قصة -حي بن يقضان- ابن طفيل( الحلقة السادسة)

إدريس غازي
كاتب و باحث
(Driss Rhazi)

الحوار المتمدن-العدد: 7243 - 2022 / 5 / 9 - 01:56
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    

" فلما علم أن ذاته ليست هذه المتجسمة التي يدركها بحواسه ويحيط بها أديمه ،هان عنده بالجملة جسمه ،وجعل يتفكر في تلك الذات الشريفة التي أدرك بها ذلك الموجود الشريف الواجب الوجود " .
يعتقد حي بن يقضان أن الوجود وجودان : أحدهما زائف وخسيس ،ينتمي لعالم الكون والفساد ،وهو الوجود المادي .والاخر شريف بريء من الجسم ،منزه عن الفساد ولا تدركه الحواس ( الحضور والحقيقة ) .ومع هذا الاقتناع يتنكر حي بن يقضان للحواس والعالم المادي ،العالم التي عرفته به تلك الحواس ،كما يتنكر لكل معرفة مغايرة للمعرفة الروحية .ويرى في الجسد والحواس والعقل المرتبط بهما عائقا يحول دون الوصول إلى المعرفة الوحيدة الحقيقية ،وهي مشاهدة الموجود الواجب الوجود ،ومن هنا يصبح " الفناء عن النفس " أي تغييب الجسد والعقل هو السبيل الاوحد لمعرفة الحقيقية ،المعرفة الصوفية ،لحظة الكشف والتجلي والمشاهدة ." ومازال حي ...يطلب الفناء عن نفسه والإخلاص في مشاهدة الحق متى تأتى له ذلك وغابت عن ذكره وفكره السماوات والأرض وما بينهما وجميع الصور الروحانية والقوى الجسمانية وجميع القوى المفارقة للمواد ،والتي هي الذوات العارفة بالموجود ،وغابت ذاته في جملة تلك الذوات ،وتلاشى الكل واضمحل ،وصار هباء منشورا ،ولم يبق إلا الواحد الحق الموجود الثابت الوجود "
واذا ما عدنا إلى الاحتمال الأول ،إلى نشأة حي بن يقظان بالتولد الذاتي ،فجسد حي ...تبعا لهذا الاحتمال الأول ،فهو عبارة عن مادة تخلقت ذاتيا ثم " علقت " بها روح من فيض الله ،فالروح في الجسد -حسب منطق وسياق النص - هي ضيف وقتي وعابر بالجسد ،الروح هنا عبارة عن ضيف غريب ،وجد نفسه حبيس جدران الجسد المظلمة ،والتي تحول بينها وبين الشمس التي تصبو إليها .وعندما يصبح حي متصوفا يرى ما لا يرد على قلب ولا يصفه لسان ...وكما هو معلوم أن إدارك الحقيقة عند المتصوفة هو ذاك الشوق والحب المفضي إلى الاتصال الروحي المباشر مع الصانع ...
يتبع.

#إدريس_غازي (هاشتاغ)       Driss_Rhazi#          

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات