|
الاحتفال الحقيقى المثمر بالعمل .. سبب الوجود وأصل الحياة
منى نوال حلمى
الحوار المتمدن-العدد: 7241 - 2022 / 5 / 7 - 01:45
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
واجب على كل البلاد أن تحتفل بالعمل ، وبالعمال ، على مدار العام كله ، وليس فقط ، فى يوم واحد . أليس العمل ، هو الذى أوجد الحياة ، وصنع الحضارات ، وأبقى على النماء ، واخترع الأدوات ، فى كل مجال ، فى كل زمان ، ومكان ؟. أليس العمل ، هو الذى جعل من ماء البحر المالحة ، قطرات ماء عذبة ، تروينا ؟. وهو الذى أدار محركات السفن ، والطائرات ، والسيارات ، لتنقلنا حيث نريد ؟. العمل ، صنع أوتار العود ، والكمان ، لتعزف لنا عزاءها فى الأحزان ، ومشاركتها فى الفرح . كما صنع أوتار النول اليدوى ، لتغزل النسيج ، وصنع أرغفة الخبز ، لتبقينا على قيد الحياة . وعندما يفتك بنا الألم الشرس ، أليس العمل ، هو وراء الأقراص الأقراص المسكنة ، التى تعيد سكينة الجسد ، وراحة النفس ؟. وهى مهمة مضنية ، محكوم عليها بالفشل ، مسبقا ، أن يحاول أى انسان ، الاحاطة بمنجزات العمل ، وثمرات الكد ، والكفاح ، التى قدمتها الطبقة العاملة ، منذ اشراقات الجنس البشرى . لنقل بكل بساطة ، حتى نكون أمناء ، ومحقين ، وقارئين للتاريخ ، أن " العمل هو كل شئ .. و أن كل شئ هو العمل ". وعندما كنا نردد : " العمل حق واجب شرف حياة " ، لم يكن هذا الترديد ، اعتباطا ، أو نوعا من الشعارات الجوفاء ، والضحك على عقول العمال ، وتطييب خاطرهم . بل كان يعكس وعيا انسانيا راقيا ، بقيمة العمل ، ومكانة العامل والعاملة . " العمل حق واجب شرف حياة " ، كانت مقولة نرددها ، بزهو ، بصوت عال ، فى طوابير الصباح فى المارس ، ونكتبها على أغلفة الكتب والكراسات ، وعلى جدران المبانى ، وعلى زجاج الأتوبيسات ، وعلى حوائط الشوارع ، لنثبت قدر العمل فى المجتمع ، وبين الناس . كلمات قليلة بسيطة ، كانت كافية ، لأن يشعر كل عامل ، وكل عاملة ، أنه فى وطن يشعر له بالامتنان ، وأن ما يفعله ، لن يذهب عبثا ، أو هدرا . بل ان ما يفعله ، هو " ضرورة " ، للنهوض الاقتصادى ، والاجتماعى ، والفكاك من التبعية ، والعلاقات التجارية العالمية ، غير المتكافئة ، التى تفرضها الدول الصناعية الكبرى ، على الدول البادئة فى النهضة . وفى مجتمع مثل مصر ، حيث الكثافة السكانية ، التى تعززها الثقافة الدينية التقليدية ، والأعراف الاجتماعية البالية ، يصبح العمل ، والتوسع فيه ، وخلق مجالات متزايدة ، هو الحل الوحيد الأمثل ، لامتصاص الزيادة السكانية ، وتوجيهها نحو المسار الوطنى المفيد ، للأفراد ، وللمجتمع على حد سواء . ان الأفراد الذين يلدهم المجتمع ، ويكبرون ، ولا يجدون " عملا " ، يتناسب مع تعليمهم ، ومهاراتهم ، وخبراتهم ، وأحلامهم ، وأمنيات أبائهم ، وامهاتهم ، وينتهى بهم الحال ، للتسول ، أو الجلوس على المقاهى ، يتحرشون بالفتيات ، والنساء ، هم " خطر " داهم . على أنفسهم ، هم " خطر" ، حيث يقتلهم الاحباط ، والشعور بعدم القيمة ، واللاجدوى ، وعدم البهجة فى الحياة . فى أغلب الأحيان ، تصيبهم أمراض نفسية ، وعضوية خطيرة ، حيث أجمل الطاقات الايجابية معطلة ، باطلة عن التحقق . وكذلك ، يمتد الأمر الى الأسرة التى قامت بتضحيات كثيرة ، من أجل تعليمهم ، وتربيتهم . وهم أيضا ، " خطر " على مجتمعهم . فالبطالة ، أسرع طريق الى الحقد ، والغضب ، والاستفزاز ، وتوليد الرغبة فى الانتقام ، بأشكال ، ودرجات مختلفة . هم لا ينتقمون فقط لأنفسهم . ولكن أيضا ، لأم أنكرت راحتها ، وسعادتها ، وكرامتها ، لكى يدخلون المدارس والجامعات . وكذلك ، لأب ، كان يحرم نفسه من اللقمة ، والهدمة ، ليوفر لهم حياة أفضل . اذن فالعلاقة وثيقة ، وعضوية ، وحميمة ، وعميقة ، أكثر مما نتصور ، بين " العمل " ، و بين " النهضة " ، و" السعادة " ، و " الصحة النفسية " ، و" الصحة الجسمية " ، و " الأمان " ، و" الاستقلال " ، و " الحرية " ، للفرد ، والمجتمع ، على حد سواء . ان بلدا مثل الصين ، حيث يصل سكانها الى ما يقرب من 2 مليار نسمة ، عرفت كيف تستفيد من هذا الكم الضخم ، وكيف تحوله الى سلاح للتقدم ، ينبهر به العالم كله . بالعمل ليلا ، ونهارا ، أعلنت الصين مؤخرا ، أن العام الماضى 2021 ، هو عام خلو البلاد من مواطن واحد فقير . واليوم نستمر فى قراءة الأخبار التى تفيد أن مصر ، سوف تعمم الادارات الالكترونية ، والميكنة ، والشباك الواحد ، لخدمة الشعب المصرى ، ولتقليل فرص الفساد . كلام جميل . ولكن ماذا سنفعل مع الانفجار السكانى الهائل ؟. ماذا سنفعل ، وكل عشرين ثانية ، يولد طفل ؟. ثانيا ، هل خدمة الشعب المصرى ، تكون بالتوسع فى الميكنة ، والاستغناء عن أبنائه ، وبناته ، فى " العمل " ؟. أم بخلق فرص جديدة ، ومتزايدة ، للعمل ؟. ثالثا ، ان القضاء على الفساد ، الذى ينبع من العنصر البشرى ، ليس بالغاء العنصر البشرى . ولكن بتوفير فرص عمل أفضل ، وتحسين الأحوال المادية ، والمعيشية ، والبيئية ، والتشريعية ، للعنصر البشرى ، حتى لا يضطر الى أخذ رشاوى ، أو عقد صفقات للتحايل على القوانين . ان القضاء على المرض ، لا يكون بالقضاء على المريض . ولكن بالتشخيص السليم للمرض ، والعلاج الآمن غير الجشع . لنأخذ بعض مزايا " الميكنة " ، فى حدودها التى تفيدنا ، و تحررنا ، وتتناسب مع موارد بشرية ضخمة ، نحولها من " نقمة " ، الى " نعمة "
#منى_نوال_حلمى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لن يأتى ..... قصيدة
-
الكحك والفسيخ ... قصيدة
-
شاعر يكتب قصائده بدمه وحزنه وعشقه للبحر
-
مجد الكتابة
-
الأعياد بعد أمى - نوال - .... قصيدة
-
القبر الضائع ...... ست قصائد
-
الأحلام لا تتزوج قصة قصيرة
-
رمضان والدولة المدنية
-
الثامن من أبريل ... قصيدة
-
رسالة أخيرة الى - حبيبتى - .. قصة قصيرة
-
- مارس - شهر المرأة والفيروس المتحور
-
- اليها - الصعبة ... الخطرة
-
- نزار - كتابة ممتعة تنقض الوضوء
-
ماما .. فطيرة الدرة هتبرد .... قصيدة
-
ستجدنى كما تركتنى .... أربع قصائد
-
جدتى - زينب - و - أنريكو ماسياس - ... قصيدتان
-
الأم المثالية هى منْ تتحمل الأب غير المثالى
-
المرأة تحتاج الى ثورتين ... سبع قصائد ليوم المرأة العالمى 8
...
-
عادل خيرى .. لماذا ينسونه ولا يكرموه سنويا ؟؟؟
-
لندرس - حب وانصاف وتطهير الحرية -
المزيد.....
-
بلينكن يزور مصر في أول زيارة إلى الشرق الأوسط لا تشمل إسرائي
...
-
الجيش الأمريكي يكمل انسحابه من النيجر بعد حوالي سنة من انسحا
...
-
لحظة واحدة أنقذت ترامب.. فوهة البندقية كشفت ريان ويسلي روث
-
الجيش الأميركي يعلن اكتمال انسحابه من النيجر
-
البيت الأبيض يعلق على منشور إيلون ماسك المحذوف عن بايدن وهار
...
-
-ديلي ميل-: بريطانيا غير جاهزة على الإطلاق لتصعيد الصراع مع
...
-
إصابات في حادث انقلاب حافلة سياحية عائدة من موقع -ماتشو بيتش
...
-
الكابينيت الإسرائيلي يعتمد إعادة سكان الشمال لمناطقهم أحد أه
...
-
هل عادت خطة تخفيف الأحمال في الكهرباء بمصر؟ -الإدارة المحلية
...
-
بايدن يجري محادثة هاتفية مع ترامب بعد محاولة الاغتيال
المزيد.....
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
-
سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري -
/ الحسن علاج
-
فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال
...
/ إدريس ولد القابلة
-
المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب
...
/ حسام الدين فياض
-
القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا
...
/ حسام الدين فياض
المزيد.....
|