحتاج إلى غربلة حتى تستقيم بعض مكوّناتها ويُرمى الباقي في سلة المهملات.هؤلاء لايرون أنفسهم على حقيقتها لأنّ ثقافتهم العامة والتاريخية علمتهم بأنهم ( الأعلون). هؤلاء هم أخطر جماعة تقف في وجه أيّ مشروع ٍ وطني يهدف للخير والحق والجمال والعدالة لجميع أبنائه.
هؤلاء ليسوا بمثقفين بل هم يمثلون الرجعية في أروع صورها التاريخية.
المثقف الحقيقي ليس الذي يحمل في جناته ويحقق من خلال سلوكيته ازدواجية في المعايير ولايحترم القيم الثقافية لغير مكوّنه القومي والديني .والمثقف الإيجابي هو من يُعتمد عليه في بناء أساسات الأوطان الراسخة والمنفتحة على تجارب البشرية . المثقف ليس بالادعاء والسلبطة والعسكرة بل هو إنسان يعمل ضمن مجال للحرية المنضبطة ولا نقرّ بحرية مطلقة فتلك موجودة في دار المعتوهين.
وللموضوع بقية.
اسحق قومي.9/5/2022م

#اسحق_قومي (هاشتاغ)       Ishak_Alkomi#          

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات